حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

مشتاق للكويت

كنت في أحد المؤتمرات الاقتصادية في إحدى العواصم العربية الكبرى، وعند انتهائي من مشاركتي في المؤتمر قابلت على الغداء أحد كبار رجال الأعمال الكويتيين في استراحة الغداء.
تبادلنا أطراف الحديث عن الأحوال العامة في المنطقة بشكل واسع، إلا أن ما لفت نظري هو حديث الرجل بقلق وخوف عن الوضع في الكويت التي كانت سباقة في ريادتها خصوصاً بين دول الخليج.
كان حراكها المدني عبر مجلس الأمة النشيط وعبر ديوانياتها مثالاً على حيوية المجتمع وتفاعله الثري مع قضاياه. أما الإعلام الكويتي فحدث ولا حرج، خصوصاً الصحافة فيه، فكانت مثلاً حياً على الحرية والجرأة والمهنية والاحترافية، وكان دوماً مضرباً للأمثال سابقاً لكل من حوله في المنطقة، وحتى على المستوى الثقافي والفني كانت هناك بصمات وإنجازات استثنائية في المسرح والغناء والأدب والتلفزيون والدراما، بشكل مميز مكنتها أن تحتل المكانة الريادية والمميزة بلا جدال.
حتى على الصعيد الرياضي كانت الإنجازات تتحدث عن نفسها، من أندية تفوز ببطولات محلية وإقليمية وقارية إلى منتخبات تصل لكأس العالم، وتحتكر بطولات الخليج، وتفرخ نجوم عمالقة تتغنى بهم حناجر الجمهور في كل مكان.
إنه النجاح الأسطوري. في عالم الاستثمار والاقتصاد والمصارف كانت للكويت الريادة والمبادرة لإيجاد الأفكار والمشاريع والصروح الشامخة، التي جعلت من الكويت واحة الاقتصاد الاستثماري في المنطقة بامتياز. التعايش السلمي والتسامح كان فخراً للكويت، وكانت النموذج الذي يسعى إليه كثيرون لتقليده وتقديمه بصفته نموذجا يحتذى على الصعيد الإقليمي. ولكن كل ما تحدثنا عنه، بحسب رجل الأعمال الكويتي لم يعد قائماً اليوم، بل تحول بدرجة كبيرة، وأصبح على العكس تماماً، وهذا هو مصدر القلق والخوف والحزن في الكويت.
ما الذي حصل وما الذي جرى وماذا حدث للكويت، وهي التي كانت رائدة في كل هذه المجالات؟ ما السبب أو ما هي الأسباب بشكل أدق؟ هناك من يقول إن سبب «كل» المشكلات التي تعاني منها الكويت اليوم هو انعدام «الثقة» في كل شيء كردة فعل طبيعية بعد الغزو العراقي لها، وهناك من يعيد ذلك إلى الثورة الخمينية التي غيرت الخليج بأسره، والكويت هي جزء من المكون الخليجي، الذي كان أول المتأثرين.
وهناك فريق يعتقد أن الكويت لم تعد كما كانت بسبب جميع ما ذكر، بالإضافة إلى تغيرات كثيرة في الداخل الكويتي نفسه، فالمجتمع الكويتي لم يعد كما كان. الواضح أن الخليج «تواق» لعودة الكويت ودورها المميز في المجالات المختلفة، وأن التحديات كبيرة في المنطقة وتتطلب أن تكون الكويت بكامل عافيتها وطموحها.
حديثي مع رجل الأعمال الكويتي وقلقه وخوفه على بلاده يؤكد أن الطمأنينة والثقة أحد أهم دوافع التنمية. لم أملك نفسي إلا أن أتمنى للكويت وأهلها كل الخير مع وجود قلق وخوف على الآتي من الأيام.