«الحرس الثوري» يتدرب على إعادة انتشار قوات قتالية في جزيرة أبو موسى

أجرى «الحرس الثوري» تدريبات بمشاركة وحدته البحرية وميليشيا «الباسيج» على انتشار القوات القتالية، وشملت تدشين قوارب جديدة وإطلاق صواريخ كروز ومسيّرات في جزيرة أبو موسي، إحدى الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، في وقت أرسلت الولايات المتحدة سفناً ومقاتلات إلى الخليج العربي لردع التهديدات البحرية الإيرانية.

وذكرت وكالة «أرنا» الرسمية، أن المناورات تهدف إلى «إظهار الاقتدار والاستعدادات الدفاعية والقتالية لقوات البحرية التابعة لـ(الحرس الثوري) الإيراني في حماية أمن الخليج (...) والجزر (...)»، وتشمل استخدام «الأنظمة والمعدات المحلية المنتجة في الصناعات القائمة على الدفاع والمعرفة في البلاد».

من جهتها، أفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، بأن التدريبات شملت إطلاق قوارب سريعة جديدة تحمل على متنها منصات لإطلاق صواريخ كروز بحرية يصل مداها لـ600 كيلومتر. وتحمل القوارب اسم «حججي» أحد عناصر «الحرس الثوري» الذين قُتلوا في سوريا. ولم تذكر الوكالة تفاصيل عن الصواريخ، لكن مواقع أخرى لـ«الحرس الثوري» استخدمت صوراً قديمة من إطلاق صاروخ «نصر» البالغ مداه 35 كيلومتراً، وكذلك صاروخ «نور»، وهو في الأصل صاروخ كروز مضاد للسفن من صناعة الصين ويسمى باسم «سي820» ويعرف أيضاً باسم «واي جي 83». وطورت إيران في عام 2011 نسخة منه يصل مداها إلى 200 كيلومتر.

صورة من إطلاق صاروخ على متن قارب سريع أعلن «الحرس الثوري» عن تشغيله اليوم (فارس)

وبحسب وسائل إعلام «الحرس الثوري»، أطلقت المناورات باسم «إسحاق دارا»، وهو قيادي قتل في مواجهات مباشرة، مع القوات الأميركية خلال حرب الناقلات التي شهدتها منطقة الخليج خلال حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق. أما وكالة الصحافة الفرنسية، فقد ذكرت أن «الحرس» أطلق مناورات «الاقتدار» في جزيرة أبو موسى، وأيضاً في محيط جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى اللتين تقعان قرب مضيق هرمز، الممر الحيوي لخُمس إنتاج النفط في العالم.

ووّزع التلفزيون الرسمي ووسائل إعلام «الحرس الثوري» والحكومة الكثير من مقاطع الفيديو والصور في إطار حملة دعائية تصاحب المناورات العسكرية عادة.

رسائل

وتوجه قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، وقائد الوحدة البحرية في «الحرس» علي رضا تنغسيري إلى جزيرة أبو موسى قبل بدء المناورات، حيث وجّها رسائل إلى دول المنطقة والقوات الأميركية.

وقال سلامي في بداية المناورات: «نحن نسعى دوماً للأمن والاستقرار، وهذا نهجنا». وأضاف «الشعب الإيراني سيردّ على جميع التهديدات، والفتن الغامضة، والمعقدة وكل السيناريوهات الغامضة، وجميع الأحقاد»، عادّاً أن «كل الفتن والانقسامات والتوترات هي نتاج السياسية الأميركية والكيان الصهيوني».

وعزا تنغسيري التدريبات العسكرية المفاجئة إلى حاجة إيران إلى «الدفاع» عن الجزر الإماراتية المحتلة في الخليج العربي. وقال: «الجزر في الخليج جزء من شرف إيران وسندافع عنها... لن نتوانى أبداً عن حماية وحدة أراضي بلدنا... لأن الأجيال القادمة لن تغفر لنا ذلك»، مضيفاً أن دول المنطقة هي التي يجب أن تكون المسؤولة عن أمن الخليج.

وأضاف: «الخليج (...) يعود لكل دول المنطقة... على تلك الدول أن تتحلى بالحكمة وتمنع نفسها من الوقوع في مؤامرات وخطط مثيرة للخلاف تحيكها دول من خارج المنطقة» حسبما نقلت «رويترز» عن وكالة «تسنيم».

جانب من استعراض ميليشيا «الباسيج» على هامش مناورات في جزيرة أبو موسي اليوم (تسنيم)

في السياق نفسه، نقلت وكالة «تسنيم» عن علي عظمايي، القيادي في عمليات الوحدة البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري»، قوله: التدريب شهد انتشار 1500 عنصر بين 30 رجل دين من ميليشيا «الباسيج» الذراع التعبوية لـ«الحرس الثوري».

وقال: إنهم «أُرسلوا بسرعة عبر الطائرات والسفن الخفيفة والثقيلة للدفاع عن جزيرة أبو موسي»، وأضاف: «تم نشر المقاتلين في مواقع محددة سلفاً للدفاع عن جزيرة أبو موسى».

وأشار إلى مشاركة 50 جندياً في التدريب على «اعتداء جوي» بطائرات مروحية. واستخدام طائرات مسيّرة جوية وبحرية، وقاذفات وراجمات صواريخ، وقوارب ذو الفقار التي تحمل على متنها صواريخ. وقال: «بعد انتشارها في الجزيرة، ردت القوات على هجوم العدو المفترض بنيران المدفعية الثقيلة».

 تعزيز القوات الأميركية في الخليج مؤشر على تفاقم الصراع مع طهران

يعمل آلاف من جنود مشاة البحرية الأميركية (المارينز) مدعومين بمقاتلات وسفن حربية أميركية متطورة على تعزيز وجودهم ببطء في الخليج العربي، في إشارة إلى أنه بينما قد تنتهي حروب أميركا في المنطقة، فإن صراعها مع إيران بشأن برنامجها النووي المتقدم لا يزال يتفاقم، مع عدم وجود حلول في الأفق، وفق تحليل نشرته وكالة «أسوشيتد برس».

يأتي إرسال حاملة الطائرات الأميركية «باتان» إلى الخليج، إلى جانب مقاتلات «إف - 35 الشبح»، وطائرات حربية أخرى، في الوقت الذي تريد فيه أميركا التركيز على الصين وروسيا.

لكن واشنطن ترى مرة أخرى أنه في حين من السهل الدخول عسكرياً إلى الشرق الأوسط، إلا أنه من الصعب الخروج منها تماماً، خصوصاً أن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم، أقرب من أي وقت مضى إلى مستويات الأسلحة بعد انهيار اتفاقها النووي لعام 2015 مع القوى العالمية.

ووفق «أسوشيتد برس» فإنه ليس هناك ما يشير إلى أن الدبلوماسية سوف تُعيد إحياء الاتفاق قريباً، وقد استأنفت إيران في الأسابيع الأخيرة مضايقة والاستيلاء على السفن التي تحاول المرور عبر مضيق هرمز، حيث يمر نحو 20 بالمائة من نفط العالم عبر الممر المائي الضيق الذي يربط الخليج العربي بالعالم الأوسع.

وترى الوكالة أن الخطوة بالنسبة للمتشددين في نظام الحكم الثيوقراطي في طهران، تسلط الضوء على الدول المحيطة بها كجزء من موجة من الاعتداءات المنسوبة إلى إيران منذ عام 2019.

كما أنه كان بمثابة تحذير للولايات المتحدة وحلفائها بأن إيران لديها الوسائل للرد، لا سيما أن العقوبات الأميركية تؤدي إلى الاستيلاء على السفن التي تحمل النفط الخام الإيراني. ومن المرجح أن تكون المخاوف بشأن عملية مصادرة أخرى قد أدت إلى احتجاز سفينة يُزعم أنها تحمل النفط الإيراني قبالة ولاية تكساس، حيث لم تتولَّ أية شركة تفريغ حمولتها بعد.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، يظل إبقاء مضيق هرمز مفتوحاً أمام الشحن أولوية لضمان عدم ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، خصوصاً أن الحرب الروسية الأوكرانية تضغط على الأسواق. وتحتاج بلدان الخليج العربي إلى الممر المائي لنقل نفطها إلى السوق، والقلق بشأن نوايا إيران في المنطقة الأوسع.

طائرة الهليكوبتر من طراز «بايف هوك إتش إتش 60 – ج» تحلق فوق زوارق دورية تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في مضيق هرمز ديسمبر الماضي (أ.ب)

عززت هذه المخاوف الوجود الأميركي طويل الأمد في الخليج العربي. ففي العقدين اللذين تليا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، كانت هناك في بعض الأحيان حاملتا طائرات أميركيتان مختلفتان تجريان دوريات في الخليج لتوفير الطائرات المقاتلة في حربي أفغانستان والعراق، ولاحقاً في المعركة ضد تنظيم «داعش».

لكن ببطء، بدأت وزارة الدفاع الأميركية في تقليص الوجود البحري، تاركة فجوة من عدة أشهر، وأعادت مخاوف بشأن أمن الملاحة وسلوك إيران.

أبحرت حاملة الطائرات «نيميتز» من مضيق هرمز في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 كآخر حاملة طائرات أميركية في الخليج العربي. وقد نُشرت آخر وحدة استطلاعية من مشاة البحرية - عبارة عن أسطول يُقل عناصر من «المارينز»، وطائرات، ومركبات معدة لهجوم برمائي - في نوفمبر 2021.

تغيرت مخاوف واشنطن منذ ذلك الحين؛ فقد حولت الحرب الروسية الأوكرانية بعض التركيز الأميركي إلى أوروبا. تواصل الصين ضغوطها للسيطرة على المزيد من بحر الصين الجنوبي، وقد استجابت البحرية الأميركية لذلك بزيادة الدوريات. وفي الأشهر الأخيرة، شرع الجيش الأميركي مرة أخرى في تعزيز وجوده بالشرق الأوسط. وقد باشر دورية في مضيق هرمز على متنها كبار قادة البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية في المنطقة.

«لردع التهديدات البحرية»... واشنطن ترسل مقاتلات وبارجة حربية إلى الخليج

سترسل الولايات المتحدة مقاتلات إضافية من طرازي «إف - 35» و«إف - 16» إلى جانب بارجة حربية إلى الشرق الأوسط، في محاولة لردع التهديدات في المياه الإقليمية وتأمين الممرات المائية، بعدما تعرضت سفن شحن تجارية للاحتجاز أو المضايقة من جانب إيران في الأشهر القليلة الماضية. وأعلن البيت الأبيض في مايو (أيار) أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستجري سلسلة من التحركات في المنطقة دون أن يفصح آنذاك عما ستشمله. وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية سابرينا سينغ للصحافيين: «يعزز البنتاغون وجودنا وقدرتنا على مراقبة (مضيق هرمز) والمياه المحيطة»، وفقاً لوكالة «رويترز».

مقاتلة من طراز «إف - 35» في قاعدة «شبانغدام» الجوية الأميركية بالقرب من الحدود الألمانية - البلجيكية في 14 يونيو 2023 (رويترز)

وقالت سينغ: «في ضوء هذا التهديد المستمر، وبالتنسيق مع شركائنا وحلفائنا، تعمل وزارة الدفاع الأميركية على زيادة وجودنا وتعزيز قدرتنا على مراقبة المياه المستقيمة والمحيطة». وأضافت: «ندعو إيران إلى الوقف الفوري لهذه الإجراءات المزعزعة للاستقرار التي تهدد التدفق الحر للتجارة عبر هذا الممر المائي الاستراتيجي الذي يعتمد عليه العالم لأكثر من خُمس إمدادات النفط العالمية».

ولم يتضح بالضبط المكان الذي ستتمركز فيه المقاتلات الإضافية والمدة التي ستبقى خلالها في المنطقة.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في بيان اليوم الاثنين، إن المدمرة «يو إس إس توماس هوندر» المستقرة في البحر الأحمر وعدداً من الطائرات المقاتلة من طراز «إف - 35» ستتجه إلى منطقة الخليج.

المدمرة «يو إس إس توماس هوندر»

من جهته، قال جون كيربي، منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية: «لن تسمح الولايات المتحدة للقوى الأجنبية أو الإقليمية بتعريض حرية الملاحة عبر الممرات المائية في الشرق الأوسط للخطر، بما في ذلك مضيق هرمز». وأضاف أنه «ببساطة لا يوجد مبرر» لأفعال إيرانية للتدخل أو مضايقة أو مهاجمة السفن التجارية.

وكانت وكالة «أسوشيتد برس» قد نقلت عن مسؤول عسكري أميركي، الأحد الماضي، أن الولايات المتحدة سترسل طائرات «إف - 16» في نهاية الأسبوع الحالي؛ «لتوفير غطاء جوي للسفن في مضيق هرمز، ومن احتجازها من إيران». وجاء قرار إرسال الطائرات المقاتلة لتعزيز الطائرات المسلحة من طراز «A - 10» التي تقوم بدوريات في المنطقة منذ أكثر من أسبوع.

ولم يتضح ما إذا كانت المقاتلات الأميركية تسعى إلى إبعاد القوات البحرية الإيرانية عبر إطلاق طلقات تحذيرية، مثلما فعلت بعض السفن، أو لديها صلاحيات أوسع باستهداف القوات الإيرانية. وتدخلت البحرية الأميركية في وقت سابق هذا الشهر، لمنع إيران من الاستيلاء على سفينتين تجاريتين في خليج عمان. وقالت البحرية الأميركية، في كلتا الحالتين إن السفن البحرية الإيرانية تراجعت عندما وصلت المدمرة «يو إس إس ماكفول» إلى مكان الحادث. وقالت البحرية إن السفينة «ماكفول» لا تزال في منطقة الخليج لمواصلة حماية الممرات الملاحية. ومنذ 2019، وقعت سلسلة من الهجمات على سفن في مياه الخليج الاستراتيجي في أوقات توتر بين الولايات المتحدة وإيران.

واستخدمت إيران طائرات مروحية وزوارق سريعة في احتجاز الناقلات. وفي بعض حالات الاحتجاز قامت قوات بحرية من «الحرس الثوري» بإنزال على متن السفن والناقلات، وبث التلفزيون الإيراني الرسمي لقطات من بعض عمليات الاحتجاز.

طائرات «إف - 16» إلى منطقة الخليج لحماية ناقلات النفط

كشف مسؤول عسكري أميركي، أن الولايات المتحدة سترسل طائرات «إف - 16» إلى منطقة الخليج في نهاية الأسبوع الحالي «لتوفير غطاء جوي للسفن في مضيق هرمز ومنع احتجازها من إيران»، وذلك مع تعثر المفاوضات النووية مع إيران، وتصاعد التحذيرات من دخولها نفقاً مجهولاً، وتوقعات روسية باحتمال تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات الأميركية العام المقبل.

وتزايدت محاولات طهران احتجاز ناقلات نفط في منطقة الخليج ومضيق هرمز. كما تصاعدت احتمالات الاحتكاك بين الطائرات الروسية والأميركية في أجواء سوريا، مما يشير إلى مرحلة من الضغوط المتبادلة، في ظل تعقيدات المشهد الدولي على خلفية الحرب في أوكرانيا.

ويأتي قرار إرسال الطائرات المقاتلة لتعزيز الطائرات المسلحة من طراز «A-10» التي تقوم بدوريات في المنطقة منذ أكثر من أسبوع، بعد تزايد محاولات إيران احتجاز ناقلات نفط، وتصدي القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة لها، حسب البنتاغون.

تشديد العقوبات النفطية

وربط مراقبون القرار بتعثر المفاوضات النووية مع إيران، والتشدد الذي أبدته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، في ظل ضغوط متنامية من الكونغرس، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لممارسة المزيد من التشدد في تطبيق العقوبات النفطية على طهران.

ووجه أعضاء جمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي رسالة جديدة إلى إدارة بايدن، تطالبه بتنفيذ العقوبات على صناعة النفط الإيرانية.

وقالت الرسالة، التي وجهت إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين، إن إدارة بايدن فشلت في تنفيذ سياسة تعارض مشتريات الصين من النفط الإيراني الخاضع للعقوبات، التي لا تفيد فقط «نظام بكين»، ولكن أيضاً في «قمع طهران للمتظاهرين السلميين»، و«تعزز رعايتها للإرهاب الدولي الذي يهدد أميركا».

وحثت الرسالة على تطوير استراتيجية لمواجهة صناعة البتروكيماويات الإيرانية أيضاً، التي زادت من مبيعاتها العالمية وشحنات النفط الإيراني غير المشروع.

وطلب أعضاء مجلس الشيوخ من إدارة بايدن، فرض عقوبات على الأفراد والكيانات الصينيين، «الذين يواصلون شراء النفط والبتروكيماويات من أصل إيراني أو تكريره أو التعامل معه بأي طريقة أخرى».

ووقع على الرسالة، السيناتورات ماركو روبيو، وجيم ريش، وجون باراسو، وليندسي غراهام، وريك سكوت، وجيري موران، وجيمس لانكفورد، وبيل هاغرتي.

وأضافت الرسالة، أن «الصين اشترت ما يقرب من 47 مليار دولار من النفط الإيراني منذ أن تولى الرئيس بايدن منصبه». كما نمت إيران «بشكل مذهل»، «أسطول الشبح»، الأداة الرئيسية للنظام لتجارة النفط غير المشروعة، من 60 سفينة إلى 338 سفينة منذ عام 2021.

وقالت الرسالة إن أرباح النفط الإيرانية، التي أعاقها إنفاذ العقوبات الصارمة في ظل الإدارة السابقة، وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2018، وأضافت أن «هذا النقص في تطبيق العقوبات لا يخلو من عواقب. فقد استخدمت إيران هذا المردود النقدي المفاجئ لقمع الاحتجاجات السلمية المستمرة في الداخل، وتمويل الهجمات الإرهابية بالوكالة ضد القوات والدبلوماسيين الأميركيين، وقتلت أخيراً مواطناً أميركياً في مارس (آذار)، وأججت الحرب الروسية في أوكرانيا، من خلال توفير الطائرات المسلحة بدون طيار ودعم عسكري آخر».

وختمت الرسالة بالقول، إنه «لتعزيز المصالح الحيوية للأمن القومي الأميركي وكبح السلوك الخبيث للنظام الإيراني، نطلب بكل احترام أن تقوم على الفور بإنفاذ العقوبات الحالية، بما في ذلك تلك الموجودة في الأمر التنفيذي 13846، وتوسيع نطاق العقوبات لتشمل أولئك الذين يخزنون النفط الإيراني، ومشغلي نقل النفط، والأفراد والكيانات، والموانئ ومشغليها، والمصافي ومشغليها، لا سيما في الصين، الذين يتعاملون بالنفط والبتروكيماويات من أصل إيراني».

إزالة مالي من صفحة الخارجية على «تويتر»

وفي تطور جديد يعكس جدية قضية المبعوث الرئاسي إلى إيران، روبرت مالي، أزال موقع وزارة الخارجية الأميركية على «تويتر»، أمس، صورته واسمه عن الموقع، ما قد يؤشر إلى احتمال إقالته نهائياً من منصبه. غير أن نائبه، أبرام بالي، كتب في تغريدة على «تويتر»، أول من أمس، قائلاً: «لا يزال مكتب المبعوث الخاص لإيران والفريق بأكمله في وزارة الخارجية منخرطين في تنفيذ سياستنا بشأن إيران».

وأضاف في تغريدة أخرى: «نواصل عملنا مع الحلفاء والشركاء لتقييد سلوك إيران المزعزع للاستقرار، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتشجيع خفض التصعيد، وتعزيز شرق أوسط مستقر ومزدهر وأكثر تكاملاً».

وتأتي رسالة أعضاء الكونغرس، بعد رسالة سابقة من 15 سيناتوراً جمهورياً طالبت مكتب المفتش العام بوزارة الخارجية، بالتحقيق فيما إذا كان المسؤولون في الوزارة قد اتبعوا جميع القوانين والقواعد عند تعليق عضوية مالي، وتجميد تصريحه الأمني. وضغطوا على هيئة الرقابة للحصول على تفاصيل حول مدى وصول مالي إلى المعلومات الحساسة بعد أن علق المسؤولون تصريحه. وهو ما أضاف المزيد من الشكوك على احتمال حصول أي تقدم في ملف المفاوضات مع طهران في أي وقت قريب، خصوصاً بعد قيام مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي أي) بالتحقيق مع مالي، وتشديد الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ على ضرورة حصول نائبه إبرام بالي، على تأكيد المجلس لمنصبه الجديد.

ويستند طلب المشرعين الأميركيين على قانون تفويض الدفاع الوطني للعام الماضي، الذي دفع به السيناتور الجمهوري، جيم ريش، أعلى عضو جمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. وفي حال إقالة مالي نهائياً، الذي لم يخضع تعيينه سابقاً إلى هذا الشرط القانوني، فإن خليفته سيخضع لهذا التأكيد.

وتشير الرسالة أيضاً إلى أن الجمهوريين يعتقدون أن وزارة الخارجية ربما تكون قد انتهكت هذا القانون عندما تولى أبرام بالي منصب المبعوث الخاص بالإنابة لإيران، الأمر الذي كان يتطلب إرسال إخطارات معينة إلى لجان الكونغرس ذات الصلة، متسائلين عما إذا كان قد تم القيام بذلك.

البحرية الأميركية: الحرس الثوري الإيراني يحتجز سفينة تجارية في الخليج

قال متحدث باسم البحرية الأميركية إن الحرس الثوري الإيراني احتجز سفينة تجارية في المياه الدولية بالخليج اليوم (الخميس)، وإن السفينة ربما كانت متورطة في أنشطة تهريب.

ووفق وكالة «رويترز» للأنباء، أضاف تيم هاوكينز، المتحدث باسم الأسطول الخامس الأميركي: «القوات البحرية الأميركية نشرت أصولاً بحرية لمراقبة الوضع عن كثب».

وأردف: «في النهاية، قدَّرت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية أن ملابسات هذا الحدث لا تستدعي مزيداً من التدخل».

كانت البحرية الأميركية قد قالت أمس (الأربعاء)، إنها تدخلت لمنع إيران من احتجاز ناقلتين تجاريتين في خليج عمان، في أحدث سلسلة من الهجمات على السفن في المنطقة منذ عام 2019.

وقال هاوكينز: «تظل القوات الأميركية يقظة ومستعدة لحماية حقوق الملاحة المشروعة في الممرات المائية المهمة بالشرق الأوسط».

والشهر الماضي، قالت البحرية الأميركية إن إيران احتجزت ما لا يقل عن خمس سفن تجارية في العامين الماضيين، وضايقت أكثر من 12 سفينة أخرى.
ويمر نحو خُمس الشحنات العالمية من النفط الخام والمنتجات النفطية عبر مضيق هرمز.

ونظراً لكون اتفاق إيران النووي المبرم في 2015 غير سار فعلياً، تدهورت علاقات إيران مع الغرب على مدى العام الماضي، ما أدى إلى بحث واشنطن وحلفائها عن سبل لتهدئة التوتر وعن وسيلة، لو حدث ذلك، لإحياء نوع من الحدود النووية.

وبسبب انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من اتفاق 2015 النووي وعجز بايدن عن إحيائه، بوسع إيران تصنيع المادة الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة واحدة خلال 12 يوماً أو نحو ذلك بحسب تقديرات الولايات المتحدة، نزولاً من مدة كانت تقدر بعام حينما كان الاتفاق سارياً.

وتنفي إيران أنها تسعى لتصنيع سلاح نووي يراه الغرب تهديداً لدول المنطقة.

في رسالة ردع لإيران... قادة البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية يعبرون مضيق هرمز

عبَر قادة القوات البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية، المتمركزون في الشرق الأوسط، مضيق هرمز، يوم الجمعة، على متن سفينة حربية أميركية؛ تأكيداً لنهجهم الموحد للإبقاء على الممر المائي المهمّ مفتوحاً، وردع التهديدات، بعدما استولت إيران على ناقلتين للنفط.

كانت التوترات في الخليج العربي متقلبة منذ انهيار «الاتفاق النووي الإيراني» مع القوى العالمية، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة، أحادي الجانب، قبل 5 سنوات من «الاتفاق النووي» لعام 2015.

وفي الرحلة المشتركة النادرة جداً بين قادة «البحرية» الثلاثية على متن المدمِّرة «يو إس إس بول هاملتون» من طراز «آرلي بيرك»، شُوهد 3 قوارب سريعة، تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، تقترب من السفينة، في وقت ما، وفقاً لما أفادت به وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية.

وقف رجال الحرس على متن القوارب، وهم يحملون مدافع رشاشة مكشوفة، بينما وقف البحّارة، الذين كانوا على متن السفينة «بول هاملتون»، بالقرب من مدافعهم الرشاشة المحملة، بينما كان آخرون يلتقطون صوراً فوتوغرافية ومقاطع فيديو للسفن.

وفي حين حافظ الحرس على مسافة بين المدمرة «بول هاملتون»، والفرقاطة البريطانية «إتش إم إس لانكستر» العابرة، أظهر وجودهم مدى توتر مرور السفن في مضيق هرمز؛ المصبّ الضيق للخليج العربي الذي تمر عبره خُمس إمدادات النفط العالمية.

قال نائب الأدميرال براد كوبر، الذي يشرف على الأسطول الخامس للبحرية الأميركية في الشرق الأوسط، لوكالة «أسوشيتد برس»، إن إيران «استولت على أو هاجمت 15 سفينة، خلال العامين الماضيين، منها 8 مصادَرات، و7 هجمات، لذا فإن صناعة النقل البحري تعي تماماً ما يبدو عليه الوضع الأمني في المنطقة، ولدينا القدرة للتأثير الإيجابي على هذا النفوذ، وهذا ما نفعله الآن».

وأوضح كوبر أن الرحلة المشتركة في المضيق على متن المدمرة «بول هاملتون»، تمثل جزءاً من تلك الدفعة؛ بهدف السماح لمزيد من سفن التحالف بالمرور عبر المضيق بصورة منتظمة، مضيفاً «إن حجم التجارة التي تتدفق عبر مضيق هرمز أمر بالغ الأهمية لاقتصاد العالم».

ولفت إلى أن قوارب «الحرس الثوري» الإيراني وصلت، الجمعة، إلى مسافة 1000 ياردة (915 متراً) من المدمرة «بول هاملتون»، التي تتخذ من سان دييغو مقراً لها.

تعتبر الولايات المتحدة تأمين الممرات المائية في الشرق الأوسط، وخصوصاً مضيق هرمز، أمراً أساسياً منذ خطاب الرئيس جيمي كارتر عام 1980، الذي تعهّد فيه باستخدام القوة العسكرية لحماية المصالح الأميركية في الخليج العربي الأوسع.

وفي حين ركزت نظرية كارتر آنذاك على غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان، فإنّ تعهد الولايات المتحدة بالسماح «بحُرّية انتقال نفط الشرق الأوسط» يحثّها الآن على مهاجمة إيران، التي استولت على سلسلة من ناقلات النفط منذ انهيار اتفاقها النووي مع القوى العالمية.

وصرح المتحدث باسم «مجلس الأمن القومي»، التابع لـ«البيت الأبيض»، جون كيربي، للصحافيين، الأسبوع الماضي، بأن الولايات المتحدة تعتزم اتخاذ «سلسلة من التحركات لتعزيز موقفنا الدفاعي» في الخليج العربي، في حين انتقد مصادرة إيران، مؤخراً، ناقلات نفط.

من جانبها، لطالما انتقدت إيران الوجود الأميركي في المنطقة.

وبعد تصريحات كيربي، أصدر المتحدث باسم وزارة «الخارجية» الإيرانية ناصر كنعاني، بياناً مطوَّلاً اتهم فيه الولايات المتحدة «بخلق وتكثيف عدم الاستقرار وانعدام الأمن في منطقة الخليج العربي على مدى عقود من الزمن، عبر سياساتها التدخلية والتدميرية».

ومع ذلك، ذكر كنعاني أيضاً، على وجه التحديد، أن الولايات المتحدة «استولت وصادرت بعض شحنات النفط الإيرانية في المياه الدولية».

ومن المرجح أن يكون احتجاز الأميركيين المشتبه به لناقلة «سويز راجان»، التابعة لشركة أسهم أميركية خاصة، يُعتقد أنها كانت تحمل النفط الخام الإيراني، الخاضع للعقوبات قبالة سنغافورة، قد دفع طهران إلى الاستيلاء مؤخراً على الناقلة «أدفانتج سويت»، التي ترفع عَلَم جُزر مارشال. وقد حملت تلك السفينة النفط الخام الكويتي لشركة «شيفرون كورب للطاقة» في سان رامون، بكاليفورنيا.

لم يكن هناك رد فعل فوري في وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، ولا من «الحرس الثوري»، بشأن رحلة «بول هاملتون» من الخليج العربي عبر المضيق، إلى خليج عمان.

ومع ذلك لم يكن من المحتمل أن يعلم الإيرانيون على الفور أن القادة الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين كانوا على متن السفينة، رغم أن واحداً على الأقل من أفراد الحرس على متن القوارب السريعة كان يراقب المدمرة «بول هاملتون» بالمناظير المقرِّبة.

ولم تردَّ البعثة الإيرانية لدى «الأمم المتحدة» على الفور، على طلب التعليق بشأن الرحلة البحرية المذكورة.

في الرحلة عبر مضيق هرمز، راقبت طائرة إيرانية مسيَّرة واحدة على الأقل، تحرك المدمرة «بول هاملتون». وفي الوقت نفسه، كانت طائرة «بوينغ بي-8 بوسيدون»، التابعة لـ«البحرية الأميركية»، تحلِّق في الأجواء.

وتقوم القوات الأميركية بدوريات عبر الطائرات المسيَّرة بصفة روتينية في المنطقة، وأطلقت قوة خاصة تابعة للبحرية بعض الطائرات المسيَّرة في البحر.

«الأسطول الخامس» الأميركي لنشر أحدث قوة مُسيَّرة بالعالم في صيف 2023

أكد نائب الأدميرال براد كوبر، قائد القوات البحرية للقيادة الوسطى والأسطول الخامس الأميركي، سعي الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط لنشر أسطول من مائة مركبة بحرية مُسيَّرة بحلول صيف عام 2023. وقال كوبر، في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن هذه المُسيَّرات المزوّدة بالذكاء الصناعي ستزيد من قدرة المراقبة والاستطلاع «فوق المياه وتحتها» بعشرات الكيلومترات، كما ستعزز سرعة التعامل مع التهديدات.

تهديدات بحرية

عدّ كوبر أمن واستقرار ممرات الشرق الأوسط المائية «في قلب الاقتصاد العالمي وحركة التجارة والعبور»، لافتاً إلى أن «أي نشاط مزعزع للاستقرار، بما يشمل تهريب الأسلحة أو المخدرات، والقرصنة، وأي تهديدات أخرى للحركة التجارية والبنية التحتية الساحلية، يمكن أن يكون لها تأثير عميق على العالم». واستشهد كوبر على ذلك بحادث إغلاق سفينة «إيفر غرين» قناة السويس لعدة أيام العام الماضي.

نائب الأدميرال براد كوبر

وقال كوبر إن الممرات المائية في الشرق الأوسط «ديناميكية وسريعة للغاية. ولا تستطيع أي قوة بحرية أو دولة معالجة جميع التحديات البحرية في هذه المنطقة منفردة». وأوضح أن الأسطول الخامس يركّز على تطوير مجالين، هما تعزيز الشراكات الإقليمية، وتسريع الابتكار.
وأشاد نائب الأدميرال الأميركي بالتقدم المحرز في دمج المركبات البحرية المُسيَّرة بالذكاء الاصطناعي لـ«توسيع مدى قدرتنا على الرؤية فوق المياه وتحتها». وتابع: «تقدّمنا في هذا المسار بشكل أسرع مما تخيله كثيرون عندما بدأنا قبل 8 أشهر. وأصبحت لدينا اليوم أنظمة منتشرة في جميع أنحاء المنطقة، وتشارك في تدريباتنا مع شركائنا الإقليميين».

وبدا كوبر متفائلاً بقدرة الأسطول الخامس، بالتعاون مع شركائه الإقليميين، على إنشاء أحدث أسطول مركبات بحرية غير مأهولة في العالم، بحلول صيف عام 2023. وأكّد كوبر أن الأسطول الخامس وسّع نطاق شراكته مع دول المنطقة، لافتاً إلى تنظيم أضخم تمرين بحري دولي في الشرق الأوسط في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين. وقال إن تمرين «آي إم إكس» شهد أكبر تدريب باستخدام المُسيَّرات البحرية في العالم، مع مشاركة 10 دول بأكثر من 80 مُسيَّرة بحرية.

أسطول مركبات مُسيَّرة

أكّد نائب الأدميرال أن المركبات البحرية انتشرت بالفعل في المنطقة: «وقد أظهرت نتائج واعدة للغاية». وأعطى مثالاً بنشر عدد من المركبات المُسيَّرة السطحية في البحر لفترة تجاوزت 100 يوم، وقال إنها «لم تكن بحاجة إلى وقود، كما لم نكن بحاجة لتزويدها بالطعام كونها غير مأهولة»، لافتاً إلى تفوّقها على المركبات التقليدية المأهولة. وتوقّع المسؤول الأميركي استخدام أسطول المُسيَّرات البحرية بطريقتين: الأولى تهدف تعزيز قدرة استطلاع الدول انطلاقاً من سواحلها، أما الثانية فتستغل الذكاء الاصطناعي في تحديد المخاطر المحتملة.
وقال: «عادة، يمكن لأي دولة أن تستطلع بشكل فعال على بعد 30 كيلومتراً من سواحلها، باستخدام أجهزة الاستشعار المتاحة. أما اليوم، وبفضل المركبات البحرية المُسيَّرة، امتدّ مدى الرؤية إلى 60 أو 90 كيلومتراً». ولفت كوبر إلى أهمّية التعاون بين دول المنطقة في هذا المجال، وقال إنه يمكن تعزيز مسافة الاستطلاع عدة أضعاف، إذا ما نسّقت عدة دول تنشر هذه المُسيَّرات جهودها.

وعن الذكاء الاصطناعي، أوضح كوبر: «تقوم المُسيَّرات المنتشرة في المياه بالتواصل بعضها ببعض، ما يتيح رسم أنماط الحركة في المناطق التي تنشط فيها»، وتابع: «عندما ترصد هذه الأنظمة حركة غير اعتيادية، فإنها تلتقط صوراً لها أو ترسل إشارة إلى مراكز قيادة الدول لتنبيهها، والسماح لها باتّخاذ القرار المناسب». وتابع المسؤول بأن المُسيَّرات التي تمّ نشرها في إطار تدريبات نجحت في التقاط ملايين الصور ومعالجة كميات كبيرة من البيانات: «وهي عملية تستعصي على البشر». ويرى كوبر أن «القيمة الحقيقية لهذه المركبات والذكاء الاصطناعي المرافق لها تكمن في قدرتها على توسيع فهم الدول لما يحصل حولها». وتابع: «أعلم أن جميع شركائنا في المنطقة مهتمون بهذه التكنولوجيا، نظراً للفوائد الواضحة التي تعود عليهم كدول منفردة وكشركاء إقليميين. لهذا أنا واثق من أننا نتّجه لتحقيق هدفنا بنشر 100 مركبة بحرية مُسيَّرة، بحلول صيف عام 2023».

التعاون الإقليمي

وشدد قائد الأسطول الأميركي الخامس على أهمية تعزيز التعاون الإقليمي مع دول المنطقة. وقال: «قواتنا دائماً أقوى عندما نتدرب ونعمل ونقود معاً. تقوم جميع أنشطتنا في المنطقة على الشراكة والتنسيق». وأشار كوبر إلى تحالفين كبيرين في المنطقة: الأول هو القوات البحرية المشتركة الذي يضم 34 دولة في أكبر شراكة من نوعها في العالم. أما الثاني فهو التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية ويشمل 9 دول تركز على الردع وضمان أمن مضيقَي هرمز وباب المندب.
واعتبر المسؤول الأميركي هذه التحالفات محورية في مكافحة التهديدات التي تحدق بأمن المنطقة البحري. وقال إن هذه التهديدات تشمل مجموعة واسعة من القضايا، بينها تهريب البشر والاتجار بهم، والقرصنة، وتهريب المخدرات والأسلحة، وهجمات الطائرات من دون طيار، والهجمات الصاروخية.
وأوضح: «لقد حقّقنا نجاحات في عديد من هذه المجالات. فعلى سبيل المثال، صادرنا في العام الماضي كمية غير مسبوقة من المخدرات؛ بلغت قيمتها السوقية 500 مليون دولار، وهو ما يزيد عن السنوات الأربع السابقة مجتمعة».

كان تأمين مضيق هرمز تحدياً بارزاً، وربما قاتلاً، منذ «مبدأ كارتر»، وشمل ما أطلق عليه «حرب الناقلات»، في الثمانينات، مرافقة سفن بحرية أميركية ناقلات نفط كويتية، التي تُغير الأعلام المرفوعة على متنها، عبر الخليج والمضيق، بعد أن ألحقت الألغام الإيرانية أضراراً بالسفن في المنطقة، حتى إن البحرية الأميركية خاضت معركة بحرية استمرت يوماً واحداً ضد إيران في ذلك الوقت، وكذلك أسقطت بالخطأ طائرة تجارية إيرانية، مما أسفر عن مقتل 290 شخصاً.

وأثار قرار الرئيس السابق دونالد ترمب بالانسحاب من «اتفاق طهران النووي» مع القوى العالمية في 2018، تحديات جديدة لدى إيران في المنطقة.

ومع تكثيف العقوبات النفطية على إيران، في مايو (أيار) 2019، استولت طهران على ناقلات النفط، في حين ألقت القوات البحرية اللوم على إيران؛ لاستخدامها الألغام مرة أخرى ضد الشحن. وقد أطلقت إدارة ترمب برنامجها «سنتينل»، الذي اشتمل أيضاً على الولايات المتحدة والدول الشريكة لها، لمرافقة السفن في المنطقة. لكن التوترات مع أوروبا، بعد انهيار الاتفاق النووي، لم تشهد قبولاً واسع النطاق لذلك البرنامج.

يبدو أن هذا الجهد المتجدد في عهد الرئيس جو بايدن لا ينطوي على مرافقة السفن الفردية، وإنما محاولة وضع المزيد من القوات الحليفة في المنطقة. وبالفعل، نقلت الولايات المتحدة طائرات «إيه-10 ثندربولت»، وغواصة حربية، إلى المنطقة؛ في محاولة لردع إيران.

كما تستطيع الولايات المتحدة أيضاً جلب المزيد من السفن إلى الخليج العربي، فقد تسبَّب انتهاء الحروب في أفغانستان والعراق، فضلاً عن الحرب في أوكرانيا، والقلق الأميركي إزاء توسع الصين في بحر الصين الجنوبي، في توقف عمليات النشر الروتينية لحاملات الطائرات، في السنوات الأخيرة.

في الوقت الراهن، أشار كوبر إلى وجود زميليه البريطاني والفرنسي - العميد بحري فيليب دنيس، قائد قيادة المكون البحري البريطاني، ونائب الأدميرال إيمانويل سلارز، القائد المشترك للقوات الفرنسية المنتشرة في المحيط الهندي - باعتبار ذلك دليلاً على عزم الولايات المتحدة وشركائها.

وقال كوبر إن هذا «جزء من تعزيز وجودنا في المنطقة، وهو ما أشار إليه البيت الأبيض، في الأسبوع الماضي، وبات الآن قيد التنفيذ».

«الحرس الثوري» يحتجز ناقلة نفط ثانية في مضيق هرمز خلال أسبوع

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني ناقلة نفط ترفع علم بنما في مضيق هرمز، وفق ما أعلنت البحرية الأميركية، وقالت إيران «وهي ثاني سفينة نفطية تحتجزها إيران في أقلّ من أسبوع».
وقال الأسطول الخامس في البحرية الأميركية ومقرّه البحرين، إنّه «في 3 مايو (أيار) نحو الساعة 6.20 صباحاً بالتوقيت المحلّي، احتجز (الحرس الثوري) الإيراني ناقلة النفط (نيوفي) أثناء عبورها مضيق هرمز».
وكانت الناقلة تتجه من دبي إلى ميناء الفجيرة في الإمارات عندما «هاجمتها عشرات من زوارق الهجوم السريع التابعة لـ(لحرس الثوري) الإيراني، في وسط المضيق». وأضاف البيان أن «(الحرس الثوري) الإيراني أجبر ناقلة النفط على الاستدارة أثناء الاستيلاء غير القانوني، والتوجه إلى المياه الإقليمية الإيرانية قبالة سواحل ميناء بندر عباس».
وأشار بيانات «رفينيتيف» لتتبع السفن إلى أن أحدث رصد لموقع الناقلة «نيوفي» كان في الساعة 0231 بتوقيت غرينتش الأربعاء قبالة ساحل عمان في مضيق هرمز.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني خبر الاحتجاز، مشيرة إلى أن السفينة «مخالفة»، بينما لم يصدر أي تعليق رسمي إيراني بعد.
وذكرت «تسنيم»: «القوات البحرية التابعة لـ(الحرس الثوري) الإيراني احتجزت ناقلة نفط أجنبية مخالفة في مياه مضيق هرمز». وقال مسؤول قضائي إيراني إن ناقلة النفط «احتُجزت في الخليج بأمر قضائي».
وجاء في قاعدة بيانات الشحن التابعة للمنظمة البحرية الدولية، أن شركة «غراند فاينانسينغ» تملك الناقلة نيوفي التي تديرها شركة «سمارت تانكرز» التي مقرها اليونان والتي لم ترد بعد على طلب رويترز للتعليق.
وجاء في بيانات لشركة «فورتكسا» للتحليلات، أن نحو خُمس النفط الخام والمنتجات النفطية في العالم تمر عبر مضيق هرمز.
تأتي الواقعة، غداة انفجار في ناقلة في طراز «أفراماكس» أثناء مرورها بأرخبيل رياو قبالة إندونيسيا، وذلك قبل تسلمها شحنة نفط إيرانية من ناقلة أخرى، حسبما ذكر موقع «تانكر تراكرز» المتخصص في تتبع حركة السفن، على «تويتر». وتظهر فيديوهات نشرها الموقع نشوب حريق في الناقلة، ووقوع انفجار فيها وتطاير اجزائها، كما يظهر فيديو آخر، ناقلة تمر على بعد قليل، كانت تحمل شحنة من الخام الإيراني على ما يبدو.
ولم يصدر تعليق من السلطات الإيرانية حول التقارير التي ربطت بين ناقلة النفط وشحنات النفط التي تنقلها إيران في تلك المنطقة بطرق ملتوية للالتفاف على العقوبات الأميركية.
وقبل ستة أيام، احتجزت البحرية الإيرانية ناقلة «أدفانتج سويت» وكان على متنها شحنة من الخام الكويتي، وكانت متّجهة نحو الولايات المتحدة وترفع علم جزر مارشال في خليج عمان، وادّعت القوات البحرية في الجيش الإيراني أن سبب توقيفها يعود إلى اصطدامها بسفينة إيرانية، لكنها لم تعرض دليلاً على ذلك.
وقالت شركة «أدفانتج تانكرز» إنها تتواصل مع السلطات المختصة للتوصل إلى الإفراج 24 هندياً من طاقم الناقلة. وبحسب موقع «تانكر تراكرز» فإن ناقلة النفط التي احتجزت الأسبوع الماضي واسمها «أدفانتج سويت» اقتيدت أيضاً إلى بندر عباس.
وقالت شركة «أمبري» للأمن البحري إنها تعتقد أن احتجاز إيران السفينة «أدفانتج سويت» جاء رداً على مصادرة الولايات المتحدة شحنة نفطية على متن ناقلة «سويز راجان» التي ترفع علم جزر مارشال.
وأوضحت شركة «أمبري» أن احتجاز السفينة الأربعاء يأتي بعد أن أصدرت السلطات الإيرانية تحذيراً إثر احتجاز الولايات المتحدة سفينة تنقل نفطاً إيرانياً الشهر الماضي.
وقالت أمبري إن «السلطات اليونانية أصدرت تحذيراً مفاده أن سفن الشحن اليونانية معرّضة لخطر متنامٍ من جانب إيران بعد أن احتجزت سفينة (سويس ماكس) التي تسيّرها شركة يونانية وتنقل نفطاً إيرانياً».
بدوره، حذر مكتب تسجيل السفن التي ترفع علم جزر مارشال، الثلاثاء، من أن «تصاعد النشاط العسكري والتوتر الجيوسياسي في هذه المناطق لا يزال يشكّل خطراً بالغاً على السفن التجارية». وأضاف المكتب «يرتبط بهذه المخاطر احتمال حدوث سوء تقدير أو خطأ في تحديد الهوية مما قد يؤدي إلى تصرفات عدائية».
وبعد احتجاز «أدفانتج سويت»، قالت البحرية الأميركية في بيان الأسبوع الماضي، إنه في العامين الماضيين أقدمت إيران على «مضايقة أو مهاجمة 15 سفينة تجارية ترفع أعلاماً دولية»، فيما اعتبرته تصرفات «تتنافى مع القانون الدولي وتخل بالأمن والاستقرار الإقليميين».
وأضافت أن «مضايقات إيران المستمرة للسفن والتدخل بحقوق الملاحة في المياه الإقليمية، غير مبررة وغير مسؤولة وتشكل تهديداً للأمن البحري والاقتصاد العالمي».
وقبل نحو عشرة أيام، قال قيادي في الجيش الإسرائيلي إن قواته تستعد لسيناريو تدهور الأوضاع الأمنية البحرية، في ظل الوجود الإيراني في البحر الأحمر.
وفي السنوات الأخيرة، تبادلت واشنطن وطهران الاتهامات على خلفية سلسلة حوادث في مياه الخليج، بما في ذلك هجمات غامضة على سفن وإسقاط طائرة مسيّرة ومصادرة ناقلات نفط.
كان تصدير النفط يعدّ من أبرز موارد إيران قبل العام 2018، حين انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق الدولي بشأن ملف طهران النووي، وأعادت فرض عقوبات قاسية عليها؛ بهدف إجبارها على قبول اتفاق جديد يضمن لجم أنشطتها الإقليمية واحتواء برنامج للصواريخ الباليستية.
ويشكّل موضوع النفط نقطة تجاذب بين الجانبين؛ إذ تتهم واشنطن طهران بالتحايل على العقوبات لتصدير نفطها إلى دول مثل الصين وسوريا وفنزويلا.
وقال توربيورن سولتفيدت، من شركة «فيرسك مايبلكروفت» الاستشارية إن «ما نراه الآن هو العودة إلى نمط مألوف للغاية من ضغوط العقوبات الأميركية والضغط الإيراني المضاد الذي أدى إلى هجمات متكررة على منشآت الشحن والطاقة خلال» عهد ترمب.
وصرّح لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «الرسالة التي تبعثها إيران الآن هي نفسها التي كانت تبعثها في ذلك الحين»، مضيفاً أن «طهران مستعدة لتحميل الأميركيين كلفة لقاء محاولتهم الحدّ من صادراتها النفطية». وتابع «الخطر على منشآت الشحن والطاقة في المنطقة الأوسع سيستمرّ طالما لا تزال مسألة البرنامج النووي الإيراني من دون حلّ».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أفرجت إيران عن ناقلتَي نفط يونانيتين احتجزتهما قبل ستة أشهر في مياه الخليج.
في سبتمبر (أيلول) 2022، احتجز أسطول تابع للبحرية الإيرانية سفينتين عسكريتين أميركيتين من دون ربان في البحر الأحمر لفترة وجيزة.
وفي نوفمبر 2021، أعلن «الحرس الثوري» الإفراج عن ناقلة فيتنامية بعد استعادة حمولتها من النفط العائد لإيران، إثر احتجازها لنحو أسبوعين على خلفية ما قال إنها كانت محاولة أميركية لمصادرة هذه المادة. ونفت واشنطن في حينه ذلك، مشيرة إلى أن قواتها البحرية اكتفت بمراقبة قيام بحرية إيرانية بمصادرة ناقلة نفط ونقلها إلى مياهها الإقليمية.
وفي يوليو (تموز) 2019، احتجز «الحرس الثوري» ناقلة النفط «ستينا إمبيرو» التي ترفع علم بريطانيا أثناء عبورها مضيق هرمز. ولم تفرج السلطات الإيرانية عن السفينة إلا بعد شهرين.

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني.
وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت». وبالمناسبة عينها، حثت باريس الطرف الإيراني على «التوقف عن القيام بعمليات مزعزعة للاستقرار في منطقة الخليج وأن تحترم قانون البحار».
وتتذرع طهران، وفق ما صدر عن السلطة القضائية في العاصمة ممثلة بالمدعي العام، أن احتجاز الناقلة «نيوفي» لم يكن صدفة، بل جاء «بناءً على شكوى وأمر من السلطة القضائية».
وتعد عملية الاحتجاز الأخيرة الثانية من نوعها خلال أسبوع واحد؛ إذ إن البحرية الإيرانية احتجزت ناقلة نفط في خليج عُمان كانت متّجهة نحو الولايات المتحدة وترفع علم جزر مارشال. وبررت إيران وقتها عملية الاحتجاز بتأكيدها أن الناقلة المحتجزة اصطدمت بسفينة إيرانية. وسارعت واشنطن وقتها إلى المطالبة بالإفراج الفوري عن الناقلة المحتجزة وعن طاقمها، وهو ما كررته بالنسبة للناقلة «نيوفي».
بيد أن الذرائع التي تتلطى وراءها السطات الإيرانية لا تبدو مقنعة بالنسبة لخبراء النقل البحري الذين يرون أن وراءها أسباباً سياسية.
وأفاد بيان البحرية الأميركية، بأن الناقلة «نيوفي» تعرّضت لهجوم في مضيق هرمز، حيث أحاطت بها عشرات زوارق الهجمات السريعة التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني وقادتها إلى ميناء بندر عباس الذي اقتيدت إليه أيضاً الأسبوع الماضي السفينة «أدفانتج سويت» المحتجزة.
وقالت مصادر فرنسية، أمس، إن «تكرار عمليات (الحرس الثوري) في مياه الخليج يعيد طرح مسألة أمن الملاحة البحرية بقوة، خصوصاً في هذا الممر البحري الذي يعد شرياناً رئيسياً، خصوصاً لوصول النفط إلى الأسواق العالمية».
وتفيد إحصائيات البحرية الأميركية، بأن ما لا يقل عن 15 باخرة تجارية تعرّضت للمضايقة أو لهجمات في العامين الأخيرين؛ الأمر الذي يبرر التحذيرات التي تصدرها الدول والشركات التي لديها سفن تعبر مياه الخليج.
ووفق الرؤية الفرنسية، فإن الممارسات الإيرانية المدانة تشكل انتهاكاً لقوانين البحار المرعية، كما أنها تعد تهديداً لأمن المنطقة واستقرارها. ولا تستبعد المصادر الفرنسية أن تكون العملية الأخيرة لـ«الحرس الثوري» الإيراني على علاقة بقيام البحرية الأميركية باحتجاز سفينة إيرانية في إطار مساعي واشنطن التضييق على جهود إيران إيصال نفطها إلى الأسواق العالمية، متحدية بذلك العقوبات الأميركية التي فرضتها الإدارة السابقة زمن الرئيس دونالد ترمب عقب خروج بلاده من الاتفاقية النووية المبرمة مع إيران في العام 2015.
جاء الموقف الفرنسي، بعدما باتيل، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، قال فيدانت للصحافيين إن إدارة الرئيس جو بايدن و«المجتمع الدولي» يدعوان إيران وبحريتها إلى الإفراج عن السفينتين وطاقميهما. وأضاف أن «تحرش إيران بالسفن واعتداءها على الحقوق الملاحية في المياه الإقليمية والدولية مخالف للقانون الدولي ويزعزع الاستقرار والأمن بالمنطقة».
وأفادت وثائق ومصادر أشارت لها «رويترز»، بأن اليونان، وهي موطن لكثير من كبار ملاك السفن والمديرين وصناعة الخدمات البحرية في العالم، أصدرت تحذيرات عدة لأصحاب السفن، طالبة منهم تجنب الإبحار بالقرب من المياه الإيرانية قبل أيام من احتجاز طهران ناقلتين وسط تصاعد التوترات في المنطقة.
وقالت شركة الأمن البحري «أمبري» في أعقاب التحذير الأول الذي أصدرته وزارة الشحن اليونانية، إنها «لاحظت خروج عدد كبير بشكل غير عادي من السفن التي ترفع العلم اليوناني من منطقة الخليج».
وأضافت «تقييم (أمبري) للمخاطر التي يتعرض لها الشحن التجاري لا يقتصر على الدولة التي تحمل السفينة علمها، ولكن على صلاتها باليونان والولايات المتحدة».

وفي أواخر مارس (آذار)، وصلت طائرات «إيه - 10 ثاندربولت 2» إلى قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات. وأمرت وزارة الدفاع الأميركية بإرسال مقاتلات «إف - 16» والمدمرة الأميركية «توماس هودنر» إلى المنطقة. كما وصلت المقاتلات الشبح «إف - 35 إيه لايتنغ 2» الأسبوع الماضي.

الآن، سيكون للولايات المتحدة جزء من وحدة مشاة البحرية الاستطلاعية في المنطقة للمرة الأولى منذ ما يقرب من عامين. وينتشر آلاف من قوات «المارينز» والبحارة على متن الحاملة «باتان» وسفينة الإنزال «كارتر هول».

طائرات الدعم الاستطلاعية من طراز «إيه 10 ثاندر بولت الثانية» في أثناء التزود بالوقود من طائرة «بوينغ كيه سي - 135» فوق أجواء مضيق هرمز 21 يوليو الماضي (أ.ب)

غادرت تلك السفن نورفولك، بولاية فرجينيا، في 10 يوليو (تموز) في مهمة وصفها البنتاغون بأنها «رد على المحاولات الإيرانية الأخيرة لتهديد التدفق الحر للتجارة في مضيق هرمز والمياه المحيطة به». وكانت الحاملة «باتان» قد عبَرت مضيق جبل طارق إلى البحر المتوسط الأسبوع الماضي في طريقها إلى الشرق الأوسط.          

في حين أن الجيش الأميركي لم يناقش بدقة ما سيفعله مع الوجود المتزايد في المنطقة، إلا أن هذه التحركات قد جذبت انتباه إيران. وفي الأيام الأخيرة، اتصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بنظرائه في كل من الكويت والإمارات ليقول لهم: «يمكننا تحقيق السلام والاستقرار والتقدم في المنطقة من دون وجود الأجانب».

ومن جهته، قال قائد الجيش الإيراني، عبد الرحيم موسوي، إن نشر القوات الأميركية لن يجلب سوى «انعدام الأمن والأضرار» للمنطقة.

وقال موسوي، وفقاً للتلفزيون الإيراني الرسمي: «منذ سنوات، كان الأميركيون يدخلون المنطقة، ويخرجون منها وهم يحملون الأحلام المزيفة، لكن أمن المنطقة لن يستمر إلا بمشاركة دول المنطقة».

