حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

شلالات الأخبار

كيف تتلقى الأخبار وكيف تحصل لها البرمجة الذهنية في عقلك فتتفاعل معها الواحدة تلو الأخرى؟
سألت نفسي هذا السؤال وأنا أجد نفسي متفاعلا بأشكال مختلفة بحسب الخبر وأهميته، وخصوصا مع أيام مليئة بالأخبار الكبيرة والمهمة المتنوعة. على الصعيد الرياضي كان خبر تأهل المنتخب السعودي لنهايات بطولة كأس العالم بروسيا من أنواع الأخبار المفرحة والمبهجة، فبعد طول غياب تمكن المنتخب السعودي من صناعة فوز صعب والوصول إلى هدفه بشكل جميل ومثير.
ثم جاء خبر تجربة السلاح النووي الذي قامت به كوريا الشمالية لتبعث الرعب والخوف والقلق في المجتمع الدولي بشكل تفاعلت معه الأسواق المالية، وأعلنت بعض الحكومات حالة التأهب والجاهزية تحسبا لما هو أسوأ وبدأت تطرح سيناريوهات سيئة ومخيفة، فيما لو تطورت الأمور بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
وهناك أخبار ضحايا مسار إعصار «إيرما» المرعب المدمر الذي ترك خلفه أرتالا من الخراب المادي المهول في جزر الكاريبي، وهو يستعد الآن لمهاجمة ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة وسط تجهيزات وإخلاءات احترازية غير مسبوقة هناك، خوفا من «أكبر وأخطر إعصار في التاريخ»، بحسب ما وصفه المراقبون المختصون وأجمعوا على ذلك الأمر. وهناك خبر مراوغة نظام الانقلاب في قطر المستمر ومحاولة لي الحقائق والتلاعب في المواقف واللعب على جميع الحبال حتى بات الأمر مفضوحا وواضحا أن حاكم قطر لا حول له ولا قوة، وأنه حاكم بالاسم فقط، ويتم التلاعب به. كلما تم تقديم مبادرة للحل أحبطتها مراوغات وألاعيب نظام الانقلاب الحاكم في قطر.
أمام هذا السير الجارف من الأخبار يكون التفاعل مع الخبر حسب أهميته وتأثيره، فبالتالي أصبح هناك مسائل لقياس تفاعل الناس مع أي نوع من الأخبار ومعرفة أهميتها محليا وإقليميا وعالميا، مهما تضاربت وتزاحمت في وقت واحد متشابه وقريب. يتلقى المتلقي الخبر ويتفاعل معه بحسب «أولوياته»، ولكن أدوات البث وقوة قنوات التواصل ومنصاتها قد تفرض عليك وضع الخبر في مكان غير الآخر، وبالتالي يتكون عامل وعنصر التأثير والتفاعل الأولي والأساسي، وهو المنشود والمقصود.
شلالات الأخبار باتت كثيرة وغزيرة ولم يعد هناك حقيقة توصيف للخبر المحلي البحت، كثير من الأخبار التي كانت عرفت قديما بأنها محلية تحولت إلى أخبار عالمية بامتياز تنتشر، وتصل بسرعة البرق لتصل إلى جميع بقاع الأرض. وهذا يؤكد أن الإعلام لا يتحول فقط، ولكن يهدم ويعاد تكوينه بشكل مختلف تماما عما كان عليه، وعليه فإنه لا يمكن تحويل أي وسيلة إعلامية قديمة لتواكب الإعلام الجديد. هذا غير ممكن.
هذا كائن جديد ومختلف تماما عن القديم، والذي لا يدرك الفارق سيغرق في التفاصيل ويهلك.