سعد المهدي
TT

إذا كانت الرياضة من أجل الجماهير!

جماهير تتفرج فقط وأخرى تتفرج وتشجع، الأولى قد تهتم خلال سير المباريات وتستمتع بها مثل أي فاعلية مشوقة ومسلية، ولا تنكر أنها تتعاطف مع طرف ضد طرف آخر، لكن ذلك لا يدوم معها أكثر من زمن المباراة، أما الثانية فهي تتفرج وتعيش حالة مشاركة وجدانية وعاطفية تقودها إلى التسليم الكامل بأنها جزء لا يتجزأ من الحدث، لكن في الحالتين لا دور أو أهمية لهما!
لا يمر حديث يخص الرياضة إلا ويتبادل المتحدثون مقولة إنه لا يوجد من يعيش في الوسط الرياضي بلا ميول، هذه استهلالية لما لا علاقة له بما بعده، إذ يتم القفز على هذه المقولة مباشرة لذم صاحب الميول على أنه صار له ميول! والتشديد على أن ارتباطه العملي بوصفه عضوا أو رئيسا في اتحاد أو صحافيا أو حكما، كان يستوجب ألا يكون ذا ميول، طبعا هم يحاولون أن يقنعوا غيرهم أن القصد أنه كان يجب ألا يكون لهذا الميول أي تأثير على أداء هؤلاء لعملهم، لكن الحقيقة غير ذلك!
حالة الإنكار التي يعيشها المجتمع الرياضي تتصل ولا تنفصل عن مثلها التي يعيشها المجتمع بعمومه في أغلب قضاياه، لكنها في الشأن الرياضي ظاهرة بوضوح، كل أمراضنا الاجتماعية يتم التحايل على توصيفها أو تسميتها كما هي، ولا يوجد اتفاق على أسباب محددة حتى وهي تعلن عن نفسها، فالكل يريد نتائج أو حلولا دون أن يكلف نفسه جهد المعرفة أو البحث والمشاركة أو أنه يتحاشى الاصطدام ويخشى التصنيف، هذا يلغي أي إمكانية تغيير للأفضل أو على أحسن تقدير يبطئ من تحققه.
ما زالت جماهير الأندية دون تأثير حقيقي، والسبب أن الجماهير لا ترى أن هناك ما يدفعها إلى الانخراط الفعلي في بناء علاقة على نحو إيجابي مع النادي، أقصى ما يمكن لهم فعله اقتطاع بعض من وقتهم لمشاهدة المباريات تلفزيونيا أو بالكاد حضوريا في المدرج، فلا يوجد ما يربطهم بالنادي الذي يميلون إليه أكثر من التمنيات الطيبة له بالتفوق على خصومه، أما الجماهير المتحمسة أكثر فهي في حالة انعدام وزن دائم في علاقتها مع ناديها، وهذا يظهر في ردود فعلها المتناقضة والمتضادة التي تتكرر ولا تنتهي، ذلك يدعونا إلى المطالبة بالبحث عن فكرة يتم من خلالها إدماج الجماهير في الفعل الرياضي بما يخدم الأندية والجماهير معًا.. كيف؟.. لا أعلم!!
أكثر من ثلاثة عقود مضت منذ أن انتقلت جل الأندية السعودية من مقراتها المتواضعة المستأجرة إلى مقرات نموذجية، ونحن نسمع عن أفكار، بهدف خلق بيئة تحتضن المشجعين في أنديتهم، للاستفادة من هذه المنشآت الحديثة في تنفيذ برامج وأنشطة رياضية وترويحية، وتحويل المشجع إلى مصدر دخل دون جدوى، حتى اللوائح التي تنظم العلاقة بين الطرفين مثل جمعية عمومية ومجلس إدارة تم الالتفاف عليها أسوة بما حدث ويحدث للاتحادات!
التنمية التي لا تطور الإنسان ولا تهتم به وتستهدفه في كل شؤونه لا تعد تنمية.