علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

إعادة التوازن

استمع إلى المقالة

يتركز حديث الاقتصاديين في السعودية هذه الأيام حول نشاطَين: حركة سوق الأسهم، وحركة سوق العقار. وسنتحدث اليوم عن سوق العقار السعودية، وذلك بسبب تعاقب القرارات المنظمة لقطاع العقار في السعودية.

ولكن قبل ذلك، دعونا نتحدث عن الطفرات العقارية التي مرّت على سوق العقارات السعودية، الطفرة الأولى كانت في عام 1957 ميلادية، أي بعد إعلان اسم المملكة العربية السعودية بست سنوات، وهذا أمر طبيعي يحدث بعد استقرار الدولة وشعور الناس بالأمن، ثم صححت السوق نفسها، لتشهد طفرة ثانية عام 1975 ميلادية، وبعد إنشاء صندوق التنمية العقاري، الذي كان يمنح المواطنين قروضاً لإنشاء مساكن، ثم عادت السوق لتصحيح نفسها، وذلك لسببين الأول: ضعف الطلب نتيجة اكتفاء غالبية الأسر من المنازل بعد حصولها على القرض الحكومي وبناء منازل خاصة بها. أما السبب الثاني، فهو تراجع أسعار النفط ما أضعف السيولة النقدية في السوق.

أما الطفرة الأخيرة، فقد حدثت بعد أزمة «كورونا»؛ وذلك بسبب الإيقافات التي تمت لأغراض تنظيمية، مثل وقوع الأراضي في منطقة مشروعات حيوية، أو لغرض تنظيمي، وهو صدور كود البناء للأحياء الجديدة لمنع البناء العشوائي، لتتدخل الجهات المنظمة لسوق العقار لإعادة التوازن للسوق، وبدأت إعادة التوازن بفرض رسوم على الأراضي البيضاء، ثم تثبيت الإيجار لمدة 5 سنوات مقبلة.

وإذا نظرنا إلى فرض الرسوم على الأراضي البيضاء بوصفه سبباً رئيسياً لإعادة التوازن، فنتائجه ستكون حاسمة لإعادة التوازن لسوق العقار لرغبة الملاك بالتخلص من الأراضي البيضاء عبر البيع أو المشاركة مع المطورين العقاريين، عبر بناء الوحدات، لا سيما أن الجهات المنظمة منحت مهلة لراغبي التطوير مدتها 4 سنوات، وهي مهلة كافية للتطوير، فإذا تم التطوير أُعفي المالك من الضريبة، أما إذا لم يطور فستُحصَّل منه الضريبة عن السنوات الأربع، أي إنه باختصار إعفاء مشروط بالتطوير.

ثم نأتي للقرار الأخير الذي يجعل التوازن مقبولاً، وهو السماح لغير السعوديين بشراء العقار؛ ما يجلب سيولة نقدية للسوق، وهو ما يجعل العقارات تتراجع تراجعاً مقبولاً لا يضرّ بمن اشتروا بأسعار عالية. كل هذه القرارات المتلاحقة ستخلق توازناً في السوق العقارية السعودية وتخلق أنماط بناء تقبلها السوق وتناسب دخول الأفراد، خصوصاً الشباب، لا سيما أن تعريف السكن الميسر يتلخص بأن لا يستهلك العقار ثلث دخل الفرد السنوي، شاملاً قسط القرض وصيانة المنزل. ودمتم.