كما سعت إيران إلى استعراض صاروخ «أبو مهدي» من طراز «كروز»، الذي كُشف عنه للمرة الأولى عام 2020، والذي يمكن استخدامه لاستهداف السفن في البحر على مسافة 1000 كيلومتر (620 ميلاً).

أطلق على الصاروخ اسم أبو مهدي المهندس القيادي في الحشد الشعبي العراقي، الذي قضى في غارة شنتها طائرة مُسيرة أميركية في بغداد عام 2020 إلى جانب مسؤول العلميات العسكرية والاستخبارات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني.

كل ذلك يزيد من خطر نشوب صراع، رغم أن عمليات التعزيز الأخيرة للقوات الأميركية في المنطقة لم تسفر عن حرب مفتوحة، بيد أن الجانبين كانا في معركة في الماضي. وفي عام 1988، هاجمت أمريكا اثنتين من منصات النفط الإيرانية المستخدمة للمراقبة العسكرية، وأغرقت أو أتلفت السفن الإيرانية في أكبر معركة بحرية أميركية منذ الحرب العالمية الثانية.

مع توقف الدبلوماسية واستعداد إيران لأن تكون أكثر عدوانية في البحر، يبدو أن الولايات المتحدة تعتمد مرة أخرى على القوة العسكرية لإقناع طهران بالتراجع. ولكن هذا يترك بقية القضايا بينهما خارج البحار مستمرة في التفاقم.

شبح التوتر يخيم على العلاقات الروسية - الإيرانية

واصلت طهران الضغط الدبلوماسي على حليفتها موسكو، بعد انتقاداتها الحادة لتأييد روسيا مبادرة إماراتية تقترح حل قضية الجزر الثلاث المحتلة من خلال المفاوضات الثنائية أو «محكمة العدل الدولية».

ويخيم شبح التوتر على العلاقات بين طهران وموسكو، في وقت تصر فيه حكومة إبراهيم رئيسي توصيلها إلى مرحلة استراتيجية من التعاون بين البلدين. وتواجه إيران انتقادات وعقوبات غربية بسبب تزويد روسيا بمسيرات انتحارية استخدمت في الحرب الأوكرانية.

وأصدرت دول مجلس التعاون الخليج وموسكو بياناً الأسبوع الماضي عبّر عن دعمه مبادرة إماراتية ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث المحتلة؛ طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو «محكمة العدل الدولية».

وفي ما يبدو أنه محاولة للرد المماثل، قالت وسائل إعلام إيرانية إن مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية ورئيس اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الدبلوماسية، كمال خرازي دعا خلال لقائه مع السفير الياباني لدى طهران، إلى حل دبلوماسي للخلافات بشأن النزاع الحدودي بين موسكو وطوكيو، خصوصاً ما يتعلق بأربع جزر متنازع عليها تعرف في روسيا باسم جزر كوريل الجنوبية وفي اليابان باسم الأراضي الشمالية.

وقال خرازي خلال لقاء السفير الياباني كازوتوشي آيكاوا إن التفاوض المباشر بين روسيا واليابان هو مخرج لحل النزاع الحدودي بين البلدين.

صورة نشرها التلفزيون الإيراني من لقاء خرازي والسفير الياباني اليوم

وذكر التلفزيون الرسمي أن خرازي شدد على أهمية التطورات في منطقة الشرق الأدنى وآثار الحرب الأوكرانية على المنطقة. وقال إن اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الدبلوماسية الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني «تراقب التطورات بحساسية؛ نظراً لزيادة التحركات العسكرية والدفاعية لدول المنطقة وخارجها في محيط اليابان، واحتمال وقوع مواجهة عسكرية».

وأفاد التلفزيون الإيراني بأن السفير الياباني قال تعليقاً على تصريحات خرازي إنه «مع بداية الحرب الأوكرانية، أوقفت روسيا المفاوضات الثنائية المباشرة بشأن الجزر الأربع». واستولت القوات السوفياتية على الجزر الأربع في نهاية الحرب العالمية الثانية، وتطالب كل من موسكو وطوكيو بالسيادة عليها. وتحدث دبلوماسيون من البلدين عن إمكانية إحياء مسودة اتفاق من العهد السوفياتي تنص على إعادة جزيرتين من الأربع في إطار اتفاق سلام.

وجاء تصريحات خرازي غداة انتقادات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان للموقف الروسي بشأن الجزر الإماراتية الثلاث.

وقال عبداللهيان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العماني بدر البوسعيدي في طهران إن طهران «لا تقبل تدخل روسيا أو أي طرف آخر في قضايا تتعلق بسلامة الأراضي الإيرانية».

صورة نشرتها الخارجية العمانية من مؤتمر صحافي بين عبداللهيان والبوسعيدي في طهران أمس

وأضاف: «لن نجامل أي طرف في ما يتعلق بوحدة الأراضي الإيرانية... لقد تلقينا تفسيراً روسياً عبر القنوات الدبلوماسية، بعد استدعاء السفير الروسي إلى الخارجية الإيرانية، لكننا لا نعد هذه التفسيرات كافية، ولن نتحمل هذا التوجه».

وتطرق عبداللهيان إلى الحرب الأوكرانية، وقال: «لدينا إصرار على وحدة الأراضي الأوكرانية، ووقف الحرب، وإيجاد حل سياسي».

وجاءت تصريحات عبداللهيان بعدما نقلت وسائل إعلام إيرانية عن السفير الإيراني لدى موسكو، كاظم جلالي أنه بناءً على طلبه، التقى ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي. وزعم جلالي أن «روسيا تراجعت عن موقفها بشأن دعم المبادرة الإماراتية».

وذكرت وكالة «تاس» الروسية الجمعة أن بوغدانوف التقى جلالي لمناقشة المشكلات الإقليمية عقب الاجتماع الوزاري للحوار الاستراتيجي بين روسيا ومجلس التعاون الخليجي في 10 يوليو (تموز). ولم تتطرق الوكالة إلى أي تفاصيل تشير إلى تراجع موسكو.

ممثل لخامنئي يطالب موسكو بـ«إصلاح عاجل» لموقفها من الجزر الإماراتية

طالب محمد حسن أبو ترابي فرد، خطيب صلاة الجمعة في طهران، وممثل المرشد الإيراني، موسكو بـ«إصلاح عاجل» لموقفها الأخير يدعم مبادرة إماراتية ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث المحتلة؛ طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو «محكمة العدل الدولية».

وتصاعدت الانتقادات لموسكو من قِبل الأوساط السياسية التي تُشكك بجدوى التقارب الإيراني الروسي، خصوصاً التيار الإصلاحي والمعتدل، الذي يعارض سياسة «التطلع نحو الشرق»، التي يطالب بتطبيقها المرشد الإيراني علي خامنئي، للتقارب بين موسكو وبكين؛ في محاولة لتقليل أثر العقوبات الأميركية حاضراً ومستقبلاً.

وحاولت الحكومة الإيرانية، بدورها، سحب البساط من تحت أقدام منتقديها، باستدعاء السفير الروسي لدى طهران، وكذلك توجيه انتقادات ضمنية إلى الموقف الروسي، دون الإشارة الصريحة إلى اسم روسيا.

لكن سياسة النأي بالنفس عن توجيه الانتقادات المباشرة لموسكو زادت من حِدة الانتقادات، قبل أن يدخل مسؤولون مقربون من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي على خط السجال الدائر، ويوجهون انتقادات مباشرة إلى موسكو.

وصعّدت المواقع المنتقدة لروسيا حملتها، الجمعة، عندما أعادت نشر تغريدة على حساب «الخارجية» الروسية مقتبَسة من ترحيب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنظرائه في «مجلس التعاون لدول الخليج العربية».

وكتب موقع «راديو فردا»، الناطق باللغة الفارسية، والذي تُموّله «الخارجية» الأميركية، أن «الخارجية» الروسية استخدمت «تسمية مزيفة»؛ في إشارة إلى مسمى الخليج العربي.

ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية، عن أبو ترابي فرد قوله «نظراً للعلاقات الاستراتيجية بين طهران وموسكو، وميثاق منظمة شانغهاي حول احترام سيادة الدول الأعضاء وسلامة أراضيها، الشعب الإيراني والشعوب الإسلامية في المنطقة يتوقعون من موسكو تصحيحاً وتعديلاً عاجلاً لموقفها الأخير بشأن الجزر الإيرانية الثلاث».

ومن المعروف أن خطباء الجمعة في إيران، خصوصاً في العاصمة طهران، يعبرون عن مواقف المرشد الإيراني علي خامنئي، إزاء مستجدّات الساحة السياسية.

لافروف يستبعد إحياء «النووي» في خضم انتقادات إيرانية لموسكو

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم، إنه من غير الواقعي حالياً توقع أي تفاهمات إضافية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وذلك في وقت تواجه موسكو انتقادات غاضبة من حلفائها وخصومها في طهران بعد تأييدها مبادرة إماراتية تدعو إلى حل قضية الجزر الثلاث في الخليج العربي.

وحمل لافروف الولايات المتحدة مسؤولية «فشل» الاتفاق النووي. وقال للصحافيين إن التوقعات بأي تفاهمات إضافية لإحياء الاتفاق النووي «غير واقعية في ظل الظروف الحالية مع بقاء ما يزيد على سنة بقليل حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024».

وأفادت وكالة «تاس» الروسية عن لافروف قوله على هامش المؤتمر الوزاري لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في جاكرتا اليوم: «أشك في أن يكون من الواقعي توقع هذا (إحياء الاتفاق) مع (احتمال) وصول إدارة جديدة إلى السلطة في الولايات المتحدة في غضون عام».

وأبدى لافروف شكوكا في تماسك الاتفاق، قائلا: «من يدري ما إذا كانت الإدارة ستكون ديمقراطية أم جمهورية، لا أحد يستطيع ضمان أن الإدارة الجديدة لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى».

وقال لافروف إن واشنطن «رفضت القرار الذي جرى تبنيه بالإجماع»، معرباً عن أسفه على أن إدارة بايدن «عندما وصلت إلى السلطة، قالوا إنهم مستعدون لاستعادة البرنامج (...)، ولكن بدلاً من اتخاذ قرار بإحياء الاتفاق بالكامل، كانوا يتفاوضون على شيء إضافي من طهران».

وقال مسؤولون غربيون وإيرانيون في وقت سابق من الشهر الحالي إن الولايات المتحدة، بعد الفشل في إحياء الاتفاق، أجرت محادثات مع إيران في محاولة لتخفيف حدة التوتر عن طريق تحديد خطوات من شأنها أن تحد من البرنامج النووي الإيراني وتؤدي للإفراج عن رعايا أميركيين تحتجزهم طهران منذ سنوات وإلغاء تجميد بعض الأصول الإيرانية في الخارج.

وقال لافروف «سنرحب فقط بالسيناريو الذي يمكن من خلاله تطبيق هذه الصفقة، لكن لا علاقة لذلك بالاتفاق النووي».

وجاءت تصريحات لافروف بعد أقل من 24 ساعة، حمّل فيها المرشد الإيراني علي خامنئي الولايات المتحدة وشركاتها لصناعة الأسلحة مسؤولية الحرب في أوكرانيا، من دون أن يتطرق مرة أخرى إلى اسم روسيا.

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من رجال الدين في طهران أمس

ووصف خامنئي الشعب الأوكراني بـ«البائس» و«الأعزل» و«الضحية». وقال: «هؤلاء (الأميركيون) مستعدون أن يدفعوا الأمة الأوكرانية البائسة والمعزولة إلى الأمام لكي يملأوا جيوب شركات صناعة الأسلحة الأميركية» حسبما أورد موقعه الرسمي.

تتزامن انتقادات لافروف وخامنئي للولايات المتحدة، مع أحدث موجة انتقادات داخلية في إيران للتقارب مع روسيا، وذلك بعدما أصدر وزراء خارجية روسيا ومجلس التعاون الخليجي بياناً مشتركاً يدعم مبادرة إماراتية ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية.

طهران تستدعي السفير الروسي... وترفض التفاوض بشأن الجزر الإماراتية المحتلة

أغلقت طهران الباب أمام الحوار بشأن الجزر الإماراتية المحتلة، واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير الروسي لدى طهران احتجاجاً على بيان خليجي_روسي يدعو إلى حل قضية عبر المفاوضات الثنائية أو التحكيم الدولي.

وأصدرت روسيا ومجلس التعاون الخليجي يوم الاثنين بيانا مشتركا أعرب فيه وزراء خارجية الدول عن دعم مبادرة إماراتية للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية.

وأبلغ مساعد وزير الخارجية الإيراني علي رضا عنايتي السفير الروسي احتجاج طهران على ما تضمنه البيان بشأن الجزر الثلاث التي تطالب الإمارات بإعادتها منذ سنوات.

وطالب عنايتي السفير «بتصحيح الموقف الروسي تجاه هذه القضية»، متحدثا عن «عائدية» الجزر لإيران حسبما بيان تناقلته وسائل إعلام إيرانية.

واستضافت موسكو الاجتماع الوزاري المشترك السادس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وروسيا يوم الاثنين الماضي، بمشاركة وزراء خارجية دول الخليج وروسيا والأمين العام للمجلس جاسم البديوي.

جلسة مباحثات بين وزير الخارجية الروسي ووزراء الخارجية لدول الخليج والأمين العام لمجلس التعاون في موسكو (أ.ب)

وأكد الوزراء في بيانهم الختامي على دعمهم لكافة الجهود السلمية «بما فيها مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، وذلك من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحل هذه القضية وفقا للشرعية الدولية».

ونقلت «رويترز» عن المستشار القانوني للرئيس الإيراني محمد دهقان اليوم الأربعاء قوله إن إيران لن تتفاوض على الجزر. وادعى أن «دراسة جميع الوثائق السابقة تظهر أن هذه الجزر تابعة لإيران ولا يمكن الجدال في ذلك».

والثلاثاء، ندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بالبيان الصادر عن روسيا ومجلس التعاون الخليجي باعتباره متناقضا مع العلاقات الودية بين إيران وجيرانها، وزعم أن «الجزر الثلاث تابعة لإيران إلى الأبد» على حد التعبير الذي أوردته وكالة «رويترز».

ودخل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان على خط الجدل الدائر بشأن الموقف الروسي من الجزر الثلاث. ودون أن يذكر اسما أو يشير إلى البيان، كتب عبداللهيان على تويتر «لن نجامل أي طرف على استقلال وسيادة وسلامة الأراضي الإيرانية».

وبدوره، كتب الناطق باسم الحكومة علي بهادري جهرمي على تويتر «لا نجامل أحدا بشأن المصالح الوطنية وسيادة الأراضي».

خصوم موسكو

وجاءت مواقف المسؤولين في حكومة الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في وقت صعد خصوم الحكومة، خصوصا أنصار الحكومة السابقة برئاسة الرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني، من حدة الانتقادات للتقارب الإيراني الروسي، خصوصاً فيما يتعلق بحرب أوكرانيا، الأمر الذي تسبب في تعثر مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن بهدف إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ورفع العقوبات الأميركية.

وكتب الناشط السياسي الإصلاحي حميد أبو طالبي، مستشار الرئيس الإيراني السابق، أن «هذا الموقف لم يكن مستبعدا من روسيا التي ارتكبت خيانات لا تغتفر على مدى أكثر من 100 عام».

وأضاف «الغريب أنه رغم العداءات الروسية مع إيران، خدعت روسيا مرة أخرى إيران، تسببت بخسارتنا في الاتفاق النووي، وأن نقع في فخ الحرب الروسية، وحققنا رغبة روسيا القيصرية وحرنناهم من عزلة العقوبات العالمية، وأطلعناهم على سبل الالتفاف على العقوبات، والآن ضربة أخرى للسيادة الوطنية».

وانتقد أبو طالبي السياسة الخارجية للحكومة الحالية ووصفها بـ«لا هدف» خصوصا في سياسة «التطلع نحو الشرق». وقال إنها «تعاني من تخبط استراتيجي خلال العامين الأخيرين من الأزمات العميقة في الشؤون السياسية في جميع المجالات الداخلية والخارجية بما في ذلك الاقتصاد والمجتمع والثقافة والقيم والدبلوماسية».

أما رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان السابق، النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه فقد كتب على تويتر أن «الخيانة الكبرى لروسيا سنراها عندما يجبر الديكتاتور على خفض التوتر مع الناتو».

وكتب الناشط الإصلاحي، عماد الدين باقي عبر قناته على تلغرام أن «الخطوة الروسية بعد إجراء مماثل من الصين، تظهر تراجع موقع إيران في العالم». وأضاف «من دون التنمية الاقتصادية وصورة ديمقراطية، لا توجد قوة، وإزاحة الستار عن الصواريخ وتقديم المسيرات لمساعدة روسيا في الاعتداء على أوكرانيا لم يمنعا هذه الوقاحات...».

وأضاف باقي «الدنيا لا تعير اهتماماً للتجمعات الحكومية، ولا تعترف بها كأداة جيدة، وإلا لما تحركوا ضدها بعد الملايين من التجمعات الحكومية المؤيدة لصدام والقذافي» وأضاف «لا يمكن إلحاق الضرر به، الانتخابات الحرة هي التي تؤمن الدولة».

وكتب المحلل السياسي الإصلاحي، أحمد زيد آبادي عبر قناته في تلغرام أن «مسؤولي الجمهورية الإسلامية لا يعرفون ضرورات السياسة الخارجية الصحيحة والمتوازنة والتي توفر المصالح الوطنية». وقال «باتخاذ سياسة معادية للغرب أجبروا على تقديم الفدية للصين وروسيا».

وأشاد زيد آبادي في الوقت نفسه بدول مجلس التعاون الخليجي بسبب توثيق علاقاتها مع جميع القوى العالمية بشكل متوازن، في سياق مصالحها الوطنية.

