علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

الخلاف طبيعي

استمع إلى المقالة

استغرب البعض من الخلاف بين شركة «صافولا» ومؤسس شركة «هرفي» أحمد السعيد، ولكن الخلاف بين الشركاء في مجال الأعمال أمر طبيعي مائة في المائة، بل هو أمر متوقع، فالمال مدعاة للخلاف، أيضاً اختلاف وجهات النظر بين الشركاء أمر طبيعي، وقد يجرّ للخلاف، وهذا الخلاف وطلب عزل مجلس الإدارة الحالي من قِبل مؤسس شركة «هرفي» في السعودية ليس الأول من نوعه في المملكة، فقد سبق أن طلب مساهمو شركة «مبرد» -تُعرف الآن باسم شركة «باتك»، وتُتداول أسهمها حالياً في السوق مطلع الألفية الثالثة- عزل مجلس الإدارة، وفعلاً اتُّخذت الإجراءات المعتادة، وفي النهاية عُزل مجلس إدارة شركة «مبرد»، وتولّى مجلس جديد الإدارة.

والخلاف ليس مقصوراً عند هذا الحد، فقد ينشأ خلاف بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية في الشركة لأي سبب، سواء بسبب سوء الإدارة أو الفساد أو غيرهما من الأسباب، أيضاً هناك قضية شركة «المعجل» التي شُطبت من السوق، وما أردت أن أقوله إن الشركات المساهمة ليس بالضرورة أن تُدار باقتدار، وهذا جزء من مخاطر سوق الأسهم، لذلك تُؤخذ كفاءة الإدارة عاملاً مهمّاً في تقييم قيمة السهم العادلة.

نعود إلى خلاف الشركاء في شركة «هرفي»، وأنا هنا لا أُنصّب نفسي قاضياً بين الشركاء، فالمحاكم والأنظمة المنظمة والصادرة عن وزارة التجارة وهيئة سوق المال والمتمثلة في نظام الشركات المساهمة كفيلة بالحكم في النزاعات الناشئة بين الشركاء.

وإذا تتبعنا النزاع في شركة «هرفي» فسنجده قديماً بعض الشيء؛ إذ بدأ بإبعاد مؤسس شركة «هرفي» أحمد السعيد من الشركة، تلاه إقالة ابنه خالد ثم محاولة عزل مجلس الإدارة الحالي من قِبل المؤسس وللمرة الثانية؛ إذ كانت المرة الأولى عام 2022 ميلادياً، وهذا أمر طبيعي، فليس بالضرورة أن تكون إدارة المؤسس جيدة أو مُرضية للشركاء، لكن الغريب في الأمر أن شركة «هرفي» حينما كانت تحت إدارة المؤسس أحمد السعيد كانت تربح، وحينما أصبحت تحت إدارة «صافولا» أصبحت تخسر، ويكفيك مراجعة أرباح الأرباع الأخيرة من هذا العام لتتعرف على الخسائر.

وأنا هنا لا أقلّل من كفاءة إدارة «صافولا»، ولكن يبدو لي -وهذا استنتاج مني- أن إدارة «صافولا» عيّنت إدارة جديدة وتركتها تعمل دون متابعة، لكن الإدارة الجديدة لم تكن في مستوى التطلّعات أو أنها جديدة على نشاط الأغذية، المهم أنها كبّدت الشركة الخسائر، وقد أصدرت شركة «هرفي» بياناً يوضح نقاط الخلاف بينها وبين مؤسس شركة «هرفي» أحمد السعيد، ومعظم قضايا الخلاف منظورة أمام جهات الاختصاص، وبعضها تم البت فيه، مثل تعويض المؤسس عن إجازاته المتراكمة وغيرها، لكن اللافت في البيان أن شركة «صافولا» ذكرت أنها كانت تنوي التوسع في مجال المطاعم عبر شراء شركة «كودو»، لكن أحمد السعيد سبق شركة «صافولا» واستحوذ على شركة «كودو»، وأنا لا أعرف هل مثل هذا الفعل يُعد عيباً لأحمد السعيد أم ميزة له؟!

على أي حال شركة «كودو» كانت شركة سعودية، ثم بِيعت إلى مستثمر أجنبي، ثم تعثرت وعُرضت للبيع فاشتراها السعيد، وهذا يعني أنه اتّخذ القرار الصحيح والسريع، في حين تباطأت إدارة «هرفي» في اتخاذ القرار.

على أي حال ستستمر النزاعات، ولن تقف عند نزاع شركة «هرفي»، فطبيعة التجارة عند القلة تورّث النزاع؛ سواء كان النزاع محقاً أو به بعض الحق وكثير من المماحكة، الجميل في الأمر أن سوق الأسهم تتيح للشركاء المتضررين التخارج من هذا الاستثمار عبر بيع أسهمهم في السوق. ودمتم.