محمد العريان
أقتصادي مصري- أمريكي
TT

الاقتصاد العالمي يقترب من نقطة التضخم

في ظل الزيادة في كشوف الأجور بمعدل دون المتوقع، يوحي تقرير الرواتب عن شهر سبتمبر (أيلول) بأن الاقتصاد الأميركي ليس بمنأى عن التباطؤ الاقتصادي العالمي. فالأداء المخيب يقلل من احتمالية أن يقوم نظام الاحتياطي الفيدرالي بزيادة سعر الفائدة بدءًا من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، غير أن السياسة المالية التحفيزية التي تقترب من معدل الصفر لن ليكون لها ذلك التأثير الكبير المزعج سواء للولايات المتحدة أو للعالم على حد سواء.
جاء إعلان وزارة العمل الأميركية مؤخرًا عن توفير 142 ألف فرصة عمل جديدة بدءًا من الشهر الماضي أقل من الـ200 ألف وظيفة التي توقعتها الأسواق. وصاحب ذلك التراجع زيادة في الأجور وبعض مؤشرات لتقلص القطاع الصناعي، وكذلك تراجع في تقديرات نمو الوظائف خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وهو ما تناقض مع توقعات أغلب الأسواق. ومما زاد من إحساس الكآبة ذلك التراجع في نسب مشاركة العمال بمعدلات لم نشهدها منذ عام 1977.
هناك إحساس سائد حتى الآن بأنه حتى لو لم ينجح النمو الاقتصادي الأميركي القوي وحده في سحب بقية العالم إلى بر الأمان، يظل الاقتصاد الأميركي صلبًا بما يكفي لحماية الشعب من أن يطاله الضعف الذي حل بباقي دول العالم. مثل تلك النظرة يمكن أن تتعارض مع تقرير التوظيف الذي يوحي بأن الاقتصاد الأميركي عرضة لمخاطر تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وفي ظل هذه الظروف، من الصعب تخيل أن يقوم نظام الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه هذا الشهر بالموافقة على زيادة نسب الفائدة على الودائع. غير أن الاعتماد على حوافز السياسات المالية التي قُدمت في السنوات الأخيرة لن يجدي كثيرًا في التخفيف من القلق بشأن ضعف النظام المالي الأساسي.
يتضح يومًا بعد يوم أن التزام البنك المركزي بمواصلة تحمل أغلب أعباء تلك السياسة، لا يكفي لخلق نمو كبير وشامل ومستدام، فالكونغرس أيضًا مطالب بالتدخل في الأمر كي يسمح للحكومة بتطبيق حزمة أكبر من الاستجابات السياسية. مما يبعث على الحسرة أنه من غير المتوقع أن نرى تجسيدًا لرد الفعل المنشود في المستقبل المنظور، إذ إن هذا القصور الذاتي من شأنه أن يضعف من حماس الشركات لضخ مخزونها النقدي في مشروعات منتجة ضخمة وفى التوظيف.
تقترب الأسواق والاقتصاد العالمي من نقطة التضخم، فإما أن يصبح توعك النمو الاقتصادي العالمي الذي يتجسد في النمو الهيكلي في الأسواق المالية بمثابة جرس إنذار لصانعي القرار، وإما يصاب الاقتصاد العالمي بوعكة حادة تتطلب علاجًا ذاتيًا مما يصعّب من مهمة البنك المركزي في السيطرة على التقلبات المالية.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»