كاميليا انتخابي فرد
كاتية إيرانيّة
TT

التعاون الإيراني الأميركي بشأن العراق قرار صعب

تعد مجابهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) هدفا مشتركا للخصمين القديمين، إيران والولايات المتحدة، القلقين كثيرا بشأن تقدم جماعة «داعش» المسلحة في العراق، التي قامت بالاستيلاء على بلدات ومدن كبيرة في شمال العراق وشرقه، لم تستطع الاثنتان أن تنضما بعضهما إلى بعض في تعاون مشترك بهذا الشأن؛ إذ قامت الدولتان بإمداد حكومة نوري المالكي بمستشارين عسكريين، ولكن لم تشترك أي منهما حتى الآن في هذه الحرب. ويدعي المسؤولون الأميركيون أن إيران أمدت حكومة المالكي بطائرات استطلاع من دون طيار ومعدات عسكرية، الأمر الذي كانت إيران حذرة بشأنه وأكدت على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أن «القوات الإيرانية والقائد قاسم سليماني لم يكن لهما وجود في العراق».
ومن المهم لإيران أن تظل بعيدة عما ترغب «داعش» في أن تسميه المواجهة «السنية - الشيعية»، بينما تعد التطورات في العراق في غاية الأهمية بالنسبة لطهران وأمنها القومي. ومن المهم أيضا للولايات المتحدة أن تقوض تنظيم داعش قبل أن ينجح في الإطاحة بحكومة نوري المالكي، مما سيؤدي إلى إشعال عنف طائفي جديد قد يعرض المنطقة بكاملها إلى الخطر.
ورغم كافة التوقعات التي أشارت إلى إمكانية أن تكون إيران والولايات المتحدة قد عقدتا محادثات جادة حول العراق على هامش المحادثات النووية التي جرت في إطار مجموعة 5+1 (التي تضم الأعضاء الخمسة دائمي العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا) الأسبوع الماضي في فيينا، لم يرد أي شيء ذو أهمية حول هذا الموضوع خلال هذه الاجتماعات.
ومن الواضح أن كلا الطرفين حذران بشأن التعاون فيما بينهما، ولا سيما حدود التدخل التي يتنبأ بها كلاهما.
ومما لا شك فيه أن إدارة جبهتين؛ واحدة في سوريا والآن ربما تكون هناك أخرى في العراق، ستكون مكلفة على إيران إن لم يكن ذلك مستحيلا. ويمكن أن يثير الوجود الإيراني في العراق حفيظة السنة، الذين قد يرون أن إيران ضالعة في حرب شيعية - سنية. وربما يُغضب تعاون الولايات المتحدة مع إيران، التي تعد منافسا لبعض حلفاء أميركا الإقليميين الذين طالبوا الولايات المتحدة بالتدخل في سوريا على مدار السنوات الثلاث الماضية، وهو الأمر الذي قابلته الولايات المتحدة بالرفض.
كما أن الإشارات المتضاربة التي ترسلها إيران لا تطمئن الولايات المتحدة، التي يسعى النظام إلى تعاونها العسكري.
ومنذ أسبوعين قال حسن روحاني إذا لم تسعَ الحكومة العراقية إلى طلب المساعدة من إيران، فقد تفكر طهران في العمل مع الولايات المتحدة. وفي الوقت ذاته قال المسؤول الإيراني حامد أبو طالبي، الذي يعمل في مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، في تغريدة له، إن إيران والولايات المتحدة هما الدولتان الوحيدتان اللتان تستطيعان أن تنهيا الأزمة العراقية بطريقة سلمية، ولكنه قال إن التعاون بينهما لم يجرِ استبعاده.
وبينما كان الجميع يتحدثون عن رغبات طهران في العمل مع الولايات المتحدة حول القضية العراقية، أعرب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي عن نفسه بطريقة مختلفة، حيث اتهم الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، بأنها «تسعى لأن تجعل العراق تحت هيمنتها وأن يحكمها عملاؤها». ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن خامنئي قوله: «إننا نعارض بشدة تدخل الولايات المتحدة وغيرها في العراق». وأضاف: «إننا لا نوافق على ذلك من منطلق إيماننا بأن الحكومة والأمة والسلطات الدينية العراقية قادرون على وضع حد للفتنة».
وإذا كان آية الله خامنئي لا يرغب في وجود الولايات المتحدة في العراق، إذن فما هو البديل من أجل أن يتمكن العراق من دحر «داعش» قبل أن يصبح العراق سوريا أخرى؟ بالتأكيد إيران لا تهيم في حب المالكي لدرجة أن تقوم بكل شيء من أجل إبقائه في السلطة مثلما فعلت مع بشار الأسد. إن العراق بلد يهيمن عليه الشيعة، وطالما أن البلاد لم تنخرط في حرب أهلية، فإن وصول حليف إلى السلطة سيكون ضمانة لإيران، وربما يكون رحيل المالكي حلا لهذه الأزمة السياسية. وإذا كانت إيران تستطيع استغلال نفوذها في الضغط على المالكي والفصائل السياسية الشيعية الأخرى من أجل ترشيح رئيس وزراء آخر في الأول من يوليو (تموز) الموعد المزمع أن تبدأ فيه مباحثات تكوين حكومة جديدة، فسيكون ذلك نجاحا كبيرا وإنجازا من دون تدخل عسكري. وإذا كان هذا ما سيحدث في العراق، يمكن أن تُظهر تلك الإنجازات التغيير في السياسة الخارجية الإيرانية بشكل يثير الدهشة.