صورة مستوحاة من فترة «احتلال إيران» تثير انتقادات ضد موسكو

لم تمر ساعات على إعلان تشكيلة الحكومة الإيرانية الجديدة، حتى أثارت السفارة الروسية في طهران جدلاً واسعاً بنشر صورة مستوحاة من حدث تاريخي أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما كانت إيران تحت احتلال قوى التحالف ضد ألمانيا النازية، واستوضحت الخارجية الإيرانية، سفير روسيا، قبل أن تستدعي نظيره البريطاني، عقب انتقادات لاذعة من وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وتنديد المرشح لخلافته أمير عبد اللهيان، بالخطوة التي جددت السجال الداخلي حول الانفتاح على العالم الغربي، أو سياسة التوجه إلى الشرق.
ونشر الحساب الخاص بالسفارة الروسية على «تويتر» صورة بمناسبة ذكرى مؤتمر طهران في 1943 عندما كانت إيران تحت احتلال قوات الحلفاء. ويظهر في الصورة كل من السفير الروسي ليفان دزاجاريان، ونظيره البريطاني سيمون شيركليف، جالسين، وبينهما كرسي فارغ، حيث اجتمع رئيس الولايات المتحدة آنذاك فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، في السفارة الروسية خلال اجتماع استراتيجي في 1943، حسب «رويترز».
وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان، إن مسؤولاً رفيعاً أبلغ السفيرين إن نشر الصورة «أضرت بالمشاعر والاعتزاز الوطني للإيرانيين». واستعرض التلفزيون الإيراني مشاهد من اللقاء التاريخي، مع التركيز على أنه جرى سراً ومن دون علم شاه إيران، في القرن الماضي، قبل أن يطرح نموذجاً من الأسئلة، وقال في تقرير «لماذا ترمز صورة السفير البريطاني الذي وصل حديثاً إلى طهران، مع السفير الروسي الذي يقترب من نهايته؟». وأشار إلى أن الردود «عزلت حساب السفير الروسي عن البريطاني».
وكانت إيران تميل في الحرب العالمية الثانية لدول المحور التي تقودها ألمانيا النازية، رغم أنها أعلنت حياديتها في الحرب. وأثارت الصورة عاصفة من الانتقادات بينما كانت وسائل الإعلام منشغلة بتقييم التشكيلة الوزارية التي كشف عنها الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي. ورأى البعض في شبكات التواصل، أن «الهدف منها على ما يبدو هو تذكيرهم بوقت كان بلدهم تحت احتلال أجنبي»، حسب «رويترز». وذهب البعض إلى أنها «أول اختبار دبلوماسي» أو «أول تحدٍ» لحكومة إبراهيم رئيسي.
لكن وسائل إعلام إيرانية تناقلت صورة مماثلة في 21 سبتمبر (أيلول) 2017، مؤكدة أنها لم تقابل ردوداً في شبكات التواصل الاجتماعي حينها، رغم أنها نشرت عبر شبكة «إنستغرام»، في الحساب الرسمي لكل من السفارتين.
ولكن الردود على الصورة الجديدة، أخذت تتصاعد بعد تجاوب وزير الخارجية الإيراني المنتهية ولايته محمد جواد ظريف، مع حملة في «تويتر» ضد السفارة الروسية، ونشر تغريدة تصف الصورة بأنها «غير ملائمة بالمرة». ونبه في التغريدة إلى أن «أغسطس (آب) 2021 ليس أغسطس 1941 ولا ديسمبر (كانون الأول) 1943»، وتابع: «لقد أظهر الشعب الإيراني بما في ذلك في الاتفاق النووي، أن مصيره لن يتحدد أبداً في السفارات الأجنبية أو من قبل الأجانب».
ولم تمر ساعات حتى غرد رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، معلناً احتجاجه على «الخطوة البعيدة عن الآداب الدبلوماسية وغير المناسبة» لسفيري بريطانيا وروسيا. وطلب من وزارة الخارجية المتابعة. وحذر بالوقت نفسه من أن على الدبلوماسيين «تقديم الاعتذار فوراً إلا ستقابل الخطوة برد دبلوماسي حاسم».
وإشارة ظريف تأتي في وقت تجري طهران مفاوضات في فيينا مع القوى الكبرى الموقعة على اتفاق فيينا لعام 2015، لتحديد مصير العقوبات الأميركية والملف النووي الإيراني. وليست المرة الأولى هذا العام التي يوجه فيها كبير الدبلوماسيين الإيرانيين انتقادات للجهاز الدبلوماسي الروسي، ففي أبريل (نيسان) الماضي، كشف التسجيل الصوتي المسرب من شهادة ظريف عدم ثقته بالحليف الروسي، متهماً موسكو بالسعي لنسف الاتفاق النووي، خصوصاً بعد إعلانه وقبل دخوله السريان، عندما وجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حينذاك، دعوة إلى قائد «فيلق القدس» السابق، قاسم سليماني، الأمر الذي أعطى دفعة للأنشطة الإقليمية الإيرانية، خصوصاً في سوريا.
وجاءت تغريدة ظريف بعد عشر ساعات على نشر الصورة في حساب السفارة الروسية. وقبل أن يغرد الوزير بخمس ساعات، كتب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، في «تويتر»، إنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، نيكولاي باتروشيف، حول عدة ملفات إقليمية، معلناً «تذليل العقبات السياسية» للانضمام إلى اتفاقية شانغهاي للتعاون، على أن تصبح عضوية إيران نهائية «بعد انتهاء الإجراءات الفنية».
ويمثل شمخاني أبرز المسؤولين المقربين من مكتب «المرشد» علي خامنئي، ممن يرغبون بتقديم سياسة التوجه إلى الشرق، على حساب سياسة الانفتاح على الغرب التي يريدها ظريف والتيارات المؤيدة لنهجه في السياسة الخارجية، مثل الإصلاحيين.
وجاءت تغريدة ظريف، بمثابة الصدمة لموجة الأخبار في وسائل الإعلام المحلية عن التشكيلة التي أعلنها الرئيس الجديد، إبراهيم رئيسي، خصوصاً ترشيح دبلوماسي محسوب على «فيلق القدس»، أمير عبد اللهيان، لتولي حقيبة الخارجية، وهو أبرز منتقدي الاتفاق النووي الذي استعبد من فريق وزارة الخارجية بعد خلافات مع ظريف.
وسرعان ما دخل عبد اللهيان على خط ردود الأفعال، وكتب بتحفظ في «تويتر» إنها «كدرت مشاعر الرأي العام»، و«تظهر تجاهلاً للقواعد الدبلوماسية والاعتزاز الوطني للشعب الإيراني»، مشدداً على ضرورة «إصلاح وتعويض سريع لهذا الخطأ».
وذكرت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، أن «السفير الروسي أوضح عند استدعائه أن نيته من نشر هذه الصورة كان التذكير فحسب بتحالف روسيا وبريطانيا ضد الجيش النازي خلال الحرب العالمية الثانية». وأضاف البيان الذي بثه التلفزيون الرسمي: «لم يكن هناك أي دافع مناهض لإيران من نشر هذه الصورة». وتابع البيان أنه رغم التأكيد على العلاقات الودية بين إيران وروسيا، فإن مسؤولاً في وزارة الخارجية أوضح أن نشر الصورة «غير مقبول».
وقالت السفارة الروسية إنها لم تكن ترغب في التسبب بأي إهانة. وذكرت في تغريدة أنه «نظراً لرد الفعل الملتبس على صورتنا، نود الإشارة إلى أنها لا تنطوي على أي سياق مناهض لإيران. لن نؤذي مشاعر الشعب الإيراني الصديق». ونوهت بأن «المعنى الوحيد الذي تحمله هذه الصورة هو الإشادة بالجهود المشتركة للدول المتحالفة ضد النازية خلال الحرب العالمية الثانية».
وذكرت الخارجية الإيرانية في البيان أن السفير البريطاني الجديد، سايمون شركليف، عبر عن «أسفه لسوء الفهم» بخصوص الصورة، وقال إنه «لم تكن هناك أي نيات سيئة وراء نشرها».
ورأى أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام، الجنرال محسن رضايي، إن «السفير البريطاني بالذهاب إلى مأدبة السفير الروسي، أراد أن يقول إن روسيا وبريطانيا من دون الولايات المتحدة متحدتان بشأن إيران».
ومع ذلك، دعا رضائي الذي ترشح مؤخراً للرئاسة، السفيرين، إلى «استخلاص العبر من المعقد الفارغ للولايات المتحدة»، ونقلت وكالة «أرنا» عن رضائي قوله «يجب التعامل مع كلا السفيرين بشكل حاسم، لكي يفهما أن إيران ليست المكان المناسب لهذا الحركات والعروض الفارغة».
وهاجم المرشح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، محسن مهر علي زاده، في تغريدة على «تويتر»، إن «على مدى التاريخ لم ير الإيرانيون عدواً أكثر خبثاً من بريطانيا وأكثر حيلة وخيانة من روسيا»، وأضاف: «ليبق الشرح لوقت لاحق». لكنه عاد وأضاف: «نأمل أن تكون الصورة ذات المغزى من سفيري هذين الدولتين في طهران، في مقر السفارة الروسية، أن يكون درساً للعبرة وتحذيراً لأصحاب النزعة الروسية».
وكتبت عضو لجنة جبهة الإصلاحات، الناشطة آذر منصوري: «من لم يقرأ التاريخ لا يفهم معنى هذه الصورة بشكل دقيق، هنا إيران وهذه الوقاحات يجب ألا تبقى دون رد».
من جهته، دعا النائب السابق، حشمت فلاحت بيشه، الذي ترأس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، أثناء توقيع الاتفاق النووي، إلى طرد السفير الروسي، معرباً عن استغرابه لصمت نواب البرلمان.
ونقلت وكالة «إيلنا» عن فلاحت بيشه، قوله إن الردود على الخطوة الاستعمارية كانت متحفظة وغير كافية، بينما هي إساءة نوعاً ما للشعب الإيراني، وأضاف: «هذه الصورة أظهرت أن العلاقة بين روسيا وبريطانيا أكثر أهمية للروس من علاقتهم بإيران». وأضاف: «أعتقد أنه يجب طرد السفير الروسي، وهذا واقع لا يمكن إنكاره».

إيران تباشر مشروعاً استيطانياً في الجزر الإماراتية المحتلة بأوامر من خامنئي

كشف قائد الوحدة البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني، علي رضا تنغسيري، أمس، عن مباشرة مشروع استيطاني بأوامر من المرشد علي خامنئي في جزر الخليج العربي؛ منها الجزر الإماراتية المحتلة، فيما حاولت الأركان المسلحة إضفاء «الشرعية» على تصدّيها للقوات الأميركية في الخليج العربي، وسط تصعيد لفظي بعد حادث بحري بين سفن أميركية وزوارق إيرانية، واتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة بـ«التآمر اليومي» على بلاده، معلناً تمسك بلاده بـ«حراسة الخليج».
وقال قائد القوات البحرية في «الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري إن إيران «لن تسمح بحضور السفن الحربية الأجنبية في المنطقة».
وفي مؤشر على تصعيد مع دول الجوار، كشف تنغسيري في حديث إذاعي أمس وتناقلته مواقع إيرانية، عن أوامر المرشد الإيراني علي خامنئي بإطلاق مشروع استيطاني في جزر بالخليج العربي؛ منها الجزر الإماراتية المحتلة، لافتاً إلى تشييد مجمعات سكنية في الجزر في إطار المشروع.
وعدّ تنغسيري أوامر خامنئي لتأهيل الجرز للسكان، دليلاً على أن بلاده «تريد أمن المنطقة». وقال: «عندما يقول الشخص الأول في البلاد، يجب تأهيل (الجزر) للسكن، فهذا يعني أننا نريد الأمن في المنطقة».
وأشار تنغسيري إلى بناء مطارات وتشييد مصدات للأمواج في جزر الخليج على يد قواته. وقال في هذا الصدد: «شيدنا في طنب الكبرى مطاراً دولياً وفي طنب الصغرى نقوم ببناء مطار، كذلك أقامت الوحدة البحرية في (الحرس الثوري) أكثر من 50 مصداً للأمواج».
واحتج روحاني، خلال تعليق له على المناسبة التي تسميها إيران «يوم الخليج الفارسي»، على استخدام الولايات المتحدة تسمية «الخليج العربي».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن روحاني قوله في كلمة متلفزة: «يجب أن يفهموا الموقع بهذا الاسم وباسم الأمة الواقعة على شواطئه التي تحمي هذا الممر البحري من آلاف السنين».
وقال روحاني الذي تحدث خلال اجتماع لمجلس الوزراء: «عليهم أن لا يتآمروا على الأمة الإيرانية كل يوم». وأضاف أن «جنود قواتنا المسلحة في (الحرس الثوري) والجيش والباسيج (القوات شبه العسكرية) والشرطة، كانوا وسيظلون حراساً للخليج (...)».
وأفادت الولايات المتحدة في 15 أبريل (نيسان) الحالي بأن 11 زورقاً إيرانياً اقتربت من سفنها في «الخليج العربي»، متهمة إيران بإجراء «مناورات خطيرة» في البحر.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه أمر «البحرية الأميركية بضرب وتدمير أي سفينة إيرانية تضايق سفننا في البحر».
ورداً على ذلك، أعلن روحاني الأحد في بيان صادر عن مكتبه أن بلاده «تراقب من كثب الأميركيين وتتابع نشاطاتهم، لكنها لن تبادر أبداً إلى إشعال نزاع ولن تكون مصدراً للتوتر في المنطقة».
في غضون ذلك، حاولت الأركان المسلحة الإيرانية، أمس، أن تدفع بحجج قانونية لاعتراضها السفن الأميركية، وقالت على لسان المتحدث باسمها أبو الفضل شكارجي إنها ستسمح بمرور «غير مُؤذٍ» للسفن الأميركية في المياه الإيرانية.
ونقلت وكالات عن المتحدث باسم الأركان المسلحة، أنه «يمكن أن تمر مختلف السفن وفق القواعد الدولية»، من المياه الإيرانية في الخليج العربي وخليج عمان، لكنه في الوقت نفسه اتهم الأميركيين بـ«إزعاج» صيادي السمك و«تجاهل القضايا البيئية والاقتراب من المراكز العسكرية لدول المنطقة».
وقال شكارجي إن «الأميركيين من المؤكد جربوا أن أقل خطوة واعتداء على المياه الإيرانية، سيواجه صفعة أشد من السابق، لأننا لا نمزح في القضايا الدفاعية».
قبل ذلك بيومين، وجهت هيئة الأركان الإيرانية «تحذيراً شديداً» إلى الولايات المتحدة، من محاولة إثارة «توتر» في بحر عمان والخليج العربي. وقالت في بيان رسمي إن إيران «لم تكن ولن تكون أبداً مصدر توتر أو نزاع في المنطقة». وأضاف: «لكنها ستدافع دوماً عن وحدة وسلامة أراضيها بشكل ساحق وبعزم وشدة، ومن الواضح أن أي مغامرة أو مضايقة أو استفزاز سيقابل برد فعل حازم من القوات المسلحة الإيرانية سيتحمل عواقبه المعتدون، لا سيما الولايات المتحدة».
وفي موسكو، دعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، خلال مؤتمر صحافي، إيران إلى عدم الانسياق خلف «الاستفزازات» الأميركية؛ في تصريح يأتي في سياق تصعيد كلامي بين واشنطن وطهران عقب حادثة بحرية بين سفن أميركية وقوارب إيرانية في الخليج.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن زاخاروفا: «ندعو إلى أقصى درجات ضبط النفس، وإلى الانتباه لعدم الانسياق وراء الاستفزازات والخطاب الحربي، والتصرف بحزم في إطار القواعد الدولية والقانون الدولي». وأضافت أن «موسكو عدّت دوماً أن الاستقرار والأمن في منطقة الخليج هما من العوامل الرئيسية» لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

وأثار الموقف الروسي، حفيظة خصوم التقارب والتعاون بين طهران وموسكو؛ خصوصاً في الأوساط الإصلاحية والمعتدلة وأنصار الحكومة السابقة المؤيدين لسياسة الانفتاح على الغرب.

ونشر كل من وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان والناطق باسم الحكومة علي بهادري جهرمي، بيانا يرفض «المساس بسيادة الأراضي الإيرانية» دون الإشارة إلى روسيا. وهو ما عرض عبداللهيان لمزيد من الانتقادات على «تويتر».

وكان بعض مسؤولي الحكومة السابقة والنواب السابقين قد انتقدوا الموقف الروسي.

«سذاجة روسية»

 

اضطر علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إلى اتخاذ موقف من البيان الخليجي - الروسي، واصفا دعم روسيا لقضية الجزر الثلاث بأنه «ناجم عن سذاجتها».

وقال: «هذا العمل نوع من السذاجة التي نراها من الروس في بعض الأحيان، بعض أصدقائنا مثل روسيا وقفوا في الحفرة نفسها التي وقع فيها الصينيون».

ويوصف ولايتي بأنه أحد مهندسي استراتيجية «التطلع نحو الشرق» التي يطالب بتطبيقها خامنئي منذ سنوات.

وكان ولايتي يشير ضمناً إلى بيان صيني - خليجي صادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأبدى موقفاً مماثلاً من الجزر الثلاث، وأكد على أهمية مشاركة دول المنطقة لمعالجة الملف النووي الإيراني، والأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار، ومنع انتشار الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة وضمان سلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب حسين فدا مالكي لموقع «ديده بان»: «روسيا تقف إلى جانب إيران في بعض المواقف الدولية لكننا لم نتوقع هذه الخطوة منهم». وأضاف: «لقد ارتكب الروس خطأ تاريخياً».

ظريف ينتقد روسيا

ونقلت صحيفة «دنياي اقتصادي» عن وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، قوله إن «من الخطر معاداة روسيا وأميركا في إيران، لأننا يجب أن نعطي الأولوية لمصالحنا الوطنية، وبعد ذلك تؤخذ معارضة الهيمنة الأميركية في الحسبان».

وعلى غرار خامنئي، أعاد ظريف الحرب في أوكرانيا إلى الولايات المتحدة. وقال: «الوضع في أوكرانيا نتيجة اللعبة الأمنية لأميركا، بالطبع هذا لا يقلل من جرائم روسيا في أوكرانيا، لكن في الواقع أوكرانيا ضحية أميركا لكي تورط روسيا في مواجهة الإجماع العالمي».

ظريف يتحدث خلال مؤتمر بجامعة طهران (جماران)

انطلاقا من ذلك، اتهم ظريف إسرائيل بمتابعة «لعبة» و«مشروع» لجعل الملف النووي الإيراني «ذا طابع أمني» منذ عام 2004.

ومع ذلك، قال ظريف إن الاتفاق النووي «يعاني من خطابات مختلفة في إيران وأميركا». وأشار إلى خطابين «أحدهما خطاب غالب أراد القضاء على الاتفاق النووي». وأضاف: «في إيران كان خطاب التفاوض في مواجهة خطاب المقاومة أو رفض التفاوض... وفي أميركا خطاب الفرض يقابله خطاب التوصل لتفاهم، لذلك لم تتمكن طهران وواشنطن من مواجهة الخطاب الغالب».

