باحثون يربطون بين حاسة الشم والاكتئاب... ما العلاقة؟

الأدلة تزداد على أن الروائح قد تؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية (رويترز)
الأدلة تزداد على أن الروائح قد تؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية (رويترز)
TT

باحثون يربطون بين حاسة الشم والاكتئاب... ما العلاقة؟

الأدلة تزداد على أن الروائح قد تؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية (رويترز)
الأدلة تزداد على أن الروائح قد تؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية (رويترز)

عندما يبحث المتخصصون في الصحة العقلية عن علامات الاكتئاب، فإنهم يُقيّمون مفاهيم معروفة، مثل أنماط النوم المتغيرة وفقدان الشهية وعدم الاهتمام بالأنشطة اليومية والحزن ونقص الطاقة وتعاطي المخدرات والكحول وصعوبة التركيز والانسحاب الاجتماعي والأفكار الانتحارية، وغيرها من المؤشرات التي ترتبط بالاكتئاب السريري.

ولكن هناك ظاهرة أقل شهرة مرتبطة بالاكتئاب، وهي ضعف حاسة الشم، وفقاً لتقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

ما الذي يسبب ماذا؟

كما هي الحال مع كثير من أعراض المرض العقلي، فإن تحديد الأسباب والآثار ليس بالأمر السهل عندما يتعلق الأمر بالارتباط القوي بين خلل الشم والاكتئاب.

هناك أدلة متزايدة على أن الروائح يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية، كما هي الحال عندما تُثير رائحة بسكويت طفولتك المفضلة ذكريات جميلة. كما أن حاسة الشم الصحية وحاسة التذوق المرتبطة بها مهمة للاستمتاع بالحياة.

ومن ثم، فإن ضعف حاستي الشم والتذوق يمكن أن يؤدي بشكل مباشر إلى الاكتئاب. حتى إن بعض الباحثين أشاروا إلى أن أحد الأسباب التي تجعل حالات الاكتئاب تميل إلى الزيادة مع تقدم العمر هو أن حاسة الشم تتدهور أيضاً.

مع ذلك، قد يكون ما يجمع بين الشم والاكتئاب عبارة عن ترابط، أكثر من كونه علاقة سببية، وفقاً لباحثين آخرين. فالشم والمزاج لديهما أسس عصبية مشتركة في هياكل داخل الدماغ؛ لذلك، فإن التغيرات التشريحية في هذه الهياكل، مثل الضمور المرتبط بالإجهاد وزيادة الكورتيكوستيرويدات، يمكن أن تؤثر في الوقت نفسه على المزاج والشم، دون وجود رابط سببي مباشر بين الاثنين.

كما أن التهابات الجهاز التنفسي والحساسية، التي تعد من الأسباب الرئيسية لتدهور حاسة الشم، تؤدي أيضاً إلى الالتهاب، والذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً باضطرابات المزاج. وأظهرت دراسة حديثة أجريت على مرضى «كوفيد-19» الذين عانوا ضعف حاسة الشم ارتفاع معدل الإصابة بالاكتئاب لدى هؤلاء الأشخاص.

ومن ثم، قد ينشأ كل من الاكتئاب وخلل الشم من عامل ثالث مثل الإجهاد أو الالتهاب أو التغيرات التشريحية في البنى العصبية المشتركة، ولا يرتبطان سببياً ببعضهما البعض بطريقة أو بأخرى.

وحتى من دون معرفة العلاقة السببية بين الشم والاكتئاب، فإن الترابط بينهما قد يكون مهماً لتشخيص وعلاج المرض العقلي.

وإضافة وظيفة الشم إلى العلامات والأعراض المستخدمة لتشخيص الاكتئاب قد تسهل التشخيص المبكر لدى بعض المرضى، أو تساعد في تحديد شدة الاضطراب.


مقالات ذات صلة

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)
هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)
TT

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)
هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

تظهر الأرقام السنوية ارتفاعاً حاداً في السكتات الدماغية بين أولئك الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً أو أكثر، حيث يلقي الخبراء باللوم على السمنة المتزايدة وارتفاع نسبة الكوليسترول والسكري وسوء نمط الحياة.

