مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

لا يملأ بطنه غير التراب

بما أن لكل (شيخ طريقته)، كذلك أيضاً فلكل ملياردير طريقته، أما نحن يا «قوم أبو نعيله» الذين ليس لنا «لا في العير، ولا في النفير»، فما لنا سوى أن (ننطم) ونتأمل.
وسوف أقصر غثائي اليوم على الفئة الثانية وبمن تعلق بهم، كنوع من الاستعراض والدوران حول حماهم، فعلى الأقل «ريحة أبو زيد ولا عدمه».
وها هو الملياردير الهندي بوكيش أفاني الذي تناهز ثروته 27 مليار دولار، أشاد عمارة ترتفع 27 طابقاً – يعني الطوابق بعدد ملياراته - وذلك لسكنه الخاص مع عائلته، وترتفع فوق أحياء مومباي الفقيرة، ويعمل داخلها ما يقارب من 600 عامل، وهذا المنزل يعتبر أكبر سكن خاص في العالم بعد قصر بكنغهام – انتهى.
أما سلطان بروناي، الذي يعد من أغنى الأغنياء في العالم، فقد اشترى طائرة بوينغ 747 بمبلغ مائة مليون دولار، ودفع مائة وعشرين مليوناً أخرى لإجراء الكثير من التحسينات عليها، كإضافة لمسات من الذهب على الديكور الداخلي للطائرة، وتزويدها بمفروشات فاخرة باللون الفيروزي، بل حتى أماكن غسل اليدين وحوض الاستحمام لا تخلو من الذهب – انتهى.
وعكس كل ما تقدم هناك الملياردير السويدي انكفارت كمبرات، وهو المشهور بعداوته الشديدة للإسراف، والمالك لشركة (AK) السويدية لبيع الأثاث بالتجزئة، هذا الملياردير يختلف عن الكثير من الأثرياء، وإذا رغب في السفر مثلاً فهو لا يركب إلا في الدرجة السياحية، وتنقلاته كلها في سيارته الفولفو 240 موديل 1993. وهو يتناول طعامه بأحد مطاعم (إيكيا) المعروفة برخص ثمنها، كما أنه ينصح موظفيه بأن يكونوا متواضعين ومقتصدين قدر الإمكان، وهو بسلوكه هذا يذكرني بالملياردير السعودي الشيخ سليمان الراجحي – انتهى.
وبالمقابل سمعت أن أحد الضباط الكبار في دولة خليجية يرتدي ساعة يقدر ثمنها بـ500 ألف دولار ماركة (RM2 - 02) – والله أعلم -، والمفارقة أن أغنى رجل على وجه الأرض بيل غيتس لا يرتدي سوى ساعة ثمنها مائة دولار، من ماركة (FOSSIL) – انتهى.
واسمحوا لي أن أعود القهقرى عدة قرون، وأحدثكم عن الإمبراطور المغولي الرابع جاهانجير، الذي حكم من سنة 1605 حتى سنة 1627. وكان في حوزته ثلاثمائة زوجه – زوجة تنطح زوجة - وخمسة آلاف من السراري، وكان يملك خارج قصره الباذخ اثني عشر ألف فيل، وعشرة آلاف ثور، وألفي جمل، وثلاثة آلاف أيل، وأربعة آلاف كلب، ومائة أسد، وعشرة آلاف من الحمام الزاجل.
وفي النهاية مات بداء «الزحار»، ولم يستطع أحد أن يعالجه.
صحيح أن ابن آدم لا يملأ بطنه غير التراب.