مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

العراق بعد «نصر» العبادي

العراق اليوم دخل عهداً جديداً - أو هكذا ينتظر - بعد انتهاء الانتخابات النيابية، وهي انتخابات بقدر ما تخص العراقيين، بقدر ما هي شاغلة لدول عظمى في العالم أو الإقليم.
أكثر من 7 آلاف مرشح في 18 محافظة عن 320 حزباً وائتلافاً وقائمة، للحصول على 329 مقعداً برلمانياً.
النتائج الأولية شبه الأكيدة، تظهر تفوقاً واضحاً لتحالف رئيس الوزراء حيدر العبادي «تحالف النصر» يليه رجل الدين الشيعي صاحب الشخصية المستقلة مقتدى الصدر «تحالف سائرون»، ثم تحالف الحشد الشعبي المرتبط بإيران بقيادة رئيس قوات بدر الشيعية هادي العامري، وأخيراً، قائمة «اللائذ الأبدي» بمقعد الحكومة، نوري المالكي ودولته دولة القانون.
هذا على الساحة الشيعية، وهي الأساسية اليوم، ومنها يأتي رئيس الحكومة، لذا فظفر العبادي وربما يتحالف معه الصدر ضد الحشد والمالكي، خبر جيد.
هذه الانتخابات شهدت إقبالاً متوسطاً أو ضعيفاً قياساً بالمرات السابقة، فنحو 11 مليون عراقي من أصل 24 مليوناً يحق لهم الانتخاب أدلوا بأصواتهم، لاختيار ممثليهم بالبرلمان، في أول انتخابات بعد هزيمة «داعش».
المفوضية العليا للانتخابات ذكرت، حسبما أوردت وكالة «أسوشييتد برس»، أن نسبة الإقبال بلغت 44 في المائة، في حين كانت نسبة الإقبال لا تقل عن 60 في المائة في الانتخابات التي جرت منذ 2005.
لكن ورغم هذا الإقبال الضعيف مقارنة بالماضيات، فذلك لا يؤثر على صحة منتجات الانتخابات.
في الداخل العراقي هناك فواتير مطلوب سدادها من البرلمان والحكومة، ومنها الفساد المتضخم، وتفشي الميليشيات خارج الدولة، وتجريم الطائفية، وتعزيز الخدمات المحلية وجلب الاستثمارات الخارجية وصون الوحدة الوطنية.
أما في الخارج، وهذا ما يهمنا هنا، فهو تأكيد عدم ارتهان القرار العراقي لصالح إيران أو أي طرف خارجي، عربي أو غير عربي، هذا ما يحاول العبادي والصدر فعله وتكريسه.
اليوم هناك نذر مواجهة كبرى أميركية إيرانية، بعد انسحاب الرئيس ترمب من الاتفاق الإيراني، كيف سيكون وضع العراق هنا؟
إطلاق الشعارات عن الاستقلال وسيادة القرار والمصلحة العراقية، أمر جميل على المستوى النظري، لكن عند الامتحان العملي تتضح الحقيقة من الزيف، والقدرة من العجز.
هناك لمحات تبعث على الأمل، مثلا ضياء الأسدي، رئيس كتلة التيار الصدري في البرلمان، قال عن نهج مقتدى الصدر في حديث لصحيفة التايمز من بغداد: «إنه يريد ائتلافاً من شعب يرغب في دولة مدنية غير طائفية».
هناك رسالة جيدة أتت من العراق اليوم بفوز العبادي والصدر، هل تكمل الرسالة طريقها للآخر؟
كلنا ننتظر ذلك، بشغف وأمل.