الحوثيون يشنون حرباً اقتصادية... والشرعية تدرس الخيارات

وسط استياء دولي ومخاوف من عودة شبح الحرب

الدكتور رشاد العليمي خلال استقباله هانس غروندبرغ  في الرياض (سبأ)
الدكتور رشاد العليمي خلال استقباله هانس غروندبرغ في الرياض (سبأ)
TT

الحوثيون يشنون حرباً اقتصادية... والشرعية تدرس الخيارات

الدكتور رشاد العليمي خلال استقباله هانس غروندبرغ  في الرياض (سبأ)
الدكتور رشاد العليمي خلال استقباله هانس غروندبرغ في الرياض (سبأ)

في الوقت الذي تزداد فيه معاناة اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي الانقلابية، تشن الجماعة حرباً اقتصادية ضد الحكومة الشرعية والمناطق المحررة بعد منع تصدير النفط والغاز عبر استهداف المنشآت النفطية والموانئ بالطائرات المسيرة المفخخة.

ووصف دبلوماسي غربي تحدث لـ«الشرق الأوسط» ما يقوم به الحوثيون بـ«الحرب الاقتصادية ضد الحكومة الشرعية لإفقارها». بينما أكد مسؤول يمني رفيع أن الشرعية تدرس «كل الخيارات».

وكانت جماعة الحوثي قد استهدفت في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 ميناء الضبة النفطي بحضرموت عبر هجوم إرهابي بالطائرات المسيّرة والصواريخ أثناء رسو سفينة لشحن النفط الخام من الميناء. كما سبق واستهدفت الميليشيات بالطيران المسيّر ميناء رضوم البترولي في محافظة شبوة بهجمتين متعاقبتين في ليلتي 18 و19 من الشهر نفسه.

وأضاف الدبلوماسي القريب من الملف اليمني، وطلب عدم الإفصاح عن اسمه، بقوله: «سوف يستمرون في الحرب الاقتصادية بعد أن كانت الحرب عسكرية فقط، يريدون إفقار الحكومة عبر الاقتصاد».

وتواجه الحكومة اليمنية أزمة مالية حادة غير مسبوقة، نتيجة استمرار توقف إيرادات النفط، بسبب هجمات الميليشيات الحوثية على موانئ التصدير منذ 6 أشهر؛ حيث يعد النفط المصدر الوحيد للعملة الصعبة في البلاد.

ويهدد استمرار هذه التداعيات الحكومة اليمنية بالعجز عن دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، بالتزامن مع تأكيد الأمم المتحدة أن نحو 60 في المائة من الأسر اليمنية واجهت انخفاضات في دخلها خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وكان الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، قد حمّل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، مسؤولية تنفيذ قرارات مجلس الأمن، مذكراً المبعوث الأممي بالانتهاكات الحوثية بما في ذلك القيود المفروضة على حركة الأفراد والسلع، والإجراءات التعسفية بحق المصارف والغرف التجارية، وأنشطة القطاع الخاص، والحريات العامة، وعدم اكتراث تلك الميليشيات بالأوضاع الإنسانية الكارثية في البلاد.

وقال العليمي، خلال لقائه غروندبرغ، إن «أهداف الميليشيات الحوثية من هذه الإجراءات، تتضمن مصادرة جميع الفوائد المصرفية على مدى السنوات الماضية بأثر رجعي، وإحلال جهاز بنكي جديد تابع للميليشيات على غرار حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وما يترتب على ذلك من أنشطة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب».

من جانبه، قال مسؤول يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة «تدرس خيارات عدة لمواجهة الحرب الاقتصادية التي يشنها الحوثيون». ولم يستبعد المسؤول، الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه، أن تلجأ الحكومة إلى «إعادة النظر في دخول السفن لميناء الحديدة».

وفي تعليقه على هذه الخطوة، قال إن الشرعية قد تلجأ لذلك، لكنه أكد عدم وجود معلومات بهذا الخصوص في الوقت الراهن. وتابع: «الوضع الاقتصادي سيئ لدى الحوثيين، إذا عادت الحرب ستعود في ظروف أسوأ اقتصادياً سواء في الشمال أو الجنوب».

وعمدت الحكومة الشرعية والتحالف منذ نحو عام إلى تسهيل دخول السفن التجارية إلى ميناء الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الخارجية لجهات معينة، في إطار جهود بناء الثقة وتحقيق السلام الجارية.

وباتت الأوساط الدبلوماسية الغربية على دراية أكبر بالأساليب والعراقيل التي تنتهجها الميليشيا الحوثية، وفقاً للدبلوماسي نفسه، الذي يضيف بقوله: «من الصعب الوصول إلى حل سياسي معهم، كل يوم نكتشف أن الجهود السياسية لا طائل منها، وهذا يدفع باتجاه عودة الحرب الأهلية للأسف الشديد».

وأضاف: «مع الوقت جميع اللاعبين الدوليين يكتشفون أنه من الصعب الحديث مع الحوثيين (...) العالم كله سيكتشف أن التعنت الحوثي لا مثيل له، هؤلاء لا يعرفون سوى الحرب منذ طفولتهم لذلك لا يجيدون شيئاً آخر».

وأكدت بيانات وزعها مكتب الأمم المتحدة في اليمن، أن 60 في المائة من الأسر اليمنية تعاني انخفاضاً في الدخل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأن الأسر الزراعية عانت انخفاضاً في الدخل بنسبة أعلى من الأسر غير الزراعية، بينما لجأ 20 في المائة من الأسر إلى استراتيجية طارئة لمواجهة سبل العيش.

