عمال اليمن يواجهون عاماً سابعاً من انهيار الأعمال بسبب الانقلاب الحوثي

اتهامات للجماعة بتدمير البنية الاقتصادية ومفاقمة معاناة السكان

TT

عمال اليمن يواجهون عاماً سابعاً من انهيار الأعمال بسبب الانقلاب الحوثي

يواجه ملايين العمال اليمنيين مع حلول ذكرى اليوم العالمي للعمال عاماً سابعاً من انهيار الأعمال، وتراجع الاقتصاد وسقوط مؤسسات الدولة بسبب انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، إذ بات أغلبهم يعيش تحت خط الفقر في حين فقد الغالبية منهم مصادر رزقهم.
وتقدر مصادر محلية وأخرى نقابية بأن عدد العمال اليمنيين الذين تأثروا بشكل مباشر جراء الانقلاب والحرب الحوثية يصل إلى أكثر من 8 ملايين عامل يمني، حيث فقدوا أعمالهم وتعرض الآلاف منهم لشتى أنواع الانتهاكات في ظل استمرار سيطرة وفساد قادة الجماعة الحوثية.
وشكا عمال يمنيون في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، من الانهيار الكامل لأوضاعهم الحياتية والمعيشية جراء فقدانهم لمصدر رزقهم بفعل جريمة الانقلاب الحوثية التي تسببت في انعدام فرص العمل وارتفاع نسب البطالة والفقر. وقالوا إن معاناتهم وأوجاعهم في ازدياد مستمر في ظل استمرار السياسات والممارسات والجرائم الحوثية المرتكبة بحق اليمنيين.
وأشار عمال اليمن إلى أنهم وكعادتهم من كل عام يستقبلون يوم العمال العالمي في مناطق سيطرة الجماعة وهم لا يزالون تحت وطأة البؤس والفقر والجوع نتيجة لفقدانهم أعمالهم ووظائفهم وكذا رواتبهم.
وبينما تحتفل سائر دول العالم في أول مايو (أيار) من كل عام بيوم العمال، قال عدد من العمال اليمنيين في العاصمة صنعاء ومحافظات ذمار والمحويت وحجة وريمة وعمران لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المناسبة تمر عليهم سنويا فقط لتذكرهم من جديد بحجم المأساة والألم الذي يعيشونه وأسرهم.
ويشكو «أحمد. ع» وهو عامل بناء في صنعاء، من انهيار وضعه وأسرته المعيشي للعام السابع على التوالي نتيجة ما قال إنه غياب لفرص العمل وتراجع الكثير من ميسوري الدخل في صنعاء عن القيام بالبناء والتشييد في عقاراتهم.
ويقول أحمد (37 عاما) الذي يعمل منذ سنوات حرفيا في تركيب الرخام والبلاط إن أوضاعه قبل سنوات الحرب الحوثية كانت ميسورة، وكان يعمل ليل نهار برفقة عاملين في مقاولة الرخام في عدد من المباني والعمارات في العاصمة صنعاء.
ويشير في سياق حديثه إلى أنه ونظرا لارتفاع نسبة الأعمال الإنشائية بذلك الوقت في صنعاء كان جدول أعماله مزدحما جدا، لدرجة أنه لا يجد الوقت الكافي للجلوس بعض دقائق مع أسرته وأطفاله.
ويؤكد أنه نتيجة لحروب الميليشيات المتواصلة والتي قضت على كل شيء لم يعد يستدعيه أحد للعمل لديه نتيجة توقف أعمال البناء في العاصمة صنعاء بنسبة قدّرها أحمد بـ90 في المائة، عدا ما تشيده الجماعة الحوثية حاليا من عقارات تابعة لها كانت نهبت أموالها من ممتلكات الدولة وجيوب اليمنيين.
وعلى صلة بذات الموضوع، قالت مصادر خاصة في الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن الواقع تحت سيطرة الحوثيين في صنعاء إن الآلاف من العاطلين عن العمل في العاصمة ومدن أخرى باتوا اليوم نتيجة فساد وتدمير الميليشيات لمقدرات دولتهم وبنيتها الاقتصادية يبحثون عن فرص عمل في أغلب شوارع وطرقات تلك المدن.
وأكدت المصادر أن الحرب التي أشعلتها الجماعة عقب انقلابها رفعت من معدل البطالة والفقر بمناطق سيطرتها، خصوصا عقب إغلاق المئات من المؤسسات والشركات والمصانع والمحال التجارية أبوابها وقيام الأخرى بتسريح الكثير من عمالها نتيجة سياسات البطش والجبايات الحوثية.
وتشير المصادر النقابية إلى أن عمال الأجر اليومي من الحرفيين وعمال البناء هم أكثر الفئات المتضررة من تلك الممارسات الحوثية المرتكبة بحق منتسبي القطاع الخاص.
واعترفت الجماعة الانقلابية عبر تقارير صادرة عن جهات تعمل تحت سيطرتها في صنعاء بوجود نحو 5 ملايين يمني عاطل عن العمل، في حين تحدثت المصادر النقابية في العاصمة عن أن إجمالي عدد عمال الأجر اليومي الذين تأثروا بشكل مباشر من الانقلاب يصل إلى نحو 8 ملايين عامل يمني.
وإضافة إلى هؤلاء العاطلين عن العمل في مناطق سيطرة الميليشيات قالت المصادر النقابية إن معهم كذلك أكثر من مليون موظف حكومي تواصل الجماعة السطو على رواتبهم.
وكانت تقارير محلية وأخرى دولية، أشارت بوقت سابق إلى أن الميليشيات (وكيل إيران في اليمن) عملت عبر سياسات النهب والتجويع المنظمة على تدمير حياة الآلاف من عمال اليمن سواء في القطاع العام أو الخاص أو ممن يعملون بالأجر اليومي.
وأشارت تقارير أممية أخرى إلى وجود نحو 24.1 مليون يمني، أي 80 في المائة من السكان، باتوا الآن بحاجة إلى مساعدات إنسانية كي يبقوا على قيد الحياة.
وقالت هذه التقارير إن الانقلاب والحرب الحوثية تركت على الأقل نصف مليون شخص يمني من العاملين في القطاع العام اليمني دون رواتب منذ عدة سنوات.
كما اتهمت تقارير محلية عدة الجماعة الحوثية بوقوفها وراء التدمير المنظم للبنية التحتية وإجبار الكثير من رؤوس الأموال المحلية على مغادرة البلاد، من خلال انتهاجها لأساليب ابتزازية وقمعية منظمة منها فرض الإتاوات والجبايات بمختلف أشكالها، الأمر الذي تسبب بتوقف المئات من المنشآت وتعطيل سوق العمل والحركة التجارية.
وكانت إحصائية رسمية أكدت خروج أكثر من نصف المنشآت الصناعية في اليمن عن الخدمة وتوقفها عن العمل نتيجة الانقلاب الحوثي، وقالت الإحصائية إن أكثر من 65 في المائة من العاملين بمنشآت القطاع الخاص تم تسريحهم من أعمالهم.


