حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

«طيران الإمارات» والحروب التجارية

ليس سراً أو خافياً على أحد شكوى شركات الطيران التجاري في كل من الولايات المتحدة وكندا من شركات الطيران الخليجية كـ«القطرية» و«طيران الاتحاد» و«طيران الإمارات» عموماً، وتحديداً «طيران الإمارات»، فهم يعتبرونها شركات طيران حكومية ومدعومة ولا تتحمل تكاليف التشغيل بصورة طبيعية، وبالتالي فإن المنافسة معهم غير عادلة وستستمر نمو حصتها السوقية بشكل هائل؛ مما يهدد الشركات المنافسة في خطوط كانت - تقليدياً - حكراً لها. وحاولت هذه الشركات أن «تصد» و«تحد» من انتشار شركات الطيران الخليجية في توسيع حصصها السوقية، وذلك برفع قضايا ضدها وشكاوى لحكومات بلادها، ولكن كل ذلك باء بالفشل ولم يثمر أي نتائج مهمة تذكر.
الآن يعود الحديث عن الحرب التجارية الموجهة للشركات الخليجية بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بحظر السفر بأجهزة الحاسب الآلي المحمول والألواح الإلكترونية المحمولة على بعض شركات الطيران إلى الولايات المتحدة (تبعت القرار بريطانيا وتفكر كندا في الشيء نفسه)، وهناك من فسر ذلك الأمر بأنه ضربة استباقية وقوية بحق الشركات المنافسة، وأن دونالد ترمب لجأ إلى السياسة الحمائية التي وعد بتطبيقها لحماية الاقتصاد الأميركي، وهي ليست الحالة الأولى التي تحصل، فهناك أكثر من سابقة لافتة ومهمة حصلت من قبل مع شركة «إيرباص» التي «حوربت» لصالح شركة «بوينغ»، ومع شركة «هاواوي» التي حوربت لصالح شركات أميركية منافسة.
السؤال الذي يفرض نفسه هو: كيف سيكون رد شركات طيران الإمارات؟ وهي التي عرفت بردودها الإبداعية والخلاقة لجميع المشكلات والتحديات التي تواجهها، وردها سيكون مهماً جداً لأنه على الأرجح سيكون الرد الذي ستتبناه الشركات الأخرى وتقلدها.
«طيران الإمارات» بدأت تستشعر أهمية وخطورة هذا القرار لأنه بعد صدوره تعرضت لإلغاءات فاقت الـ35 في المائة من حجوزاتها. «طيران الإمارات» رغم كونها خطوطاً من الإمارات وعلمها، فإنها تحولت مع الوقت والنجاح إلى خطوط وطيران العالم المفضل واستحدثت خطوطاً لتغطي احتياجات «الآخرين»؛ فمثلا الرحلة اليومية التي تطير إليها من دبي إلى ساوباولو في البرازيل هي في واقع الأمر لخدمة الجالية اللبنانية الكبيرة هناك، وخطا لوس أنجليس وسان فرانسيسكو هما لخدمة الجاليتين الهندية والباكستانية في ولاية كاليفورينا.
الحرب التجارية بغطائها الحمائي وصلت إلى حيز التنفيذ على ما يبدو (شملت شركات الطيران شركة الطيران التركية التي توسعت جداً هي الأخرى وتمددت في حصص السوق)، ولكن إلى هذه اللحظة لم تدخل الشركات الآسيوية العملاقة تحت هذه المظلة وهي التي تنافس بضراوة على حصص السوق في الطيران المسافر على المحيط الهادي، وهي شركات لها ثقلها وأنهكت الشركات الأميركية، ولكن قد يبدو ذلك الأمر وارداً في مرحلة لاحقة وجولة ثانية.
سوق الطيران الأميركية سوق مهولة «وتصعيب» السفر «لبعض» شركات الطيران من خلال شروط «تعجيزية» هو تغيير في قواعد اللعبة لصالح آخرين مفضلين تحت مظلة الظرف القهري المتعلق بسياسة مواجهة الإرهاب بشروط أمنية لا يمكن أن تلقى الاعتراض.
الرد العملي يجب أن يكون خلاقاً وإبداعياً، فهل تلجأ «طيران الإمارات» إلى شركات «غوغل» و«سيسكو» و«آبل» و«أوراكل» لتقديم حلول «حوسبة سحابية» فوق السحاب عبر أجهزة ثابتة في الطيران للركاب للتغلب على القرار الأميركي؟
إبداع الحلول يأتي من التحديات المستحيلة كما علمتنا دروس التاريخ.