سعد المهدي
TT

هل يمكن أن نستمع لبعضنا بعضا؟

هل بين المسؤول والإعلام اتفاقية مبطنة (قل ما تريد وأنا أفعل ما أود)، ومن أجل ذلك ينتهي الموسم الكروي ومعه تمسح كل الملفات ويفتح غيرها من جديد الموسم التالي وهكذا دواليك؟
أم أن المسؤول يعرف أن الإعلام داخل في التنافس، لذا فهو يلاعبه طوال الموسم؟ والإعلام مهتم فقط أن لا يقف المسؤول ضد مصالحه وبالتالي فالاثنان متفقان على عدم تتبع ومراقبة بعض بالقدر الذي يكشف عيوبهما أمام الرأي العام، طبعا الضرر هنا يقع على (اليتيمة) المصلحة العامة!
قلنا في الزوايا الثلاث الماضية إنه عندما ينتهي الموسم يمكن أن تتاح فرصة استعادة ما جرى وفهمه بدرجة أكبر نتيجة التحرر من ضغوط العاطفة والظنون لذلك هي فرصة للمراجعة، لكن يبدو أن الكل يفضل أن يأخذ عقله إجازة أو يحقن ضميره بمخدر (ماذا بوسعي أن أفعل). لذا يستأنف الموسم الجديد وتعود كل الأطراف لفعل ذات الشيء؟!
الموسم الماضي كان متميزا بكثير الكلام، لقد استثمر كل من له علاقة بالشأن الرياضي جميع وسائل الاتصال والتواصل ليتحدثوا لكنهم جميعا لم يقولوا شيئا، جل الحديث كان وعودا ثبت عدم صدقها، وأخرى كانت بغرض تجاوز أزمة، وغيرها للاستهلاك الإعلامي، أو أنها صراعات لفظية، ومشاحنات وتطاول وسوء أدب من البعض وخروج على الأنظمة والقوانين من بعض آخر، وبحسب الاتفاق المبطن فإن الإعلام لا يقوم بالتتبع والمسألة والمسؤول غير جاد أو عاجز عن الوقوف في وجه فوضى العمل وانفلات الساحة، ولأن ذلك يصب في مصلحتيهما فلم الغضب أو النقد والعتب!
انتهى الموسم الكروي السعودي للمحترفين وبدا أن هناك أمورا تنظيمية وإدارية ومالية ستكون أكثر سوءا وتعقيدا في الموسم المقبل، نفس العمل (السلحفائي) في إصدار قرارات اتحاد الكرة، ومزيد من عبث إدارات الأندية على الصعيدين الفني والمالي، ونتائج هيئة الرياضة في الكشف عن ملابسات الديون بدت أكثر غموضا وزادت دهاليزها، عاد تكليف الرؤساء، وزاد أضعاف الجمعيات العمومية، وظلت نغمة جاهزية الملاعب على حالها وانتظار تسلم حقوق النقل في علم الغيب وغير ذلك.
الموسم الكروي السعودي للمحترفين ناجح في تنافسه وتشويقه وحتى صخبه، لكن هذا ليس قياسا يضمن استمرارية النجاح ناهيك عن التطور، لا بد من التأكد أن معايير التشغيل تتحقق بحرفية في كل المفاصل، في أداء اللجان، وجودة المنشأة، وتحسين البيئة، وكفاءة العاملين، وضبط المتنافسين بأنظمة اللوائح، والسيطرة على الفعل والتعامل مع رد الفعل بإرادة إدارية حاسمة.
المنتج الجيد لا يمكن أن يضمن وحده تحقيق الانتشار والقيمة العالية وثقة العميل ما لم يكن القائمون عليه قد راعوا كل تفاصيله الصغيرة منها قبل الكبيرة على اعتبار أنه كل لا يتجزأ، والدوري السعودي كمنتج قيم يستحق أن يقف على كل خط في عملية إنتاجه من يضيف له لا من يخصم من رصيده، حتى القارب الذي يحمل الباحثين عن النجاة يحصل أن يكون من بينهم أحد الحمقى الذي يحاول أن يخرقه.
القصد من كل ذلك أن لا يكون انتهاء الموسم يعني التخلص من همه، بل استخلاص الدروس مما جرى فيه، أن يجتهد الإعلام في التذكير بما تم نسيانه أو تناسيه، وأن لا يهرب المسؤول من الاعتراف بأخطائه ويشرع في إصلاحها ليس أكثر.