مقالات ذات صلة

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون أمام شاشة كبيرة تنقل صوراً لهجمات نفَّذتها الجماعة في البحر الأحمر (غيتي)

سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

لجأ الحوثيون لتشديد إجراءاتهم الأمنية لحماية قياداتهم من الاستهداف الإسرائيلي، كتعطيل كاميرات المراقبة وتغيير هوياتهم يومياً وتنويع وسائل تنقلهم وتمويه تحركاتهم

وضاح الجليل (عدن)
خاص باتريك سيمونيه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تصوير: صالح الغنام)

خاص الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: لا تساهل مع الحوثيين... وهدفنا عودة اليمنيين للمفاوضات

تؤكد بروكسل أنها لا تتساهل مع الحوثيين، وكل جهودها تنصب لإعادة الأطراف لطاولة المفاوضات وتطبيق خريطة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الرئيس رشاد العليمي يستقبل الوزير البريطاني في عدن (سبأ)

وزير بريطاني: شراكتنا مع اليمن «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم

وصف وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر الشراكة مع اليمن بأنها «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)

على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولين قطريين، سبل دفع «الشراكة» بين مصر وقطر، إلى جانب تنسيق المواقف بشأن المستجدات في المنطقة.

ويشارك عبد العاطي، في فعاليات النسخة رقم 23 من «منتدى الدوحة»، التي انطلقت، السبت، في العاصمة القطرية، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبمشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم.

ويعقد وزير الخارجية المصري سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من نظرائه ومسؤولين مشاركين، لبحث تعزيز التعاون الثنائي، وتنسيق المواقف إزاء تطورات المنطقة، لا سيما ما يتعلق بجهود تثبيت الاستقرار، ودعم مسارات السلام والتنمية، حسب «الخارجية المصرية».

وأشاد عبد العاطي بالزخم الذي تشهده العلاقات المصرية - القطرية على مختلف الأصعدة، وثمَّن خلال لقائه رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «التعاون بين بلاده والدوحة في المجالات المختلفة، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووقَّعت مصر وقطر، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح (شمال غربي مصر)، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار أميركي. (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية).

