الذكاء الاصطناعي يدخل العيادة النفسية

ثورة رقمية لمكافحة الاكتئاب والقلق في العالم العربي

روبوتات العلاج الطبيعي الحوارية الذكية
روبوتات العلاج الطبيعي الحوارية الذكية
TT

الذكاء الاصطناعي يدخل العيادة النفسية

روبوتات العلاج الطبيعي الحوارية الذكية
روبوتات العلاج الطبيعي الحوارية الذكية

احتفل العالم أخيراً باليوم العالمي للصحة النفسية؛ بهدف تسليط الضوء على قضايا الصحة العقلية، ودعم الجهود العالمية لتحسين الوعي والعلاج. وتكتسب هذه المناسبة أهميةً خاصةً في العالم العربي، في ظل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتزايدة، التي جعلت ملايين الأشخاص عرضةً لاضطرابات نفسية مثل الاكتئاب (Depression) والقلق.(Anxiety).

ارتفاع الاضطرابات النفسية في غزة وتونس والعراق

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن المنطقة العربية شهدت خلال العقد الأخير ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات هذه الاضطرابات، حيث كشفت دراسات حديثة عن نسب مرتفعة للاكتئاب والقلق بين النازحين داخلياً في غزة، بينما وصلت نسبة الشعور بالتوتر المتكرر إلى نحو 35 في المائة من السكان في بعض الدول مثل تونس والعراق. يفاقم هذا الواقع نقص حاد في الكوادر المتخصصة، إذ لا يتجاوز عدد الأطباء النفسيين في بعض الدول طبيباً واحداً لكل 100 ألف شخص، ما يترك فجوةً كبيرةً بين الحاجة للرعاية والقدرة على تلبيتها.

الذكاء الاصطناعي يغير معادلة الرعاية النفسية

في هذا السياق المقلق، يبرز الذكاء الاصطناعي بوصفه أداةً ثوريةً يمكن أن تغيّر معادلة الرعاية النفسية جذرياً: فهو قادر على توسيع نطاق الخدمات لتصل إلى فئات محرومة، وتحسين سرعة الاستجابة، وتقليل التكلفة، وتعزيز الخصوصية، بل وتقديم دعم نفسي أولي على مدار الساعة. إنها ثورة رقمية صامتة، لكنها تحمل وعداً عظيماً لعالم عربي ما زال يرزح تحت عبء الوصمة والندرة في خدمات الصحة النفسية.

* آليات عمل الذكاء الاصطناعي في الرعاية النفسية

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد خوارزميات جامدة، بل تحوّل إلى مستمع ذكي قادر على فهم اللغة البشرية، ورصد الانفعالات، وتقديم تدخلات نفسية مدروسة في اللحظة المناسبة. يعتمد هذا التحول على تقنيات متقدمة مثل معالجة اللغة الطبيعية (Natural Language Processing – NLP) التي تمكِّن الأنظمة من تفسير المشاعر خلف الكلمات، وتعلّم الآلة الذي يتيح لها التعرّف على الأنماط السلوكية الدقيقة لدى المستخدمين مع مرور الوقت.

دور الذكاء الاصطناعي في جوانب الرعاية الصحية يتلخص بالتشخيص الذكي ووضع العلاج المخصص وتعزيز كفاءة التصوير الطبي ومراقبة المرضى عن بعد

روبوتات التحاور... وتطبيقات هاتفية

* روبوتات حوارية نفسية

ومن أبرز التطبيقات العملية لذلك الروبوتات الحوارية النفسية (Therapeutic Chatbots) مثل «وبوت» (Woebot)، و«ويسا» (Wysa)، وهي منصات رقمية صُمِّمت لتكون بمثابة «رفيق علاجي» متاح على مدار الساعة. تستخدم هذه الروبوتات تقنيات العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy) لاكتشاف الأفكار السلبية المتكررة، ومساعدة المستخدمين على تفكيكها واستبدال أنماط تفكير أكثر توازناً بها. وقد أظهرت دراسات سريرية أن استخدام هذه الأدوات أدى إلى تحسَّن في أعراض الاكتئاب بنسبة تصل إلى 48 في المائة لدى المستخدمين المنتظمين، مع بناء علاقة علاجية تشبه إلى حد بعيد العلاقة مع المعالج النفسي البشري، من حيث الشعور بالدعم والتفهّم.

* تطبيقات ذكية في الهواتف

ولا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على المحادثة فحسب؛ بل يمتد إلى الرصد الصامت والدقيق للسلوك اليومي عبر الهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء. يمكن لهذه الأنظمة، مثلاً، تحليل نبرة الصوت في أثناء المكالمات، وسرعة الكتابة، وأنماط النوم والنشاط، لتكوين «بصمة عاطفية» رقمية تكشف التغيرات المزاجية المبكرة، مما يتيح التدخل العلاجي قبل تفاقم الحالة.

* دراسة رائدة حول الروبوتات الحوارية لرصد الأفكار الانتحارية

وفي دراسة رائدة نُشرت في مجلة التقارير العلمية «Scientific Reports» في أغسطس (آب) 2025، قادها الباحث ووجيتش بيتشوفتش بالتعاون مع ماريك كوتاس، وبيوتر بيوترُوفسكي من بولندا، جرى تقييم أداء 29 روبوتاً حوارياً في الكشف عن الأفكار الانتحارية المرتبطة بالاكتئاب والقلق. وأظهرت النتائج قدرة هذه الأنظمة على رصد إشارات مقلقة بدقة متزايدة، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن ثغرات خطيرة في معايير السلامة والاستجابة للحالات الحرجة؛ ما دفع الباحثين إلى الدعوة لتبني أطر تنظيمية واضحة لضمان سلامة المستخدمين.

إن ما كان يتطلب في السابق جلسات علاجية مطوّلة ومتابعة مستمرة أصبح اليوم ممكناً عبر هاتف محمول أو جهاز بسيط في الجيب، لكن هذه القفزة التقنية تطرح أسئلةً عميقةً حول الحد الفاصل بين الدعم الآلي والرعاية الإنسانية، وكيفية الموازنة بين السرعة والخصوصية من جهة، والعمق العلاجي من جهة أخرى.

تطبيقات في العالم العربي: قصص نجاح محلية

رغم التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فإن ملامح ثورة الذكاء الاصطناعي في الرعاية النفسية بدأت تتجلى في دول عربية عدة، لتقدّم حلولاً مبتكرة تعوّض النقص في الكوادر المتخصصة وتكسر حاجز الوصمة المرتبط بطلب الدعم النفسي.

* المملكة العربية السعودية

تتقدَّم بخطوات راسخة في هذا المجال ضمن رؤيتها الصحية المستقبلية، فقد برزت منصة «عوافي» بوصفها من أبرز البرامج الرقمية لعلاج الاكتئاب والقلق والوسواس القهري، تحت إشراف مختصين معتمدين، لتوفّر بيئةً علاجيةً آمنةً وفعّالةً عبر الفضاء الرقمي. كما يوظّف مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث تقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم عمليات التشخيص والعلاج النفسي الدقيق، ما يعكس توجهاً وطنياً نحو دمج الذكاء الاصطناعي في المنظومة الصحية. وإضافة إلى ذلك، شهد عام 2025 إطلاق هيومن (HUMAIN)، أول روبوت حواري عربي صُمم محلياً ليخاطب أكثر من 400 مليون ناطق بالعربية، مقدّماً دعماً نفسياً وثقافياً متوافقاً مع البيئة المحلية.

