مارك بوكانان
TT

كيف نتعامل مع الحقيقة البيئية؟

يعتقد بعض العلماء أن البشر لا يستطيعون التعامل مع الحقيقة فيما يخص الضرر الذي يجلبونه لبيئتهم، ولذلك فهم يرون أن الحقيقة يجب أن تكون مغطاة بالسكر لكي لا يفقد الناس الأمل الضروري لتحركهم.
ينبغي على هؤلاء الناس الإنصات إلى علماء النفس وعدم التراجع. ففي بداية العام الحالي، قام الصحافي ديفيد والاس باختبار بعض النتائج المفرطة المحتملة بشأن التغيرات المناخية، ومنها تراجع كميات الغذاء، والحروب اللانهائية والحرارة بالغة الارتفاع التي تجعل المدن غير قابلة للسكنى. شعر المتشككون في البيئة بغضب شديد لتلك الأخبار كما هو متوقع، لكن بعض العلماء أيضاً انتقدوا المقال لما سببه للناس من ذعر. وزعم العلماء أن أكثر المشاعر تحفيزاً هي الخوف، والمصلحة والأمل، فيما جادلوا بأن الخوف يتسبب في ابتعاد الناس وجعلهم ينصرفون عن الأمر برمته، فهل هذا صحيح؟ لا، ليس صحيحاً؛ ففي بحث نشر مؤخراً، جادل عالم النفس ومعدو البحث بأن هذا الطرح من شأنه تبسيط الطريقة التي تؤثر بها المشاعر على أفعالنا. فالمشاعر لا تعمل بأزرار يمكن ضغطها للقيام بتصرف ما، لكن المشاعر تدفع إلى التصرف بطريقة معينة، تبدأ بتخزين المعلومات في ذاكرتنا بنغمات عاطفية، وتؤثر على الطريقة التي نتحصل بها على المزيد من المعلومات. ونتيجة لذلك، فأي وصفة مبسطة للإقناع العاطفي، مثل أن تكون سلبياً أو إيجابياً، من غير المرجح أن يكون لها التأثير المطلوب.
إن إيجاد وسيلة للتواصل أمر ضروري لأن الأمر قد يتطلب ذلك في الكثير من الأحيان. وكشف الباحثون في ألمانيا مؤخراً عن أن أعداد الحشرات الطائرة في 63 منطقة طبيعية محمية قد تراجعت بواقع 75 في المائة على مدار العقود الثلاثة الماضية من دون سبب واضح سواء في الطقس أو في غيره. ولو أن الأمر كذلك، بحسب ما يتوقع علماء الإيكولوجيا (البيئة)، فإن هذا يعكس تغيراً في عدد الحشرات بدرجة أكبر مما تعكسه مكونات المحيط الحيوي الذي نعتقد أن انهياره أمام أعيننا قد يكون السبب. ورغم أن السبب غير مؤكد، فيمكن أن يكون السبب مزيجاً من الاستخدام المفرط للمبيدات الحشرية وتناقص الأماكن البرية. وفسر أحد علماء الإيكولوجيا النتائج باعتبارها دليلاً على أننا في الطريق إلى «أرماغدون» جديدة لكن هذه المرة للبيئة.
ولا يعد ذلك مبالغة؛ إذ أن 80 في المائة من النباتات البرية تعتمد على الحشرات للتلقيح، و60 في المائة من الطيور تعتمد على الحشرات كغذاء.
إذن كيف لنا أن نوصل الرسالة؟ ففي مقابلة صحافية، أفاد تشامبان بأنه سيكون خطأ كبيراً لو أننا قللنا من أمر مخيف كهذا لمجرد أن الناس قد لا تحب سماع تلك الأخبار. فالمهم هو أن تعطى معلومات أخرى تساعد القراء على ربط الأخبار بحياتهم الخاصة، وتحديد طرق عملية تجعلهم يستجيبون لما يسمعون. والناس يميلون أكثر إلى الاهتمام بأمور قد يكون لها نتائجها غير المباشرة محلياً سواء في الوقت أو الجغرافيا. ولذلك إن وجدت تلك النتائج، يجب أن تؤكدها عملية التواصل. فبالنسبة للقراء الأميركيين، تبدو «أرماغدون» البيئية بعيدة بعد الحشرات في ألمانيا. لكن النتائج تظهر أن ولايات مثل كاليفورنيا، أو أيوا أو نبراسكا ربما تواجه تدهوراً مشابهاً في أعداد الحشرات، والذي ستكون نتائجه وخيمة على الزارعة. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج الناس أيضاً إلى الشعور بالقوة: شعور بحدوث تغييرات استراتيجية في السياسة الزراعية وفي تطبيقها، مثلاً، تغيير يساعد على تعافي الحشرات.
وتوصل تشامبان إلى نتيجة أخيرة ربما تكون الأهم:
الناس يجب أن يعاملوا باحترام وأن يحصلوا على معلومات متوازنة، وسوف ينصرفون لو أنهم شعروا بأن هناك من يبيع لهم شيئاً ما.
المؤكد أن التوازن لن يغير بالضرورة عقول غالبية القراء ذوي الآيديولوجيات الثابتة، لكن ربما يغير عقول الأقلية. فبحسب تشامبان، «نسبة كبيرة من الناس إما غير مهتمة أو غير مدركة أو أنهم مشغولون بمعلومات أخرى كثيرة».
هؤلاء الناس بمقدورهم التعامل مع الأخبار المخيفة، ولذلك فليس هناك ما يدعو للتخفيف من حدة الأخبار عندما تعرض أمامهم وعندما تعرض عليهم المساعدة في إدراك أهميتها بالنسبة لحياتهم وما يمكنهم فعله حيالها.
- بالاتفاق مع «بلومبيرغ»