مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الساعة تشير إلى «القصر» والنصف

صدق المولى عندما قال في كتابه الكريم: «وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً»، وجاء في الأثر الشريف: «بارك الله لأمتي في بكورها» – أي في صحيانها مع الفجر، والسعي في طلب أرزاقها.
وهناك نصيحة أو حكمة إنجليزية تقول بما معناه: يفوز بالدودة الطائر الأول الذي يطير ويترك عشه قبل أن تشرق الشمس.
أما تقسيم اليوم إلى 24 ساعة، فقد اختلف فيه، فهناك من يقول إنهم الفراعنة، وآخرون يؤكدون أنهم البابليون، فضلاً عن أقوال أخرى متضاربة.
غير أن شيخنا القديم المنغرض الثعالبي، فقد أطلق على ساعات النهار والليل، مسمّيات عجيبة ما أنزل الله بها من سلطان، وإليكم تلك المسميَات:
فأول ساعات النهار هي «الشروق»، ثم الثانية وهي «البكور»، والثالثة «الغدوة»، والرابعة «الضحى»، ثم الخامسة «الهاجرة»، ثم السادسة «الظهيرة»، ثم السابعة «الروّاح»، ثم الثامنة «العصر»، ثم التاسعة «القصر»، ثم العاشرة «الأصيل»، ثم الحادية عشرة «العشى»، ثم الثانية عشرة «الغروب»، وهي آخر ساعة في النهار - انتهى.
أما ساعات الليل، فيبدأ ابن الثعالب بالساعة الأولى منه، وهي «الشفق»، ثم الثانية «الغسق»، ثم الثالثة «العتمة»، ثم الرابعة «السدفة»، فالخامسة «الفحمة»، والسادسة «الزلّة»، والسابعة «الزلفة»، والثامنة «البهرة»، والتاسعة «السحر»، والعاشرة «الفجر»، ثم الحادية عشرة «الصبح»، وآخرها «الصباح» الذي يتم الساعة الأخيرة، فيكتمل العدد بـ24 ساعة بـ24 اسماً مميزاً، لكل واحدة منها على حدة - انتهى.
أما الخبر «الهمايوني» الذي قرأته فقد جاء فيه:
إن دراسة قام بها مجموعة من علماء الاجتماع الأستراليين والأميركيين كشفت أن الشعب السعودي من بين أقل الشعوب حباً للنوم، وذلك من خلال تطبيق «سليب سايكل» الذي يقيس عدد ساعات النوم.
وأوضحت الدراسة التي تناقلتها وسائل الإعلام، أن متوسط ساعات النوم للفرد السعودي هو 6.5 ساعة يومياً.
وهذا خبر لم ولا ولن أصدقه؛ لأنني أعرف بعض الأشخاص، الذين ينام الواحد منهم أكثر من عشر ساعات متواصلة، وهذا عدا عن بعض الموظفين الذين ينامون فترات متقطعة أثناء الدوام، وبعض الطلبة الذين ينامون في فصولهم الدراسية – وما أكثر ما نمت أنا في الفصل عندما كنت طالباً - وصدق الشاعر الشعبي عندما قال متحسراً:
هنيكم يا هل القلوب المداليه - يا نائمين ليلها مع ضحاها
هنيكم محدن شكا حر كاويه - ما ذقتوا الفرقا وكايد عناها
ولو أنكم سألتموني: في أي ساعة أنت الآن تكتب «هذرك» هذا؟! لأجبتكم وأنا أنظر إلى ساعتي قائلاً: إنها تشير إلى تمام «القصر» والنصف - لأنني أسير على مبدأ شيخي الثعالبي، رضي الله عنه.