وقت الشاشة للآباء يؤثر على تطور اللغة لدى أولادهم الصغار

يقلل من اكتساب مهاراتهم في جمع المفردات والقواعد

وقت الشاشة للآباء يؤثر على تطور اللغة لدى أولادهم الصغار
TT

وقت الشاشة للآباء يؤثر على تطور اللغة لدى أولادهم الصغار

وقت الشاشة للآباء يؤثر على تطور اللغة لدى أولادهم الصغار

أصبحت الأجهزة الإلكترونية وشاشاتها المختلفة موجودة في كل مكان ولم يعد من الممكن الاستغناء عنها حيث تُعد جزءاً مهماً من مفردات الحياة اليومية لجميع أفراد الأسرة، لا للترفيه والتواصل فحسب، ولكن للدراسة والعمل أيضاً. ورغم الفوائد المتعددة لها لكن الوقت الذي يتم قضاؤه في مطالعتها screen time يمكن أن يؤثر بالسلب على الأطفال على المستويين العضوي والنفسي، وخاصة في مرحلة ما قبل الدراسة.

وقت الشاشة للآباء

وحسب أحدث دراسة نُشرت في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي في مجلة علم النفس التنموي «Frontiers in Developmental Psychology» أجراها علماء من جامعة تارتو University of Tartu في إستونيا، فإن وقت الشاشات الذي يقضيه الآباء يمكن أن يؤثر بالسلب على المهارات اللغوية لأطفالهم.

قام العلماء بإجراء استطلاع للرأي بين آباء 421 طفلاً في إستونيا تتراوح أعمارهم بين عامين ونصف العام وأربعة أعوام، أي الفترة التي تعد الأهم في تطور لغة الطفل منذ بداية الكلام؛ حول متوسط الوقت الذي يقضيه كل شخص من أفراد الأسرة أمام الشاشات المختلفة بمن فيهم الأب والأم لأغراض مختلفة، سواء للمتعة أو للعمل في الأيام العادية، وكذلك يوم عطلة نهاية الأسبوع. وطلبوا من الآباء تقدير الوقت المتوقع الذي يمكن أن يقضوه في استخدام الشاشة كعائلة على سبيل المثال في مشاهدة فيلم معاً.

بعد ذلك قام الباحثون بسؤال الآباء عن مدى تطور اللغة لأطفالهم الصغار، ولأي مدى يمكنهم الحديث بشكل طبيعي وإعداد المفردات التي يستخدمها الطفل وسرعة التواصل اللغوي مع الآخرين. وقاموا بتصنيف كل من الأطفال والبالغين إلى ثلاث مجموعات لاستخدام الشاشات (استخدام لفترة طويلة ومتوسطة ومنخفضة)، ثم قاموا بتحليل هذه البيانات لمعرفة ما إذا كان هناك رابط بين استخدام الشاشة من قبل الوالدين واستخدام أطفالهم.

ووجد الباحثون أن الآباء الذين يستخدمون الشاشات بشكل مبالغ فيه لديهم أيضاً أطفال بنمط الاستخدام نفس. وكلما زاد استخدام الطفل للشاشات كان ذلك مرتبطاً بتأخر الكلام وضعف المهارات اللغوية والعكس صحيح. أي بمعنى أن الأطفال الذين يستخدمون الشاشات بشكل أقل سجلوا درجات أعلى في كل من القواعد والمفردات. ولم يكن لأي شكل من أشكال استخدام الشاشة تأثير إيجابي على مهارات اللغة لدى الأطفال.

قلة التفاعل اللفظي للآباء

أوضحت الدراسة أن أنماط استخدام الأطفال للشاشات تشبه أنماط آبائهم. وكما هو معروف يعتمد تطور اللغة عند الأطفال على التفاعلات اليومية مع البالغين وجهاً لوجه، خاصة في المراحل الأولى من الحياة. وحينما يكون الآباء مشغولين معظم الوقت بمشاهدة الشاشات في الأغلب لا يتحدثون بشكل كافٍ أمام أبنائهم.

وحتى في حالة الحديث لا يكون مثل المحادثات اليومية الطبيعية، ما يعطي للطفل فرصة مشاهدة شكل الفم أثناء مخارج الألفاظ المختلفة، خاصة إذا كان الشخص البالغ يتعرض للمقاطعة باستمرار من خلال الرسائل النصية أو الإشعارات، بجانب أن المحادثات تعرضهم لمزيد من المفردات والقواعد النحوية.

