حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

لا تغيروا الموضوع

في الخطاب الإعلامي هناك حيلة يلجأ إليها كل ضعيف ومفضوح، وهي سياسة تغيير الموضوع؛ فعندما تبدأ في مواجهة المتهم بالأدلة والبراهين الموثّقَة ولا يستطيع الدفاع عن نفسه فيسقط في يده، لا يملك أي وسيلة لتبرئة نفسه سوى المناورة وتغيير الموضوع. نرى ذلك بوضوح في الأزمة مع نظام الانقلاب في قطر؛ عندما وُوجِهت قطر بشلالات من الوثائق تدينها بالأعمال الإرهابية والمؤامرات والفتن، ما كان منها إلا التباكي بأنها تحت مظلومية «الحصار»، وهي أكذوبة اخترعتها لتغيير الموضوع.
وها هو تنظيم حزب الله الإرهابي يقوم بالشيء نفسه، ويلجأ للأسلوب ذاته فيما يتعلق بموضوع استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري. فبدلاً من التركيز على أسباب استقالته، والبحث في الحفاظ على حياته التي لا تزال مهدَّدَة، يصر إعلام تنظيم حزب الله على أن سعد الحريري «محتجَز» و«مختطَف»، دون تقديم أي دليل يثبت هذا الهراء والسخف الشديد. التاريخ يكرر نفسه؛ إنها المصيدة والفخ الذي يُسحب إليه سعد الحريري، صفحات الموت نفسها من كتاب التعذيب الأسدي الذي يعتمد عليه نظام الأسد و«حزب الله» الإرهابي.
بتاريخ 29 سبتمبر (أيلول) 1976، اجتمع الرئيس المصري أنور السادات مع الزعيم السياسي اليساري كمال جنبلاط، خلال احتفال بمناسبة الذكرى السادسة لوفاة الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، وبقي جنبلاط وقتها في مصر لفترة قصيرة، وقتها قامت قيامة أبواق النظام الأسدي، وصارت تقيم الدنيا ولا تقعدها لاسترجاع «الرهينة» كمال جنبلاط، وادّعى الإعلام الطائش الغشيم أن النظام المصري احتجز المواطن اللبناني كمال جنبلاط.
عندما عاد جنبلاط إلى لبنان، اغتالته كتيبة إعدام تابعة لأجهزة المخابرات السورية بسيارة تحمل «نمرة عراقية» بأمر من حافظ الأسد، ويشتبه في أن اللواء إبراهيم حويجة، هو الذي قام بتنفيذ العملية إذ أن الأسد كافأه، ليكون بعدها رئيس المخابرات الجوية.
إننا اليوم أمام فريسة تذهب للقاتل، القاتل الذي سبق له أن قتل والده وهو يبتسم ويبكي بدموع التماسيح خوفاً وقلقاً عليه، كأننا أمام قصة «ليلى والذئب» بنسخة جديدة. إنه أسلوب تغيير الموضوع في أخطر وأردأ صورة. ولكن تبقى الحقيقة واضحة؛ لبنان مختَطَف من تنظيم إرهابي ومجرم. هذا هو الموضوع الأصلي والوحيد.