زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

قضايا التراث العربي

كان هناك تخطيط من الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لأن يكون «ملتقى آثار المملكة العربية السعودية» الأول أيضاً ملتقى لرؤساء الهيئات الأثرية في العالم العربي. وكان افتتاح متحف «اللوفر» في أبوظبي عائقاً أمام حضور بعض المسؤولين العرب إلى الرياض؛ حيث تُعقد الندوة الأولى لمناقشة آثار الوطن العربي. ودائماً ما أسأل نفسي هذا السؤال: لماذا لا تقوم الجامعة العربية بمحاولة عقد لقاءات سنوية لمناقشة أحوال الآثار؟ بل أعتقد أن هناك حاجة ملحة لعقد مؤتمر عربي موسع لمناقشة ما جرى ويجري لتراثنا الأثري، خصوصاً لكي يعرف العالم كله حجم التدمير الذي يحدث لآثار سوريا والعراق واليمن وليبيا. ولكن للأسف لم يحدث أي نداء من الجامعة العربية رغم أن رئيسها أحمد أبو الغيط رجل محترم ويقدر قيمة الآثار.
لقد استطاع الأمير سلطان بن سلمان أن يرتب لـ«ندوة التراث العربي»، ولكن للأسف لم يحضر سوى 4 وزراء عرب من المسؤولين عن الآثار، وقد اتصل بي الأمير سلطان لكي أدير هذه الندوة المهمة. وقد حضر الدكتور خالد العناني وزير آثار مصر، ولينا عناب وزيرة السياحة والآثار بالمملكة الأردنية الهاشمية، ورولا معايعة وزيرة السياحة والآثار بدولة فلسطين، وأخيراً مروان أحمد قاسم دماج وزير الثقافة باليمن.
والدكتور خالد العناني حاصل على درجة الدكتوراه في الآثار المصرية من جامعة «فاليري مونبلييه» بفرنسا، وعمل أيضاً مديراً لمتحف الحضارة، والمتحف المصري، وأنا أعدّه وزيراً نشطاً استطاع أن ينشر الحب بين الأثريين، وقدم لنا وصفاً شاملاً للمتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة، بالإضافة إلى المشروعات المهمة التي تتم في تطوير متاحف الآثار في مصر.
وقدمت لنا الوزيرة لينا عناب، التي استطاعت أن تدخل قلوب كل الناس في الرياض نظراً لتواضعها وبساطتها وعشقها آثار الأردن، رؤية شاملة للمتاحف، والمشكلات التي تعوق العمل الأثري، وقد اختيرت نظراً لخبرتها الدولية في العمل بصندوق النقد الدولي وغيره من المحافل الدولية، وعندما قدمتها قالت: «إن فيلم (لورانس العرب) الذي مثّله عمر الشريف وعاش لمدة عام كامل بصحراء العقبة، عمل دعاية كبيرة لآثار الأردن».
وجاءت الوزيرة رولا معايعة لتلقي الضوء على كثير من المشكلات التي يعاني منها التراث الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى المحاولات الكثيرة التي تتم لتهويد القدس وطمس أي معالم أثرية تخص أصل القدس، وهي وزيرة منذ عام 2012.
وأخيراً جاء مروان دماج ليحدثنا عن آثار اليمن، ولكنه لم يقدم لنا تصوراً عما يحدث لآثار اليمن نتيجة الحروب الدائرة الآن، ولكنه شرح كيف تحولت الآثار إلى مقابر جماعية، وتعرض المتاحف للسرقة.
وفي الحقيقة؛ كانت بداية طيبة، وقد طلبت من الأمير الملكي سلطان بن سلمان أن تستضيف الرياض في العام المقبل مؤتمراً موسعاً، وأن تتم دعوة كل المسؤولين عن الآثار في العالم العربي، ويكون الهدف كيف يتم التكامل، وأيضاً مناقشة تقرير شامل عما يحدث لآثار الوطن من تدمير، وأن نقدم رؤية واضحة لكيفية ترميم ما دُمر من آثار على يد جماعات الإرهاب، وكيفية حماية المواقع الأثرية والمتاحف.
كان هناك نداء: أخرجوا الآثار من الحفر. ولكن قلت: اتركوا الآثار في الحفر حتى نُرمم ما هو موجود أعلى الحفر.