ورغم أن قراءة الكتب الإلكترونية ولعب بعض الألعاب التعليمية يمكن أن يساهما في تعليم اللغة، خاصة للأطفال الأكبر عمراً، فإن الأبحاث تُشير إلى الأهمية الكبيرة للتفاعل اللفظي اليومي بين الوالدين والطفل وجهاً لوجه في خلال السنوات الأولى من الحياة، وقال العلماء إن هذه الألعاب في الأغلب تكون مترجمة من لغة مختلفة عن لغة الطفل الأم، وهذا الأمر يمكن أن يفيد في الطفولة المتوسطة والمتأخرة، ولكن ليس في مرحلة ما قبل المدرسة.

وحذرت الدراسة الآباء من خطورة قضاء وقت طويل أمام الشاشات وعدم التحدث لأطفالهم؛ لأن الحديث العادي يحمل تركيبات لغوية معقدة تنتقل بسلاسة إلى أطفالهم، مما يوضح كيفية تعلم قواعد النحو في كل لغة، حتى للأفراد غير المتعلمين؛ لأن اللغة تنشأ بشكل طبيعي، وكلما كانت المفردات اللغوية المحيطة بالطفل غنية ومتنوعة اكتسب الطفل مهارة التحدث والفهم والعكس صحيح. وهو الأمر الذي يفسر الصعوبات اللغوية للأطفال الذين يعانون من مشاكل في السمع.

وقال الباحثون إن جمع البيانات كان قبل جائحة كوفيد - 19 COVID ويحتاج الأمر إلى مزيد من الأبحاث لمعرفة تأثير الجائحة على تغيير تطور اللغة من عدمه؛ لأن الأسر في جميع أنحاء العالم اضطرت إلى التكيف مع نمط حياة جديد مكثف للشاشة. ولكن تبعاً للدراسة الحالية يجب أن يحافظ الآباء على حيوية التواصل اللفظي بينهم وبين أبنائهم ويضعوا في الحسبان أن الأبناء يراقبون تصرفاتهم، وكلما زاد الوقت الذي يقضونه أمام الشاشة انعكس ذلك بالسلب على الأبناء.

أهمية التفاعل اللفظي اليومي بين الوالدين والطفل وجهاً لوجه في خلال السنوات الأولى

نصائح للآباء

وقال الباحثون إن توتر العلاقة بين الآباء يمكن أن يجعلهم يستخدمون الشاشة لوقت طويل كنوع من التجنب، بجانب أن بعض الآباء قد يعطون أطفالهم الهواتف أو الألواح الإلكترونية لمحاولة تهدئتهم أو شغلهم، خاصة عندما يكون هؤلاء الأطفال مزعجين.

ولذلك تنصح الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال AAP الآباء بمحاولة الحفاظ على هدوئهم مع الأطفال الصغار، وعدم اللجوء إلى الشاشات مطلقاً، خاصة في مرحلة ما قبل الدراسة.

نصح الباحثون الآباء بضرورة التخلص من الهواتف المحمولة لبضع دقائق كل يوم (بداية من ربع ساعة) بحيث يكون الهاتف بعيداً عن مكان التجمع العائلي. ويكون ذلك نوعاً من التشجيع للطفل على الاستغناء عن الشاشة أيضاً وتخصيص وقت للعائلة، والتحدث مع الأطفال مهما كان عمرهم صغيراً؛ لأن ذلك يفيد الطفل، ليس على مستوى تعلم اللغة فقط ولكن على المستويين النفسي والعاطفي، وينعكس عليه بشكل إيجابي.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

صحتك فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

مع بدء العام الدراسي، سلط العلماء في جامعة فلوريدا أتلانتيك، الضوء على أهمية ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الطفل الإبداعية والفكرية في مرحلة ما قبل الدراسة.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك تسجل أعلى معدلات تدهور البصر في آسيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة عالمية: طفل من كل 3 أطفال يعاني من قصر النظر

أشارت دراسة عالمية جديدة إلى أن كل طفل من ثلاثة أطفال يعاني من قصر النظر أو عدم القدرة على رؤية الأشياء البعيدة بوضوح

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يتعين على الآباء التحدث إلى أطفالهم جيداً قبل تقديم شكوى للمدرسة (رويترز)