وقال ظريف إن طهران «لديها تصور خاطئ من وضع علاقتها بروسيا، وتعتقد أن موسكو بإمكانها أن تكون حليفتها». وأضاف: «عندما لم تستخدم روسيا الفيتو ضد القرار 1696، فوجئ كثيرون رغم أنني كنت واثقا أن روسيا لن تستخدم حق النقض ضد هذا القرار».

وتابع ظريف «إنني لست معاديا لروسيا وكانت لدي 28 رحلة إلى روسيا في أثناء وزارتي».

وفي الشهور الأخيرة من مهامه الوزارية، تسربت شهادة صوتية من الأرشيف الرئاسي الإيراني، ويوجه فيها ظريف اتهامات لروسيا بالسعي لقلب الطاولة على مفاوضات الاتفاق النووي في عام 2015.

ويتهم ظريف موسكو في التسجيل نفسه بتوسيع نطاق التعاون الحربي في سوريا، مع قاسم سليماني مسؤول العلميات الخارجية لـ«الحرس الثوري» الذي قضى بضربة أميركية في العراق، بهدف منع إيران من قطف ثمار الاتفاق النووي والشراكة مع الغرب.

طهران تستدعي السفير الروسي... وترفض التفاوض بشأن الجزر الإماراتية المحتلة

أغلقت طهران الباب أمام الحوار بشأن الجزر الإماراتية المحتلة، واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير الروسي لدى طهران احتجاجاً على بيان خليجي_روسي يدعو إلى حل قضية عبر المفاوضات الثنائية أو التحكيم الدولي.

وأصدرت روسيا ومجلس التعاون الخليجي يوم الاثنين بيانا مشتركا أعرب فيه وزراء خارجية الدول عن دعم مبادرة إماراتية للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية.

وأبلغ مساعد وزير الخارجية الإيراني علي رضا عنايتي السفير الروسي احتجاج طهران على ما تضمنه البيان بشأن الجزر الثلاث التي تطالب الإمارات بإعادتها منذ سنوات.

وطالب عنايتي السفير «بتصحيح الموقف الروسي تجاه هذه القضية»، متحدثا عن «عائدية» الجزر لإيران حسبما بيان تناقلته وسائل إعلام إيرانية.

واستضافت موسكو الاجتماع الوزاري المشترك السادس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وروسيا يوم الاثنين الماضي، بمشاركة وزراء خارجية دول الخليج وروسيا والأمين العام للمجلس جاسم البديوي.

جلسة مباحثات بين وزير الخارجية الروسي ووزراء الخارجية لدول الخليج والأمين العام لمجلس التعاون في موسكو (أ.ب)

وأكد الوزراء في بيانهم الختامي على دعمهم لكافة الجهود السلمية «بما فيها مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، وذلك من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحل هذه القضية وفقا للشرعية الدولية».

ونقلت «رويترز» عن المستشار القانوني للرئيس الإيراني محمد دهقان اليوم الأربعاء قوله إن إيران لن تتفاوض على الجزر. وادعى أن «دراسة جميع الوثائق السابقة تظهر أن هذه الجزر تابعة لإيران ولا يمكن الجدال في ذلك».

والثلاثاء، ندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بالبيان الصادر عن روسيا ومجلس التعاون الخليجي باعتباره متناقضا مع العلاقات الودية بين إيران وجيرانها، وزعم أن «الجزر الثلاث تابعة لإيران إلى الأبد» على حد التعبير الذي أوردته وكالة «رويترز».

ودخل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان على خط الجدل الدائر بشأن الموقف الروسي من الجزر الثلاث. ودون أن يذكر اسما أو يشير إلى البيان، كتب عبداللهيان على تويتر «لن نجامل أي طرف على استقلال وسيادة وسلامة الأراضي الإيرانية».

وبدوره، كتب الناطق باسم الحكومة علي بهادري جهرمي على تويتر «لا نجامل أحدا بشأن المصالح الوطنية وسيادة الأراضي».

خصوم موسكو

وجاءت مواقف المسؤولين في حكومة الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في وقت صعد خصوم الحكومة، خصوصا أنصار الحكومة السابقة برئاسة الرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني، من حدة الانتقادات للتقارب الإيراني الروسي، خصوصاً فيما يتعلق بحرب أوكرانيا، الأمر الذي تسبب في تعثر مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن بهدف إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ورفع العقوبات الأميركية.

وكتب الناشط السياسي الإصلاحي حميد أبو طالبي، مستشار الرئيس الإيراني السابق، أن «هذا الموقف لم يكن مستبعدا من روسيا التي ارتكبت خيانات لا تغتفر على مدى أكثر من 100 عام».

وأضاف «الغريب أنه رغم العداءات الروسية مع إيران، خدعت روسيا مرة أخرى إيران، تسببت بخسارتنا في الاتفاق النووي، وأن نقع في فخ الحرب الروسية، وحققنا رغبة روسيا القيصرية وحرنناهم من عزلة العقوبات العالمية، وأطلعناهم على سبل الالتفاف على العقوبات، والآن ضربة أخرى للسيادة الوطنية».

وانتقد أبو طالبي السياسة الخارجية للحكومة الحالية ووصفها بـ«لا هدف» خصوصا في سياسة «التطلع نحو الشرق». وقال إنها «تعاني من تخبط استراتيجي خلال العامين الأخيرين من الأزمات العميقة في الشؤون السياسية في جميع المجالات الداخلية والخارجية بما في ذلك الاقتصاد والمجتمع والثقافة والقيم والدبلوماسية».

أما رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان السابق، النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه فقد كتب على تويتر أن «الخيانة الكبرى لروسيا سنراها عندما يجبر الديكتاتور على خفض التوتر مع الناتو».

وكتب الناشط الإصلاحي، عماد الدين باقي عبر قناته على تلغرام أن «الخطوة الروسية بعد إجراء مماثل من الصين، تظهر تراجع موقع إيران في العالم». وأضاف «من دون التنمية الاقتصادية وصورة ديمقراطية، لا توجد قوة، وإزاحة الستار عن الصواريخ وتقديم المسيرات لمساعدة روسيا في الاعتداء على أوكرانيا لم يمنعا هذه الوقاحات...».

وأضاف باقي «الدنيا لا تعير اهتماماً للتجمعات الحكومية، ولا تعترف بها كأداة جيدة، وإلا لما تحركوا ضدها بعد الملايين من التجمعات الحكومية المؤيدة لصدام والقذافي» وأضاف «لا يمكن إلحاق الضرر به، الانتخابات الحرة هي التي تؤمن الدولة».

وكتب المحلل السياسي الإصلاحي، أحمد زيد آبادي عبر قناته في تلغرام أن «مسؤولي الجمهورية الإسلامية لا يعرفون ضرورات السياسة الخارجية الصحيحة والمتوازنة والتي توفر المصالح الوطنية». وقال «باتخاذ سياسة معادية للغرب أجبروا على تقديم الفدية للصين وروسيا».

وأشاد زيد آبادي في الوقت نفسه بدول مجلس التعاون الخليجي بسبب توثيق علاقاتها مع جميع القوى العالمية بشكل متوازن، في سياق مصالحها الوطنية.

صورة مستوحاة من فترة «احتلال إيران» تثير انتقادات ضد موسكو

لم تمر ساعات على إعلان تشكيلة الحكومة الإيرانية الجديدة، حتى أثارت السفارة الروسية في طهران جدلاً واسعاً بنشر صورة مستوحاة من حدث تاريخي أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما كانت إيران تحت احتلال قوى التحالف ضد ألمانيا النازية، واستوضحت الخارجية الإيرانية، سفير روسيا، قبل أن تستدعي نظيره البريطاني، عقب انتقادات لاذعة من وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وتنديد المرشح لخلافته أمير عبد اللهيان، بالخطوة التي جددت السجال الداخلي حول الانفتاح على العالم الغربي، أو سياسة التوجه إلى الشرق.
ونشر الحساب الخاص بالسفارة الروسية على «تويتر» صورة بمناسبة ذكرى مؤتمر طهران في 1943 عندما كانت إيران تحت احتلال قوات الحلفاء. ويظهر في الصورة كل من السفير الروسي ليفان دزاجاريان، ونظيره البريطاني سيمون شيركليف، جالسين، وبينهما كرسي فارغ، حيث اجتمع رئيس الولايات المتحدة آنذاك فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، في السفارة الروسية خلال اجتماع استراتيجي في 1943، حسب «رويترز».
وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان، إن مسؤولاً رفيعاً أبلغ السفيرين إن نشر الصورة «أضرت بالمشاعر والاعتزاز الوطني للإيرانيين». واستعرض التلفزيون الإيراني مشاهد من اللقاء التاريخي، مع التركيز على أنه جرى سراً ومن دون علم شاه إيران، في القرن الماضي، قبل أن يطرح نموذجاً من الأسئلة، وقال في تقرير «لماذا ترمز صورة السفير البريطاني الذي وصل حديثاً إلى طهران، مع السفير الروسي الذي يقترب من نهايته؟». وأشار إلى أن الردود «عزلت حساب السفير الروسي عن البريطاني».
وكانت إيران تميل في الحرب العالمية الثانية لدول المحور التي تقودها ألمانيا النازية، رغم أنها أعلنت حياديتها في الحرب. وأثارت الصورة عاصفة من الانتقادات بينما كانت وسائل الإعلام منشغلة بتقييم التشكيلة الوزارية التي كشف عنها الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي. ورأى البعض في شبكات التواصل، أن «الهدف منها على ما يبدو هو تذكيرهم بوقت كان بلدهم تحت احتلال أجنبي»، حسب «رويترز». وذهب البعض إلى أنها «أول اختبار دبلوماسي» أو «أول تحدٍ» لحكومة إبراهيم رئيسي.
لكن وسائل إعلام إيرانية تناقلت صورة مماثلة في 21 سبتمبر (أيلول) 2017، مؤكدة أنها لم تقابل ردوداً في شبكات التواصل الاجتماعي حينها، رغم أنها نشرت عبر شبكة «إنستغرام»، في الحساب الرسمي لكل من السفارتين.
ولكن الردود على الصورة الجديدة، أخذت تتصاعد بعد تجاوب وزير الخارجية الإيراني المنتهية ولايته محمد جواد ظريف، مع حملة في «تويتر» ضد السفارة الروسية، ونشر تغريدة تصف الصورة بأنها «غير ملائمة بالمرة». ونبه في التغريدة إلى أن «أغسطس (آب) 2021 ليس أغسطس 1941 ولا ديسمبر (كانون الأول) 1943»، وتابع: «لقد أظهر الشعب الإيراني بما في ذلك في الاتفاق النووي، أن مصيره لن يتحدد أبداً في السفارات الأجنبية أو من قبل الأجانب».
ولم تمر ساعات حتى غرد رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، معلناً احتجاجه على «الخطوة البعيدة عن الآداب الدبلوماسية وغير المناسبة» لسفيري بريطانيا وروسيا. وطلب من وزارة الخارجية المتابعة. وحذر بالوقت نفسه من أن على الدبلوماسيين «تقديم الاعتذار فوراً إلا ستقابل الخطوة برد دبلوماسي حاسم».
وإشارة ظريف تأتي في وقت تجري طهران مفاوضات في فيينا مع القوى الكبرى الموقعة على اتفاق فيينا لعام 2015، لتحديد مصير العقوبات الأميركية والملف النووي الإيراني. وليست المرة الأولى هذا العام التي يوجه فيها كبير الدبلوماسيين الإيرانيين انتقادات للجهاز الدبلوماسي الروسي، ففي أبريل (نيسان) الماضي، كشف التسجيل الصوتي المسرب من شهادة ظريف عدم ثقته بالحليف الروسي، متهماً موسكو بالسعي لنسف الاتفاق النووي، خصوصاً بعد إعلانه وقبل دخوله السريان، عندما وجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حينذاك، دعوة إلى قائد «فيلق القدس» السابق، قاسم سليماني، الأمر الذي أعطى دفعة للأنشطة الإقليمية الإيرانية، خصوصاً في سوريا.
وجاءت تغريدة ظريف بعد عشر ساعات على نشر الصورة في حساب السفارة الروسية. وقبل أن يغرد الوزير بخمس ساعات، كتب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، في «تويتر»، إنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، نيكولاي باتروشيف، حول عدة ملفات إقليمية، معلناً «تذليل العقبات السياسية» للانضمام إلى اتفاقية شانغهاي للتعاون، على أن تصبح عضوية إيران نهائية «بعد انتهاء الإجراءات الفنية».
ويمثل شمخاني أبرز المسؤولين المقربين من مكتب «المرشد» علي خامنئي، ممن يرغبون بتقديم سياسة التوجه إلى الشرق، على حساب سياسة الانفتاح على الغرب التي يريدها ظريف والتيارات المؤيدة لنهجه في السياسة الخارجية، مثل الإصلاحيين.
وجاءت تغريدة ظريف، بمثابة الصدمة لموجة الأخبار في وسائل الإعلام المحلية عن التشكيلة التي أعلنها الرئيس الجديد، إبراهيم رئيسي، خصوصاً ترشيح دبلوماسي محسوب على «فيلق القدس»، أمير عبد اللهيان، لتولي حقيبة الخارجية، وهو أبرز منتقدي الاتفاق النووي الذي استعبد من فريق وزارة الخارجية بعد خلافات مع ظريف.
وسرعان ما دخل عبد اللهيان على خط ردود الأفعال، وكتب بتحفظ في «تويتر» إنها «كدرت مشاعر الرأي العام»، و«تظهر تجاهلاً للقواعد الدبلوماسية والاعتزاز الوطني للشعب الإيراني»، مشدداً على ضرورة «إصلاح وتعويض سريع لهذا الخطأ».
وذكرت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، أن «السفير الروسي أوضح عند استدعائه أن نيته من نشر هذه الصورة كان التذكير فحسب بتحالف روسيا وبريطانيا ضد الجيش النازي خلال الحرب العالمية الثانية». وأضاف البيان الذي بثه التلفزيون الرسمي: «لم يكن هناك أي دافع مناهض لإيران من نشر هذه الصورة». وتابع البيان أنه رغم التأكيد على العلاقات الودية بين إيران وروسيا، فإن مسؤولاً في وزارة الخارجية أوضح أن نشر الصورة «غير مقبول».
وقالت السفارة الروسية إنها لم تكن ترغب في التسبب بأي إهانة. وذكرت في تغريدة أنه «نظراً لرد الفعل الملتبس على صورتنا، نود الإشارة إلى أنها لا تنطوي على أي سياق مناهض لإيران. لن نؤذي مشاعر الشعب الإيراني الصديق». ونوهت بأن «المعنى الوحيد الذي تحمله هذه الصورة هو الإشادة بالجهود المشتركة للدول المتحالفة ضد النازية خلال الحرب العالمية الثانية».
وذكرت الخارجية الإيرانية في البيان أن السفير البريطاني الجديد، سايمون شركليف، عبر عن «أسفه لسوء الفهم» بخصوص الصورة، وقال إنه «لم تكن هناك أي نيات سيئة وراء نشرها».
ورأى أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام، الجنرال محسن رضايي، إن «السفير البريطاني بالذهاب إلى مأدبة السفير الروسي، أراد أن يقول إن روسيا وبريطانيا من دون الولايات المتحدة متحدتان بشأن إيران».
ومع ذلك، دعا رضائي الذي ترشح مؤخراً للرئاسة، السفيرين، إلى «استخلاص العبر من المعقد الفارغ للولايات المتحدة»، ونقلت وكالة «أرنا» عن رضائي قوله «يجب التعامل مع كلا السفيرين بشكل حاسم، لكي يفهما أن إيران ليست المكان المناسب لهذا الحركات والعروض الفارغة».
وهاجم المرشح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، محسن مهر علي زاده، في تغريدة على «تويتر»، إن «على مدى التاريخ لم ير الإيرانيون عدواً أكثر خبثاً من بريطانيا وأكثر حيلة وخيانة من روسيا»، وأضاف: «ليبق الشرح لوقت لاحق». لكنه عاد وأضاف: «نأمل أن تكون الصورة ذات المغزى من سفيري هذين الدولتين في طهران، في مقر السفارة الروسية، أن يكون درساً للعبرة وتحذيراً لأصحاب النزعة الروسية».
وكتبت عضو لجنة جبهة الإصلاحات، الناشطة آذر منصوري: «من لم يقرأ التاريخ لا يفهم معنى هذه الصورة بشكل دقيق، هنا إيران وهذه الوقاحات يجب ألا تبقى دون رد».
من جهته، دعا النائب السابق، حشمت فلاحت بيشه، الذي ترأس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، أثناء توقيع الاتفاق النووي، إلى طرد السفير الروسي، معرباً عن استغرابه لصمت نواب البرلمان.
ونقلت وكالة «إيلنا» عن فلاحت بيشه، قوله إن الردود على الخطوة الاستعمارية كانت متحفظة وغير كافية، بينما هي إساءة نوعاً ما للشعب الإيراني، وأضاف: «هذه الصورة أظهرت أن العلاقة بين روسيا وبريطانيا أكثر أهمية للروس من علاقتهم بإيران». وأضاف: «أعتقد أنه يجب طرد السفير الروسي، وهذا واقع لا يمكن إنكاره».

