حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

مشكلة عويصة

التفكير الاستراتيجي عبارة يبدو أنها سهلة ومبسطة، ولكن يبقى تحدي التطبيق السليم هو الفارق بين التنظير والإبداع الحقيقي.
وهناك مدارس مختلفة جداً في تعاطي هذا الأمر. المؤسسات والشركات الكبرى في العالم العربي تواجه تحديات غير بسيطة في هذه الأوقات، فهي ليست بالحجم «الكافي» الذي يسمح لها بالانطلاقة نحو العالمية، ولم تعد الأسواق الإقليمية مغرية ولا محفزة ولا مشجعة بالقدر الكافي، لتكون نافذة أمل لها للتوسع وزيادة المداخيل والأرباح في طريق جديد.
والغريب ورغم تكرار العبارات المملة عن التنسيق الكامل بين الدول العربية وتحفيز الدعم للتكامل الاقتصادي، فإنه من الواضح جداً أن هناك «تحفظاً» غير بسيط، و«فيتو» واضحاً على أي اندماج واستحواذ بين الشركات العربية وبعضها، وذلك رغم الأدلة الواضحة على نجاعة الاندماج والاستحواذ في كثير من الحالات.
والواضح أن المشكلة الكبرى هي طريقة عرض الاقتصاد العربي لنفسه. فما دام بقي أسلوب العرض بشكل مفتت ومليء بالغموض والشك والخوف والقلق فلن يقبل أحد على التعامل مع الاقتصاد العربي ككتلة واحدة موحدة، وبالتالي ذات قيمة مضاعفة وأهم وأعلى. يقول المفكر الصيني القديم، سن توزي، المعروف بكتاباته الخالدة عن الفكر الاستراتيجي، وهو صاحب كتاب «فن الحرب»، إن «الحرب يتم حسمها قبل بدء المعركة»، بمعنى أن الطريقة التي تتمركز وتتموضع بها القوات المحاربة لمواجهة العدو، فإذا تموضعت بشكل خجول وضعيف وفي مواقع هشة، خسرت الحرب قبل أن تبدأ، والعكس بطبيعة الحال صحيح.
وهناك رأي آخر في غاية الأهمية والبلاغة للمفكر الاستراتيجي الحربي الياباني مياموتي موساشي، صاحب الكتاب الشهير «كتاب الحلقات الخمس»، الذي قال فيه: «إذا لم تتحكم في الخصم فسيتحكم الخصم فيك». والفرص لا تأتي كثيراً ويجنيها عادة من لديه الخطة والجاهزية والاستعداد، لأنه سيكون في موقع مميز للحصاد، أما من لا يعد العدة لذلك وينتظر وصول الفرصة فسيخسر حتماً.
تكمن مشكلة المؤسسات والشركات الكبرى في العالم العربي في أنها لم تدرك أن قواعد اللعبة تغيرت، وأن «الحجم» أصبح من عناصر المنافسة الكبرى والاندماج والاستحواذ يعتبر إحدى أهم وسائل حماية رؤوس الأموال، وتعزيز العوائد منها ومضاعفاتها بشكل متطور.
ولكن ما دام استمرت حالة انعدام الثقة والتوتر، فإن ذلك يرسل رسالة عريضة هي أن الأسواق العربية لا يمكن أن تتم معاملتها ككتلة واحدة وقوية، وبالتالي واعدة، مما يؤكد أن هناك مشكلة ثقة عميقة جداً لم تتم مخاطبتها بشكل صريح وواضح حتى الآن.