إن نقل التكنولوجيا عملية تعاونية تتيح للنتائج العلمية والمعرفة والملكية الفكرية التدفق من المبدعين، مثل الجامعات ومؤسسات البحث والأفراد، إلى المستخدمين من القطاعين العام والخاص والأفراد، والهدف منها هو تحويل الاختراعات والنتائج العلمية إلى منتجات وخدمات جديدة تعود بالنفع على المجتمع.
ويرتبط نقل التكنولوجيا والمهارة ارتباطا وثيقا بنقل المعارف المنهجية اللازمة لصنع سلعة أو لتطبيق وسيلة أو لأداء خدمة، بما في ذلك تقنية الإدارة والتسويق. وتعرف المهارة بأنها التمكن من إنجاز مهمة بكيفية محددة وبدقة متناهية وسرعة في التنفيذ. والمهارة درجة إجادة المهمة وليست نشاطاً مستقلاً، إذ حتى الآن لم تتمكن أيّ دولة عربية من نقل التكنولوجيا العالية المحتوى إليها وإقامة صناعة تقوم على الابتكار رغم الإمكانات الكبيرة لبعضها، وتوفر كفاءات فردية واستثمارات ضخمة.
وتعود الاستثمارات العربية في شركات صناعية غربية رائدة إلى نحو أربعة عقود، وتبعها الاستثمار بشركات سيارات وبناء وتعدين وكيماويات من قبل المستثمرين العرب، غير أن كل هذه الاستثمارات لم تفلح في نقل التكنولوجيا العالية وتوطينها في أيّ دولة عربية، ومن الأدلة على ذلك أنه لا يوجد سيارة أو هاتف أو كومبيوتر أو أي منتج آخر رائد وعالي التقنية عربي على الصعيد العالمي.
إذ يسود في العالم العربي هذا التقصير في إنتاج التكنولوجيا الوطنية العالية رغم أمواله الكثيرة واستهلاكه الكثيف لأحدث المنتجات ونجاحها في إنتاج وتطوير تقنيات محلية بتقنيات متواضعة في مجالات كالأنسجة والأغذية والأجهزة المنزلية والأدوية ومستلزمات السياحة والسفر، وهذا يعود إلى الرشوة والمحسوبية وسوء استغلال السلطة والبيروقراطية وغياب البنية التحتية المسؤولة الأكبر عن غياب التكنولوجيا الوطنية.
وعلى الرغم من الدور المحبط والمعرقل لهذه العوامل، فإن هناك عوامل أخرى تبدو أكثر أهمية أو لا تقل أهمية عنها تغيب عن الواجهة، ويبرز من بينها بشكل خاص غياب ثقافة العمل والتنظيم الجماعي وروح الانضباط وحرمان المبدعين من حقوق ملكيتهم الفكرية. ويدعم هذا الرأي خبرات بعض الدول التي تمكنت من تحقيق تقدم تكنولوجي وصناعي هائل رغم معاناتها من مشكلات الفساد والبيروقراطية وضعف البنية التحتية، ومن بين هذه البلدان على سبيل المثال تايلاند وإندونيسيا وماليزيا وتشيلي والبرازيل واليوم فيتنام وغدا دول أخرى، ولا يظهر أثر يذكر للدول العربية بين الدول الصاعدة في مجال نقل التكنولوجيا وتوطينها على أساس وطني ومتكامل.
تجدر الإشارة إلى أن نقل التكنولوجيا والمهارة له دور أساسي ومهم في الاقتصاد، إذ تعد الرياضة أحد فروع الاقتصاد الحديث، حيث إن ممارسة النشاط الرياضي ذات أهمية اقتصادية ثنائية بالنسبة للفرد والدولة، فبالنسبة للفرد فإنها تقوم بتحسين قدراته الصحية والبدنية وإطالة عمره الإنتاجي وتقليل فرص إصابته، أما بالنسبة للدولة فالرياضة تعمل على زيادة كفاءة المواطنين وحفظ معدلات الاستهلاك العلاجي والتأهيلي، فقد كانت أولى بدايات الارتباط الاقتصادي بالرياضة في أعقاب الحرب العالمية الثانية كون الرياضة تمثل وسيلة دعاية ومجال شهرة واسع الانتشار، إذ إن تكامل الأنشطة الرياضية مع المصالح الاقتصادية أدى إلى احتلال الرياضة مكانة رفيعة في الحياة الاجتماعية.
كما أن التمويل الرياضي يرتبط بشكل وثيق في عملية نقل التكنولوجيا والمهارة، إذ هو عملية البحث عن موارد مادية للإنفاق على الأنشطة المرتبطة بالمجال الرياضي، حيث أصبحت مشكلة رئيسية لمواجهة متطلبات الاحتراف كنظام مؤثر فرض نفسه في المجال الرياضي، وللتمويل في المجال الرياضي دور مهم لحل المشكلات الموجودة على مستوى الهيئات الرياضية بمختلف أنواعها سواء تعلق الأمر بالبيع أو الشراء أو الانتقالات والتبادل، وهو ما قد يؤثر إيجابياً على تحقيق وتنفيذ برامج الهيئة الرياضية، ومن هنا أصبحت مشكلة البحث عن مورد مالي قضية رئيسية تواجه غالبية الهيئات والمنظمات الرياضية ولا سيما في تمويل عملية نقل التكنولوجيا والمهارة.
وفي الختام، يلعب نقل التكنولوجيا والمهارة دوراً أساسياً في تطور الشعوب، إذ إن الإنجاز الذي حققه المغرب في كأس العالم 2022 في قطر، والحصول على المرتبة الرابعة في عالم كرة القدم، يمثل نوعاً من نقل التكنولوجيا والمهارة للمغرب وقطر، وأيضا من الناحية التنظيمية، من ناحية أخرى، أقدمت السعودية على التعاقد مع صفوة من أحسن لاعبي العالم في كرة القدم، والآن يعد الدوري السعودي واحدا من أهم دوريات في العالم، حيث شهد العالم قمة كرة القدم في نهائي كأس الملك سلمان للأندية العربية بين النصر والهلال، ومن هنا تظهر أهمية نقل التكنولوجيا والمهارة.