إيران تباشر مشروعاً استيطانياً في الجزر الإماراتية المحتلة بأوامر من خامنئي

كشف قائد الوحدة البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني، علي رضا تنغسيري، أمس، عن مباشرة مشروع استيطاني بأوامر من المرشد علي خامنئي في جزر الخليج العربي؛ منها الجزر الإماراتية المحتلة، فيما حاولت الأركان المسلحة إضفاء «الشرعية» على تصدّيها للقوات الأميركية في الخليج العربي، وسط تصعيد لفظي بعد حادث بحري بين سفن أميركية وزوارق إيرانية، واتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة بـ«التآمر اليومي» على بلاده، معلناً تمسك بلاده بـ«حراسة الخليج».
وقال قائد القوات البحرية في «الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري إن إيران «لن تسمح بحضور السفن الحربية الأجنبية في المنطقة».
وفي مؤشر على تصعيد مع دول الجوار، كشف تنغسيري في حديث إذاعي أمس وتناقلته مواقع إيرانية، عن أوامر المرشد الإيراني علي خامنئي بإطلاق مشروع استيطاني في جزر بالخليج العربي؛ منها الجزر الإماراتية المحتلة، لافتاً إلى تشييد مجمعات سكنية في الجزر في إطار المشروع.
وعدّ تنغسيري أوامر خامنئي لتأهيل الجرز للسكان، دليلاً على أن بلاده «تريد أمن المنطقة». وقال: «عندما يقول الشخص الأول في البلاد، يجب تأهيل (الجزر) للسكن، فهذا يعني أننا نريد الأمن في المنطقة».
وأشار تنغسيري إلى بناء مطارات وتشييد مصدات للأمواج في جزر الخليج على يد قواته. وقال في هذا الصدد: «شيدنا في طنب الكبرى مطاراً دولياً وفي طنب الصغرى نقوم ببناء مطار، كذلك أقامت الوحدة البحرية في (الحرس الثوري) أكثر من 50 مصداً للأمواج».
واحتج روحاني، خلال تعليق له على المناسبة التي تسميها إيران «يوم الخليج الفارسي»، على استخدام الولايات المتحدة تسمية «الخليج العربي».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن روحاني قوله في كلمة متلفزة: «يجب أن يفهموا الموقع بهذا الاسم وباسم الأمة الواقعة على شواطئه التي تحمي هذا الممر البحري من آلاف السنين».
وقال روحاني الذي تحدث خلال اجتماع لمجلس الوزراء: «عليهم أن لا يتآمروا على الأمة الإيرانية كل يوم». وأضاف أن «جنود قواتنا المسلحة في (الحرس الثوري) والجيش والباسيج (القوات شبه العسكرية) والشرطة، كانوا وسيظلون حراساً للخليج (...)».
وأفادت الولايات المتحدة في 15 أبريل (نيسان) الحالي بأن 11 زورقاً إيرانياً اقتربت من سفنها في «الخليج العربي»، متهمة إيران بإجراء «مناورات خطيرة» في البحر.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه أمر «البحرية الأميركية بضرب وتدمير أي سفينة إيرانية تضايق سفننا في البحر».
ورداً على ذلك، أعلن روحاني الأحد في بيان صادر عن مكتبه أن بلاده «تراقب من كثب الأميركيين وتتابع نشاطاتهم، لكنها لن تبادر أبداً إلى إشعال نزاع ولن تكون مصدراً للتوتر في المنطقة».
في غضون ذلك، حاولت الأركان المسلحة الإيرانية، أمس، أن تدفع بحجج قانونية لاعتراضها السفن الأميركية، وقالت على لسان المتحدث باسمها أبو الفضل شكارجي إنها ستسمح بمرور «غير مُؤذٍ» للسفن الأميركية في المياه الإيرانية.
ونقلت وكالات عن المتحدث باسم الأركان المسلحة، أنه «يمكن أن تمر مختلف السفن وفق القواعد الدولية»، من المياه الإيرانية في الخليج العربي وخليج عمان، لكنه في الوقت نفسه اتهم الأميركيين بـ«إزعاج» صيادي السمك و«تجاهل القضايا البيئية والاقتراب من المراكز العسكرية لدول المنطقة».
وقال شكارجي إن «الأميركيين من المؤكد جربوا أن أقل خطوة واعتداء على المياه الإيرانية، سيواجه صفعة أشد من السابق، لأننا لا نمزح في القضايا الدفاعية».
قبل ذلك بيومين، وجهت هيئة الأركان الإيرانية «تحذيراً شديداً» إلى الولايات المتحدة، من محاولة إثارة «توتر» في بحر عمان والخليج العربي. وقالت في بيان رسمي إن إيران «لم تكن ولن تكون أبداً مصدر توتر أو نزاع في المنطقة». وأضاف: «لكنها ستدافع دوماً عن وحدة وسلامة أراضيها بشكل ساحق وبعزم وشدة، ومن الواضح أن أي مغامرة أو مضايقة أو استفزاز سيقابل برد فعل حازم من القوات المسلحة الإيرانية سيتحمل عواقبه المعتدون، لا سيما الولايات المتحدة».
وفي موسكو، دعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، خلال مؤتمر صحافي، إيران إلى عدم الانسياق خلف «الاستفزازات» الأميركية؛ في تصريح يأتي في سياق تصعيد كلامي بين واشنطن وطهران عقب حادثة بحرية بين سفن أميركية وقوارب إيرانية في الخليج.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن زاخاروفا: «ندعو إلى أقصى درجات ضبط النفس، وإلى الانتباه لعدم الانسياق وراء الاستفزازات والخطاب الحربي، والتصرف بحزم في إطار القواعد الدولية والقانون الدولي». وأضافت أن «موسكو عدّت دوماً أن الاستقرار والأمن في منطقة الخليج هما من العوامل الرئيسية» لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

وكان أبو ترابي ثاني مسؤول محسوب على مكتب خامنئي يُعلق على موقف موسكو، بعدما اتهم علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، موسكو بـ«السذاجة». وقال: «هذا العمل نوع من السذاجة التي نراها من الروس أحياناً، بعض أصدقائنا مثل روسيا وقعوا في الحفرة التي وقع فيها الصينيون».

من جانب آخر، نقلت مواقع رسمية عن قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي قوله، أمام مؤتمر لقادة عمليات الجيش الإيراني: «نحن حساسون بشأن كل ذرة من ترابنا، وكل ما يثار من حين لآخر حول ممتلكات الجمهورية الإسلامية».

وانضمّ حسن خميني، حفيد المرشد الإيراني الأول، إلى حلفائه الإصلاحيين والمعتدلين، موجهاً انتقادات إلى موسكو. ونقل موقع «جماران»، الناطق باسم مؤسسة الخميني، قوله إن «الشعب الإيراني لا يقبل أن تصدر من دولةٍ ما تصريحات مشبوهة حول أرضنا بسبب مصالحها الاقتصادية مع دول الخليج (...)».

وطالب حفيد الخميني مسؤولي الجهاز الدبلوماسي الإيراني بإعادة النظر في تعاملهم مع هذه الدول.

لافروف يستبعد إحياء «النووي» في خضم انتقادات إيرانية لموسكو

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم، إنه من غير الواقعي حالياً توقع أي تفاهمات إضافية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وذلك في وقت تواجه موسكو انتقادات غاضبة من حلفائها وخصومها في طهران بعد تأييدها مبادرة إماراتية تدعو إلى حل قضية الجزر الثلاث في الخليج العربي.

وحمل لافروف الولايات المتحدة مسؤولية «فشل» الاتفاق النووي. وقال للصحافيين إن التوقعات بأي تفاهمات إضافية لإحياء الاتفاق النووي «غير واقعية في ظل الظروف الحالية مع بقاء ما يزيد على سنة بقليل حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024».

وأفادت وكالة «تاس» الروسية عن لافروف قوله على هامش المؤتمر الوزاري لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في جاكرتا اليوم: «أشك في أن يكون من الواقعي توقع هذا (إحياء الاتفاق) مع (احتمال) وصول إدارة جديدة إلى السلطة في الولايات المتحدة في غضون عام».

وأبدى لافروف شكوكا في تماسك الاتفاق، قائلا: «من يدري ما إذا كانت الإدارة ستكون ديمقراطية أم جمهورية، لا أحد يستطيع ضمان أن الإدارة الجديدة لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى».

وقال لافروف إن واشنطن «رفضت القرار الذي جرى تبنيه بالإجماع»، معرباً عن أسفه على أن إدارة بايدن «عندما وصلت إلى السلطة، قالوا إنهم مستعدون لاستعادة البرنامج (...)، ولكن بدلاً من اتخاذ قرار بإحياء الاتفاق بالكامل، كانوا يتفاوضون على شيء إضافي من طهران».

وقال مسؤولون غربيون وإيرانيون في وقت سابق من الشهر الحالي إن الولايات المتحدة، بعد الفشل في إحياء الاتفاق، أجرت محادثات مع إيران في محاولة لتخفيف حدة التوتر عن طريق تحديد خطوات من شأنها أن تحد من البرنامج النووي الإيراني وتؤدي للإفراج عن رعايا أميركيين تحتجزهم طهران منذ سنوات وإلغاء تجميد بعض الأصول الإيرانية في الخارج.

وقال لافروف «سنرحب فقط بالسيناريو الذي يمكن من خلاله تطبيق هذه الصفقة، لكن لا علاقة لذلك بالاتفاق النووي».

وجاءت تصريحات لافروف بعد أقل من 24 ساعة، حمّل فيها المرشد الإيراني علي خامنئي الولايات المتحدة وشركاتها لصناعة الأسلحة مسؤولية الحرب في أوكرانيا، من دون أن يتطرق مرة أخرى إلى اسم روسيا.

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من رجال الدين في طهران أمس

ووصف خامنئي الشعب الأوكراني بـ«البائس» و«الأعزل» و«الضحية». وقال: «هؤلاء (الأميركيون) مستعدون أن يدفعوا الأمة الأوكرانية البائسة والمعزولة إلى الأمام لكي يملأوا جيوب شركات صناعة الأسلحة الأميركية» حسبما أورد موقعه الرسمي.

تتزامن انتقادات لافروف وخامنئي للولايات المتحدة، مع أحدث موجة انتقادات داخلية في إيران للتقارب مع روسيا، وذلك بعدما أصدر وزراء خارجية روسيا ومجلس التعاون الخليجي بياناً مشتركاً يدعم مبادرة إماراتية ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية.

طهران تستدعي السفير الروسي... وترفض التفاوض بشأن الجزر الإماراتية المحتلة

أغلقت طهران الباب أمام الحوار بشأن الجزر الإماراتية المحتلة، واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير الروسي لدى طهران احتجاجاً على بيان خليجي_روسي يدعو إلى حل قضية عبر المفاوضات الثنائية أو التحكيم الدولي.

وأصدرت روسيا ومجلس التعاون الخليجي يوم الاثنين بيانا مشتركا أعرب فيه وزراء خارجية الدول عن دعم مبادرة إماراتية للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية.

وأبلغ مساعد وزير الخارجية الإيراني علي رضا عنايتي السفير الروسي احتجاج طهران على ما تضمنه البيان بشأن الجزر الثلاث التي تطالب الإمارات بإعادتها منذ سنوات.

وطالب عنايتي السفير «بتصحيح الموقف الروسي تجاه هذه القضية»، متحدثا عن «عائدية» الجزر لإيران حسبما بيان تناقلته وسائل إعلام إيرانية.

واستضافت موسكو الاجتماع الوزاري المشترك السادس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وروسيا يوم الاثنين الماضي، بمشاركة وزراء خارجية دول الخليج وروسيا والأمين العام للمجلس جاسم البديوي.

جلسة مباحثات بين وزير الخارجية الروسي ووزراء الخارجية لدول الخليج والأمين العام لمجلس التعاون في موسكو (أ.ب)

وأكد الوزراء في بيانهم الختامي على دعمهم لكافة الجهود السلمية «بما فيها مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، وذلك من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحل هذه القضية وفقا للشرعية الدولية».

ونقلت «رويترز» عن المستشار القانوني للرئيس الإيراني محمد دهقان اليوم الأربعاء قوله إن إيران لن تتفاوض على الجزر. وادعى أن «دراسة جميع الوثائق السابقة تظهر أن هذه الجزر تابعة لإيران ولا يمكن الجدال في ذلك».

والثلاثاء، ندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بالبيان الصادر عن روسيا ومجلس التعاون الخليجي باعتباره متناقضا مع العلاقات الودية بين إيران وجيرانها، وزعم أن «الجزر الثلاث تابعة لإيران إلى الأبد» على حد التعبير الذي أوردته وكالة «رويترز».

ودخل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان على خط الجدل الدائر بشأن الموقف الروسي من الجزر الثلاث. ودون أن يذكر اسما أو يشير إلى البيان، كتب عبداللهيان على تويتر «لن نجامل أي طرف على استقلال وسيادة وسلامة الأراضي الإيرانية».

وبدوره، كتب الناطق باسم الحكومة علي بهادري جهرمي على تويتر «لا نجامل أحدا بشأن المصالح الوطنية وسيادة الأراضي».

خصوم موسكو

وجاءت مواقف المسؤولين في حكومة الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في وقت صعد خصوم الحكومة، خصوصا أنصار الحكومة السابقة برئاسة الرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني، من حدة الانتقادات للتقارب الإيراني الروسي، خصوصاً فيما يتعلق بحرب أوكرانيا، الأمر الذي تسبب في تعثر مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن بهدف إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ورفع العقوبات الأميركية.

وكتب الناشط السياسي الإصلاحي حميد أبو طالبي، مستشار الرئيس الإيراني السابق، أن «هذا الموقف لم يكن مستبعدا من روسيا التي ارتكبت خيانات لا تغتفر على مدى أكثر من 100 عام».

وأضاف «الغريب أنه رغم العداءات الروسية مع إيران، خدعت روسيا مرة أخرى إيران، تسببت بخسارتنا في الاتفاق النووي، وأن نقع في فخ الحرب الروسية، وحققنا رغبة روسيا القيصرية وحرنناهم من عزلة العقوبات العالمية، وأطلعناهم على سبل الالتفاف على العقوبات، والآن ضربة أخرى للسيادة الوطنية».

وانتقد أبو طالبي السياسة الخارجية للحكومة الحالية ووصفها بـ«لا هدف» خصوصا في سياسة «التطلع نحو الشرق». وقال إنها «تعاني من تخبط استراتيجي خلال العامين الأخيرين من الأزمات العميقة في الشؤون السياسية في جميع المجالات الداخلية والخارجية بما في ذلك الاقتصاد والمجتمع والثقافة والقيم والدبلوماسية».

أما رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان السابق، النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه فقد كتب على تويتر أن «الخيانة الكبرى لروسيا سنراها عندما يجبر الديكتاتور على خفض التوتر مع الناتو».

وكتب الناشط الإصلاحي، عماد الدين باقي عبر قناته على تلغرام أن «الخطوة الروسية بعد إجراء مماثل من الصين، تظهر تراجع موقع إيران في العالم». وأضاف «من دون التنمية الاقتصادية وصورة ديمقراطية، لا توجد قوة، وإزاحة الستار عن الصواريخ وتقديم المسيرات لمساعدة روسيا في الاعتداء على أوكرانيا لم يمنعا هذه الوقاحات...».

وأضاف باقي «الدنيا لا تعير اهتماماً للتجمعات الحكومية، ولا تعترف بها كأداة جيدة، وإلا لما تحركوا ضدها بعد الملايين من التجمعات الحكومية المؤيدة لصدام والقذافي» وأضاف «لا يمكن إلحاق الضرر به، الانتخابات الحرة هي التي تؤمن الدولة».

وكتب المحلل السياسي الإصلاحي، أحمد زيد آبادي عبر قناته في تلغرام أن «مسؤولي الجمهورية الإسلامية لا يعرفون ضرورات السياسة الخارجية الصحيحة والمتوازنة والتي توفر المصالح الوطنية». وقال «باتخاذ سياسة معادية للغرب أجبروا على تقديم الفدية للصين وروسيا».

وأشاد زيد آبادي في الوقت نفسه بدول مجلس التعاون الخليجي بسبب توثيق علاقاتها مع جميع القوى العالمية بشكل متوازن، في سياق مصالحها الوطنية.

