مقابل الإفراج عن أربعة محتجزين أميركيين، وافقت إدارة الرئيس باراك أوباما مؤخرا على إطلاق سراح سبعة إيرانيين تحتجزهم الولايات المتحدة، إضافة لوقف محاولات إلقاء القبض على 14 آخرين، منهم اثنان تتهمهما الحكومة الأميركية بنقل أسلحة لنظام بشار الأسد وقوات جماعة حزب الله داخل سوريا.
من جهتها، أفادت وزارة الخزانة الأميركية أنه على مدار سنوات، عمدت شركة ماهان إير، ذات الملكية الخاصة إلى نقل جنود وأسلحة بصورة مباشرة إلى القوات العسكرية السورية وجماعة حزب الله اللبنانية الإرهابية، وذلك من خلال نقلهم من طهران إلى دمشق. عام 2013، فرضت وزارة الخزانة عقوبات ضد المدير الإداري للشركة، حميد أرابنجاد لتوليه الإشراف على جهود الشركة للتهرب من العقوبات الأميركية والدولية ومعاونة قوة القدس النخبوية التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وأعلنت وزارة الخزانة أن «أرابنجاد يرتبط بعلاقات عمل وثيقة مع أفراد من قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، ويتولى تنسيق الدعم والخدمات التي توفرها ماهان إير للجماعة شبه العسكرية. كما أنه لعب دورًا مهمًا في تيسير نقل شحنات غير قانونية إلى سوريا على متن طائرات ماهان إير».
وتبعًا لما ذكرته وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء المملوكة للدولة، فإن أرابنجاد يعد واحدًا من الإيرانيين الـ14 الذين لن يكون بحقهم بعد الآن توجيهات من الإنتربول لإلقاء القبض عليهم، وهي توجيهات كانت ترمي لضمان احتجازهم وترحيلهم إلى الولايات المتحدة بناءً على اتهامات سقطت عنهم الآن. أما الأمر التنفيذي الذي تعرض أرابنجاد لعقوبات في إطاره فيشير إلى دعمه للإرهاب. عام 2011، فرضت واشنطن عقوبات ضد شركة الطيران بأكملها بسبب نقلها لأفراد وأسلحة لحساب الحرس الثوري وحزب الله، وهي جماعة تعتبرها واشنطن إرهابية. من جهته، رفض البيت الأبيض أي طلبات للحصول على تعليق بخصوص ما إذا كان أرابنجاد بين الإيرانيين الذين أزيلت أسماؤهم من قوائم المطلوبين، لكنه لم ينكر في الوقت ذاته الأسماء الـ14 التي أوردتها وكالة «فارس».
وفي تصريحات لـ«بلومبيرغ نيوز» في ذلك الوقت، قال ديفيد كوهين، وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، ، إن ماهان إير: «ليست سوى وجه آخر للاختراق واسع النطاق للحرس الثوري للقطاع التجاري الإيراني بهدف تيسير دعمه للإرهاب».
في عام 2012، صدر بيان صحافي من الوزارة يشير إلى أن «إيران استغلت الرحلات الجوية لشركتي إيرا إير وماهان إير بين طهران ودمشق لإرسال معدات عسكرية وأخرى للسيطرة على الحشود إلى النظام السوري» وأضافت وزارة الخزانة أن حزب الله ونظام الأسد ينسقان مع ماهان إير خلال هجماتهما ضد مدنيين سوريين وجماعات معارضة.
من ناحية أخرى، فإنه تبعًا لما أفادته وكالة «فارس»، فإن أحد الإيرانيين الآخرين الذين حذفت أسماؤهم من قائمة المطلوبين غلام رضا محمودي، مسؤول رفيع المستوى بشركة منار إير. وعندما فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ضد محمودي عام 2012، بررت ذلك بعمله عن قرب مع أرابنجاد لتفادي العقوبات وشراء طائرات جديدة.
