مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الكذب أشكال وألوان

قرأت دراسة ويا ليتني لم أقرأها، وهي تتحدث عن الكذب في حياة الناس، وبينت تلك الدراسة أن ما لا يقل عن 60 في المائة من الناس لا يسعهم الصمود سوى 10 دقائق فقط من دون الكذب.
ويقول نواه زندان في الدراسة التي قدمها لصالح (TED - ED) التثقيفية:
نحن نكذب في اليوم من 10 إلى مائتي كذبة، والسبب جزئياً هو أننا نرغب في تصوير أنفسنا بشكل أفضل وربط خيالاتنا بالشخص الذي كنا نتمنى أن نكونه بدلاً من الشخص الذي نحن عليه فعلاً. انتهى.
لا أكذب عليكم (بجد)... إنني أصبت بالإحباط، لأنني كنت أعتقد أنني الصادق الصدوق، وبعد قراءتي هذه بدأت أشكك بنفسي أنني الكذاب الكذوب.
وعز عليّ فعلاً عندما عرفت أن الرجال يكذبون ضعف ما تكذبه النساء، فالواحد منهم يكذب ما لا يقل عن مائة ألف كذبة خلال 60 عاماً، في حين لا تزيد كذبات المرأة عن 50 ألف كذبة فقط.
وأغلب أكاذيب المرأة هي من النوع الخفيف - أو ما يسمى (بالنميمة) - في جلسات النساء مع بعضهن البعض، في حين أن الرجل يكذب حين يتعلق الأمر بمشاعره تجاه زوجته مثلاً، أو بسبب تأخره عن البيت، أو بما هو أدهى وأمر.
ومن السلوكيات الأخرى الشائعة التي لاحظها العلماء في الكذابين أنهم كانوا عبوسي الوجوه ومكشرين، وينطقون بكلمات غير واضحة تفصل بين كلمات مثل (هو أو هي) بدلاً من (أنا أو نحن) بالإضافة إلى إيماءات أخرى وحركات مختلفة للرأس والأعين والحواجب والفم والأيدي.
ومن الأفضل كذلك أن تكون متابعاً لمحدثك ليس بأذنيك فقط ولكن حتى بعينيك، وإذا انتهى من كلامه فلا تلتفت بعيداً عنه فجأة بل ببطء وتردد، وهذا هو ما أحاول أن أفعله أنا شخصياً مع كل من أتحدث معه، ومع ذلك أفشل فشلاً ذريعاً.
وانتهت الدراسة بنصيحة زادت (طينتي بلة)، وجاء فيها:
إذا رغبت في الظهور بمظهر الجدير بالثقة، فحاول ألا تتحرك أو تتململ كثيراً أثناء حديثك مع شخص آخر.
وكثرة حركة اليد بالقرب من وجهك تعطي من يستمع لك انطباعاً بأنك تكذب أو منزعج. انتهى.
المشكلة أنني في أحاديثي تنطبق عليً تلك الصفة، فأنا كثير الحركة من دون بركة، وكثير الإشارات بيدي وكأنني رجل مرور، وأتململ في جلستي وكأنني قاعد على صاج محمّى، وسرعان ما أغير الموضوع قبل أن ينتهي المتكلم من كلامه، وكثيراً ما سألني بعضهم: كيف صبرت أنت في بطن أمك تسعة أشهر؟!