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وقتها، إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري، «يشكل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وعلى صعيد تنسيق المواقف بشأن الأوضاع في المنطقة، شدد وزيرا خارجية مصر وقطر على أهمية «مواصلة جهود تنفيذ اتفاق (شرم الشيخ) للسلام بكافة مراحله، وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع أي خروقات»، إلى جانب «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق».

وسبق محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره القطري، لقاؤه بمسؤولين قطريين، ضم وزير المالية، أحمد الكواري، ووزير التجارة والصناعة، الشيخ فيصل آل ثاني، ووزير المواصلات، الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد آل ثاني، لبحث «تعزيز التعاون المتنامي بين القاهرة والدوحة في المجالات الاقتصادية والتجارية والخدمية»، حسب «الخارجية المصرية».

وشدد عبد العاطي على «حرص بلاده على دفع الشراكة مع الدوحة، بما يحقق المصالح المشتركة، ويفتح آفاقاً أوسع للتعاون»، مؤكداً أهمية «تعزيز التواصل المؤسسي بين الوزارات والهيئات المختصة، بما يسهم في الارتقاء بجهود التنمية والاقتصادية في الدولتين».

وزير الخارجية المصري خلال لقائه وزراء المالية والتجارة والصناعة والمواصلات القطريين في الدوحة (الخارجية المصرية)

وباعتقاد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير يوسف الشرقاوي، أن زيارة عبد العاطي للدوحة ولقاءاته مع مسؤولين قطريين «تعكس النمو المتزايد لمستوى العلاقات السياسية بين البلدين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حرصاً بين القاهرة والدوحة، على رفع مستوى التعاون، خصوصاً في المجالات التجارية والاستثمارية، ليرتقي إلى مستوى التنسيق السياسي القوي في هذه المرحلة».

ويتصدر الجانب الاقتصادي مسارات التعاون الثنائي بين مصر وقطر، وفق الشرقاوي، الذي أشار إلى أهمية «استفادة الدوحة من مناخ الاستثمار المشجع في مصر الفترة الحالية»، وقال إن هذا القطاع يمكن أن يشكل «قاطرة لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين».

وخلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت قطر عن «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة، بقيمة 7.5 مليار دولار».

وإلى جانب تعزيز «الشراكة المصرية - القطرية،» شدد الشرقاوي على أهمية «التنسيق المستمر بين الجانبين فيما يتعلق بقضايا المنطقة، خصوصاً الوضع في غزة»، وقال إن «القاهرة والدوحة، تعملان لحشد الجهود الدولية، لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للسلام في غزة».

كما ناقش وزير الخارجية المصري، مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورج برانديه، خلال «منتدى الدوحة»، السبت، «التعاون المشترك، من خلال مبادرات وأفكار مبتكرة لدعم جهود التنمية»، كما بحث مع أمين عام منظمة التعاون الرقمي، ديما اليحيى، «تعزيز التعاون بين الدول النامية في قضايا التكنولوجيا والحوكمة الرقمية».


نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
TT

نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)

تشهد الساحة السياسية اليمنية تحوّلاً لافتاً في الوعي والتنظيم النسوي داخل الأحزاب والمكوّنات السياسية، بعد سنوات طويلة من التهميش والإقصاء؛ إذ أعلنت قيادات نسائية حزبية تبنّي خطة جديدة لتعزيز حضور المرأة في الحياة السياسية، وتمكينها من الوصول إلى مواقع القرار، بما في ذلك الحصول على حقائب وزارية، ورفع تمثيلها داخل الهياكل الحزبية إلى 30 في المائة كمرحلة أولى، ترتفع تدريجياً إلى 50 في المائة.

وجاءت هذه الخطوات عقب ثلاثة أيام من النقاشات الواسعة في لقاء نظّمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عدن، وشاركت فيه ممثلات ثمانية من أبرز الأحزاب والكيانات السياسية اليمنية. اللقاء كشف حجم الاحتقان داخل الأطر الحزبية نتيجة استمرار تغييب النساء عن المواقع القيادية، رغم الدور الواسع الذي لعبته اليمنيات خلال الحرب والأزمات المتتالية.

واتفقت المشاركات على وضع خطط داخلية واضحة لتمكين القيادات النسوية من حقائب وزارية وقيادة مؤسسات حكومية، إلى جانب إطلاق برامج تدريب وتأهيل متخصصة لإعداد كوادر نسائية قادرة على المنافسة.

اليمنيات يطمحن لرفع تمثيلهن داخل الهيئات الحزبية إلى 50% (إعلام محلي)

كما أقرت المشاركات اعتماد «كوتا نسائية» لا تقل عن 30 في المائة في التعيينات القيادية داخل الأحزاب، مع مراجعة اللوائح الداخلية التي تمثّل عائقاً أمام وصول النساء إلى مراكز صنع القرار.

وتجاوزت المشاركات التباينات السياسية بين أحزابهن، مؤكدات الحاجة إلى إعداد ميثاق أخلاقي يحمي المرأة داخل العمل الحزبي والسياسي، ويفرض التزامات واضحة على المكوّنات في ما يتعلق بترشيح النساء للمناصب، ودعم صعودهن في هياكل الأحزاب.

تحرير القرار الحزبي

ناقشت المشاركات اليمنيات بعمق الوضع المؤسسي للمرأة داخل أحزابهن، والعوائق البيروقراطية والتنظيمية التي تعوق مشاركتها الفاعلة، إضافة إلى التحديات العامة المرتبطة بالعمل السياسي في ظل الحرب التي أشعلها انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية قبل أحد عشر عاماً.

وأشارت المتحدثات إلى ضعف آليات التواصل والتنسيق بين الكوادر النسوية، وغياب السياسة الحزبية الواضحة لتمكين المرأة، إلى جانب محدودية حضور النساء في دوائر صنع القرار داخل الأحزاب.

دعم أممي لمشاركة المرأة في العملية السياسية وبناء السلام (إعلام محلي)

من جانبها، أكدت دينا زوربا، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن، خلال اللقاء، أن القيادات النسوية داخل الأحزاب يتحملن دوراً محورياً في دعم وصول النساء إلى مناصب القرار العليا، من خلال تقديم المرشحات للمناصب الحكومية والمشاركة النشطة في العملية السياسية وبناء السلام.

وحثّت زوربا المشاركات على مواجهة التحديات الهيكلية في مؤسساتهن الحزبية، والعمل على تحسين الوضع المؤسسي للمرأة باعتباره خطوة أساسية لضمان وصولها إلى القرار السياسي.

كما أوضحت أن رفع مشاركة المرأة في الأحزاب ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل ضرورة لحماية العملية السياسية نفسها، مؤكدة أن أي عملية بناء سلام لا تشمل النساء تظل ناقصة وغير قابلة للاستمرار.

ووفقاً للمنظمين، فقد هدفت الجلسات النقاشية إلى خلق منصة حوار سياسية تجمع النساء القياديات، وتتيح لهن فرصة صياغة حلول عملية قابلة للتطبيق على المدى القريب. وشملت الجلسات عروضاً تحليلية حول موقع المرأة داخل الهياكل الحزبية، ونقاشات جماعية لتحديد مقاربات فعّالة لتعزيز دور النساء في صياغة مستقبل البلاد.

موقف رئاسي داعم

قدّمت القيادات النسوية عدداً من التوصيات المتعلقة بتحسين الدور المؤسسي للنساء داخل الأحزاب اليمنية، والارتقاء بكفاءتهن في مواقع اتخاذ القرار، وتعزيز مسؤولية الأحزاب تجاه قضايا النساء داخل المكوّنات السياسية. وأكدت التوصيات ضرورة تفعيل دوائر تمكين المرأة داخل الأحزاب، وتبنّي آليات واضحة تضمن وصول أصوات النساء وأولوياتهن إلى مسارات صنع القرار.

وفي السياق ذاته، تماشياً مع المطالب النسوية، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى ضرورة إشراك المرأة في الحكومة وتمكينها من قيادة حقيبة وزارية، مؤكداً أن تغييب النساء عن مواقع القرار يمثل خللاً قانونياً ومؤسسياً يجب معالجته فوراً.

التزام حكومي يمني بتمثيل المرأة في موقع القرار السياسي (إعلام حكومي)

وشدد العليمي على أن المرأة اليمنية كانت وما تزال شريكاً أساسياً في الصمود والبناء، وأن مطالبتها بحقها في التمثيل السياسي ليست مِنّة من أحد، بل حق أصيل يجب الاعتراف به. وقال: «ليس من العدل أن تتحمل المرأة الأعباء كافة، في حين تغيب عن مواقع صنع القرار تماماً». وأضاف أن بقاء الحكومة بلا حقيبة وزارية نسائية أمر غير مقبول، خاصة في بلد تشكل النساء فيه أكثر من نصف عدد السكان.

ويبدو أن هذه التوجهات، إلى جانب الجهود الأممية، تمهد لمرحلة جديدة من المشاركة النسوية، قد تعيد رسم الخريطة السياسية المستقبلية، خصوصاً إذا التزمت الأحزاب بتنفيذ ما أعلنته من خطط ومراجعات داخلية.


تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.