علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

الرغبة والتنفيذ

استمع إلى المقالة

دائماً ما نسمع من مسؤولينا العرب تصاريح تثلج الصدر حيال الرغبة في تطوير اقتصادنا العربي، فنُسرّ متلقين لهذه التصاريح التي نتوقع معها ازدهار اقتصادنا العربي، وتختلف التصاريح باختلاف كل قُطر عربي، فهذا القطر العربي مهتم بتطوير السياحة، وآخر مهتم بتطوير الصناعة، وقطر ثالث يسعى لأن يكون مركزاً مالياً في الإقليم، وقطر رابع يسعى لأن يكون مركزاً للخدمات، وقطر خامس يريد أن يكون كل ذلك، فهل سعت الأقطار العربية لخدمة هذا الهدف وتحقيقه؟

واقع الحال يقول عكس ذلك، ولا يشذّ عن ذلك سوى أقطار عربية محدودة، ويكون ذلك في مجال معين لا يتعداه، فالقطر العربي الذي يسعى لأن يكون وجهة سياحية نراه لم يقم بتطوير طيرانه ليصل إلى عدة جهات وليكون نقل السياح سهلاً وميسراً، ثم نراه لم يقم ببناء بنية سياحية تخدم جميع فئات السياح، ثم نرى خدمة التنقل والمواصلات غير مكتملة. فمثلاً؛ لا مترو ولا حافلات، لتُجبر على التنقل بسيارات أجرة، التي غالباً ما يرى سائقوها أنك صيد سهل يجب استغلاله!!!

السياحة نشاط من أهم الأنشطة الاقتصادية، إذ إنه يوفر عدداً من الفرص الوظيفية المختلفة وكثيرة العدد، منها ما يحتاج مهارة عالية ومتخصصة كالطيران، ومنها ما يحتاج تدريباً عادياً لا يتجاوز الأيام، كما أن السياحة توفر عدداً من الفرص الوظيفية غير المنظورة، التي تكون رافداً مهماً من روافد الاقتصاد، وتفتح السياحة فرصاً للتجارة الموسمية، التي تتعدد أغراضها بدءاً من المرشد السياحي غير المحترف، وانتهاء بمقدم الخدمة، مثل تأجير القوارب أو الألعاب البحرية وغيرها، التي تتوافق مع البيئة أياً كانت هذه البيئة برية أم بحرية أم منطقة غابات.

وبعض الأقطار العربية تبدأ بمضايقة السائح منذ أن تطأ قدمه أرض المطار، ناهيك عن المضايقات الأخرى التي يتعرض لها داخل المدينة، أي أنهم يدعونك لتأتي وتنفق أموالك، ولكنهم لا يكرموك، ليظهر هنا التناقض بين الرغبة والتنفيذ.

ثم نأتي للقطر العربي الذي يريد أن يكون بلداً صناعياً، ويعلن ذلك على الملأ، لنراه يُعقد منح تأشيرات دخول البلاد، ويضع القيود على الشركات، بدءاً من العمالة وانتهاء بالضرائب، ناهيك عن عدم تهيئة العمالة الوطنية لنقل المعرفة!!! فكيف سيصبح هذا القطر العربي بلداً صناعياً بالله عليكم؟؟؟؟!!!!!!!

ألم أقل لكم إن وطننا العربي مليء بالتناقضات، وإنه يرسم خطط الإصلاح ويقف ضدها في ذات الوقت؟!!!

ولكن الأمل موجود بتحسن الوضع، ولعلّ دول الخليج تقود الانفتاح على العالم بالخطوات والتشريعات التي اتخذتها أخيراً لتصبح منارة اقتصادية تُقلد. ودمتم.