ديفيد اغناتيوس
صحافي وروائي. وهو محرر مشارك وكاتب عمود في صحيفة "واشنطن بوست". كتب ثماني روايات، بما في ذلك "جسد الأكاذيب"
TT

انطلاقة بطيئة وهشة للهجوم على الموصل

من موقع متقدم على أحد التلال المدعمة بأكياس الرمال هنا في وادي مشار بالعراق، يمكنك رؤية الخطوط الأمامية لتنظيم داعش في بيوت قرية النصر الموحلة، وهي القرية المجاورة لسلسلة التلال الصغيرة، على مسافة ميل ونصف الميل تقريبا من مرمى الرؤية. كان من المفترض على الجيش العراقي أن يحتل هذه القرية المستهدفة قبل شهر من الآن. غير أن الهجوم تم صده.
يتعين لمعركة الموصل، التي تبعد 35 ميلا نحو الشمال، أن تبدأ باحتلال مثل تلك المراكز المتقدمة التابعة للتنظيم الإرهابي على طول نهر دجلة. ولكن الجيش العراقي غير مستعد بعد لاحتلال قرية صغيرة عالية التحصين مثل قرية النصر. ولذلك، من الصعب تصور احتمال تطهير مدينة الموصل نفسها من المتطرفين بحلول نهاية العام الحالي، كما تأمل إدارة الرئيس أوباما.
وتعد منطقة مخمور مركز الانطلاق في معركة الموصل، وهي منطقة تبعد عدة أميال إلى الجنوب من المدينة. ولقد أقامت فرقة من الجيش العراقي مركز قيادتها المتقدم هناك، جنبا إلى جنب مع قيادة قوات البيشمركة الكردية. كما أن المستشارين العسكريين الأميركيين يوجدون في مخمور الآن، على الرغم من عدم مشاهداتهم هناك الخميس الماضي.
يقول اللواء نجيم عبيد الجبوري محذرا، قائد القوات العراقية في معركة الموصل المرتقبة: «لدي عدد محدود من القوات الآن». ويبلغ حجم القوات التي يقودها اللواء الجبوري 5 آلاف مقاتل، ولكنه قال إنه يحتاج إلى قوات أكثر من ذلك بست مرات على الأقل، وخطة هجومية تستهدف الموصل من جميع الجوانب. ولقد أسفرت الفوضى السياسية الحالية في بغداد عن انخفاض معنويات الجنود، كما أدت إلى صعوبات جمة في التخطيط للمعركة. ويتابع اللواء العراقي قائلا: «إننا نحاول التحرك في الاتجاه الصحيح، ولكن الفساد في العراق عميق للغاية».
ساعدت القوات الجوية الأميركية في استيلاء نظيرتها العراقية على قرية مهنى خلال الأسبوع السابق. وتمكن الجنود العراقيون من المسير في مختلف شوارع القرية دون أدنى معارضة تذكر.
يعد «اليوم التالي» بعد اجتياح الموصل من أعقد الأيام وأصعبها من الهجوم العسكري نفسه. حيث يقول اللواء نجات علي قائد القوات الكردية في مخمور إن الحاجة مسيسة الآن للوصول إلى اتفاق سياسي الآن حول حكم مدينة الموصل الكبيرة، متعددة الأعراق، فور النجاح في طرد مقاتلي «داعش» منها. ويستطرد اللواء الكردي، فيقول محذرا: «نخشى من طريقة الحكم بعد النجاح في تحرير الموصل». ويرتدي اللواء علي السراويل الفضفاضة والسترة المميزة للزي الكردي التقليدي.
يعد المقاتلون الأكراد من أقسى وأعتى المقاتلين في العراق الآن، ولقد حققوا أفضل النجاحات حتى الآن في مواجهة تنظيم داعش. ولكنهم يفتقرون للغاية إلى الأسلحة الثقيلة والذخائر، كما علمت خلال زيارتي القصيرة لخطوط جبهتهم الأمامية.
ويقول العقيد طاهر أرجوشي من مركز المراقبة أعلى قمة التل في وادي مشار إن قواته تتعرض للهجمات بصفة شبه يومية باستخدام الصواريخ وقذائف الهاون من قرية النصر، ولقد تعرضوا للهجوم العام الماضي بغاز الخردل. ولكن القوات الكردية هنا ليست لديها المدفعية الثقيلة أو الصواريخ أو حتى السترات الواقية من الأسلحة الكيميائية، كما تنقصها الذخائر لشن الهجمات المضادة على المتطرفين.
ويحذر مسرور برزاني، مستشار الأمن القومي ورئيس الاستخبارات في حكومة إقليم كردستان، قائلا «إن الجيش النظامي العراقي ليس في وضع يمكنه من تنفيذ هذه المهمة بمفرده».
وفي حين أن القوات الكردية ملتزمة بالمشاركة في حملة تحرير الموصل، فإن برزاني يقول إنهم «لا يمكنهم تولي القيادة في المناطق ذات الأغلبية العربية». كما يشدد على صعوبة الحكم المستقبلي للمدينة متعددة الأعراق، وأضاف قائلا: «لا بد من وجود اتفاق سياسي بشأن الموصل حتى يمكن للعناصر كافة هناك أن تكون راضية وقادرة على التعايش والاستمرار».
يتحدث بعض المسؤولين العراقيين بأمل حول انتفاضة يثيرها السكان المحليون في الموصل لطرد تنظيم داعش، ويقول برزاني عن ذلك: «هذا من قبيل التمني»، وأوضح أن سكان الموصل لن يحركوا ساكنا ما لم يكونوا على يقين راسخ من نجاح الهجوم.
وجاءت علامة مثيرة لتدخل إدارة الرئيس أوباما في القتال لتحرير الموصل من خلال الزيارة المفاجئة التي قام بها نائبه جوزيف بايدن إلى بغداد مؤخرا. من شأن الهجوم على الموصل أن يكون بمثابة اللحظة الحاسمة في هذه الحملة العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة، غير أن الإشارات الواردة من ميدان القتال تفيد أن الهجوم المقدر له النجاح بيننا وبينه عدة أشهر على أدنى تقدير ممكن.
* خدمة «واشنطن بوست»