سعد المهدي
TT

نجوم.. لكنك تتعرف عليهم من جديد

أشعر أن هناك تشابها كبيرا بين نجوم الكرة في العالم العربي والصحافيين المتخصصين في الشأن الرياضي، وهو في سوء استثمار مسيرتهم بما فيها من تجارب ومعارك، بحيث يتم تدوينها في إصدارات يطلع عليها غيرهم في حياتهم أو بعد رحيلهم، لتكون مصدرا من مصادر التأريخ الرياضي الجمعي.
قصص مخفية يمكن الإفصاح عنها، أو أخرى يمكن تصويبها، ورصد تفصيلي لحديث الروح قبل مناسبات كبرى، وأخطاء سقط فيها، وأخرى تجاوزها، وبوح صادق لمشاعر تجاه زملاء وأندية ومؤسسات وشخصيات عاصرها، وحكايات عن النصر والهزيمة، والنجاح والفشل، واعتذار عن أخطاء ارتكبت، وإجابات صريحة عن أسئلة ظلت معلقة.
المكتبة العربية تفتقر إلى مذكرات النجوم، أو من ساهموا في صنع النجوم والتاريخ، ولا تجد إلا القليل، وأيضا هو لا يكشف عن شيء غير معروف، بل قد سبق نشره، وأهم أسباب ذلك أن النجوم والصحافيين لا يستطيعون الخروج من البرواز النمطي الذي وضعوا أنفسهم فيه مؤطرين بقانون العيب الاجتماعي، والصورة الذهنية المعلبة الجاهزة للصقها على كل الوجوه دون اختلاف!
الكتاب الذي يتصدر غلافه نجم تقرأه لتتعرف عليه من جديد، وليس من أجل أن يعيد عليك سلسلة إنجازاته وبطولاته، كأنها الصفحة الوحيدة في كتاب حياته الرياضية. صحيح أن هناك من استعرضوا حياتهم بشكل فج، أو وجدوها فرصة لممارسة مزيد من الصخب والإثارة حول شخصياتهم كما في كتاب السويدي «أنا زلاتان»، لكنه لم يخل من المتعة في سرده لبعض المواقف، وصراحته في الكشف عن غروره، وأسراره مع زملائه، وقصص أثارت الجدل، لقد كتب «عن كل شيء» كما وصفه موقع «GOAL»، وروى أشياء لم يستطع أهم الكتاب الصحافيين الأوروبيين سواء في إسبانيا أو إيطاليا معرفتها.
قصص لكبار الساسة والأدباء على شكل مذكرات تعلو أدراج المكتبات، يعلوها الغبار إذ لم تكن ممتعة في عرضها، صادمة في حقائقها، بالطبع هذا يختلف عن تصديقها أو التسليم بأن كل ما فيها لم يتم إعداده لغرض يحقق مصلحة ما، لكننا في دعوة أن نغني القارئ بما يشبع رغبته في متعة القراءة، والاستكشاف، والعيش في عوالم هؤلاء النجوم على نحو مختلف عما عرفهم عليه في السابق، نرى ضرورة أخذ هذا الاتجاه الذي أنجز لنا «أنا أفكر إذن أنا ألعب» للنجم الإيطالي أندريا بيرلو أو «+10»، أو كتب السير أليكس فيرغسون، وديفيد بيكهام، والمدرب الإيطالي مارشيللو ليبي عن فن التكتيك بفصليه البارزين، «أفكاري في الملعب»، و«أفكاري مع الصحافة».
القراءة متعة، ليس بالضرورة ألا نكتب إلا عما يثير السخط، أو في قضايا الاختلاف، أو من أجل أن ننغص على القراء يومهم أو حياتهم، كثير مما يمكن أن يصلح مادة صحافية يمكن قراءته بسلام، وهناك ما يمكن تدوينه في كتب عن الرياضة يثير الدهشة، ويرسم على الشفاه الرضا.. كتاب «كرة القدم بين الشمس والظل» أنموذجا!