هيو هيويت
TT

الغرب لا يزال يمثل قيمة استثنائية

الاثنين الماضي، تركز الاهتمام حول الحرب التجارية مع الصين. بعد ذلك، صادرت وزارة العدل الأميركية ملفات محامي الرئيس دونالد ترمب، مايكل كوهين. وبعد ذلك، قدم مارك زوكربيرغ إلى العاصVمة واشنطن، ثم أعلن رئيس مجلس النواب بول دي. ريان تقاعده، وبعد ذلك خاض مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، مايك بومبيو، جلسات الاستماع (الناجحة للغاية) للتصديق على تعيينه وزيراً للخارجية الأميركية.
ومن بعدها، شرع المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، جيمس بي. كومي، في الترويج لكتابه الجديد، واقتحم مفتش عام يتبع وزارة العدل مكتب النائب السابق لكومي، أندرو مكابي.
وبعد ذلك، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هجوماً عنيفاً ضد روسيا داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ثم قامت الدول الثلاث بتدمير مواقع لأسلحة الدمار الشامل التابعة لنظام بشار الأسد، عبر استعراض للقوة، وبمستوى من الدقة ذكّر العالم بأسره أنه لا ينبغي لأحد تجاهل أميركا وحلفاءها، وأن تكلفة تجاوز «الخطوط الحمراء» ليست هينة.
وتبدو أحداث تلك الأيام القليلة كفيلة بملء مجلدات ضخمة، أما الخطر الكامن وراءها فيبدو أنه مثلما اعتاد صديقي بيل بينيت التحذير: مشكلة حجم. ويبدو أن الأميركيين أصبحوا في حالة لهاث مستمر كي يتمكنوا من ملاحقة مثل تلك التطورات المتصاعدة على شتى الأصعدة. وفي خضم ذلك، بدأوا يفقدون القدرة على التمييز بين القضايا تبعاً لحجمها.
وعليه، يجري إلقاء جميع القضايا في وجه المتابعين مرة واحدة، ثم يأتي رئيس تحرير أو مقدم برنامج حواري ويحاول التركيز على واحدة منها.
ويتمثل السبيل الأيسر هنا في التركيز على الرئيس، وتجاهل كل ما عدا ذلك، أو إقحامه في كل قصة إخبارية، أو تجاهل مسألة الحجم تماماً، وتعمد إظهار كل قصة كما لو كانت ضخمة. أما الضحية هنا، فهي قدرة المتابع على رصد القضايا ذات الأهمية الحقيقية.
إلا أن الوضع اختلف خلال عطلة نهاية الأسبوع هذه، فقد اتضح للجميع أن الغرب لا يزال يمثل قيمة استثنائية. كان اجتماع مجلس الأمن، الجمعة، غير عادي على عدد من الأصعدة، منها النبرة الفكاهية (عندما أخبرت السفيرة نيكي هيلي نظيرها الروسي بأنها مذهولة من قدرته على التفوه بما قال دون أن يجفل جفنه) والسخافة (عندما ألقى سفير بوليفيا محاضرة على الفرنسيين بشأن ثورتهم عام 1789، والبريطانيين بشأن «ماغنا كارتا»). أما الأمر الأكثر لفتاً للأنظار، فكان نبرة الغضب التي تحدث بها السفراء الغربيون؛ غضب غاب طويلاً عن الخطاب الغربي، وجرى التعبير عنه أولاً بالكلمات، ثم بالصواريخ والقنابل. ومع أن الولايات المتحدة لديها رئيسها صاحب الصوت العالي والمثير للانقسامات، فإن الأهم منه وممن سيأتون بعده القيم والمبادئ التي تمثلها البلاد، وعلى رأسها الالتزام بحكم القانون، وكبح جماح الطغاة والهمج.
ورغم أنه ليس باستطاعتنا دوماً تنفيذ هذا الأمر بنجاح، فإنه يبقى باستطاعتنا، وقد سعينا بالفعل أغلب الوقت على مدار العقدين الماضيين ويزيد - في كوسوفو وأفغانستان والعراق وليبيا، والآن سوريا - نحو التشجيع على إحراز تقدم حقيقي، يتجلى في التوسع التدريجي والمستمر للحرية والتعليم داخل عدد متزايد من الدول المستقرة داخل أو المتحالفة مع الغرب. ومع أننا أخفقنا بعض الأحيان، فإن المهم أننا حاولنا، ولا نزال نحاول.
وقد حاولنا من جديد خلال عطلة نهاية الأسبوع هذه، ووقع اختيار الرئيس بمعاونة فريق من المعنيين بالأمن الوطني، يعتبر الأفضل من نوعه منذ عقدين، على مسار يقع بين نقطتين متطرفتين من المبالغة والتفريط. وقد وجه الرئيس الشكر للحلفاء والقوات العسكرية لدى انتهاء الضربات. وينبغي أن نوجه له نحن الشكر، ولفريق الأمن الوطني المعاون له، المؤلف من نائب الرئيس بنس، ووزير الدفاع جيم ماتيس، ورئيس هيئة الأركان المشتركة جنرال جوزيف إف. دنفورد، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية المرشح لمنصب وزير الخارجية بومبيو، ومستشار الأمن الوطني الجديد جون بولتون، ومدير الاستخبارات الوطنية دانييل كوتس، ورئيس فريق العمل داخل البيت الأبيض جون إف. كيلي، وفرق العمل المعاونة لهم. وبغض النظر عن المسار الذي سلكوه حتى وصلوا لهذا القرار، فإنهم توصلوا إلى القرار الصائب، بمعاونة حلفائنا.
والمؤكد أن الغرب لن يسمح بمرور مسألة استخدام أسلحة الدمار الشامل دونما عقاب. وكان هذا الدرس المستفاد منذ عام، ودرس عامي 2003 و2001 نفسه، وهو درس لم يستوعبه البعض العام الماضي، لذا لزم تكراره مرتين وبقوة، وسيتكرر دوماً وبأي مكان ما ظل الغرب صادقاً تجاه مبادئه.

*خدمة «واشنطن بوست»