ماذا تفعل إذا تعرض طفلك للتنمر في المدرسة؟

يتعرض كثير من الأطفال للتنمر من قبل زملائهم بالمدرسة؛ الأمر الذي يمكن أن يخلف دماراً كبيراً طويل الأمد في نفسيتهم وحياتهم المستقبلية.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الاختبار يكشف عن الأطفال المعرضين لخطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالسمنة (رويترز)

اختبار دم للكشف المبكر عن مرض السكري لدى الأطفال

كشفت دراسة جديدة عن نوع جديد من اختبارات الدم قد يكون بمثابة تحذير مبكر من مرض السكري ومضاعفات أخرى مرتبطة بالسمنة لدى الأطفال

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرضاعة الطبيعية توفر دعماً مناعياً للأطفال (جامعة لوما ليندا)

الفطام المبكر يُفاقم خطر إصابة الرضّع بالربو

كشفت دراسة أميركية أنّ إقدام الأمهات على الفطام المبكر يُفاقم خطر إصابة الأطفال الرضّع بمرض الربو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الملوثات الكيميائية مصدر قلق متزايد على صحة القلب

الملوثات الكيميائية مصدر قلق متزايد على صحة القلب
TT

الملوثات الكيميائية مصدر قلق متزايد على صحة القلب

الملوثات الكيميائية مصدر قلق متزايد على صحة القلب

عادة ما يثير الاتصال بالمواد الكيميائية السامة، والتلوث الناجم عنها، المخاوف بخصوص الإصابة بالسرطان أو مشكلات عصبية. إلا أنه بجانب ذلك، ثبت تورط المواد الخطرة في البيئة كذلك في السبب الرئيس للوفاة على مستوى البلاد، أمراض القلب والأوعية الدموية.

كشف حديث لدور الملوثات

في هذا الصدد، شرح د. فيليب لاندريغان، الأستاذ المساعد للصحة البيئية في كلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد، وزميل قسم الصحة العالمية والطب الاجتماعي في كلية الطب بجامعة هارفارد، أن «إدراك أن الملوثات الكيميائية يمكن أن تساهم في أمراض القلب يعدّ أمراً حديثاً، لكنه حقيقي تماماً». وأوضح أنه حتى وقت قريب، كان خطر التلوث البيئي يتوارى تحت وطأة عوامل خطر كلاسيكية أخرى مرتبطة بأمراض القلب.

وأضاف: «حقّق أطباء القلب تقدماً غير عادي في تحديد ودراسة هذه المخاطر. واليوم، تراجعت معدلات الوفيات الناجمة عن أمراض القلب أكثر مما كانت عليه في خمسينات القرن الماضي. والآن، بعد أن انخفضت أعداد المدخنين، وأصبحت لدى مزيد من الناس قدرة أفضل على السيطرة على مستويات الكوليسترول وضغط الدم، بدأت خطورة التعرض للملوثات البيئية تحظى باهتمام أكبر».

مصادر التلوث

تتضمن الملوثات الكيميائية السموم الموجودة في الهواء والماء والتربة. وهنا، أوضح د. لاندريغان أن تلوث الهواء يعد التهديد الرئيس لصحة القلب والأوعية الدموية.

من بين الملوثات الأخرى المثيرة للقلق، المعادن الثقيلة، (خاصة الرصاص)، ومواد بيرفلورو ألكيل (perfluoroalkyl) وبولي فلورو ألكيل (polyfluoroalkyl)، المعروفة باسم الفاعلات بالسطح الفلورية (PFAS)، علاوة على المبيدات الحشرية، طبقاً لمقال نشرته دورية «سيركيوليشن ريسرتش» (Circulation Research).

والآن، أين توجد هذه المواد؟ وكيف يمكنها الإضرار بالقلب؟

• الرصاص. أوضح د. لاندريغان أن أي شخص ولد قبل منتصف سبعينات القرن العشرين، تعرض للرصاص عبر استنشاق عوادم السيارات، التي تعمل بالغاز المحتوي على الرصاص. علاوة على ذلك، تظل بقايا الطلاء المحتوي على الرصاص موجودة بالمنازل وغيرها من الهياكل التي بنيت قبل عام 1978.

كما يمكن أن يؤدي تآكل أنابيب الرصاص (خاصة بالمنازل التي يعود تاريخ بنائها في أميركا إلى قبل عام 1986) إلى تلويث مياه الشرب. أضف إلى ما سبق أن هوايات مثل الرسم الزيتي وصناعة الزجاج الملون، تُعرض الأفراد إلى الرصاص.