* في لبنان، حيث تداخلت الأزمات الاقتصادية والسياسية لتثقل كاهل المواطنين، لجأ كثيرون إلى أدوات الذكاء الاصطناعي مثل تشات «جي بي تي (ChatGPT)» للحصول على دعم عاطفي فوري، في ظل الارتفاع الكبير في تكلفة الجلسات النفسية التقليدية.

كما تحوّل الهاتف الذكي إلى «رفيق ليلي» لكثيرين، يلجأون إليه في لحظات القلق أو العزلة، في مشهد يلخّص كيف يمكن للتقنية أن تملأ فراغاً إنسانياً حين تغيب الخدمات.

* أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد أخذت المبادرات طابعاً مؤسساتياً منظماً، إذ أطلقت شركة «بيورهيلث (PureHealth)» بالشراكة مع شبكة «سكينة (SAKINA)» تطبيقاً ذكياً للرعاية النفسية يُدعى بيورا (Pura)، يتيح للمستخدمين التواصل مع متخصصين نفسيين مرخّصين من أي مكان وفي أي وقت، ما يجعل الدعم النفسي أقرب من ضغطة زر. وفي يوم الصحة النفسية العالمي لعام 2025، أعلنت الإمارات إطلاق المساعد الذكي «سند (Sanad)»، وهو روبوت حواري ثنائي اللغة صُمِّم ليكون ذراعاً مساعدة للمعالجين النفسيِّين، من خلال فرز الحالات وتقديم الدعم الأولي بذكاء عاطفي متطور.

* في سوريا، كان الروبوت السوري «كريم (Karim)» من أوائل النماذج العربية، إذ بدأ منذ عام 2016 في دعم اللاجئين عبر محادثات نفسية أولية وتقديم نصائح سلوكية بلغة مألوفة. وتُطوِّر حالياً تطبيقات مبتكرة مثل «دوّن (Dawwen)»، الذي يركز على تمكين المستخدمين من التعبير العاطفي باللغة العربية، في خطوة تسد فجوة لطالما عانت منها تقنيات الصحة النفسية المُصمَّمة بالإنجليزية فقط.

هذه التجارب المتنوعة تكشف أن العالم العربي لا يقف موقف المتفرج من الثورة الرقمية في الصحة النفسية، بل يشارك فيها بفاعلية، وفق احتياجاته الثقافية واللغوية الخاصة، مما يمهِّد الطريق لمستقبل تصبح فيه الرعاية النفسية الذكية جزءاً أصيلاً من الحياة اليومية للمواطن العربي.

الفوائد والتحديات: بين الأمل والمسؤولية

يمثّل الذكاء الاصطناعي فرصة غير مسبوقة لإعادة رسم خريطة الرعاية النفسية في العالم العربي. فبفضل قدرته على الانتشار السريع، أصبح بإمكانه الوصول إلى المناطق النائية والمحرومة، وتقديم دعم نفسي أولي في البيئات التي تندر فيها الكوادر المتخصصة. كما يسهم في خفض التكاليف مقارنة بالجلسات العلاجية التقليدية، ويوفّر مستوى عالياً من الخصوصية، وهو عامل بالغ الأهمية في مجتمعات ما زالت النظرة فيها إلى المرض النفسي محاطةً بالوصمة والحرج الاجتماعي. وتجعل هذه الخصائص الذكاء الاصطناعي جسراً بين الحاجة الملحّة والخدمة المتاحة، وتفتح الباب أمام جيل جديد من الرعاية النفسية الأكثر شمولاً ومرونة.

لكن هذه الفرص الواعدة لا تخلو من تحديات معقدة تتطلب معالجةً دقيقةً على المستويات التقنية والثقافية والأخلاقية:

* الملاءمة الثقافية:

تعتمد خوارزميات التحليل النفسي على بيانات لغوية وسلوكية، وغالباً ما تكون هذه البيانات مُستقاة من بيئات غربية لا تعكس بدقة التعبيرات العاطفية أو السياقات الاجتماعية في العالم العربي. وهذا قد يؤدي إلى تقييمات غير دقيقة أو توصيات علاجية غير ملائمة ثقافياً.

* الاعتبارات الأخلاقية والخصوصية:

تحمل هذه التقنيات كمّاً هائلاً من البيانات الشخصية الحساسة، مثل أنماط الكلام والنوم والمشاعر. وأي خلل في الحماية قد يعرض المستخدمين لمخاطر جسيمة، سواء من حيث الاختراقات الأمنية أو الاستخدام غير المصرّح به للبيانات.

* الموقف المهني:

ما زال بعض المتخصصين في الصحة النفسية، لا سيما في السعودية، يُبدون تحفّظاً تجاه الاعتماد الكلي على الأنظمة الذكية دون إشراف بشري مباشر، خوفاً من فقدان العمق العلاجي الذي تتميّز به العلاقة الإنسانية بين المريض والمعالج.

ولعل أحد أبرز التحذيرات جاء من دراسة نُشرت في مجلة «نيتشر للذكاء الاصطناعي الآلي (Nature Machine Intelligence)» في يوليو (تموز) 2025، حيث نبّه الباحثون إلى مخاطر التعلق العاطفي بالروبوتات الحوارية (AI Companions)، خصوصاً لدى الفئات الأكثر هشاشة نفسياً. فبينما يمكن لهذه الروبوتات أن تمنح إحساساً فورياً بالتواصل، فإن الاعتماد المفرط عليها قد يؤدي إلى تفاقم مشاعر العزلة أو الاكتئاب إذا لم يُصاحبها دعم إنساني حقيقي أو تدخل علاجي من مختصين.

إن مستقبل الذكاء الاصطناعي في الصحة النفسية يحمل في طيّاته وعوداً عظيمة وتحديات لا تقل أهمية. وبين هذين الحَدَّين، يكمن دور السياسات والتنظيمات والوعي المجتمعي في توجيه هذه الثورة الرقمية لتكون عوناً للإنسان لا بديلاً عنه.

المستقبل: نحو رعاية نفسية متكاملة

مع التسارع الكبير في تطوير تقنيات «تحليل العواطف اللحظي (Real-time Emotion Analysis)»، يقترب الذكاء الاصطناعي من أن يصبح عنصراً محورياً في منظومات الرعاية النفسية المتكاملة في العالم العربي، ليس فقط بوصفه أداةً مساعدةً، بل بوصفه شريكاً رقمياً قادراً على مراقبة الحالة النفسية، والتنبؤ بالتغيرات المزاجية، وتقديم التدخل المناسب في الوقت المناسب.