صورة مستوحاة من فترة «احتلال إيران» تثير انتقادات ضد موسكو

لم تمر ساعات على إعلان تشكيلة الحكومة الإيرانية الجديدة، حتى أثارت السفارة الروسية في طهران جدلاً واسعاً بنشر صورة مستوحاة من حدث تاريخي أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما كانت إيران تحت احتلال قوى التحالف ضد ألمانيا النازية، واستوضحت الخارجية الإيرانية، سفير روسيا، قبل أن تستدعي نظيره البريطاني، عقب انتقادات لاذعة من وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وتنديد المرشح لخلافته أمير عبد اللهيان، بالخطوة التي جددت السجال الداخلي حول الانفتاح على العالم الغربي، أو سياسة التوجه إلى الشرق.
ونشر الحساب الخاص بالسفارة الروسية على «تويتر» صورة بمناسبة ذكرى مؤتمر طهران في 1943 عندما كانت إيران تحت احتلال قوات الحلفاء. ويظهر في الصورة كل من السفير الروسي ليفان دزاجاريان، ونظيره البريطاني سيمون شيركليف، جالسين، وبينهما كرسي فارغ، حيث اجتمع رئيس الولايات المتحدة آنذاك فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، في السفارة الروسية خلال اجتماع استراتيجي في 1943، حسب «رويترز».
وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان، إن مسؤولاً رفيعاً أبلغ السفيرين إن نشر الصورة «أضرت بالمشاعر والاعتزاز الوطني للإيرانيين». واستعرض التلفزيون الإيراني مشاهد من اللقاء التاريخي، مع التركيز على أنه جرى سراً ومن دون علم شاه إيران، في القرن الماضي، قبل أن يطرح نموذجاً من الأسئلة، وقال في تقرير «لماذا ترمز صورة السفير البريطاني الذي وصل حديثاً إلى طهران، مع السفير الروسي الذي يقترب من نهايته؟». وأشار إلى أن الردود «عزلت حساب السفير الروسي عن البريطاني».
وكانت إيران تميل في الحرب العالمية الثانية لدول المحور التي تقودها ألمانيا النازية، رغم أنها أعلنت حياديتها في الحرب. وأثارت الصورة عاصفة من الانتقادات بينما كانت وسائل الإعلام منشغلة بتقييم التشكيلة الوزارية التي كشف عنها الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي. ورأى البعض في شبكات التواصل، أن «الهدف منها على ما يبدو هو تذكيرهم بوقت كان بلدهم تحت احتلال أجنبي»، حسب «رويترز». وذهب البعض إلى أنها «أول اختبار دبلوماسي» أو «أول تحدٍ» لحكومة إبراهيم رئيسي.
لكن وسائل إعلام إيرانية تناقلت صورة مماثلة في 21 سبتمبر (أيلول) 2017، مؤكدة أنها لم تقابل ردوداً في شبكات التواصل الاجتماعي حينها، رغم أنها نشرت عبر شبكة «إنستغرام»، في الحساب الرسمي لكل من السفارتين.
ولكن الردود على الصورة الجديدة، أخذت تتصاعد بعد تجاوب وزير الخارجية الإيراني المنتهية ولايته محمد جواد ظريف، مع حملة في «تويتر» ضد السفارة الروسية، ونشر تغريدة تصف الصورة بأنها «غير ملائمة بالمرة». ونبه في التغريدة إلى أن «أغسطس (آب) 2021 ليس أغسطس 1941 ولا ديسمبر (كانون الأول) 1943»، وتابع: «لقد أظهر الشعب الإيراني بما في ذلك في الاتفاق النووي، أن مصيره لن يتحدد أبداً في السفارات الأجنبية أو من قبل الأجانب».
ولم تمر ساعات حتى غرد رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، معلناً احتجاجه على «الخطوة البعيدة عن الآداب الدبلوماسية وغير المناسبة» لسفيري بريطانيا وروسيا. وطلب من وزارة الخارجية المتابعة. وحذر بالوقت نفسه من أن على الدبلوماسيين «تقديم الاعتذار فوراً إلا ستقابل الخطوة برد دبلوماسي حاسم».
وإشارة ظريف تأتي في وقت تجري طهران مفاوضات في فيينا مع القوى الكبرى الموقعة على اتفاق فيينا لعام 2015، لتحديد مصير العقوبات الأميركية والملف النووي الإيراني. وليست المرة الأولى هذا العام التي يوجه فيها كبير الدبلوماسيين الإيرانيين انتقادات للجهاز الدبلوماسي الروسي، ففي أبريل (نيسان) الماضي، كشف التسجيل الصوتي المسرب من شهادة ظريف عدم ثقته بالحليف الروسي، متهماً موسكو بالسعي لنسف الاتفاق النووي، خصوصاً بعد إعلانه وقبل دخوله السريان، عندما وجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حينذاك، دعوة إلى قائد «فيلق القدس» السابق، قاسم سليماني، الأمر الذي أعطى دفعة للأنشطة الإقليمية الإيرانية، خصوصاً في سوريا.
وجاءت تغريدة ظريف بعد عشر ساعات على نشر الصورة في حساب السفارة الروسية. وقبل أن يغرد الوزير بخمس ساعات، كتب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، في «تويتر»، إنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، نيكولاي باتروشيف، حول عدة ملفات إقليمية، معلناً «تذليل العقبات السياسية» للانضمام إلى اتفاقية شانغهاي للتعاون، على أن تصبح عضوية إيران نهائية «بعد انتهاء الإجراءات الفنية».
ويمثل شمخاني أبرز المسؤولين المقربين من مكتب «المرشد» علي خامنئي، ممن يرغبون بتقديم سياسة التوجه إلى الشرق، على حساب سياسة الانفتاح على الغرب التي يريدها ظريف والتيارات المؤيدة لنهجه في السياسة الخارجية، مثل الإصلاحيين.
وجاءت تغريدة ظريف، بمثابة الصدمة لموجة الأخبار في وسائل الإعلام المحلية عن التشكيلة التي أعلنها الرئيس الجديد، إبراهيم رئيسي، خصوصاً ترشيح دبلوماسي محسوب على «فيلق القدس»، أمير عبد اللهيان، لتولي حقيبة الخارجية، وهو أبرز منتقدي الاتفاق النووي الذي استعبد من فريق وزارة الخارجية بعد خلافات مع ظريف.
وسرعان ما دخل عبد اللهيان على خط ردود الأفعال، وكتب بتحفظ في «تويتر» إنها «كدرت مشاعر الرأي العام»، و«تظهر تجاهلاً للقواعد الدبلوماسية والاعتزاز الوطني للشعب الإيراني»، مشدداً على ضرورة «إصلاح وتعويض سريع لهذا الخطأ».
وذكرت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، أن «السفير الروسي أوضح عند استدعائه أن نيته من نشر هذه الصورة كان التذكير فحسب بتحالف روسيا وبريطانيا ضد الجيش النازي خلال الحرب العالمية الثانية». وأضاف البيان الذي بثه التلفزيون الرسمي: «لم يكن هناك أي دافع مناهض لإيران من نشر هذه الصورة». وتابع البيان أنه رغم التأكيد على العلاقات الودية بين إيران وروسيا، فإن مسؤولاً في وزارة الخارجية أوضح أن نشر الصورة «غير مقبول».
وقالت السفارة الروسية إنها لم تكن ترغب في التسبب بأي إهانة. وذكرت في تغريدة أنه «نظراً لرد الفعل الملتبس على صورتنا، نود الإشارة إلى أنها لا تنطوي على أي سياق مناهض لإيران. لن نؤذي مشاعر الشعب الإيراني الصديق». ونوهت بأن «المعنى الوحيد الذي تحمله هذه الصورة هو الإشادة بالجهود المشتركة للدول المتحالفة ضد النازية خلال الحرب العالمية الثانية».
وذكرت الخارجية الإيرانية في البيان أن السفير البريطاني الجديد، سايمون شركليف، عبر عن «أسفه لسوء الفهم» بخصوص الصورة، وقال إنه «لم تكن هناك أي نيات سيئة وراء نشرها».
ورأى أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام، الجنرال محسن رضايي، إن «السفير البريطاني بالذهاب إلى مأدبة السفير الروسي، أراد أن يقول إن روسيا وبريطانيا من دون الولايات المتحدة متحدتان بشأن إيران».
ومع ذلك، دعا رضائي الذي ترشح مؤخراً للرئاسة، السفيرين، إلى «استخلاص العبر من المعقد الفارغ للولايات المتحدة»، ونقلت وكالة «أرنا» عن رضائي قوله «يجب التعامل مع كلا السفيرين بشكل حاسم، لكي يفهما أن إيران ليست المكان المناسب لهذا الحركات والعروض الفارغة».
وهاجم المرشح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، محسن مهر علي زاده، في تغريدة على «تويتر»، إن «على مدى التاريخ لم ير الإيرانيون عدواً أكثر خبثاً من بريطانيا وأكثر حيلة وخيانة من روسيا»، وأضاف: «ليبق الشرح لوقت لاحق». لكنه عاد وأضاف: «نأمل أن تكون الصورة ذات المغزى من سفيري هذين الدولتين في طهران، في مقر السفارة الروسية، أن يكون درساً للعبرة وتحذيراً لأصحاب النزعة الروسية».
وكتبت عضو لجنة جبهة الإصلاحات، الناشطة آذر منصوري: «من لم يقرأ التاريخ لا يفهم معنى هذه الصورة بشكل دقيق، هنا إيران وهذه الوقاحات يجب ألا تبقى دون رد».
من جهته، دعا النائب السابق، حشمت فلاحت بيشه، الذي ترأس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، أثناء توقيع الاتفاق النووي، إلى طرد السفير الروسي، معرباً عن استغرابه لصمت نواب البرلمان.
ونقلت وكالة «إيلنا» عن فلاحت بيشه، قوله إن الردود على الخطوة الاستعمارية كانت متحفظة وغير كافية، بينما هي إساءة نوعاً ما للشعب الإيراني، وأضاف: «هذه الصورة أظهرت أن العلاقة بين روسيا وبريطانيا أكثر أهمية للروس من علاقتهم بإيران». وأضاف: «أعتقد أنه يجب طرد السفير الروسي، وهذا واقع لا يمكن إنكاره».

إيران تباشر مشروعاً استيطانياً في الجزر الإماراتية المحتلة بأوامر من خامنئي

كشف قائد الوحدة البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني، علي رضا تنغسيري، أمس، عن مباشرة مشروع استيطاني بأوامر من المرشد علي خامنئي في جزر الخليج العربي؛ منها الجزر الإماراتية المحتلة، فيما حاولت الأركان المسلحة إضفاء «الشرعية» على تصدّيها للقوات الأميركية في الخليج العربي، وسط تصعيد لفظي بعد حادث بحري بين سفن أميركية وزوارق إيرانية، واتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة بـ«التآمر اليومي» على بلاده، معلناً تمسك بلاده بـ«حراسة الخليج».
وقال قائد القوات البحرية في «الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري إن إيران «لن تسمح بحضور السفن الحربية الأجنبية في المنطقة».
وفي مؤشر على تصعيد مع دول الجوار، كشف تنغسيري في حديث إذاعي أمس وتناقلته مواقع إيرانية، عن أوامر المرشد الإيراني علي خامنئي بإطلاق مشروع استيطاني في جزر بالخليج العربي؛ منها الجزر الإماراتية المحتلة، لافتاً إلى تشييد مجمعات سكنية في الجزر في إطار المشروع.
وعدّ تنغسيري أوامر خامنئي لتأهيل الجرز للسكان، دليلاً على أن بلاده «تريد أمن المنطقة». وقال: «عندما يقول الشخص الأول في البلاد، يجب تأهيل (الجزر) للسكن، فهذا يعني أننا نريد الأمن في المنطقة».
وأشار تنغسيري إلى بناء مطارات وتشييد مصدات للأمواج في جزر الخليج على يد قواته. وقال في هذا الصدد: «شيدنا في طنب الكبرى مطاراً دولياً وفي طنب الصغرى نقوم ببناء مطار، كذلك أقامت الوحدة البحرية في (الحرس الثوري) أكثر من 50 مصداً للأمواج».
واحتج روحاني، خلال تعليق له على المناسبة التي تسميها إيران «يوم الخليج الفارسي»، على استخدام الولايات المتحدة تسمية «الخليج العربي».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن روحاني قوله في كلمة متلفزة: «يجب أن يفهموا الموقع بهذا الاسم وباسم الأمة الواقعة على شواطئه التي تحمي هذا الممر البحري من آلاف السنين».
وقال روحاني الذي تحدث خلال اجتماع لمجلس الوزراء: «عليهم أن لا يتآمروا على الأمة الإيرانية كل يوم». وأضاف أن «جنود قواتنا المسلحة في (الحرس الثوري) والجيش والباسيج (القوات شبه العسكرية) والشرطة، كانوا وسيظلون حراساً للخليج (...)».
وأفادت الولايات المتحدة في 15 أبريل (نيسان) الحالي بأن 11 زورقاً إيرانياً اقتربت من سفنها في «الخليج العربي»، متهمة إيران بإجراء «مناورات خطيرة» في البحر.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه أمر «البحرية الأميركية بضرب وتدمير أي سفينة إيرانية تضايق سفننا في البحر».
ورداً على ذلك، أعلن روحاني الأحد في بيان صادر عن مكتبه أن بلاده «تراقب من كثب الأميركيين وتتابع نشاطاتهم، لكنها لن تبادر أبداً إلى إشعال نزاع ولن تكون مصدراً للتوتر في المنطقة».
في غضون ذلك، حاولت الأركان المسلحة الإيرانية، أمس، أن تدفع بحجج قانونية لاعتراضها السفن الأميركية، وقالت على لسان المتحدث باسمها أبو الفضل شكارجي إنها ستسمح بمرور «غير مُؤذٍ» للسفن الأميركية في المياه الإيرانية.
ونقلت وكالات عن المتحدث باسم الأركان المسلحة، أنه «يمكن أن تمر مختلف السفن وفق القواعد الدولية»، من المياه الإيرانية في الخليج العربي وخليج عمان، لكنه في الوقت نفسه اتهم الأميركيين بـ«إزعاج» صيادي السمك و«تجاهل القضايا البيئية والاقتراب من المراكز العسكرية لدول المنطقة».
وقال شكارجي إن «الأميركيين من المؤكد جربوا أن أقل خطوة واعتداء على المياه الإيرانية، سيواجه صفعة أشد من السابق، لأننا لا نمزح في القضايا الدفاعية».
قبل ذلك بيومين، وجهت هيئة الأركان الإيرانية «تحذيراً شديداً» إلى الولايات المتحدة، من محاولة إثارة «توتر» في بحر عمان والخليج العربي. وقالت في بيان رسمي إن إيران «لم تكن ولن تكون أبداً مصدر توتر أو نزاع في المنطقة». وأضاف: «لكنها ستدافع دوماً عن وحدة وسلامة أراضيها بشكل ساحق وبعزم وشدة، ومن الواضح أن أي مغامرة أو مضايقة أو استفزاز سيقابل برد فعل حازم من القوات المسلحة الإيرانية سيتحمل عواقبه المعتدون، لا سيما الولايات المتحدة».
وفي موسكو، دعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، خلال مؤتمر صحافي، إيران إلى عدم الانسياق خلف «الاستفزازات» الأميركية؛ في تصريح يأتي في سياق تصعيد كلامي بين واشنطن وطهران عقب حادثة بحرية بين سفن أميركية وقوارب إيرانية في الخليج.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن زاخاروفا: «ندعو إلى أقصى درجات ضبط النفس، وإلى الانتباه لعدم الانسياق وراء الاستفزازات والخطاب الحربي، والتصرف بحزم في إطار القواعد الدولية والقانون الدولي». وأضافت أن «موسكو عدّت دوماً أن الاستقرار والأمن في منطقة الخليج هما من العوامل الرئيسية» لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

وأثار الموقف الروسي، حفيظة خصوم التقارب والتعاون بين طهران وموسكو؛ خصوصاً في الأوساط الإصلاحية والمعتدلة وأنصار الحكومة السابقة المؤيدين لسياسة الانفتاح على الغرب.

ونشر كل من وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان والناطق باسم الحكومة علي بهادري جهرمي، بيانا يرفض «المساس بسيادة الأراضي الإيرانية» دون الإشارة إلى روسيا. وهو ما عرض عبداللهيان لمزيد من الانتقادات على «تويتر».

وكان بعض مسؤولي الحكومة السابقة والنواب السابقين قد انتقدوا الموقف الروسي.

«سذاجة روسية»

 

اضطر علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إلى اتخاذ موقف من البيان الخليجي - الروسي، واصفا دعم روسيا لقضية الجزر الثلاث بأنه «ناجم عن سذاجتها».

وقال: «هذا العمل نوع من السذاجة التي نراها من الروس في بعض الأحيان، بعض أصدقائنا مثل روسيا وقفوا في الحفرة نفسها التي وقع فيها الصينيون».

ويوصف ولايتي بأنه أحد مهندسي استراتيجية «التطلع نحو الشرق» التي يطالب بتطبيقها خامنئي منذ سنوات.

وكان ولايتي يشير ضمناً إلى بيان صيني - خليجي صادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأبدى موقفاً مماثلاً من الجزر الثلاث، وأكد على أهمية مشاركة دول المنطقة لمعالجة الملف النووي الإيراني، والأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار، ومنع انتشار الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة وضمان سلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب حسين فدا مالكي لموقع «ديده بان»: «روسيا تقف إلى جانب إيران في بعض المواقف الدولية لكننا لم نتوقع هذه الخطوة منهم». وأضاف: «لقد ارتكب الروس خطأ تاريخياً».

ظريف ينتقد روسيا

ونقلت صحيفة «دنياي اقتصادي» عن وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، قوله إن «من الخطر معاداة روسيا وأميركا في إيران، لأننا يجب أن نعطي الأولوية لمصالحنا الوطنية، وبعد ذلك تؤخذ معارضة الهيمنة الأميركية في الحسبان».

وعلى غرار خامنئي، أعاد ظريف الحرب في أوكرانيا إلى الولايات المتحدة. وقال: «الوضع في أوكرانيا نتيجة اللعبة الأمنية لأميركا، بالطبع هذا لا يقلل من جرائم روسيا في أوكرانيا، لكن في الواقع أوكرانيا ضحية أميركا لكي تورط روسيا في مواجهة الإجماع العالمي».

ظريف يتحدث خلال مؤتمر بجامعة طهران (جماران)

انطلاقا من ذلك، اتهم ظريف إسرائيل بمتابعة «لعبة» و«مشروع» لجعل الملف النووي الإيراني «ذا طابع أمني» منذ عام 2004.

ومع ذلك، قال ظريف إن الاتفاق النووي «يعاني من خطابات مختلفة في إيران وأميركا». وأشار إلى خطابين «أحدهما خطاب غالب أراد القضاء على الاتفاق النووي». وأضاف: «في إيران كان خطاب التفاوض في مواجهة خطاب المقاومة أو رفض التفاوض... وفي أميركا خطاب الفرض يقابله خطاب التوصل لتفاهم، لذلك لم تتمكن طهران وواشنطن من مواجهة الخطاب الغالب».

وقال ظريف إن طهران «لديها تصور خاطئ من وضع علاقتها بروسيا، وتعتقد أن موسكو بإمكانها أن تكون حليفتها». وأضاف: «عندما لم تستخدم روسيا الفيتو ضد القرار 1696، فوجئ كثيرون رغم أنني كنت واثقا أن روسيا لن تستخدم حق النقض ضد هذا القرار».

وتابع ظريف «إنني لست معاديا لروسيا وكانت لدي 28 رحلة إلى روسيا في أثناء وزارتي».

وفي الشهور الأخيرة من مهامه الوزارية، تسربت شهادة صوتية من الأرشيف الرئاسي الإيراني، ويوجه فيها ظريف اتهامات لروسيا بالسعي لقلب الطاولة على مفاوضات الاتفاق النووي في عام 2015.

ويتهم ظريف موسكو في التسجيل نفسه بتوسيع نطاق التعاون الحربي في سوريا، مع قاسم سليماني مسؤول العلميات الخارجية لـ«الحرس الثوري» الذي قضى بضربة أميركية في العراق، بهدف منع إيران من قطف ثمار الاتفاق النووي والشراكة مع الغرب.

تصاعد التوترات

يأتي إعادة انتشار قوات «الحرس الثوري» في جزيرة أبو موسى، بعد أسابيع من انتقادات حادة وجّهتها طهران إلى موسكو واستدعاء السفير الروسي لديها، في أعقاب ترحيب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظرائه في مجلس التعاون الخليجي، ببيان يدعم مبادرة إماراتية ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث المحتلة؛ طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو «محكمة العدل الدولية».

وفي الشهر الماضي، أرسلت الولايات المتحدة مزيداً من الطائرات المقاتلة من طراز «إف35» و«إف16» إلى جانب سفينة حربية إلى الشرق الأوسط في محاولة لمراقبة الممرات المائية الرئيسية في المنطقة بعد احتجاز إيران سفن شحن تجارية في الأشهر القليلة الماضية.

وفي أحدث خطوة، أرسلت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، حاملة طائرات الأميركية «باتان» إلى الخليج للمشاركة في مهمة حماية الملاحة في مضيق هرمز، في رسالة تحذير لإيران، بينما يسود الترقب بشأن مستقبل المسار المتعثر لمحادثات إحياء الاتفاق النووي.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ذكرت وكالة «أسوشييتد برس»، أن إبقاء مضيق هرمز مفتوحاً أمام الشحن من بين أولويات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن؛ لضمان عدم ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، في ظل الضغط التي تتعرض له الأسواق جراء الحرب الروسية - الأوكرانية.