حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

رسول السلام

لو تم تعيين أعتى شركات العلاقات العامة لتشويه سمعة المسلمين وصورتهم لما نجحوا كما نجح بعض المسلمين في ذلك الأمر. إن حجم الضرر الحاصل للمسلمين مهول وبحاجة لتفكير «مختلف» تمامًا لإفهام العالم أن الإسلام دين سلام حقيقي، وهذا لن يكون باتباع الأساليب القديمة نفسها والطرق البالية.
لقد حان الوقت وآن الأوان لإطلاق جائزة عالمية كبرى باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، جائزة للسلام بين الأمم، كيف لا وهو المبعوث هدى ورحمة للعالمين، وهو حامل رسالة السلام، تلك الكلمة التي يقولها المسلم في ختام العبادة الرئيسية له، وهي الصلاة، عشر مرات على الأقل يوميًا في خمس صلوات وكأنها بوابة العبور من العبادة إلى الحياة الدنيا، هي قول السلام. وتختم أعظم العبادات بتحية السلام من اليمين ومن الشمال في مشهد مهيب وجليل على المخلوقات كلها من بشر وشجر وحجر وكأنها فريضة ورسالة لا تنقطع لتكريس السلم والسلام.
كيف يمكن لدين تتكرس فيه هذه المعاني أن يدعو إلى إيذاء بشر؟ إذن الخطأ ليس في الدين بل في الذين يدعون إلى ذلك. الإسلام بوصفه دينا سماويا عظيما يدفع ويدعو ويحث على سلام النفس الذي هو المدخل الأعظم والأهم للخلاص من الشرور والدماء والحروب، وأي تأويل أو تفسير أو اجتهاد خارج هذا المفهوم فإن المقصود به تدمير وتشويه صورة الدين وجوهره، وبالتالي يعتبر حتمًا مبتورًا ومشوهًا ويعبث في مسائل فرعية هامشية دون الفهم العميق بحقيقة المقصد الأكبر للدين.
دين يكافئ الخالق فيه عباده بجنة قال عنها: «لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا إلا قيلاً سلامًا سلامًا»، وبالتالي السلام هو النعيم الأكبر المنشود والوصف الأعظم للمسلم، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذي سلم الناس من لسانه ويده»، وهو أيضًا صلى الله عليه وسلم يذكرنا بأن أفضل صيغة للإسلام تعبد الله فيها هي «أن تطعم الطعام وتفشي السلام على من عرفت ومن لم تعرف»، وهذه نقطة شاملة تعني إفشاء السلام على المسلم وعلى غير المسلم لأنك لن تسأل أحدًا عن دينه قبل إلقاء السلام عليه، والسلام المنشود هنا هو أرقى أنواع السلم والأمان الإنساني على الأنفس والأموال.
ومع الأعداء قال الله تعالى: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله» وبالتالي يحرم الله عليك التعرض لمن وادعك وآثر السلام. الكلام الحسن رده على الناس بكلام حسن... هكذا أوصى الله، فما بالك لو بادلك الآخرون فعلاً حسنًا وسلوكًا حسنًا واختراعات ووسائل حديثة، الغاية منها راحة البال وجعل المعيشة أفضل وأكرم وأكثر أمانًا واطمئنانًا.
إلى أن يستيقظ ويتعظ ويتنبه المسلمون إلى المقاصد الحقيقية لدينهم العظيم الذي اختطف على أيدي المتشددين، وإلى أن يتنبه العالم لليقظة المطلوبة، وإلى أن تطلق جائزة عظيمة باسم الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للسلام ونشر السلام بين الأمم، فنحن أمة في مرحلتها الحالية كتب عليها النسيان أو الهزيمة؛ لأننا غفلنا عن إظهار حقائق الدين الحقيقية وجارينا دعاة الكراهية وأخفضنا أصوات السلام، وهي فاتورة عظيمة سنواصل دفع وسداد قيمتها أضعافًا مضاعفة.