بغداد: انتقادات لمؤتمر للسُنّة... والجبوري يرد بأنه «ليس للمعارضة»

بغداد: انتقادات لمؤتمر للسُنّة... والجبوري يرد بأنه «ليس للمعارضة»
TT

بغداد: انتقادات لمؤتمر للسُنّة... والجبوري يرد بأنه «ليس للمعارضة»

بغداد: انتقادات لمؤتمر للسُنّة... والجبوري يرد بأنه «ليس للمعارضة»

في وقت يستعد مسيحيون عراقيون لعقد مؤتمر في بروكسل غداً وبعد غد برعاية الاتحاد الأوروبي لمناقشة وضع بلدهم في مرحلة ما بعد سقوط تنظيم داعش، يدور جدل في شأن مؤتمر آخر من المقرر أن تستضيفه بغداد لقيادات سنيّة عراقية ويتناول أيضاً وضع البلد في المرحلة المقبلة.
ولاحظت مصادر عراقية أن غالبية القضايا والحوارات التي تسعى جهات وقوى سياسية لطرحها بهدف مناقشة مرحلة ما بعد القضاء على «داعش»، سواء عبر مبادرات سياسية كقضية «التسوية التاريخية» التي أطلقها قبل شهور «التحالف الوطني» الشيعي، أو عبر مؤتمرات وحوارات خارج العراق وداخله، لا تحظى بقدر واسع من الاتفاق بين العراقيين أنفسهم، سواء بين أبناء المكوّن الواحد أو المكونات المختلفة.
ومن بين المؤتمرات التي أثارت وما زالت تثير خلافات بين العراقيين، المؤتمر الذي أعلن عنه في وقت سابق رئيس مجلس النواب سليم الجبوري والمقرر أن يُعقد في بغداد منتصف يوليو (تموز) المقبل. فقد صدرت انتقادات من شخصيات شيعية وسنية لهذا المؤتمر، بعضها يتعلق بطبيعة الشخصيات السياسية التي ستحضر، وأخرى بطبيعة الإجراءات التي ستُعتمد، أو الفائدة التي سيحققها للمحافظات السنيّة التي خضعت سابقاً لسيطرة «داعش». واستبقت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون» عالية نصيف انعقاد مؤتمر بغداد بالقول إنه «سيأتي بمرجعية إخوانية مدفوعة الثمن»، باعتبار أن «الحزب الإسلامي العراقي» هو الجهة الداعية إليه. بينما اعتبر آخرون من «التحالف الشيعي» أن السماح لـ«شخصيات إرهابية» بحضور المؤتمر يمثّل «انتهاكاً خطيراً للدستور»، في إشارة إلى أنباء تتردد حول إمكان حضور مسؤولين سابقين مطلوبين إلى القضاء العراقي. كذلك صدرت انتقادات للمؤتمر من داخل المكوّن السني، إذ قال نواب عن «اتحاد القوى» (يمثل قوى سنيّة في البرلمان العراقي) إن المؤتمر «عديم الجدوى» وأخذوا عليه «عدم وضوح أفكاره».
وفيما بدا رداً على هذه الاعتراضات والانتقادات، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري بياناً، أمس، نفى فيها حضور شخصيات مطلوبة قضائياً، وأكد أن المؤتمر «ليس للمعارضة». وجاء في البيان أن «ما تم ترويجه من أسماء بزعم أنها هي التي ستحضر دون غيرها عارٍ عن الصحة. الجميع مدعو إلى الحضور، وسيتم الشروع بتوجيه دعوات إلى كل الشخصيات التي لها حضور مؤثر في المشهد العراقي».
وأشار بيان مكتب الجبوري إلى أن «من يريد إفشال هذا المسعى أو تضليل الرأي العام حوله، قد وجد نفسه خارج إطار الأهمية. فهذا المؤتمر الجامع ربما يحبط كل مساعي إثارة الفتن». وتابع أن المؤتمر «ليس للمعارضة، كما روّج البعض، بل هو فرصة لإيجاد خيمة جامعة من أجل تحديد رؤية مستقبلية للمقبل من الأيام بين ممثلي المحافظات المحررة ضمن الدولة وانطلاقاً من بغداد».
وشدد على أن المؤتمر الذي سيعقد في العاصمة العراقية هو «نتاج عمل دؤوب وحصيلة حوارات طويلة، جرى خلالها البحث مع الجهات والشخصيات الفاعلة في كل التفاصيل من أجل الخروج بنتائج يمكن أن تعود على كل المكوّنات بالخير والفائدة».
ودعا مكتب الجبوري إلى عدم الانجرار وراء أصوات قال إنها «تصرّح دون مصدر أو صفة، وتحاول من خلال مجهول تسويق بضاعتها التي لن تزيد الرأي العام إلا تمزيقاً وفتنة».
وكان مؤتمر آخر عُقد في بروكسل في مايو (أيار) الماضي وحضرته شخصيات وقوى سنيّة تعرض لانتقادات شديدة من شخصيات شيعية وصلت إلى حد التخوين والمطالبة بمحاكمة المشاركين.
ومن المقرر أن تعقد مجموعة من القوى والأحزاب المسيحية العراقية مؤتمراً غداً وبعد غد في العاصمة البلجيكية بروكسل برعاية من الاتحاد الأوروبي لمناقشة أوضاع المسيحيين في سهل نينوى بعد مرحلة القضاء على «داعش». ويُفترض أن تتمثل في المؤتمر قوى مسيحية عدة، وسط معارضة شديدة من «الحركة الآشورية الديمقراطية» بزعامة النائب والوزير السابق يونادم كنا. وأصدرت بطريركية الكلدان العراقيين مساء أول من أمس بياناً قالت فيه إنها لن تشارك في مؤتمر بروكسل «إيماناً منها بأن مستقبل المسيحيين مرتبط بمستقبل العراقيين جميعاً، وأنهم جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن، وأن مستقبلهم يجب أن يُبحث ويناقش داخل البيت العراقي عبر الحوار الصادق والحكمة والرؤية وليس خارجاً عنه». وأضافت: «إذا كانت للغرب نية سليمة للمساعدة وتقديم المشورة فليدعم العراق في حربه ضد الإرهاب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».