ففي دراسة منشورة في مجلة «إن بي جي للصحة النفسية (npj Mental Health Research)» في أغسطس 2025، قادتها أديلا تيمونز من جامعة تكساس في أوستن، بالتعاون مع «إيه إيه توتول»، وكوستاس أفراميديس، تم تطوير خوارزميات شخصية تعتمد على بيانات الهواتف الذكية اليومية - مثل أنماط استخدام التطبيقات، والحركة، والتفاعل الاجتماعي الرقمي، وحتى نبرة الصوت - لاكتشاف أعراض الاكتئاب والقلق بدقة عالية. وأظهرت النتائج أن النماذج الشخصية تفوَّقت بشكل ملحوظ على النماذج العامة، مما يمهِّد الطريق لرعاية نفسية مُصمَّمة وفق احتياجات كل فرد، لا وفق متوسطات جماعية.

وفي سياق موازٍ، ناقشت دراسة أخرى نُشرت في مجلة «إن بي جي أنظمة الصحة (npj Health Systems)» في يوليو 2025، بقيادة كاثرين كاننغهام، وبمشاركة فاسيلي مارغينيان، وريتشارد هيلوك، كيف يمكن للذكاء الاصطناعي دعم الصحة النفسية للنساء بعد الولادة، وهي مرحلة حساسة كثيراً ما تُهمَل في الأنظمة الصحية التقليدية. تناولت الدراسة إمكانية استخدام أنظمة ذكية للكشف المبكر عن اكتئاب ما بعد الولادة عبر تحليل مؤشرات سلوكية وعاطفية دقيقة، مع تسليط الضوء في الوقت نفسه على التحديات الأخلاقية المرتبطة بجمع البيانات الشخصية لهذه الفئة.

إن مثل هذه التطورات تشير إلى أن الرعاية النفسية المستقبلية ستكون هجينة، تجمع بين قوة الخوارزميات ودقة التحليل الآني من جهة، ودفء العلاقة الإنسانية والاعتبارات الثقافية من جهة أخرى. ومع ازدياد تبني الدول العربية لهذه التقنيات ضمن استراتيجياتها الصحية، يمكن تخيّل مستقبل تصبح فيه الصحة النفسية جزءاً لا يتجزأ من الرعاية اليومية، تُقدّم في العيادة، وفي المنزل، وحتى في الجيب عبر الأجهزة الذكية.

خاتمة

إن ثورة الذكاء الاصطناعي في الرعاية النفسية ليست مجرد قفزة تقنية، بل هي فرصة إنسانية نادرة لإعادة صياغة علاقتنا مع الألم الداخلي والاضطرابات التي طالما وُوجهت بالصمت أو الوصمة. إنها دعوة إلى بناء منظومة رعاية نفسية أكثر شمولاً وإنصافاً، تُصغي للمشاعر بذكاء، وتستجيب لها برحمة.

لكن هذه الثورة تحتاج إلى بوصلة أخلاقية وثقافية عربية واضحة، توجهها وتحميها من الانزلاق نحو التبسيط أو البرود. فالذكاء وحده لا يكفي إن غابت عنه الروح، والخوارزميات مهما بلغت دقتها لا يمكن أن تكون بديلاً عن الدفء الإنساني والتفاعل البشري.

وكما قال جبران خليل جبران: «بين جنونين... جنونٌ يُنقذنا من الواقع، وجنونٌ يغرِقنا فيه». فقد يكون الذكاء الاصطناعي في ميدانه النفسي «جنوناً من النوع الأول» إن أحسنّا توجيهه، و«من الثاني» إن تركناه دون ضابط ولا ضمير. وبين هذين الحَدَّين، يتحدَّد مستقبل الصحة النفسية في عالمنا العربي: بين وعدٍ عظيم... ومسؤولية أعظم.

حقائق

أقل من 1 لكل 100 ألف

عدد الأطباء النفسيين في بعض الدول

حقائق

35 %

نسبة الشعور بالتوتر المتكرر لدى السكان في بعض الدول مثل تونس والعراق

حقائق

48 %

نسبة التحسُّن في أعراض الاكتئاب عند الاستخدام الدائم للأدوات الذكية


مقالات ذات صلة

بوتين: العقد المقبل سيشهد أكبر طفرة تكنولوجية في تاريخ العالم

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (د.ب.أ)

بوتين: العقد المقبل سيشهد أكبر طفرة تكنولوجية في تاريخ العالم

قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال اجتماع لمجلس الدولة، اليوم (الخميس)، إن العقد المقبل سيشهد أكبر طفرة تكنولوجية في تاريخ العالم.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تكنولوجيا 5 طرق مُدهشة لاستخدام الذكاء الاصطناعي

5 طرق مُدهشة لاستخدام الذكاء الاصطناعي

أساليب غير تقليدية لمساعدة الصحافيين وصناع البودكاست والمبرمجين.

جيريمي كابلان (واشنطن)
شؤون إقليمية لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

نشر المكتب الصحافي لنتنياهو، الأربعاء، مقطع فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي لرئيس الوزراء وترمب، وهما يقودان طائرة مقاتلة فوق مجموعة من المباني في منطقة صحراوية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحبا بالأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (أ.ف.ب) play-circle

تحليل إخباري من الطاقة إلى الرقاقة: تحالف سعودي - أميركي نحو عصر تقني جديد

تحالف سعودي - أميركي ينتقل من النفط إلى الرقائق والذكاء الاصطناعي، مستفيداً من الطاقة منخفضة التكلفة لنقل التقنية وتوطين الحوسبة وبناء اقتصاد المستقبل.

د. يوسف القوس

ماذا يحدث لجسمك عند إضافة ملح الهيمالايا إلى نظامك الغذائي؟

الإفراط في تناول أي نوع من الملح يساهم في ارتفاع ضغط الدم (بيكسباي)
الإفراط في تناول أي نوع من الملح يساهم في ارتفاع ضغط الدم (بيكسباي)
TT

ماذا يحدث لجسمك عند إضافة ملح الهيمالايا إلى نظامك الغذائي؟

الإفراط في تناول أي نوع من الملح يساهم في ارتفاع ضغط الدم (بيكسباي)
الإفراط في تناول أي نوع من الملح يساهم في ارتفاع ضغط الدم (بيكسباي)

ملح الهيمالايا، وهو نوع ذو لون وردي غني بالمعادن النادرة، يُعدّ مكوناً شائعاً في الطبخ، ويُستخدم أحياناً لأغراض علاجية. كيف يؤثر تناول هذا البديل لملح الطعام على جسمك؟ وفقاً لموقع «فيري ويل هيلث»:

1. قد يُساعد في الحفاظ على مستويات الترطيب

يُنظّم جسمك بدقة الماء والصوديوم والمعادن الأخرى المشحونة (الكهارل) للحفاظ على توازن السوائل. يفقد الجسم الصوديوم عن طريق التعرق، لذا عند إعادة ترطيب الجسم بعد التعرق، ستحتاج إلى تعويض كل من الصوديوم والماء.

ومثل جميع أنواع الملح الأخرى، يحتوي ملح الهيمالايا على معدن الصوديوم الأساسي (على شكل كلوريد الصوديوم)، ويمكن أن يدعم عملية إعادة الترطيب. كما يوفر ملح الهيمالايا كميات ضئيلة من الإلكتروليتات الأخرى، مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم، وهي عناصر أساسية لتوازن مستويات السوائل في الجسم.

