مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

سؤال أبيخ من الجواب

بينما كانت سهرتنا عامرة بكل ما لذ من الأحاديث وما طاب من الأخبار، وإذا برجل «طول وعرض» لا أعرفه يقتحم علينا جلستنا، وفهمت لاحقاً أنه مدعو من قبل صاحب المنزل. وما أن وضع كأس الشاي أمامه وتنحنح وأخذ «يزوك» بجلسته قليلاً حتى التفت قائلاً لي ومن دون مقدمات: «أريد أن أسألك عدة أسئلة لأعرف مدى معلوماتك وإلمامك بمعاني الكلمات».
الحقيقة أنني فوجئت وتحرّجت من طلبه، وأحسست أن سهرتنا بدأت تتعكر، لكني أجبته بابتسامة باهتة قائلاً له: أنا ما عندي ما عند جدتي، وأحسن لك أن اسأل غيري.
فقال: «لا، إنني أقصدك أنت بالذات، أجل على إيه أنت عامل نفسك كاتب وتخوض في كل ما هب ودب؟!»، فقلت بيني وبين نفسي: لا حول الله هذه هي «البلشة»، لقد أعادني الرجل إلى المربع الأول، أي إلى المرحلة الابتدائية، ومع ذلك استجمعت بقية من شجاعتي، وقلت له: اسأل.
فقال: ماذا يعني اسم «تبسة»؟!... أجبته: أعتقد أنه مؤنث «للتبسي» الذي هو صحن الأرز الكبير، فقال من دون أي مجاملة: الظاهر أنه ما يهمك غير بطنك ولا تفكر إلاّ بالأكل، التبسة يا شاطر تعني «هبكتا ميول» – أي المدينة ذات المائة باب. ثم ماذا يعني اسم «نوح» عليه السلام ؟!... فصمتت وأنا أضرب كفاً بكف، وأمط برطمي السفلي للأمام علامة أنني لا أدري، فقال: إنه يعني الشاكر باللغة السريانية، يا جاهل.
فرصعت عيني على الآخر من شدّة الدهشة، ومع ذلك بلعت كلمة يا جاهل ولزمت الصمت.
ثم سألني: ما أصل كلمة «قازوزة»؟!، أجبته سريعاً وفرحاً من سهولة هذا السؤال: قائلاً له وأنا أغني: ما أشربش الشاي، أشرب قازوزة أنا، وهي من غناء طيبة الذكر ليلى نظمي.
أجابني: هذا هو اللي أنت فالح فيه: الأغاني والبسط وهز الوسط، إنها كلمة إسبانية ومشتقة من «كاسيوس» ومعناها الغازات التي تخرج من الأرض.
ثم ما هو «الجرجار»، وما إن سمعت هذه الكلمة حتى صعقت قائلاً له: اسمح لي أنني لن أفسر هذه الكلمة «البجيحة»، أجابني: أنا فين وأنت فين؟! إنها تعني: صوت الرعد يا (........).
وفتح الله عليَّ عندما تذكرت «واتساب» عن إعلان منشور بعث به أحدهم لي، وأمسكت بجوالي أقرأ منه وأقول له: أرجوك اسمع وفسر:
تعلن المدعوة «شغبيت بنت مبخوت بن حاقورخوار»، عن رغبتها في تغيير اسمها إلى: «شغيبت بنت مبخوت بن حاقور الخوار».
ومن لديه اعتراض فليكتب لدائرة النفوس خلال شهر واحد من تاريخه. - انتهى
ثم سألته: ماذا تعني هذه الكلمات، وما الذي تغير بالاسم؟!
نظر لي نظرة غير ودية ولم يجبني ولم يعد يسألني، وتنفست الصعداء.