أحمد حامد... وكيل زعيم الحوثيين في التنكيل بالتجار والسيطرة على المساعدات

شركة أنظمة دفعت ثمن فضح التلاعب بالمعونات الإغاثية

وقفة احتجاجية لموظفي شركة «برودجي سيستمز» (تويتر)
وقفة احتجاجية لموظفي شركة «برودجي سيستمز» (تويتر)
TT

أحمد حامد... وكيل زعيم الحوثيين في التنكيل بالتجار والسيطرة على المساعدات

وقفة احتجاجية لموظفي شركة «برودجي سيستمز» (تويتر)
وقفة احتجاجية لموظفي شركة «برودجي سيستمز» (تويتر)

قبل تعيين القيادي لدى الحوثيين أحمد حامد مديراً لمكتب مجلس الحكم الانقلابي في صنعاء، لم يكن يعرف الكثير من اليمنيين مقدار السطوة التي يمتلكها موظف سلطات الانقلاب، حتى أثبت ذلك من خلال بطشه بالتجار والسياسيين والسيطرة على العمل الإغاثي؛ ليصبح بذلك يد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الأكثر نفوذاً في خدمة أهداف الميليشيات.

كان آخر ضحايا حامد شخصان، أحدهما يعمل موظفاً لديه، والآخر يعمل مدير شركة أنظمة كانت تعمل طرفاً ثالثاً لتزويد المنظمات الأممية ببيانات المستحقين للمساعدات ومراقبة إيصالها.

مصادر مطلعة في صنعاء قالت إن عبد الملك الحوثي وفي سياق الرد على الخدمات التي قدمها والد أحمد حامد للجماعة منذ ثمانينات القرن الماضي، وأثناء المواجهات مع السلطات المركزية في صنعاء عند بداية التمرد، قام بتعيين حامد في الهيئة الإعلامية للجماعة، وبعد الانقلاب عيّنه وزيراً للإعلام في الحكومة التي لا يعترف بها أحد، مع أن جُلّ إنتاج الرجل في هذا الجانب كان يتمثل في كونه مراسلاً لمجلة «العالم» الإيرانية، قبل أن يجعله متحكماً بمجلس حكم الانقلاب وحكومته.

ضحية جديدة

يحضر اسم أحمد حامد عند الحديث عن تحكمه في موازنة الوزارات في حكومة الانقلاب والمحافظات وإشرافه على مصادر ممتلكات المعارضين السياسيين، عبر ما يسمى الحارس القضائي، إلا أنه أصبح منذ أيام حديث الوسط الإعلامي، بعد أن أصيب شاب اسمه محمد الشهاري بذبحة صدرية وسط قاعة إحدى محاكم صنعاء حين كان يُستجوب بموجب شكوى من حامد المعروف باسمه الحركي (أبو محفوظ)، حيث قرر وكيل نيابة الصحافة سجنه أسبوعاً على ذمة التحقيق.

وبحسب ما أورده أصدقاء الشهاري، فإنه وعند اكتمال استجوابه من قِبل وكيل النيابة صُعق بقرار حبسه احتياطياً مع أن القانون يحظر الحبس الاحتياطي في قضايا النشر، كما أن الإجارة القضائية اقتربت؛ ما يعني أنه سيقضي شهرين في السجن كعقوبة سابقة لفصل المحكمة في الشكوى المقامة ضده.

وقالت المصادر إن الشهاري أصيب بذبحة صدرية أمام المحقق نتيجة القرار، وقد سمح بإسعافه إلى المستشفى ومن ثم تدخل وسطاء وقدموا ضمانات بأن يتم إحضاره عقب الإجازة القضائية.

الشهاري فُصل من عمله ويريد القيادي الحوثي أحمد حامد محاكمته وسجنه (تويتر)

وأوضحت المصادر أن القيادي أحمد حامد فصل الشهاري من عمله لدى مكتب مجلس الحكم قبل ثلاث سنوات، وعيّن نجله بدلاً عنه، وحين صدر حكم من المحكمة الإدارية ببطلان قرار الفصل رفض تنفيذ الحكم، فذهب الشاب ونشر قضيته في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن حامد الذي يوصف بأنه الحاكم الفعلي في مناطق سيطرة الميليشيات وجّه وكيل نيابة الصحافة بحبس الضحية.

إغلاق شركة أنظمة

مصادر مطلعة في صنعاء، اتهمت أحمد حامد بأنه يشرف على عمل وحدة المخابرات الحوثية المعنية بمراقبة عمل المنظمات الإغاثية والتحكم في توزيعها وتوجيهها بما يخدم مقاتلي المليشيات، وقالت إنه يقف وراء إغلاق شركة «برودجي سيستمز» وسجن مالكها عدنان الحرازي منذ ستة أشهر بسبب البيانات الدقيقة التي قدمتها الشركة التي تعمل طرفاً ثالثاً مستقلاً بين المنظمات الإغاثية وسلطة الميليشيات بشأن توزيع المساعدات والتأكد من وصولها إلى المستحقين.

وفق هذه المصادر، ساعدت بيانات الشركة في إعادة ضبط مسار المساعدات وتصحيح الاختلالات الكبيرة التي كانت ترافق هذه العملية، والتي أدت إلى سرقة أجزاء كبيرة من المعونات، وذهاب جزء آخر إلى أسر مقاتلي الميليشيات أو مؤيديهم وأنصارهم واستخدامها أيضاً في استقطاب المراهقين للالتحاق بجبهات القتال.

ورأت المصادر أن هذا العمل المحترف من قِبل الشركة دفع أحمد حامد إلى اتخاذ قرار بإغلاقها ومحاكمة مالكها، وحرمان أكثر من ألف موظف من مصادر دخلهم في ظل أوضاع إنسانية بائسة يحتاج معها أكثر من 70 في المائة من السكان إلى شكل من أشكال المساعدات.

تضامن قبلي

قبيلة آنس التي ينتمي إليها الحرازي، سخرت من بيان وزعته مخابرات الميليشيات ادعت فيه أن الشركة ارتكبت جملة من المخالفات والتجاوزات للأنظمة لصالح منظمات وشركات وجهات أجنبية وأضرت بالجوانب السيادية على الرغم من التحذيرات.

وأكد بيان وزّعه المعتصمون المتضامنون من قبيلة آنس بميدان السبعين في صنعاء أن الشركة تعمل بموجب تصريح رسمي من سلطة الميليشيات وتم تجديده في 9 يناير (كانون الثاني) الماضي، وأنه تم دهم مقرها واعتقال مديرها والعشرات من موظفيها بعد ثلاثة أيام من استلام تجديد ترخيص العمل.

وتتهم الميليشيات الشركة بأنها قامت بالتعاقد والقيام بمسح وتقييم ميداني من دون تصاريح رسمية وبأجهزة وبرامج ذكية، مخالفة بذلك التوجيهات التي ألزمتها بأن تكون المسوحات عبر استمارات ورقية.

في مقابل ذلك، قالت مصادر في الشركة إنها تعمل بموجب الاتفاق بين المنظمات الإغاثية وسلطة الميليشيات، حيث تتم عمليات المسح الميداني في مناطق سيطرة الجماعة عبر استمارات ورقية، وأن استخدام «الآيباد» في تنفيذ عمليات المسح الميداني للمستحقين للمساعدات تتم في مناطق سيطرة الحكومة فقط.

أقوى من سلطة النيابة

الميليشيات قالت إنها أحالت القضية والمتهمين إلى النيابة المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة، في حين ذكرت مصادر مطلعة أن النيابة كانت أصدرت أوامر لجهاز المخابرات الحوثية بإعادة فتح الشركة وإحالة ملف مديرها إليها للفصل فيه أو إطلاق سراحه، إلا أن الأوامر التي يصدرها أحمد حامد منعت المخابرات من الاستجابة لطلب النيابة.

وأكد عاملون في الشركة لـ«الشرق الأوسط» أن تصريح مخابرات الميليشيات هدفه مواجهة حملة الاحتجاجات التي ينفذها أكثر من ألف من موظفي الشركة الذين فقدوا وظائفهم بمساندة من قبيلة المالك، حيث نفذت وقفات احتجاجية خلال الأسبوعين الماضيين في ذمار وصنعاء للمطالبة بإنهاء الإجراءات العقابية التي اتخذها حامد في حق الحرازي وشركته.

واتسعت قاعدة التضامن مع الشركة وموظفيها إلى النشطاء والمثقفين الذين نفّذوا وقفتين احتجاجيتين أمام مبنى الشركة في صنعاء في حين أعلنت قبيلة الحرازي الاعتصام المفتوح في ميدان السبعين القريب من مبنى دار الرئاسة، وأكد المحتجون أنهم لن يغادروا موقعهم حتى يتم إطلاق سراحه.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.