البطاطس المهروسة أم البطاطس العادية: أيهما أكثر فائدة غذائية؟

2. لا يُنصح بالإفراط في تناول أي نوع من الملح

تذكر أن الإفراط في تناول أي نوع من الملح يساهم في ارتفاع ضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. من الأفضل تناول ملح الهيمالايا فقط بالكميات المناسبة لك، واحتسابه ضمن كمية الصوديوم التي تتناولها يومياً.

يجب أن يستهدف معظم البالغين حوالي 1500 ملغ من الصوديوم يومياً، وأن يحاولوا عدم تجاوز 2300 ملغ.

3. قد يزداد تناولك للمعادن بشكل طفيف

على الرغم من أن ملح الهيمالايا يتكون في معظمه من كلوريد الصوديوم، فإنه يحتوي أيضاً على نسب من الكالسيوم، والمغنيسيوم، والحديد، والبوتاسيوم، والمنغنيز، وهي نسب أعلى من تلك الموجودة في أنواع الملح الأخرى، مثل ملح الطعام.

مع ذلك، ستحتاج على الأرجح إلى تناول كمية كبيرة من ملح الهيمالايا لإحداث تأثير ملحوظ على مستويات هذه المعادن، مما قد يزيد بشكل مفرط من تناولك اليومي للصوديوم.

مفيدة للأمعاء وتساعد على الترطيب... ما أهمية تناول المخللات؟

4. خيار ملح أقل معالجة

يخضع ملح الطعام العادي لعملية تكرير قبل طرحه في السوق لإزالة المعادن الأخرى غير كلوريد الصوديوم وأي شوائب.

يُستخرج ملح الهيمالايا بطريقة طبيعية من الصخور الملحية، بدلاً من استخراجه من البحيرات أو الآبار أو الينابيع المالحة أو مياه البحر كما هو الحال مع ملح الطعام العادي. وهذا ما يسمح لملح الهيمالايا بالاحتفاظ بالعديد من المعادن الطبيعية.

من عيوب الملح الأقل معالجة أنه غالباً لا يحتوي على اليود. يُضاف اليود إلى ملح الطعام عادةً للوقاية من تضخم الغدة الدرقية، وهو حالة تصيب الغدة الدرقية نتيجة نقص اليود. إذا كنت تستخدم ملحاً غير مُيود فقط، فاحرص على الحصول على كمية كافية من اليود من خلال مصادر غذائية أخرى.

نصائح لاستخدام ملح الهيمالايا

  • احفظ ملح الهيمالايا في وعاء بارد وجاف لتجنب تكتل بلوراته والحفاظ على نضارته.
  • استخدمه مكوناً في الطبخ بإضافة ملح الهيمالايا إلى اللحوم والخضراوات والشوربات واليخنات باعتدال لإضفاء نكهة مميزة.
  • احذر من الإفراط في استخدامه، وابدأ بكميات قليلة، لأن الإفراط في تناول الصوديوم قد يكون له آثار ضارة على الصحة.
  • من الأفضل استشارة طبيبك قبل إجراء أي تغييرات في نظامك الغذائي، مثل إضافة ملح الهيمالايا إلى روتينك اليومي، للتأكد من ملاءمته لاحتياجاتك الفردية من الصوديوم ونظامك الغذائي العام.

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025
TT

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

نهاية كل عام، نستعرض أهم الإنجازات والأحداث الطبية التي يُتوقع أن تنعكس بالإيجاب على صحة ملايين من المرضى حول العالم؛ خصوصاً مع التقدم الكبير في التكنولوجيا، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تقنيات التشخيص والعلاج.

وبطبيعة الحال، تُعد البحوث العلمية من أهم الخطوات التي تمهِّد لعلاج كثير من الأمراض، أو توفير الوقاية منها في المستقبل.

تصميم علاجي جيني لمريض منفرد

من المعروف أن «تقنية كريسبر» (CRISPR) لتعديل الجينات التي حازت جائزة نوبل عام 2020، أحدثت ثورة في علاج كثير من الأمراض الوراثية، مثل «أنيميا الخلايا المنجلية»، ولكن هذا العام شهد إنجازاً طبياً تاريخياً؛ إذ تلقَّى طفل مصاب بمرض وراثي نادر علاجاً ناجحاً بـ«تقنية كريسبر» لتعديل الجينات.

وتم استخدام هذه التقنية بطريقة غير مسبوقة، فقد صمم أطباء مستشفى الأطفال في فيلادلفيا بالولايات المتحدة، جيناً خاصاً لمريض واحد، وهو طفل رضيع يسمى «KJ Muldoon» وُلد مصاباً بمرض وراثي نادر ومهدد للحياة، يسبب اضطراباً في التمثيل الغذائي، ويحدث نتيجة لطفرة جينية تؤدي إلى تلف ونقص إنزيم معين Carbamoyl Phosphate Synthetase 1(CPS1) deficiency ضروري للتخلص من الأمونيا، ما يتسبب في تراكم الأمونيا السامة. وفي الأغلب يموت نصف الأطفال المصابين بالمرض بعد الولادة بفترة قصيرة، والنصف الآخر يتحتم عليهم زراعة الكبد.

وفي هذا العام، حدد الأطباء خللاً واحداً في جينات الطفل، وطوروا علاجاً خاصاً به فقط، تم إعطاؤه للطفل في الشهرين السابع والثامن باستخدام «تقنية كريسبر» لنقل التعليمات الجينية إلى الكبد، ما حث خلايا العضو على إنتاج الإنزيم اللازم لتصحيح الطفرة. وأظهرت النتائج الأولية أن العلاج قد حسَّن صحة الطفل بشكل ملحوظ.

زراعة أنسجة لعضلة القلب

بعد تجارب ناجحة لاستخدام الخلايا الجذعية في زراعة عضلات للقلب التي تُعد بمثابة لاصقة لتقوية العضلات الضعيفة، في القرود، أجريت خلال هذا العام التجارب على امرأة تبلغ من العمر 46 عاماً مصابة بعجز في القلب، وتم إصلاح العضلات المتضررة لقلبها، باستخدام لاصقة صغيرة (EHM patches) يتم زرعها من خلايا جذعية لشخص آخر سليم. والخلايا الجذعية خلايا خاصة يمكن تحويلها إلى أي عدد من أنواع الخلايا المختلفة.

وبالتالي تم تحويل تلك الخلايا إلى خلايا عضلة القلب، لتقوم بتعضيد العضلات الأصلية للشخص المريض. وتم زرع اللاصقة من خلال شق صغير في الصدر، واستطاعت اللاصقة التكيف والنمو والنضج والبدء في دعم القلب بالفعل.

ويقول الباحثون إن حالة المريضة كانت مستقرة ولم تحدث أي آثار جانبية للزراعة. وأوضحوا أن هذه التقنية تمنح أملاً جديداً لملايين الأشخاص الذين يعانون من عجز القلب المتقدم، والذين لا تزال خيارات علاجهم محدودة حالياً.