إلا أن هناك سبباً آخر رئيسياً يلقي الخبراء باللوم عليه في هذه المشكلة الصحية، وهو التوتر.

وتحدث السكتة الدماغية عندما ينقطع إمداد الدم إلى جزء من المخ، إما بسبب انسداد وإما انفجار وعاء دموي، ما قد يتسبب في موت خلايا المخ. ودون علاج طارئ، يمكن أن تكون السكتة الدماغية قاتلة أو تسبب إعاقات طويلة الأمد مثل الشلل وفقدان الذاكرة ومشكلات التواصل.

لماذا يسبب التوتر السكتة الدماغية؟

يقول الدكتور جوزيف كوان، المتخصص في إعادة تأهيل مرضى السكتة الدماغية: «في حين أنه من الصعب إثبات أن السكتات الدماغية مرتبطة بالتوتر، إلا أن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية».

ويضيف كوان، الذي يعمل أيضاً استشارياً أول في مركز السكتة الدماغية في مستشفى تشارينغ كروس، أحد أكثر مراكز السكتة الدماغية ازدحاماً في المملكة المتحدة «عندما تكون متوتراً، يكون لديك مستويات أعلى من الأدرينالين؛ ما يرفع ضغط الدم، ويزيد من الالتهاب في الجسم، وكلاهما يتلف الشرايين، ويعد من عوامل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية».

ولفت كوان إلى أن الأشخاص المصابين بالتوتر غالباً ما يلجأون لسلوكيات تزيد أيضاً من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، في محاولة منهم لتقليل توترهم.

ومن بين هذه السلوكيات شرب الكحول والتدخين وتناول الوجبات السريعة غير الصحية ومشاهدة التلفزيون، ومن ثم كثرة الجلوس وقلة ممارسة الرياضة.

ويقول كوان: «قديماً، كان الناس يعودون إلى المنزل من العمل، ويتناولون العشاء، ويذهبون في نزهة، ويقابلون بعض الأصدقاء، ويخرجون للرقص - ولكن الآن يعودون إلى المنزل، ويسكبون لأنفسهم كأساً من النبيذ، ويأكلون ويشاهدون التلفزيون».

ويضيف: «لقد جعل توصيل الطعام الوضع أسوأ - لست مضطراً حتى إلى مغادرة المنزل لتناول الطعام غير الصحي».

ما العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في الإصابة بالسكتات الدماغية؟

تشمل المشكلات الصحية التي تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ارتفاع ضغط الدم، والرجفان الأذيني (نوع من عدم انتظام ضربات القلب)، وارتفاع نسبة الكوليسترول والسكري.

ويقول كوان إن قلة النوم هي عامل خطر رئيسي للإصابة بالسكتات الدماغية، وكذلك السمنة، ولكن التوتر يغذي كل هذه العوامل.

ويضيف: «عندما تكون متوتراً، لا تنام جيداً وتكون أقل عرضة لممارسة الرياضة والعناية بجسمك».

كيف يمكن أن نتصدى للسكتة الدماغية في منتصف العمر؟

وفقاً للدكتور كوان، يحتاج الأشخاص في منتصف العمر إلى البدء في تناول الطعام بشكل أفضل، وممارسة لمزيد من التمارين الرياضية - والتوقف عن التوتر الشديد ومعالجة ارتفاع ضغط الدم والكولسترول.

ويقول: «لقد عرفنا خلال السنوات العشر الماضية أن أعداد المصابين بالسكتة الدماغية في الفئة العمرية من 45 إلى 55 عاماً تزداد بشكل أسرع من الفئات العمرية الأكبر سناً. إنهم يأتون إلى قسمي بسكتات دماغية حادة جداً».

ويضيف: «إنهم يميلون إلى الإصابة بجميع عوامل الخطر التقليدية المرتبطة بهذه المشكلة الصحية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والتدخين والتوتر، ومع ذلك فإن ما يذهلني في هذه الفئة العمرية هو الانخفاض الشديد في النشاط البدني».

وينصح كوان الأشخاص بمتابعة قياسات ضغط الدم والكولسترول الخاصة بهم باستمرار، وكذلك قياس أوزانهم والسعرات الحرارية التي يتناولونها وعدد الخطوات التي يمشونها يومياً.