ما الذي يؤرق وزارة الطاقة السعودية ويطرد النوم من أعين مسؤولين فيها؟ قد تكون الإجابة المنطقية هي عودة منتجي النفط الصخري بقوة وضخهم كميات هائلة جدًا منه في الأسواق العالمية، وبالتالي، الدفع بالأسعار إلى مستويات منخفضة.
شخصيًا أعتقد أن هذا تحدٍ مهم يواجه السعودية بصفتها أكبر منتج للنفط حول العالم، ولكن هناك تحديًا يزداد قوة وأهمية، وهو زيادة قدرات ونفوذ شركة «تسلا» التي عرضت بإنتاج سيارات كهربائية ذات تقنية جديدة تعتمد على الكهرباء وليس النفط، وهي نموذج أعمال جديد يهدد بتغير قوانين اللعبة؛ ليس فقط في عالم صناعة السيارات، ولكن في عالم النقل ووسائل المواصلات والطاقة ككل، لأن شهية مؤسس «تسلا»، رجل الأعمال والمستثمر الأميركي ألون ماسك ليست لها حدود.. فهو يخطط لطائرات وبيوت تستخدم تقنية الطاقة الناجحة نفسها المعتمدة في سياراته، وهي بحد ذاتها لو نجحت، فستكون ثورة متكاملة في عالم الطاقة، والآن ها هو يتم صفقة استحواذ واندماج مع شركة «سولار سيتي»، وهي شركة ناجحة وواعدة ومهمة جدًا في عالم الطاقة البديلة والمتجددة، والتي تعتمد بشكل أساسي على الطاقة الشمسية، وهو يسعى بهذا الاندماج لتكريس سعة الطاقة الإنتاجية وتوسيعها وتقديم البدائل الاستهلاكية بشكل يكون من الناحية الاقتصادية مجديًا وجذابًا وناجحًا، وهذا سيكون بالفعل بداية لافتة للاقتصاد المختلف في عالم الطاقة المؤثر والفعال.
هناك اقتصاد قديم وتقليدي تبرز فيه الشركات التقليدية المعروفة من صناع السيارات والملابس ومحال التجزئة، وهناك الاقتصاد الجديد الذي يعتمد على التقنية الحديثة، فنرى نماذج لافتة، مثل أكبر شركة سيارات ومواصلات في العالم وهي لا تملك أي سيارة، والمقصود هنا شركة «أوبر»، أو أكبر شركة نشر في العالم وهي لا تملك أي مطبوعة، وطبعًا المقصود هنا شركة «فيسبوك»، أو أكبر شركة تجزئة تجارية في العالم وهي لا تملك أي محل، والمقصود هنا شركة «أمازون».
الآن نرى ولادة الاقتصاد المختلف، والفرق بينه وبين الاقتصاد الجديد، هو أن الأخير يعدل في قواعد اللعبة بإيجاد نماذج أعمال تقدم نفس الخدمة والمنتج بشكل أقل تكلفة، وبالتالي أرخص للمستهلك، أما النموذج الاقتصادي المختلف فهو حقًا مختلف لأنه يغير تمامًا قواعد اللعبة نفسها.
إذا ما نجح ألون ماسك في رؤيته وحلمه لشركته، فسنرى تغيرًا تامًا في أدوار شركات النفط العملاقة، وكذلك شركات السيارات التقليدية التي لاحظت انخفاضًا حادًا في أحجام مبيعاتها، لأن شركة مثل «أوبر» نجحت في تغيير نمط المواصلات بين الشباب، فلم تعد الغاية تملك سيارة، بقدر ما هي تحقيق الخدمة المعنية بالتوصيل بأقل تكلفة وأحسن أداء، وهي ملامح بداية الاقتصاد المختلف في عالم النفط والمواصلات القادم لا محالة.
آخر الأخبار
10:15 دقيقه
TT
20
الاقتصاد المختلف!
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة