خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

أنشودة الكريسماس وتشارليز ديكنز

ترتبط مواسم الأعياد بشتى التقاليد عند كل الشعوب. وفي الغرب وبريطانيا بصورة خاصة، ارتبطت بما يسمى بالأنشودات، وهي أغان دينية تتغنى بميلاد السيد المسيح عليه السلام وما ارتبط بذلك من التسابيح والتهاليل ومحبة السلام والخير ونحو ذلك. يرجع تاريخ معظم هذه الأنشودات إلى القرن التاسع عشر وتسمعها في الكنائس والمدارس والمحلات العامة. هناك ولائم تقليدية تقوم على الديك الرومي. وتوزع الصدقات على الفقراء والمعوزين. واستغلت الدكاكين والمؤسسات التجارية فكرة الهدايا لتشجيع الناس على الشراء وتبادل الهدايا. وياما أثارت الهدايا من مشاكل من حيث الهيبة والثمن والرمز... الخ. ونشأت علاقات وانقطعت علاقات بسببها!
الأعياد دائما للأطفال. ولهم تقدم الأفلام السينمائية والمسرحيات التقليدية مثل البنتمايم الأسطورية، علي بابا والأربعون حرامي، والحفلات الموسيقية، وعلاء الدين وفانوسه السحري. تضمنت بعض المسرحيات التقليدية مقتبسات من ألف ليلة وليلة والفولكلور الأوروبي. وكما قلت، المسرحيات التقليدية والأفلام السينمائية من عناصر الموسم، والأب الرذيل من لا يأخذ أولاده للتفرج عليها. الكثير من هذه المسرحيات والأفلام تقوم على ما كتبه الأديب الإنجليزي الشهير والروائي الخطير تشارليز ديكنز من روايات. أصبح بعضها مثل جزء أساسي من لوازم الكريسماس.
تحرص العوائل على تلقين أولادهم الفضائل الأخلاقية التي تقوم عليها كل هذه الأعمال. ومن أفضلها وأكثرها شيوعا رواية «أنشودة الكريسماس» لتشارليز ديكنز. لا يمر الموسم دون أن تسمع عنها أو تشاهدها على المسرح أو السينما. تقوم الرواية على شخصية سكروج، الذي أصبح اسمه مرادفا للبخل والإنسان البخيل. فالكريسماس هو موسم العطاء والسخاء والكرم والصدقات. غير أن هذا الرجل، سكروج يبخل على نفسه وعلى عماله وموظفيه. يكره حتى أن يتزوج ويرفض أن يستلم أي هدية. هكذا شاعت الكلمة في اللغة الإنجليزية. فسكروج هو أي إنسان بخيل على نفسه وعلى غيره. طالما رمتني بها أم نايل كلما بخلت عليها في شيء أو ترددت في شراء أي كماليات للبيت!
غير أن الله تعالى يبعث بثلاثة أشباح. شبح الماضي Ghost of time past وشبح الحاضر وشبح المستقبل. كل من هذه الأشباح يحمل سكروج خارج البيت ليفرجه على وقائع الحياة. كيف يعاني الناس من الفقر. كيف يحرم الموظفين لديه. ثم يفد إليه شبح الحاضر ويقوده ليرى واقع المجتمع. ولكنه يتعظ من كل ما يشاهد. يقول للشبح: أهكذا يعيش الناس والموظفون في مكتبي؟ فيعقد العزم على تغيير سلوكه. يبادر إلى زيادة رواتب الموظفين وتقديم المساعدة للمعوزين. يسلم بكل ذلك أمام شبح المستقبل ويعده بالخير والإحسان. فبالخير والإحسان يعيش الإنسان سعيدا راضيا.
وهذا العمل المسرحي الذي صنعت منه عدة أفلام سينمائية في شتى البلدان يحفل بالموسيقى والتراتيل الكنسية وأنشودات الكريسماس التقليدية.