ورغم أن الجسم يتخلص من بعض الرصاص عبر البول، فإن جزءاً منه يترسب في العظام، حيث يمكن أن يبقى لعقود. ومع ذلك، تعمل أنسجة العظام على إعادة تشكيل نفسها باستمرار، ما يتيح إعادة إطلاق الرصاص المخزن مرة أخرى في مجرى الدم، مع تقدم الناس في السن. وعلى ما يبدو، يزيد الرصاص خطر الإصابة بأمراض القلب عبر إضعافه لوظائف الكلى، ما يسفر بدوره عن رفع ضغط الدم.

الملوثات الأبدية والمبيدات

• الفاعلات بالسطح الفلورية (PFAS). تعرف باسم الكيميائيات الدائمة (الأبدية)، لأنها تقاوم التحلل الكيميائي والبيولوجي. ويشيع استخدام هذه المواد في حياتنا اليومية، فهي تستخدم في تغليف عبوات الأطعمة والمشروبات وغيرها من المنتجات. وتستخدم الفاعلات بالسطح الفلورية كذلك على نطاق واسع في صناعتي الطيران والسيارات وغيرهما. وتعني النفايات الصناعية الناتجة عن هذه الصناعات أن الفاعلات بالسطح الفلورية غالباً ما ينتهي بها المطاف إلى مياه الشرب وإمدادات الغذاء. وارتبطت المستويات المرتفعة من هذه المواد الكيميائية بارتفاع معدلات الكوليسترول الضار، وتراكم اللويحات داخل الشرايين.

• المبيدات الحشرية. يواجه العاملون في الصناعات الزراعية والكيميائية المستوى الأعلى من المخاطر المرتبطة بهذه المواد الكيميائية. ويمكن كذلك للأشخاص الذين يعيشون بالمناطق الزراعية الريفية أن يتأثروا بانجراف رش المبيدات الحشرية. ويمثل استخدام المبيدات الحشرية داخل المنزل، لمكافحة الأعشاب الضارة والحشرات، سبيلاً آخر محتملاً للتعرض لهذه المواد الكيميائية، وقد يستهلك البعض بقايا مبيدات حشرية في الطعام.

مساهمة الملوثات في أمراض القلب أمر حديث لكنه حقيقي تماماً

خطوات لتقليل المخاطر

يمكن للخطوات الآتية أن تسهم في تقليل المخاطر:

• تفحص مياه الشرب. يلزم القانون الجهات البلدية المعنية بتوفير مياه الشرب، بإطلاع عملائها على تقارير جودة سنوية. وفي العادة، يجري اختبار المياه قبل خروجها من الجهة المعنية بإنتاجها. ونظراً لأن الرصاص يمكن أن يتسرب إلى المياه عبر الأنابيب التي تنقل المياه إلى منزلك، فإنه ينصح بتفحص مياه الصنبور جيداً. وفي هذا الصدد، توفر وكالة حماية البيئة الأميركية إرشادات تفصيلية.

وعليك الاتصال بالوكالة الصحية أو البيئية المحلية، إذا كانت المياه التي تستهلكها تأتي من بئر خاص.

وإذا كانت مياه الشرب تحتوي معادن ثقيلة، أو الفاعلات بالسطح الفلورية، أو ملوثات أخرى، فاعتمد واحدة من العلامات التجارية الرئيسية من مرشحات المياه، واحرص على استبدال المرشح طبقاً للإرشادات.

• اختر منتجات خالية من الفاعلات بالسطح الفلورية. قد تؤدي بقايا وغبار بعض المنتجات الاستهلاكية إلى تعريض أشخاص للفاعلات بالسطح الفلورية، وتتضمن:

- السجاد والمفروشات والأقمشة الأخرى المقاومة للبقع.

- الملابس والأحذية المقاومة للماء.

- منتجات التنظيف.

- منتجات العناية الشخصية، ومستحضرات التجميل، مثل الشامبو، وخيط تنظيف الأسنان، وطلاء الأظافر، ومكياج العيون.

ـ الدهانات والورنيش والمواد المانعة للتسرب.

ابحث عن عبارة «خالٍ من فاعلات بالسطح الفلورية» على الملصقات، وتجنب المنتجات التي تحتوي على مكونات بها اسم «بيرفلورو» أو «فلورو».

• تجنب المبيدات الحشرية قدر الإمكان. ابحث عن طرق بديلة غير كيميائية لمكافحة الآفات في المنزل. وفكّر في شراء الأطعمة العضوية، خاصة الأطعمة التي تتناولها بشكل متكرر.

* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا».