مصطفى الآغا
TT

سامي الجابر واللا واقعية

أعرف أن التعصب في كرة القدم قد يعمي عن الحقائق وعن البديهيات، وأعرف أن البعض يرفض حتى الاعتراف بما هو بديهي، ولكن أحيانا تجد نفسك وسط متاهة من التعليقات التي تجبرك على الرد حتى لو كنت تعرف أن ردك سيكون مجرد صرخة في واد.
ليس سرا أن سامي الجابر صديق لي على المستوى الشخصي، ولكن ليس سرا أيضا أن الرجل عندما تسلم مهامه مدربا للهلال أغلق علينا كل المنافذ، ولم يظهر معي إلا بعد إقالته، ومع هذا احترمت رأيه، واحترمت طريقته في التدريب وهو ما يفعله حاليا كونه مدربا للشباب، ومع هذا لم أتحول من صديق إلى عدو فقط لأنه لا يريد التصريح، ولأنني لا أشخصن علاقاتي المهنية أبدًا.
وطالما تحدثت عن المهنية؛ فهي تفترض أن نعطي كل ذي حق حقه بعيدا عن الميول والأجندات (هذا المفترض)، فإذا كان الشباب متأخرا أمام الأهلي بطل الدوري وكأس خادم الحرمين الشريفين وبطل السوبر بهدف، ثم سجل ثلاثة أهداف عن طريق النجم الجزائري بن يطو وفاز بالمواجهة، وإذا كان المدرب في عالم الكرة هو من يتحمل وزر أي خسارة وفي الوقت نفسه له نصيب من الإشادة وقت الإنجاز؛ لهذا كان من الطبيعي أن نشيد بسامي الجابر الذي تمكن من الفوز على الأهلي، ولكن البعض (الكاره للرجل) لم تعجبهم الإشادة ووصفوني بالمطبل، وأنني أنفخ إعلاميا في أسطورة (ورقية) حسب تعبيرهم، لا بل وصفوه بالمتدرب وليس بالمدرب.
أولا، الرجل انتقل من صفته لاعبا إلى صفته مدربا، وبالتالي لا علاقة لقصة الأسطورة الورقية بالأمر، وثانيا، أنا لا تعنيني لا خلفيته ولا إنجازاته ولا ناديه السابق، بل ما يعنيني هو ما فعله حصرا في مباراة الأهلي؛ لأنني كنت أتحدث عنها وليس عن مباراة الباطن التي خسرها، وعندما يتمكن مدرب من قلب الخسارة إلى فوز أمام فريق كبير كالأهلي فهو يستحق الإشادة، وليس كل صاحب إنجاز مدرب كبير؛ فمارادونا بكل إنجازاته وبتتويجه لاعب القرن العشرين مناصفة مع بيليه فشل مدربا، ومورينيو الذي ليس لديه أي إنجاز، لا بل بدأ مترجما بات أهم مدرب في العالم، ونجح في تشيلسي، وفشل أيضا مع تشيلسي حتى خرجا مُقالا (مفنشا).
عندما نصل إلى مرحلة عدم تزييف الوقائع والاعتراف بأفضلية المنافسين والتصفيق للفائزين أيا كانت هويتهم، عندها فقط نكون بدأنا مرحلة الثقافة الرياضية والاستمتاع بكل ما هو رياضي، وعندما نشجع الفاشل حتى ينجح ونشد على يد الناجح حتى يبدع أكثر وقتها نكون قد بدأنا رحلة التطور نحو الأفضل في كل مجالات الحياة، وليس كرة القدم وحدها.