حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

وداعاً بلفقيه

الفن له سفراء عظام ورحيلهم لا يعوض. هذا هو الإحساس الكبير الذي انتاب عشاق الراحل أبو بكر سالم بلفقيه... هذا الفنان العربي الكبير صاحب الأصول الحضرمية العريقة.
رحل أبو بكر سالم بلفقيه بعد حياة مليئة بالعطاء والإبداع الذي قل مثيله. كان الراحل صاحب نبرة صوتية خاصة وبصمة في الأداء لا مثيل لها، صوت يمكن تمييزه وسط العشرات من غيره. كان متنوعاً في عطائه، فغنى بلهجات مختلفة ولكنه برع وتألق وأبدع في الفن الحضرمي والعدني وخصوصاً «الدان» منه. وغنى له عدد غير بسيط من المطربين العرب لإعجابهم الشديد بروح الأداء الخاص به، ولكن كان تألقه الاستثنائي والإبداعي عندما برع في غناء كلمات شاعر حضرموت الكبير حسين المحضار. لقد صاغا معاً أجمل الأغاني وأبدعا في إطلاق إصدارات خالدة لا تزال تردد جيلاً تلو جيل.
أبو بكر سالم بلفقيه ينتمي إلى جيل العمالقة بالفعل، وهو قامة لا تتكرر أبداً. كان شخصية جميلة، آسراً في حضوره، بسيطاً في تعاملاته. كان طيب القلب وبشوشاً وودوداً ومحباً لكل الفئات صغاراً وكباراً. وكان من أسرة ميسورة الحال وبيت علم ودين ومكانة وأدب أثرى ذلك كله في شخصيته وكون نوعية من الصفات جعلته مميزاً وفريداً في حضوره وفي غيابه. تنقل في مقره ومسكنه في حياته بين عدد غير بسيط من المدن من حضرموت إلى بيروت إلى الكويت إلى الرياض، وزار من خلال كل ذلك دولاً كثيرة حول العالم ما زاد من ثراء علاقاته واتساع أفقه، فانعكس ذلك على عدد غير بسيط من كلمات أغانيه عن السفر والغربة والترحال والمطارات والطائرات.
غنى عن الحب والأوطان والدين والشباب، فكان بسيطاً وعفوياً في أدائه، فوصل مباشرة إلى قلوب عدد هائل من الناس. انتشرت محبته وزاد عدد معجبيه في سائر العالم العربي، ولكنه كان قامة عظيمة في حضرموت والخليج العربي واحتل مكانة أسطورية في قلوب محبيه.
أبو أصيل يغادر دنيانا مخلفاً إرثاً عظيماً من المحبة والتقدير والاحترام والإعجاب الهائل في قلوب عشاقه الذين بكوه حزناً على فقدانه وسيشتاقون لرؤياه كما تعودوا عليه.
أبو بكر سالم بلفقيه خسارة عظيمة ولا يعوض؛ فهو فنان لم يقلد أحداً ولم يجرؤ أحد على تقليده، ولذلك عاش فريداً ومات مميزاً.
رحم الله أبو بكر سالم بلفقيه رحمة واسعة وأسكنه الله فسيح جناته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان. ويبقى الباب مفتوحاً لحكومات العالم العربي لتكريم الراحل العظيم من باب رد الجميل.