طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

«داعش» بأسلحة أميركية!

منذ بداية الثورة السورية، وخصوصًا بعد الانعطافة الدموية التي أوجبت دعم الجيش السوري الحر بالأسلحة لمواجهة جرائم نظام بشار الأسد المدعوم من إيران والميليشيات الشيعية المتطرفة، كان موقف الإدارة الأميركية هو رفض تسليح الجيش الحر، والثوار السوريين.
عذر الإدارة الأميركية المعلن هو الخوف من وقوع تلك الأسلحة بالأيدي الخطأ، إلا أن ما حدث، ويحدث، تحديدًا في العامين الأخيرين في العراق وسوريا، يخالف كل ما قالته الإدارة الأميركية، ففي كل انسحاب، مثلاً، للجيش العراقي أمام «داعش» تسقط الأسلحة الأميركية بأيدي التنظيم المتطرف، ولا تزال الإدارة الأميركية، ورغم كل ذلك، تواصل دعم حكومة بغداد بالأسلحة! وتواصل سقوط الأسلحة الأميركية بيد «داعش» ليس بالجديد، حدث ذلك في الموصل، وبالأمس القريب في الرمادي حيث استولى «داعش» على كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية التي تركها الجيش العراقي بعد انسحابه من الرمادي. وتقول وزارة الدفاع الأميركية إن القوات العراقية المنسحبة من الرمادي تركت وراءها كمية كبيرة من الإمدادات العسكرية، بما في ذلك نحو ست دبابات و100 مركبة تقريبًا وبعض قطع المدفعية، ونقل عن ضابط بالجيش العراقي قوله إن «داعش» استولى على مخزن بالرمادي يحتوي على ذخيرة تكفي لاستمرار «داعش» في القتال لمدة شهور!
يحدث كل ذلك وأبناء الرمادي، والأنبار عمومًا، يطالبون الأميركيين، والحكومة العراقية، بتسليحهم للدفاع عن أنفسهم أمام «داعش»، مثلما تم مع الأكراد الذين تسلحوا للدفاع عن أنفسهم، إلا أن الأميركيين لم يسلحوهم بسبب رفض الحكومة العراقية التي لم تدافع عنهم، والآن هناك اتهامات أميركية للجيش العراقي بأنه انسحب نتيجة تقديرات خاطئة، وليس بسبب قوة «داعش»! كما أن الحكومة العراقية لا تزال تعطل مشروع إنشاء الحرس الوطني العراقي الذي من شأنه ضم المقاتلين السنة تحت مظلة الحكومة، وبالتالي مقاتلة «داعش»! وعليه، وفوق كل ذلك، فقد سقطت الأسلحة الأميركية، وكذلك الروسية، بأيدي «داعش»، ورغم الرفض الأميركي لتسليح العراقيين السنة، أو الثوار السوريين المعتدلين!
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فمع انسحاب القوات الأسدية من تدمر، مثلاً، وقعت أسلحة وذخيرة بيد «داعش»، لا بيد الثوار السوريين المعتدلين، وبات «داعش» يفاخر بما اغتنمه من أسلحة يستخدمها في العراق وسوريا، ورغم كل ذلك لا تزال الإدارة الأميركية تتردد في تسليح الجيش السوري الحر، والثوار المعتدلين، رغم انتشار المتطرفين بسوريا، وتقدم «داعش» هناك مع ضعف واضح للنظام الأسدي! وعليه فهل يمكن القول اليوم بأن الاستراتيجية الأميركية قد فشلت فقط في العراق؟ الإجابة هي أن الفشل الأميركي ليس في العراق وحسب، بل وفي سوريا، وجل المنطقة، وأبسط مثال رفض تسليح المعتدلين في سوريا والعراق رغم أن الأسلحة الأميركية، وغيرها، تسقط يومًا بعد آخر بيد «داعش» الذي بات مسلحًا بأسلحة أميركية!

[email protected]