حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

الصاروخ على قدر الألم

ميليشيات الحوثي الإرهابية تدرك جيداً أن صواريخها الباليستية تعترضها آخر ما تفتقت عنه تقنيات المضادات للصواريخ، وهذا فعلاً ما أثبتته الهجمات الصاروخية الماضية، وآخرها الصواريخ السبعة التي استهدفت العاصمة الرياض ونجران وأبها فجر أمس الاثنين، فلماذا تخسر التكاليف الباهظة لهذه الصواريخ المتقدمة الصنع؟ ولم لم توفر ميليشيات الحوثي الإرهابية تكلفتها واليمن بحاجة إلى كل دولار لإطعام شعبه الذي أنهكته الصراعات السياسية وأفقرته النزاعات القبلية؟
كما أن الصواريخ الحوثية تحتاج إلى وقت طويل لتصل إلى أهدافها، مما يجعلها تفتقد إلى عنصر المفاجأة، ويوّفر للسعودية إمكانية إسقاطها، وهذا ما جرى فجر الاثنين وجرى في هجمات صاروخية مماثلة، فلماذا الإصرار على مواصلة إطلاقها؟
فليس لدى هذه الميليشيات الحوثية الإرهابية المارقة هدف سوى التشويش والتهويش بإطلاق هذه الصواريخ الباليستية على المدن السعودية المكتظة بالمدنيين الأبرياء، في محاولة، بل في محاولات فاشلة، لإثبات الوجود وبعض الندية للتفوق العسكري السعودي، والادعاء زوراً وبهتاناً بأنهم لم يتأثروا بهجمات وحصار التحالف العربي والإسلامي المساند للشرعية.
والحوثيون يدركون قبل غيرهم أن الشرعية والتحالف المساند لها يسيطران على نحو 90 في المائة من الأراضي اليمنية، ويدركون أيضاً أن ميليشياتهم الإرهابية يخنقها الحصار الجوي والبري والبحري والدبلوماسي الذي يضربه التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، ويؤذيها ويؤلمها أن السعودية تقف حجر عثرة في طريق التوسع الإيراني ومد نفوذه واحتلالاته في المنطقة. أما مسألة الوضع الإنساني المؤلم، فالسعودية تدرك أن محاربة الميليشيات الحوثية الإرهابية علاج، ولكل علاج عسكري أعراض جانبية، ومنها المعاناة الإنسانية التي تسبب بها في المقام الأول صلف وغطرسة الميليشيات الحوثية الإرهابية وتعنتها بالانقلاب على الإرادة الشعبية اليمنية.
المؤسف أن خطر الخمينية الزاحف والمهدد لكل دول الجزيرة العربية، خصوصاً الخنجر الحوثي الذي غرزته الخمينية في اليمن والهجمات الصاروخية على المدن السعودية، لم تنتبه له بعض الدول العربية إلى الآن ولا لأبعاده وخطورته ومآلاته المهددة للجميع، ولا تراه إلا صراعاً طائفياً عبثياً لا يعنيها كثيراً، والمؤلم أن قناة «الجزيرة» القطرية ومعها عدد من الإعلاميين القطريين أظهروا شماتة لا تخطئها العين في صياغة خبر الهجمات الصاروخية الحوثية الإرهابية الأخيرة، بل وصل بأحد الصحافيين حد تحريض الميليشيات الحوثية على المزيد من هذه الهجمات الإرهابية والسخرية من السعوديين. هذا الموقف الكيدي الانتقامي ليس مضراً بدول التحالف التي تقاوم احتلال الخمينية لليمن فحسب؛ بل مضر كذلك بقطر نفسها، فكل دول الجزيرة العربية في مرمى هدف الخمينية ولا يستثنون. هذا الموقف المخزي يذكر بما كان عليه بعض ملوك الطوائف قبيل سقوط الأندلس، يلهث أحدهم في مناصرة ملك قشتالة أو الاستعانة به تحت مبرر خصومته لأمير أندلسي آخر منافس له، وفي النهاية التهم الجميع من ناصره ومن خاصمه، والتاريخ لا يرحم.
«الصاروخ على قدر الألم»، هذه العبارة تختصر الحالة البائسة لميليشيات الحوثيين في اليمن، وإصرارها على إطلاقها محاولة بائسة يائسة لإثبات الذات لميليشيات وعصابات منهكة.