في السياق، لا يزال المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ يحاول جاهداً كسر الجمود في جهود السلام الأخيرة بعد تعنت جماعة الحوثي الانقلابية، وفرْض مزيد من الشروط والتعقيدات باستمرار.

وبحسب مصادر يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن زيارة غروندبرغ، الأحد، لم تحمل جديداً بشأن خطط السلام، باستثناء محاولته تنشيط عملية تبادل الأسرى بين الأطراف. كان المبعوث الأممي، قبل وصوله إلى الرياض، قد زار اليابان والصين لضمان دعم جهوده في الملف اليمني.


مقالات ذات صلة

انقلابيو اليمن متهمون بالعبث بأموال الزكاة وفصل عشرات الموظفات

العالم العربي تراجع كبير شهدته المساعدات في اليمن خصوصاً من قبل برنامج الغذاء العالمي (أ.ف.ب)

انقلابيو اليمن متهمون بالعبث بأموال الزكاة وفصل عشرات الموظفات

اتهمت مصادر يمنية في صنعاء قيادات رفيعة في الجماعة الحوثية بالعبث بأموال «هيئة الزكاة» وفصل عشرات الموظفات في الهيئة  بالتوازي مع تخصيص الأموال لأتباعها

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي طالبات في جامعة صنعاء (غيتي)

انقلابيو اليمن يجرّفون التعليم العالي لمضاعفة الموارد المالية

أقدمت الجماعة الحوثية على إجراءات لحرمان الأكاديميين النازحين من محافظة إب من الرواتب، بالتزامن مع إلغاء أقسام في جامعة صنعاء ومضاعفة إيراداتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من احتجاجات الموظفات في هيئة المواصفات ضد فساد قيادات حوثية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يتعسفون منتسبي هيئة رقابة عمومية في صنعاء

أحالت الجماعة الحوثية موظفات في هيئة المواصفات والمقاييس للتحقيق بسبب رفضهن للفساد، بينما تعمل على حوثنة الهيئة بعشرات التعيينات.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الحرمان الشديد من الغذاء في اليمن وصل إلى 42% في نهاية 2024 (الأمم المتحدة)

70 % من نازحي اليمن لا يحصلون على الحد الأدنى من الغذاء

كشف برنامج الأغذية العالمي عن تردٍّ غير مسبوق للأوضاع المعيشية للنازحين داخلياً في اليمن، وأكد أن 70 في المائة منهم لا يحصلون على الحد الأدنى من الغذاء.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي اتهامات يمنية للجماعة الحوثية باستثمار مواجهتها للغرب وإسرائيل ضد السكان المحليين (رويترز)

الحوثيون يستثمرون مزاعم مواجهة إسرائيل بالتوسع محلياً

لجأت الجماعة الحوثية إلى استثمار مزاعمها في مواجهة إسرائيل والغرب بالسعي لتحقيق مكاسب عبر توسيع نفوذها محلياً، بينما يتوقع المتابعون استمرار التصعيد الخارجي.

وضاح الجليل (عدن)

إسرائيل تشن غارات على مناطق بالبقاع وجنوب لبنان

غارات جوية إسرائيلية على النبطية في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
غارات جوية إسرائيلية على النبطية في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

إسرائيل تشن غارات على مناطق بالبقاع وجنوب لبنان

غارات جوية إسرائيلية على النبطية في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
غارات جوية إسرائيلية على النبطية في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

أفادت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام»، اليوم (الأحد)، بأن إسرائيل شنت غارات على عدة مناطق في محافظة النبطية بجنوب لبنان ومنطقة البقاع.

وأكدت الوكالة أن الغارات الإسرائيلية استهدفت المنطقة الواقعة بين عزة وبفروة وزفتا في محافظة النبطية، كما استهدفت مرتفعات جبل الريحان بين سجد والريحان. وقال تلفزيون «إم تي في» اللبناني، إن غارة إسرائيلية استهدفت معبر قلد السبع الحدودي مع سوريا في جرود الهرمل.

وقال الجيش الإسرائيلي، الأحد، إن طائرة حربية أغارت على نفق تحت الأرض في منطقة البقاع يجتاز من داخل الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية، و«استخدمه (حزب الله) لنقل وسائل قتالية». وأضاف الجيش الإسرائيلي، في بيان، أن النفق المشار إليه سبق استهدافه في الماضي، مفسراً إعادة قصفه بأن الجيش الإسرائيلي «يعبر عن تصميمه لمنع إعادة إعماره واستخدامه». وأشار البيان أيضاً إلى الإغارة على عدة مواقع لـ«حزب الله»، «احتوت على وسائل قتالية ومنصات صاروخية شكلت تهديداً فورياً من (حزب الله) داخل الأراضي اللبنانية».

يُذكر أنه تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار فجر اليوم التالي. وتخرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيّز التنفيذ بشكل يومي.

وينصُّ الاتفاق على انتشار الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في منطقة جنوب لبنان، وسحب إسرائيل قواتها تدريجياً من الجنوب باتجاه الخط الأزرق الحدودي مع إسرائيل، وتخرق إسرائيل الاتفاق بتنفيذ عمليات قصف وتمشيط وتفجير في كثير من مناطق لبنان.