حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

الحرب الثالثة ضد العنصرية

لا حديث عن السعودية وفيها إلا عن «الحربين» التي أعلنت عن إطلاقهما بكل قوة وإصرار. حرب على الفساد وحرب على الإرهاب بقوة وعزيمة وإصرار غير مسبوقين.
حرب على الفساد فاجأت العالم بأسلوبها ولم تنته حتى الآن، ولكن من الواضح أن تاريخ إعلان الحرب على الفساد سيكون تاريخيا مفصليا ومحوريا وغير مسبوق. والحرب على الإرهاب تنطلق بشكل غير مسبوق وبدعم دولي يضم بنجاح تحت شعاره أكثر من 40 دولة إسلامية كلها جاءت بعتادها العسكري والفكري والسياسي لخوض معركة تخليص الدين الإسلامي من الجماعات الإرهابية من أمثال «القاعدة» و«حزب الله» و«داعش» و«الحشد الشعبي» و«الحوثيين»، ومن هم على شاكلتهم، الذين شوهوا صورة الدين الإسلامي، وتسببوا في قتل وإصابة الآلاف من الأبرياء.
واللافت أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي ترأس جلسات انطلاقة التحالف العسكري الإسلامي، قال إن هدف التحالف هو القضاء على الإرهاب، وهو هدف عظيم سيلقى دعم وتأييد العالم بلا شك، وخصوصا أنه أكد أن الهدف الأساسي للتحالف هو إنقاذ الدين الإسلامي من التلوث الذي أصابه جراء «السرطان الإرهابي»، الذي جاءت به هذه المجموعات المجرمة بمختلف أشكالها وتوجهاتها.
وتبقى جبهة ثالثة من المنطق والعقلانية أن تقوم السعودية بفتحها، وهي الحرب على التمييز والعنصرية.
أحد أهم أسباب تفشي الإرهاب وانتشار الفساد هو انتشار التمييز والعنصرية، وهي التي تؤسس لفكرة التصنيف والتخوين والتكفير (هم ونحن)، وبالتالي «نحن» أفضل «منهم»، وهكذا تبدأ ثم تتحول «الأمكنة» إلى مرتع لكل أشكال المحاسيب والأنصار، لأن أهل الثقة (جماعتنا) نعرفهم، ويمكن الوثوق بهم، وبالتالي «هم» أفضل من «الآخرين»، ومن لا يظن تفشي ظاهرة العنصرية والتمييز فما عليه إلا زيارة لمواقع التواصل الاجتماعي، ليرى عينات من القذف والسباب واللعن لفئات في المجتمع لا تلقاها إسرائيل في أسوأ حالاتها، أو الذهاب إلى إحدى مباريات كرة القدم في دوري المحترفين، وسماع الهتافات العنصرية في مدرجات الفريقين، وانعكاس ذلك الجو المشحون المضطرب على الوضع الاجتماعي برمته وبشكل هستيري وعميق، وهذا الجو الملغم مدعوم بمواقع إلكترونية وقنوات فضائية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تزكي المناطقية والطائفية والعنصرية، وتستخدم آراء وفتاوى «دينية» أو أقوالا وأمثلة عن الأثر القديم، لتعزيز وتزكية رأيهم المعوج ومنطقهم العقيم.
الحرب على العنصرية لا تقل أبدا أهمية عن الحرب على الإرهاب أو الحرب على الفساد، وهي حرب مطلوب أن تنفذ لأجل الانسجام الاجتماعي ومتانة اللحمة الوطنية. سمعنا بعقوبات بحق إرهابيين وسمعنا عن عقوبات بحق فاسدين، ولكن لم نسمع بأي عقوبة بحق أي أحد قام بأفعال أو أقوال عنصرية وتمييزية، مع العلم أن الجميع يراها ويسمع بها، ولا أحد يستطيع إنكار وجودها.
لأجل مستقبل أفضل للسعودية كوطن يسع الجميع بلا تفرقة، الحرب على العنصرية مطلوبة فورا.