فقر الدم مشكلة تواجه المرضى الذين يخضعون للجراحات الكبرى، من بينها جراحات الأمعاء، بسبب النزيف وفقدان كميات كبيرة من الدم خلال الجراحة. ويرتبط فقر الدم عادةً بشعور بالتعب وبطء التعافي ومضاعفات أخرى بعدها.
وأظهرت دراسة نُشرت (الخميس) في «المجلة البريطانية للجراحة»، أنّ إعطاء حُقن الحديد عن طريق الوريد قبل جراحات القولون والمستقيم، يقلّل الحاجة إلى نقل الدم بنسبة 33 في المائة، كما أنه يحسّن من حالة المريض في أثناء الجراحة وبعدها.
ووفقاً لنتائج الدراسة التي أجراها باحثون من «كلية لندن الجامعية» و«مستشفى رويال ديفون وإكستر» في بريطانيا، ستكون لهذا التغيير في الممارسة السريرية فوائد واضحة للمرضى الذين يخضعون لتلك الجراحات الكبرى.
في هذا السياق، يقول البروفيسور توبي ريتشاردز، من قسم الجراحة والعلوم التدخلية في كلية لندن الجامعية وكبير باحثي الدراسة، لـ«الشرق الأوسط»: «هذه هي الدراسة الأولى التي تُظهر أنه يمكنك تحسين لياقة المرضى وحالتهم الصحية قبل إجراء الجراحة، وتقليل الحاجة إلى نقل الدم»، مشدداً على أنّ «هذا الإجراء يُعدّ أفضل للمرضى ولنظام الرعاية الصحية أيضاً».
ويوضح أنّ «الحديد عنصر أساسي لتكوين خلايا الدم الحمراء الجديدة. لذا فإن هذا الإجراء يسمح للجسم بالاستعداد الأمثل للجراحة».
وهناك أكثر من 20 ألف عملية كبرى لاستئصال سرطان القولون والمستقيم تجرى سنوياً في بريطانيا وحدها. ويُستخدم نقل الدم عندما تكون مستوياته منخفضة، ولكن وفق الدراسة، فإن قلقاً ينتاب الأطباء من أنّ مرضى سرطان القولون والمستقيم قد تكون لديهم معدلات أعلى من المضاعفات، وتكرار السرطان، إذا خضعوا لعملية نقل دم.
إجراء مهم
يُستخدم الحديد لعلاج فقر الدم، لكن معدل استخدام حقن الحديد في الوريد ضئيل، ما طرح تساؤلاً حول ما إذا كان القيام بهذا الإجراء قبل أي عملية جراحية كبرى من شأنه تقليل الحاجة إلى عمليات نقل الدم.
من هنا، يعلّق البروفيسور نيل سمارت، وهو جراح القولون والمستقيم من «مستشفى رويال ديفون وإكستر»، وباحث مشارك في قيادة الدراسة: «في الماضي، لم يكن الجراحون متأكدين من تحقيق حقن الحديد تلك الفوائد خلال فترات زمنية قصيرة، لكن النتائج التي توصّلنا إليها تشير إلى أنه يمكنها تحسين النتائج، ومن الممكن تحقيق ذلك إذا أُعطيت حقن الحديد في الفترة ما بين تشخيص السرطان والجراحة».
في الدراسة، أُجري تحليل لخمس تجارب من باحثي «كلية لندن الجامعية»، وقُسم المرضى إلى مجموعتين: مجموعة مراقبة، وأخرى تلقّت الحديد عن طريق الوريد قبل الجراحة.
وأظهر التحليل أنّ المرضى الذين تلقوا حقن الحديد كانوا أقل حاجة بنسبة 33 في المائة إلى نقل الدم في أثناء الجراحة أو بعدها.
ووفق الباحثين، فإنه «من المحتمل أيضاً خفض حالات إعادة الإدخال إلى المستشفى بشكل أكبر، وهو نتيجة مهمة لكل من المرضى وهيئات الخدمات الصحية الوطنية في أي بلد».
وقالت نائبة رئيس الجمعية البريطانية لأمراض الدم، سو بافورد: «النقص الأخير في إمدادات الدم في بريطانيا يعني أنه من المهم أكثر من أي وقت مضى التركيز على طرق تجنب عمليات نقل الدم والمخاطر المرتبطة بها».