حمية «البحر المتوسط» تقلّل خطر الوفاة لدى النساء

نباتي متنوّع والدهون الرئيسية فيه هي زيت الزيتون

النظام الغذائي للبحر المتوسط يطوّل العمر (معهد تكساس لأمراض القلب)
النظام الغذائي للبحر المتوسط يطوّل العمر (معهد تكساس لأمراض القلب)
TT

حمية «البحر المتوسط» تقلّل خطر الوفاة لدى النساء

النظام الغذائي للبحر المتوسط يطوّل العمر (معهد تكساس لأمراض القلب)
النظام الغذائي للبحر المتوسط يطوّل العمر (معهد تكساس لأمراض القلب)

كشفت دراسة أميركية عن تأثير حمية البحر المتوسط في تقليل خطر الوفاة لدى النساء بمقدار الخُمس، وهي ليست المرّة الأولى التى يجري فيها الإبلاغ عن الفوائد الصحية لنظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي، لكن البيانات طويلة المدى عن آثاره الصحية في النساء الأميركيات ظلّت محدودة، ما حفّز فريقاً من الباحثين من مستشفى «بريغهام» التابع لجامعة «هارفارد» الأميركية للبحث في كيفية تحديد الآليات الأساسية التي تعزز فوائد هذا النظام الغذائي، وتقييمها.

وتابعت الدراسة المنشورة في دورية «جاما» أكثر من 25 ألف امرأة أميركية لمدة تصل إلى 25 عاماً، وتوصّلت إلى أنّ «نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي ارتبط بانخفاض نسب الوفيات بين النساء الأميركيات بمعدل الخُمس، بنسبة تصل إلى 23 في المائة».

حلّلت الدراسة الفوائد طويلة المدى للالتزام بذلك النظام لدى سكان الولايات المتحدة الذين عُيِّنوا جزءاً من دراسة أكبر تتناول صحة النساء، واستكشفت الدراسة الآليات البيولوجية التي قد تفسّر الفوائد الصحية لهذا النظام.

وقيَّم الباحثون نحو 40 علامة حيوية تمثّل مسارات بيولوجية مختلفة، إضافة إلى عوامل الخطر السريرية، وأظهرت النتائج وجود تغيّرات في المؤشرات الحيوية لعملية التمثيل الغذائي والالتهابات ومقاومة الأنسولين، وغيرها من المؤشرات الإيجابية.

وهو ما علّقت عليه الدكتورة سامية مورا، مديرة «مركز استقلاب الدهون» في مستشفى «بريغهام»، وكبيرة باحثي الدراسة، قائلةً: «بالنسبة إلى النساء الراغبات في العيش لفترة أطول، تقول دراستنا انتبهي إلى نظامك الغذائي».

وأضافت: «الخبر السارّ هو أنّ اتباع النمط الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط أدّى إلى انخفاض بنسبة الخُمس تقريباً في خطر الوفاة على مدى أكثر من 25 عاماً، مع فائدة لكل من مرضى السرطان ومرضى القلب والأوعية الدموية، وهما السببان الرئيسيان للوفاة بين النساء والرجال على مستوى العالم».

والنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط هو نظام متنوّع وغني بالنباتات (المكسرات والبذور والفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات)، والدهون الرئيسية فيه هي زيت الزيتون (عادةً البكر الممتاز)، إضافة إلى كميات معتدلة من الأسماك والدواجن ومنتجات الألبان والبيض، مع استهلاك نادر للحوم والحلويات والأطعمة المصنعة.

وتابعت مورا: «الفوائد الصحية لنظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي معترف بها من المتخصّصين الطبّيين، ولكن دراستنا تقدّم نظرة ثاقبة حول سبب كون هذا النظام الغذائي مفيداً جداً»، مشدّدة على ضرورة أن «تعزّز سياسات الصحة العامة الخصائص الغذائية الصحية لهذا النظام المفيد».

ووفق نتائج الدراسة، قدّمت المؤشرات الحيوية لعملية التمثيل الغذائي والالتهابات المساهمة الأكبر، تليها البروتينات الدهنية الغنية بالدهون الثلاثية، والسمنة، ومقاومة الأنسولين.

وارتبطت المسارات البيولوجية الأخرى الخاصة بالأحماض الأمينية، والبروتينات الدهنية عالية الكثافة، والبروتينات الدهنية منخفضة الكثافة، ومقاييس نسبة السكر في الدم، وارتفاع ضغط الدم بمساهمات أقل.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة، الدكتور شفقت أحمد، وهو الأستاذ المشارك في علم الأوبئة بجامعة «أوبسالا» بالسويد، والباحث أيضاً بمركز استقلاب الدهون في بريغهام: «يوفر بحثنا رؤية مهمّة للصحة العامة، فحتى التغييرات المتواضعة في عوامل الخطر المحدّدة للأمراض الأيضية، خصوصاً تلك المرتبطة باستقلاب الجزيئات الصغيرة والالتهابات، والبروتيناتّ الدهنية الغنية بالدهون الثلاثية، والسمنة، ومقاومة الأنسولين، يمكن أن تسفر عن فوائد كبيرة طويلة المدى». وأضاف: «تؤكد هذه النتيجة إمكانية تشجيع العادات الغذائية الصحية لتقليل خطر الوفاة بشكل عام».

واعتمدت الدراسة على استبيانات حول تكرار تناول الطعام وغيرها من التدابير المُبلَّغ عنها ذاتياً، مثل الطول والوزن وضغط الدم. لكن نقاط القوة في الدراسة تشمل نطاقها الواسع وفترة متابعتها الطويلة.


مقالات ذات صلة

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء (إ.ب.أ)

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المفيد بها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب في صحتنا ككل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الشاي الأخضر من المشروبات الغنية بالفلافانول (جامعة باستير الأميركية)

مشروبان يحميان الأوعية الدموية بعد الوجبات الدسمة

كشفت دراسة بريطانية عن أن الشوكولاته والشاي الأخضر يمكن أن يساهما في حماية الأوعية الدموية من تأثيرات التوتر النفسي حتى بعد تناول طعام دسم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال