مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

مطيّنة... مطيّنة

معروف عني لكل من عاشرني أنني حليم إلى درجة البلادة أحياناً، وفي الوقت نفسه قد أكون طائشاً أحياناً إلى درجة النزق إذا طفح بي الكيل، وأعترف بأن هاتين الصفتين المتناقضتين غير محمودتين بأي شكل من الأشكال، لكن ماذا أفعل وقد بلاني ربي بهما.
ومن كان منكم ليس فيه مثل هاتين الصفتين، فليس لديّ أي مانع أن يرجمني بحمولة شاحنة ممتلئة بالحجارة.
الذي دعاني لمثل هذا الكلام هو رجل نغص علينا مجلسنا مع لفيف من الأصدقاء، عندما كنا وقتها نتسامر ونتضاحك، وكل منا يسرد ذكرياته ومغامراته، وإذا بأخينا في الله يأخذ فجأة «EXT»، ويبدأ في الأحاديث عن متاعبه ومشاكله التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وعندما استرسل «وزوّد العيار» وبدأ الجميع يتململون، عندها انتهى حلمي وطفت على السطح «قشارتي»، فما كان مني إلاّ أن أخرسه قائلاً له:
«لو سمحت إذا كان لديك مشاكل فلا تضايق بها أصدقاءك، وعليك أن تحكيها لأعدائك لكي يسعدوا بها»، فتفاجأ وإذا به يغير الموضوع، ويا ليته لم يغيره، لأنه ترك مشاكله وبدأ يتحدث عن نفسه بزهو يبعث على الضحك، وكيف أنه فعل «كيت وكيت»، وكيف أن المسؤول الفلاني كرّمه وأشاد به، وكيف أنه أيام دراسته أخذ جائزة الطالب المثالي؟! وكيف.. وكيف.. وكيف. ولكي لا يزيد في «هياطه» أكثر، اضطررت إلى أن أقاطعه مرّة ثانية وأسأله قائلاً:
«بالله عليك يا (فلان) لو قدر لك أن تعيد حياتك من جديد، فهل تعود للوقوع في حب نفسك إلى هذه الدرجة مرة أخرى؟!»، وكانت المفاجأة أنه قال لي: «نعم، وبكل فخر»، عندها قلت له: يا ليت أباك أمرح، سألني: يعني إيه؟!، أجبته يعني: يا ليته نام ليلتها وترك الشغل.
أما عن نفسي فأقول: آه لو عادت حياتي من جديد، فيمين بالله لطيّنتها أكثر من فوق ما هي مطيّنة أصلاً.
***
حذرت دراسة جديدة الرجال من خطورة وضع هواتفهم الجوالة في جيوبهم لما تحمل من أضرار تؤثر مباشرة على خصوبتهم، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
لهذا؛ أنا بعد أن سمعت هذا الخبر المفجع، أصبحت لا أضعه إلاّ في جيب صدري فوق قلبي، أو أعلقه بسلسلة حول عنقي.
ولا أدري هل تأخرت بهذا الفعل وأتيت في «الوقت الضائع» بعد أن «طارت الطيور بأرزاقها»؟!، حيث إنني من أول ما اقتنيت الجوال وأنا أضعه دائماً في جيبي، حتى عندما أنام أضعه في جيب ثوب نومي، وأتلحف معه بالسرير.