ولا تزال التجارب السريرية مستمرة على 15 مريضاً آخر، لمتابعة تحسن حالتهم على المدى الطويل.ويشبه هذا الأمر زراعة عضلة شابة بجوار الأنسجة الضعيفة، وإذا كانت هذه النتائج إيجابية، فقد يُسهم ذلك في تمهيد الطريق لعصر جديد من علاج فشل القلب.

أول علاج بالخلايا المكونة للدم

شهد هذا العام الموافقة على أول علاج بالخلايا الجذعية المكونة للدم من متبرعين (Omisirge)، للمرضى المصابين بفقر الدم التام الحاد (Severe Aplastic Anemia) (نقص حاد في كل مكونات الدم، من كريات الدم البيضاء والحمراء والصفائح الدموية، نتيجة لعجز النخاع العظمي عن إنتاج خلايا الدم)؛ حيث تم اعتماده من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA)، لاستخدامه في المرضى الذين تبلغ أعمارهم 12 عاماً فأكثر، ولا يتوفر لديهم متبرع مناسب.

وكان العلاج قد حصل قبل عامين على الموافقة للمرضى الذين يعانون من أورام خبيثة في الدم، ويحتاجون إلى زراعة خلايا جذعية من متبرع. ويساعد هذا العلاج بشكل ملحوظ في تعافي الجهاز المناعي بسرعة، ويعمل من خلال استخدام الخلايا الجذعية من دم الحبل السري المعالجة كيميائياً، لزيادة عددها وقدرتها الوظيفية؛ حيث يساعد هذا الدم المعالَج المرضى على التعافي بشكل أسرع بعد زراعة الخلايا الجذعية، ويُقلل من خطر الإصابة بالعدوى، مقارنة بدم الحبل السري غير المعالَج، ويتم تناوله عن طريق التنقيط الوريدي لمرة واحدة.

دعامة بيولوجية عصبية

خلال هذا العام، أعلنت شركة «أكسوجين» (Axogen) الأميركية الرائدة في تطوير التقنيات الجراحية المبتكرة، عن موافقة «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA) على دعامة بيولوجية (AVANCE)، لاستعادة وظائف الأعصاب الطرفية، بعد انقطاع الأعصاب الحسية.

وتتميز الدعامة بكونها تصلح لعلاج الجميع؛ سواء البالغين أو الأطفال، بداية من سن شهر واحد فما فوق. ويتم تركيب الدعامة جراحياً، وهي تقوم بما يشبه عملية توصيل لطرفي العصب الأصلي المقطوع، لمسافة لا تزيد على 25 ملِّيمتر؛ حيث يتم استخدام أنسجة عصبية من جثث المتوفين، لاستعادة وظيفة الأعصاب الطرفية بعد الإصابة، عن طريق سد الفجوات في الأعصاب المتضررة.

وللحد من خطر رفض الجسم للشريحة، تمت معالجتها لإزالة المكونات الخلوية منها. وبعد نجاح التجارب السريرية من المتوقع أن تتوفر الدعامة تجارياً في أوائل الربع الثاني من العام القادم.

شفاء من الشلل بالخلايا الجذعية

خلال هذا العام، بإنجاز طبي كبير، في أول دراسة سريرية من نوعها، استعاد رجل ياباني مُصاب بالشلل القدرة على الوقوف بمفرده. ولم يتم الكشف عن اسم المريض حفاظاً على خصوصيته. وهو الآن يتعلم المشي بعد خضوعه لعلاج رائد بالخلايا الجذعية، باستخدام خلايا جذعية متعددة القدرات أعيدت برمجتها عن طريق تحويل خلايا بالغة إلى حالة شبيهة بالخلايا الجنينية، وذلك ضمن تجربة أجرتها جامعة كيو باليابان، لعلاج إصابات الحبل الشوكي.

وأظهر نصف المرضى الخاضعين للتجارب تحسناً ملحوظاً، وذلك بعد قيام الباحثين بحقن نحو مليونَي خلية جذعية عصبية تمت زراعتها في المختبر بالحبل الشوكي المتضرر، وتم تحفيز هذه الخلايا لإصلاح المسارات العصبية الطبيعية، وهو الأمر الذي مكَّن الرجل من الوقوف. وقال الباحثون إن نجاح هذه التجربة يعطي أملاً كبيراً في علاج الشلل مستقبلاً.

أول عملية زرع مثانة بشرية ناجحة في العالم

في مطلع شهر مايو (أيار) من هذا العام، ولأول مرة في التاريخ، تم إجراء أول عملية زرع مثانة في العالم، بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس (UCLA) على يد فريق بحثي بقيادة الدكتور نيما ناصري، والدكتور إندربير جيل. وشملت هذه الجراحة التاريخية التي استغرقت 8 ساعات كاملة زراعة كلية ومثانة لمريض يبلغ من العمر 41 عاماً، وقد نجا من السرطان؛ لكن تم استئصال معظم المثانة خلال إزالة الورم، وأيضاً تم استئصال الكليتين، ما استلزم عمل غسيل للكُلى مدة 7 سنوات.

وقام الأطباء في هذه العملية المعقدة بزراعة الكلية أولاً، ثم المثانة، وتم توصيلهما بالحالب، وبعد العملية تمت استعادة وظائف الكلى والتحكم في المثانة بنجاح. ويوفر هذا الإجراء الرائد خياراً جديداً للمرضى الذين يعانون من خلل وظيفي حاد في المثانة.

أول جراحة بالروبوت عابرة للقارات في العالم

في منتصف هذا العام، حدث ما يمكن اعتباره إنجازاً تاريخياً في مجال الجراحة؛ حيث نجح الدكتور فيبول باتيل، Vipul Patel، في فلوريدا بالولايات المتحدة، في إجراء أول جراحة روبوتية لعلاج سرطان البروستاتا عابرة للقارات في العالم؛ حيث أجرى العملية لمريض يبلغ من العمر 67 عاماً في أنغولا بأفريقيا. وتم اعتماد النتائج من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية».

وقد امتدت العملية لمسافة تقارب 7 آلاف ميل، ما يجعلها أطول عملية جراحية عن بعد يتم إجراؤها على الإطلاق. وقال الجراح أن العملية تُعد إنجازاً مذهلاً، لا من الناحية التقنية فقط؛ بل أيضاً لأنها تمثل خطوة مهمة نحو توفير رعاية جراحية عالية الجودة للمجتمعات النائية المحرومة من نقص الخدمات؛ حيث تعاني أنغولا من أحد أعلى معدلات الوفيات بسرطان البروستاتا في أفريقيا، مع محدودية الوصول إلى الكشف المبكر والرعاية الجراحية المتخصصة.

وتم إجراء الجراحة عن طريق وجود الجراح في محطة تحكم؛ حيث يشاهد صوراً ثلاثية الأبعاد عالية الدقة، ويتحكم بأذرع روبوتية مزودة بأدوات دقيقة، بينما يقوم روبوت جراحي بإجراء العملية على المريض، بتوجيه من الجراح، وذلك في وجود اتصال إنترنت فائق السرعة (ألياف بصرية، G5) ينقل البيانات والفيديو والأوامر بأقل تأخير ممكن.

إزالة ورم سرطاني من العمود الفقري عبر تجويف العين

خلال هذا العام، أجرى فريق طبي بجامعة ميريلاند بالولايات المتحدة جراحة تُعد الأولى من نوعها، لاستئصال ورم في العمود الفقري؛ حيث تمكنوا من إزالة ورم سرطاني نادر من عمود فقري لمريضة تبلغ من العمر 19 عاماً، عبر تجويف عينها، عن طريق تقنية مكَّنت الجراحين من الوصول إلى الورم من خلال اختراق ملتحمة العين، وإزالة جزء بسيط من عظم تجويف العين، وكذلك عظم الوجه، ثم حفروا في الفقرات. وباستخدام أدوات متطورة، نجحوا في إزالة الورم الملتف حول الحبل الشوكي دون الحاجة إلى جروح كبيرة في الوجه أو التسبب في شلل، ثم أعادوا بناء العظم باستخدام التيتانيوم.

جائزة نوبل للطب

كانت جائزة نوبل للطب في هذا العام من نصيب 3 علماء، ساهموا في اكتشاف نوع معين من خلايا الجهاز المناعي، يسمى «الخلايا التائية التنظيمية» (regulatory T cells). وسوف يساهم هذا الاكتشاف مستقبلاً في علاج ملايين المرضى الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية، مثل داء السكري من النوع الأول، والتهاب المفاصل.

وتعد هذه الخلايا التي تم اكتشافها بمثابة حارسات الأمن للجهاز المناعي التي تمنع الخلايا المناعية من مهاجمة الجسم، ما يفسر كيف يمكن تجنب أمراض المناعة الذاتية، ويمهد الطريق لعلاجات اضطرابات المناعة الذاتية والسرطان في المستقبل، بالإضافة إلى عدم رفض الجسم للأعضاء المزروعة.

وتقوم هذه الخلايا بعمل تنظيم لفاعلية الجهاز المناعي، بمعنى أنها تقوم بتقوية وتحفيز الجهاز المناعي، لتساعده في التعامل بقوة في مواجهة العدوى الخارجية، أياً كان مصدرها؛ خصوصاً العدوى، مثل الفيروسات والبكتيريا والفطريات والطفيليات. وفي الوقت نفسه بعد انتهاء الهجوم الخارجي، تقلل من حدة استثارة الجهاز المناعي، حتى لا تتم مهاجمة أعضاء الجسم المختلفة، كما لو كانت أعضاء خارجية، وتساعد الجهاز المناعي في التعرف على أنسجة الجسم كأعضاء سليمة يجب الحفاظ عليها، بدلاً من مهاجمتها.

وعن طريق التحكم في عمل هذه الخلايا في المستقبل، من المتوقع أن يتم علاج كثير من الأمراض المناعية.

الوقاية من سرطان البنكرياس قبل ظهوره

من المعروف أن سرطان البنكرياس يُعد من أشرس أنواع السرطان، والسبب في الأغلب راجع لعدم التشخيص المبكر؛ إذ إنه يُشخَّص بعد وصوله إلى مرحلة متقدمة؛ لأن أعراضه غامضة ولا تظهر إلا في المراحل النهائية. ولذلك من المهم جداً اكتشافه في وقت مبكر؛ لأن نسبة المرضى الذين يعيشون 5 سنوات بعد التشخيص لا تتجاوز 13 في المائة.

وخلال هذا العام، أحرز العلماء تقدماً ملحوظاً في بحوث الوقاية من سرطان البنكرياس، في مراحله المبكرة؛ حيث وجدوا من خلال دراسات أجريت على فئران التجارب وخلايا بشرية، أن تثبيط بروتين معين (FGFR2)، وهو البروتين الذي يُنشط خلايا سرطان البنكرياس في مراحله المبكرة، يحافظ على خلايا البنكرياس سليمة، ويمنعها من التحول إلى خلايا سرطانية.

ونظراً لتوفُّر أدوية تثبط هذا البروتين، قام العلماء باستخدامها لتثبيط البروتين، ونجحوا بالفعل في إيقاف ظهور السرطان في بعض الفئران. وقال الباحثون إنهم بصدد تجربة هذه الأدوية على الأفراد الأكثر عرضة للإصابة، بمن فيهم الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض، ما يمهد للوقاية من المرض في المستقبل.

جهاز منزلي لفحص سرطان عنق الرحم

من المعروف أن الفيروس الحليمي البشري (hrHPV) يُعد السبب الرئيسي لسرطان عنق الرحم، ولذلك يجب على السيدات عمل فحص دوري لوجود هذا الفيروس، والبدء في العلاج بشكل فوري. لذلك يعتبر التشخيص المبكر الخطوة الأولى في العلاج.

وخلال هذا العام، حصل جهاز «Teal Wand» على الموافقة من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» لأخذ عينة منزلية من عنق الرحم لتحليلها. وهو أول جهاز منزلي معتمد لفحص سرطان عنق الرحم، يتيح جمع عينات فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) ذاتياً وبخصوصية تامة، وبنسبة دقة تبلغ 96 في المائة في الكشف عن المراحل ما قبل السرطانية.

ويتم استخدامه عن طريق إدخاله في المهبل مثل السدادة القطنية، وتمديد إسفنجة ناعمة، وتدويرها نحو 10 مرات لجمع الخلايا، وبعد ذلك يتم سحب الإسفنجة، وإرسال الجهاز بالبريد إلى المختبر لإجراء اختبار فيروس الورم الحليمي البشري.

ويهدف الجهاز إلى زيادة معدلات الفحص؛ خصوصاً للسيدات اللاتي لا تتوفر لديهن فرص الفحص الدوري.

قميص ذكي لرصد نشاط القلب

خلال هذا العام، حصلت شركة «Hexoskin» الكندية للتكنولوجيا الطبية على موافقة من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية»، على قميص ذكي جديد، له مستشعرات خاصة قادرة على مراقبة القلب والجهاز التنفسي على المدى الطويل. وقال الباحثون إنه مع ازدياد حالات أمراض القلب والأوعية الدموية في جميع أنحاء العالم، يُعَد الكشف المبكر أمراً بالغ الأهمية.

ومع ازدياد انتشار تكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء في مجال الصحة، يصبح رسم القلب الكهربائي (ECG) من أهم أجهزة التشخيص التي يمكن أن تنقذ حياة المريض. وقد تمت الموافقة على استخدام القميص بعد التجارب السريرية التي أُجريت في الولايات المتحدة؛ حيث يوفر معلومات مستمرة تتضمن رسم مخطط للقلب، ومعدل الضربات، ومعدل التنفس، وغيرها من بيانات النشاط التي يتم إرسالها من خلال منصة إدارة البيانات الخاصة بالشركة، وبعد ذلك يمكن للأطباء تتبعها لفترات طويلة، والتواصل مع المريض، وإبلاغه المحاذير التي يجب اتباعها، والتدخل الفوري في الحالات الخطيرة. والقميص الذكي مصمم للعمل بكفاءة حتى في البيئات الصاخبة.

علاج غير هرموني لمرحلة انقطاع الطمث

توصل العلماء إلى علاج غير هرموني للهبَّات الساخنة التي تُعد من أكثر الأعراض المصاحبة لمرحلة انقطاع الطمث. ويعاني من هذه الهبَّات أكثر من 80 في المائة من النساء تقريباً، وفي بعض الأحيان تكون الأعراض شديدة بما يكفي لتؤثر بالسلب على حياتهن اليومية.

وحتى الآن لا يوجد علاج فعال إلا العلاج الهرموني، ولكن كثيراً من النساء لا يستطعن تناوله، سواء لأسباب مرضية مثل المصابات بسرطان الثدي أو الرحم، أو جلطات الأوردة (DVT)، أو اللاتي لا يستطعن تحمل الأعراض الجانبية للعلاج الهرموني.

وخلال هذا العام حصل عقار جديد «Lynkuet» (إلينزانيتانت)، على موافقة «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA)، وكانت التجارب على الدواء مطمئنة. وهو عبارة عن أقراص يتم تناولها بشكل يومي. وهذه الأقراص تستهدف الخلايا العصبية المنظمة لدرجة الحرارة في المخ بشكل أساسي، وتعالج الخلل في عملها الناتج من نقص هرمون الأنوثة. هذه الخلايا العصبية حساسة لتقلبات هرمون الإستروجين المصاحبة لانقطاع الطمث. وعند معالجة هذا الخلل لا تحدث هذه الهبَّات. ومن المتوقع أن تساهم هذه الحبوب في علاج مشكلات انقطاع الطمث.

بخاخة بديلة للحقن في علاج الحساسية المفرطة

من المعروف أن الحساسية المفرطة (anaphylaxis) هي رد فعل مناعي شديد الحدة، نتيجة لمسبب معين يمكن أن يكون طعاماً أو علاجاً أو لدغة حشرة، وتؤدي إلى أعراض خطيرة مختلفة عن الحساسية العادية تستلزم العلاج الفوري. وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون مهددة للحياة إذا لم يتم علاجها.

ويعتمد علاج هذا النوع من الحساسية بشكل أساسي على حقنة الأدرينالين. وكانت المشكلة في الأطفال الصغار أنهم أكثر عرضة للإصابة بالحساسية المفرطة من البالغين؛ حيث تؤثر حساسية الطعام على طفل واحد من كل 13 طفلاً.

وهذا العام تم طرح بخاخ أنفي جديد يُصرف بوصفة طبية، يحتوي على الأدرينالين، ويُعد أول تحديث رئيسي في مجال إعطاء الأدرينالين للأطفال منذ أكثر من 3 عقود، وهو معتمد للأطفال من سن 4 سنوات فما فوق (الذين تتراوح أوزانهم بين 13 و27 كيلوغراماً. ويتم امتصاص الدواء بسرعة في مجرى الدم. ويتوقع الخبراء أن يساعد هذا الدواء سهل الاستخدام في إنقاذ آلاف الأطفال من الحساسية المفرطة.


الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه
TT

الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الزواج السعيد يُساهم في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية «تلعب العلاقات الأسرية، ولا سيما جودة العلاقة الزوجية الحميمة، دوراً مهماً في نتائج معالجة أمراض القلب، والأوعية الدموية، والتعافي منها. وبينما يركز معظم مُقدمي الرعاية القلبية على المرضى الأفراد، فإن النهج العلاجي المعتمد على مشاركة الأزواج قد يوفر فوائد إضافية لدعم تغيير السلوك، والتكيف العاطفي». هذه كانت عبارات ذكرها باحثون كنديون في مقدمة عرضهم لدراستهم العلمية بعنوان: «ماذا عن الحب؟ مراجعة للتدخلات العلاجية لمرضى القلب وشركائهم: توصيات لإعادة تأهيل القلب»، التي نشرت ضمن عدد 15 ديسمبر (كانون الأول) من المجلة الكندية لطب القلب «CJC».

وقال هؤلاء الباحثون من قسم الوقاية من أمراض القلب وإعادة التأهيل بجامعة أوتاوا وجامعة كيبيك بكندا: «في مجال إعادة تأهيل القلب، قد يساعد نموذج الرعاية المتدرجة في تصميم التدخلات بما يتناسب مع الاحتياجات الخاصة لكل زوجين».

المشاعر العاطفية القلبية

هذا ويتوالى صدور الدراسات العلمية في مجال طب القلب حول دور «مستوى» و«نوعية» المشاعر العاطفية القلبية للعلاقة بشريك الحياة في التأثيرات الصحية الإيجابية، أو السلبية على سلامة القلب، وتطورات الحالة الصحية له. حيث يُساهم الزواج السعيد بشكلٍ كبير في تحسين صحة القلب من خلال تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، وتحسين التعافي من النوبات القلبية، وتشجيع اتباع عادات صحية (كالنظام الغذائي، والرياضة، والامتناع عن التدخين) عبر الدعم، والمؤانسة، والتذكير المستمر. وبالتالي تشمل فوائد الزواج التزاماً أفضل بتناول الأدوية، وتخفيف التوتر، وحتى فوائد هرمونية، مثل إفراز الأوكسيتوسين، ما يُساعد القلب على التعافي ويُبطئ من تفاقم المرض.

وفي المقابل، قد يؤدي الزواج المتوتر، أو غير الصحي إلى ارتفاع ضغط الدم، وزيادة التوتر، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. وهو ما عبّر الباحثون الكنديون عنه بقولهم: «أما الزواج غير الصحي، أو الذي يُعاني من ضغوطات شديدة، فقد يكون ضاراً، إذ يُشكل مصدراً رئيساً للتوتر المستمر الذي يُؤثر سلباً على صحة القلب، والأوعية الدموية، وقد يزيد من المخاطر بنفس قدر العوامل التقليدية (ارتفاع ضغط الدم، والكولسترول، والسكري، والتدخين...)».

معالجة تأهيلية بمشاركة الأزواج

وتأتي الدراسة الكندية الحديثة باعتبار أنها تطبيق عملي لرفع مستوى صحة القلب في المعالجات التأهيلية، والوقائية، عبر تبني نهج علاجي يُشارك فيه الأزواج العناية بشركاء حياتهم. وكان عنوان موقع «ميدسكيب» Medscape على هذه الدراسة الحديثة هو: «قوة الحب: مناهج رعاية القلب القائمة على الأزواج تُحسّن السلوك الصحي».

وأظهرت الدراسة، من مراجعتها لمجمل الدراسات السابقة حول هذا الأمر، أن تدخلات رعاية القلب التي تُشرك المرضى وشركاء حياتهم قد تزيد من الالتزام بالسلوكيات الصحية، وتعزز الصحة النفسية، وتحسن نتائج معالجة أمراض القلب، والأوعية الدموية.

أُجريت هذه الدراسة بقيادة الدكتورة هيذر تولوك، مديرة مختبر علم النفس الصحي القلبي الوعائي والطب السلوكي في معهد القلب بجامعة أوتاوا بكندا، والتي قالت: «لا يحدث مرض القلب بمعزل عن الآخرين؛ فهو يؤثر على شريك حياة المريض، وعائلته أيضاً». وقد استلهمت الدكتورة تولوك فكرة البحث في هذا الموضوع من كثرة الأزواج وشركاء الحياة الذين تواصلوا معها على مر السنين طلباً للمساعدة في دعم تعافي المريض، والتي من أهمها ضبط «عوامل الخطر القلبية القابلة للتعديل» Modifiable Cardiovascular Risk Factors، مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكولسترول، والتدخين، وعدم التحكم في مرض السكري، والسمنة، وسوء التغذية، والخمول البدني، والتوتر، وقلة النوم، والإفراط في تناول الكحول. ولذا قيّمت الدكتورة تولوك مع فريق البحث مدى فعالية التدخلات الزوجية (بما في ذلك النظام الغذائي، والتدخين، وممارسة الرياضة، والالتزام بتناول الأدوية) على ضبط «عوامل الخطر القلبية القابلة للتعديل»، ونتائج القلب، والصحة النفسية، وجودة العلاقة الزوجية، وتأثير مجموعة من التدخلات العلاجية والوقائية عليها.

وأظهرت الدراسة أن التدخلات العلاجية القائمة على مشاركة الأزواج بالفعل فعّالة في تحسين السلوكيات الصحية. وتُبرز هذه النتائج أهمية إشراك الشريك في الرعاية القلبية، كما تُسلط الضوء على ضرورة تطبيق ذلك بشكل أكثر منهجية، ودراسة تأثيراته بشكل أعمق. وقالت الدكتورة تولوك: «تتحسن السلوكيات الصحية عند إشراك الشريك، وكذلك بعض مؤشرات الصحة النفسية، وخاصة الاكتئاب».

تأثير الدعم النفسي والاجتماعي

وكانت الدكتورة جوليان هولت-لونستاد، مديرة مختبر التواصل الاجتماعي والصحة في جامعة بريغهام يونغ في يوتا، قد أجرت دراسة تحليلية سابقة (في عام 2021) حول تأثير الدعم النفسي والاجتماعي على معدل الوفيات بشكل عام لدى مرضى القلب. وأظهرت النتائج زيادةً بنسبة 20 في المائة في ارتفاع احتمالية البقاء على قيد الحياة لدى مرضى القلب الذين يتلقون هذا الدعم النفسي من شريك الحياة، وأفراد الأسرة، مقارنةً بالمرضى الذين يتلقون الرعاية الطبية التقليدية.

ومن جهتها أفادت الدكتورة تمارا شير، المتخصصة في صحة الأزواج، بأنها سعيدة برؤية المزيد من الاهتمام بهذا الموضوع المهم. وقالت: «نُشرت دراستي حول نهج الأزواج في رعاية القلب عام 2014، لأن علينا أن نفكر في البيئة، والظروف، والسياق الذي يعود إليه المريض، ويعيش فيه، وليس فقط في علاجه في المستشفى. هل يمكن تحسين هذا السياق، وهذه البيئة؟».

وتُضاهي قوة وتأثير هذه العلاقة الأسرية الاجتماعية (في حال ارتفاع أو تدني مستواها) تأثير وقوة عوامل الخطر التقليدية لأمراض القلب، والأوعية الدموية، سواءً البيولوجية منها (مثل الكولسترول، ومؤشر كتلة الجسم)، أو السلوكية (مثل التدخين، والنشاط البدني) .

العلاقات الزوجية وأمراض القلب والأوعية الدموية

> تحت هذا العنوان، أفاد الباحثون الكنديون في دراستهم الحديثة بأن: «رغم أن جميع مصادر العلاقات الاجتماعية الإيجابية قد تحمي من أمراض القلب، والأوعية الدموية، فإن الدعم الحميم من الزوج أو شريك الحياة يبدو ذا أهمية، خاصة في التنبؤ بصحة القلب». وأوضحوا ذلك بقولهم: «لننظر إلى الدراسة التحليلية التي أجراها الدكتور وونغ وآخرون، وراجعت نتائج 34 دراسة شملت أكثر من مليوني مشارك. كان الأشخاص غير المتزوجين (أي الذين لم يسبق لهم الزواج، أو المطلقون، أو الأرامل) أكثر عرضة بنسبة تزيد عن 40 في المائة للإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، والوفاة بسبب احتشاء عضلة القلب (نوبة الجلطة القلبية)، مقارنةً بالمتزوجين. وتشير هذه النتائج، ونتائج دراسات أخرى، إلى أن العلاقات الزوجية قد تكون عنصراً أساسياً في فهم أمراض القلب، والتعافي منها. وتشير أدلة متزايدة إلى أن الأمر لا يقتصر على وجود هذه العلاقة فحسب، بل على جودتها أيضاً». ومصطلح «جودة العلاقة الزوجية» RQ يشير إلى درجة الدفء، والمودة، والدعم، والتقارب، في مقابل مستويات العداء، والصراع، والتباعد التي قد يعيشها بعض المتزوجين في علاقتهم الزوجية. وفيما يتعلق تحديداً بتطور أمراض القلب وتقدمها، قال الباحثون الكنديون: «أفادت نتائج 40 دراسة طولية الأمد بأن العلاقات الزوجية الإيجابية ترتبط بتحكم جيد في مرض السكري، وانخفاض الوزن، أو السمنة، وتحسين النظام الغذائي، وتحسن ضغط الدم. وتتضمن هذه الآليات جوانب فسيولوجية، وسلوكية، وعاطفية». وللتوضيح، وعلى المستوى الفسيولوجي، ثبت أن التوتر في العلاقة الزوجية، أو العداء، أو تجربة الرفض في كلا الزوجين تُنشط استجابات القلب، والأوعية الدموية (مثل ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب)، والغدد الصماء العصبية (مثل ارتفاع مستويات هرمون التوتر الكورتيزول)، والجهاز المناعي (مثل ارتفاع نشاط السيتوكينات الالتهابية). ولدى النساء على وجه الخصوص، ارتبطت زيادة وحدة واحدة في نسبة «جودة العلاقة الزوجية» RQ بزيادة تقارب عشرة أضعاف في ارتفاع ضغط الدم غير المُسيطر عليه، بينما ارتبطت زيادة وحدة واحدة في نسبة «جودة العلاقة الزوجية» RQ بانخفاض خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 70 في المائة. كما تم توثيق تحسن في تقلب معدل ضربات القلب لدى الأزواج الراضين: فمقابل كل وحدة زيادة في دعم العلاقة لوحظت زيادة بنسبة 28 في المائة في تقلب معدل ضربات القلب. وأفادت دراسة أخرى بارتفاع مستويات إفراز الكورتيزول، ومعدل ضربات القلب لدى كلا الشريكين أثناء مناقشة تجريبية للجوانب السلبية لعلاقتهما مقارنةً بمناقشة إيجابية. وفي المقابل، في الأيام التي انخرط فيها الشريكان في مزيد من الحميمية الجسدية (على سبيل المثال العناق)، تم توثيق انخفاض مستويات هرمون التوتر (الكورتيزول). وأخيراً، من المعروف أن الضغط النفسي في العلاقات يؤدي إلى تحريك الدهون المنتشرة في الدم، وارتفاع في علامات الالتهاب المنتشرة في الدم مثل إنترلوكين-6 وبروتين سي التفاعلي، وكلها قد تساهم في تطور أمراض القلب، والأوعية الدموية، وتقدمها.