لا شك أن صفقة شراء نادي النصر السعودي لكريستيانو رونالدو هي أحد أبرز أحداث عام 2023 إلى جانب الصراع الدائر في المنطقة والعنف اللاإنساني الذي تعرض له الشعب الفلسطيني على يد دولة إسرائيل.
ولكن أن تكون هذه الصفقة ذريعة للضغط على السعودية من قبل الغرب لكي تساهم في صندوق لمساعدة الدول النامية على التأقلم من أي أضرار ناتجة عن سياسات المناخ، فهذا أمر لا يمكن فهمه.
ومصدر هذه المعلومة هو مقال لصحيفة «فاينانشيال تايمز» عنوانه «الدول الغربية في صراع أو مواجهة مع السعودية حول صندوق الأمم المتحدة للمناخ»، تحدثت فيه عن تعثر المفاوضات حول الصندوق لأنه لا يبدو واضحاً كيف ستساهم السعودية فيه.
هذا النوع من الصحافة والمقالات يجبر أي شخص عقلاني على الرد، وهنا لا أتحدث عن الوطنية لأن الموضوع يتعلق بالبشرية جميعاً، ولا يمكن الحديث عنه من باب الوطنية.
إلا أن العقلانية تفرض عليّ أن أتساءل: لماذا عنوان المقال يجعل الصراع بين الغرب والسعودية فقط، بينما هذا الصندوق هو صندوق لكل الدول المانحة التي من المفترض أن تكون المتقدمة والتي استفادت لعقود طويلة من موارد الأرض الرخيصة وبنت على أساسها اقتصادات هي الكبرى حتى اليوم؟
نعم السعودية دولة غنية؛ ولكنها بتصنيف الأمم المتحدة دولة نامية، ولهذا ليس من المنطقي مطالبتها بشكل حثيث لكي تكون مانحة. بل الأشد من هذا وأمرّ هو أن الصحيفة نقلت عن أحد المسؤولين الغربيين قوله إنه إذا كان بإمكان السعودية دفع كل هذه الملايين لكريستيانو رونالدو فهي قادرة على الدفع لصندوق المناخ.
لا أتخيل أن مسؤولاً يمكن أن يقول لصحيفة كلاما بهذا المنطق. عموماً لو أردنا النظر للأمور من هذا المنظور فيجب على المملكة المتحدة أن تساهم بالحصة الكبرى في الصندوق؛ لأن إنفاق دوري كرة القدم فيها هو الأعلى، رغم أن حصتها في انبعاثات العالم الكربونية تحت واحد في المائة.
أكثر الدول التي تضر البيئة هي الصين والولايات المتحدة وروسيا والهند واليابان. هذه الدول بمفردها تساهم في نصف الانبعاثات الكربونية في العالم، ومع الاتحاد الأوروبي ترتفع النسبة إلى نحو 60 في المائة أو أكثر قليلاً. بينما حصة السعودية في الانبعاثات عالمياً لا تتجاوز واحدا ونصفا في المائة.
هذا لا يعني أن السعودية ليست عليها مسؤولية تجاه كوكب الأرض؛ ولكن يجب ألا تكون مستهدفة أو تتحمل لوم تأخر إطلاق هذا الصندوق.
مقال غريب ومنطق أغرب، ولكن الجميل في الأمر أن رونالدو نجح في جذب الانتباه لمشروع السعودية الرياضي. وليس هذا فحسب، بل أخبرني أحد المصرفيين في أكبر بنوك البرتغال أن رونالدو هو أفضل سفير برتغالي للسعودية، وما فعله في أشهر عجزت الدبلوماسية البرتغالية عن فعله في عقود.