علاج غير تقليدي للذهان يحقق نتائج واعدة

تقنية الواقع الافتراضي يمكن استخدامها للتدرب على مواقف اجتماعية مثيرة للقلق (جامعة ولاية إلينوي)

توصلت دراسة هولندية إلى أن العلاج النفسي باستخدام تقنية الواقع الافتراضي يُعد وسيلة فعّالة وسريعة لتخفيف أعراض الذُّهان، خصوصاً الشك المرضيّ والقلق الاجتماعي، مقارنةً بالعلاج السلوكي المعرفي التقليدي.

وأوضح الباحثون من المركز الطبي الجامعي في غرونينغن أن الواقع الافتراضي لم يعد مجرد أداة ترفيهية، بل يمكن أن يُستخدم وسيلةً علاجية غير تقليدية تُسهم في تحسين الصحة النفسية لمرضى الذُّهان، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Psychological Medicine).

والذُّهان هو اضطراب عقلي يؤثر في طريقة تفكير الشخص وإدراكه للواقع. ويعاني المصابون به من أعراض مثل الهلاوس (رؤية أو سماع أشياء غير موجودة) والأوهام أو الأفكار البارانويدية (مثل الاعتقاد بأن الآخرين يتآمرون عليهم)، إضافةً إلى اضطرابات سلوكية وانفصال عن الواقع. وقد يظهر الذُّهان ضمن أمراض نفسية أخرى مثل الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب، وغالباً ما يؤثر بشكل كبير في الحياة الاجتماعية والمهنية للمصاب، مما يتطلب تدخلاً علاجياً متخصصاً.

ويعتمد علاج الذُّهان عادةً على الأدوية المضادة للذُّهان، إلى جانب العلاج النفسي، خصوصاً العلاج السلوكي المعرفي، الذي يهدف إلى مساعدة المرضى على فهم أفكارهم المشوهة والتعامل معها، وتقليل مشاعر الخوف والقلق، وتعلّم مهارات اجتماعية جديدة. ومع ذلك، فإن هذا النوع من العلاج قد يتطلب وقتاً طويلاً لتحقيق نتائج ملموسة، كما أن بعض المرضى يجدون صعوبة في تطبيق ما يتعلمونه في الحياة الواقعية؛ مما دفع الباحثين لاستكشاف وسائل أكثر واقعية وفاعلية، مثل الواقع الافتراضي.

وأُجريت الدراسة على 98 مريضاً في 7 مراكز للصحة النفسية في هولندا وبلجيكا. استخدم المشاركون نظارات الواقع الافتراضي للتدرب على مواقف اجتماعية مثيرة للقلق، مثل التسوق في سوبر ماركت افتراضي أو ركوب الحافلة، وذلك بإشراف مرشدين نفسيين ساعدوهم على اختبار أفكارهم البارانويدية والتخلي عن سلوكيات الحماية الزائدة.

وأشار الباحثون إلى أن مواقف مثل الوقوف في طابور عند صندوق الدفع تُعد صعبة لمن يشعر بالريبة والشك، لكن في الواقع الافتراضي يمكن للمريض التدرب على هذا الموقف، وتقليل التوتر، وممارسة سلوكيات أكثر واقعية، كأنه فعلاً يقوم بالتسوق.

وقد مكّن العلاج الافتراضي المعالجين من تخصيص التمارين حسب احتياجات كل مريض وتكرارها عند الحاجة، مما أتاح فرص تدريب واقعية ومتدرجة.

وأظهرت الدراسة أن العلاج بالواقع الافتراضي خفّض بشكل ملحوظ مستويات الشك المرضي والقلق، وتفوق في مؤشرات مثل تعزيز الثقة بالنفس، وتقليل الاكتئاب، والتجنب الاجتماعي، مقارنةً بالعلاج السلوكي المعرفي التقليدي. كما أن المرضى احتاجوا إلى عدد جلسات أقل بنسبة 15 في المائة في المتوسط، مما يشير إلى أن العلاج يعمل بوتيرة أسرع.

ويعمل الباحثون حالياً على دمج هذا النوع من العلاج في أنظمة الرعاية النفسية العامة، مشيرين إلى أن الواقع الافتراضي يمكن أن يساعد عدداً أكبر من المرضى خلال وقت أقصر.