وفي مايو (أيار) الماضي، ومع وضع اللمسات النهائية على الاتفاق النووي مع إيران، جرى السماح لماهان إير بشراء تسع طائرات تجارية مستخدمة، مستغلة في ذلك التخفيف من العقوبات الذي صاحب الاتفاق المؤقت الذي أبرمته طهران مع قوى غربية. من جانبهم، أعرب خبراء عن اعتقادهم بأن الإجراء الأخير برفع أرابنجاد ومحمودي من «الإخطارات الحمراء» للإنتربول - التي تعد فعليًا بمثابة أوامر بإلقاء القبض - يزيد من تخفيف الضغوط على عاتق نظام الأسد وحزب الله، رغم استمرار عقوبات وزارة الخزانة الأميركية بحقهما.
في هذا الصدد، قال إيمانويل أوتولينغي، الزميل البارز لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مؤسسة فكرية بواشنطن تدعو لفرض عقوبات صارمة ضد طهران: «أحد أكبر العوائق أمام إدارتهما لنشاطهما التجاري بالخارج كان الإخطار الأحمر، وليس العقوبات الأميركية. من الواضح أنه لم يكن من المستحيل أمامهما السفر، لكن حقيقة حذف اسميهما من الإخطارات الحمراء تعني أنه طالما أنهما لم يحاولا دخول الولايات المتحدة، فإنهما من المحتمل أن يستمرا في حياتهما المهنية من دون عوائق».
كما استطرد بأن حذف الأسماء من الإخطارات الحمراء للإنتربول يحمل كذلك دلالة رمزية، ذلك أنه يخطر الدول والشركات عبر مختلف أرجاء العالم بأنه لا بأس في إغماض العين بينما تساعد ماهان إير نظام الأسد وحزب الله.
وقال أوتولينغي: «عمل هذان الرجلان على نقل أسلحة جوًا لنظام الأسد. ويعد الإجراء الأخير مؤشرًا جديدًا على أن هذا العمل لن تترتب عليه أي عواقب بالنسبة للشركة المعنية وأنهما لن يحاسبا عن الجرائم التي تورطا بها».
على الجانب الآخر، أخبرني مسؤول أميركي، مؤخرا أن الولايات المتحدة ألغت جميع الإخطارات الحمراء الصادرة عن الإنتربول وأسقطت جميع الاتهامات الموجهة للإيرانيين الـ14 الذين خلصت تقييمات لوضعهم إلى أنه من غير المحتمل أن تصادف أي طلبات لترحيلهم نجاحًا.
من ناحيته، تحدث الرئيس أوباما عن مسألة مقايضة السجناء، الأحد، قائلاً إن أيًا من الإيرانيين الـ7 المفرج عنهم لا يواجه اتهامات بالإرهاب أو التورط في جرائم عنيفة. وقال: «إنهم مدنيون» إلا أن الأمر الذي أغفل أوباما ذكره فهو أن الـ14 لم يعد بحقهم أوامر دولية بإلقاء القبض عليهم، بما في ذلك المسؤولون التنفيذيون في ماهان إير.
وقال: «لا نزال متمسكين بمعارضتنا لسلوك إيران المتسبب في زعزعة استقرار مناطق أخرى، بما في ذلك تهديداتها لإسرائيل وشركائنا بالخليج، ودعمها لجماعات عنيفة تعمل بالوكالة في مناطق مثل سوريا واليمن».
كانت الإدارة الأميركية قد أعلنت مرارًا أن الاتفاق النووي الإيراني ومقايضة السجناء أمران مختلفان، وأنه جرت إدارتهما عبر قنوات دبلوماسية مختلفة. ومع ذلك، هناك قلق داخل الكونغرس من أن جهود كبح جماح النشاطات العنيفة للحرس الثوري تتهاوى في أعقاب إقرار الاتفاق النووي.
من ناحيته، قال إد رويس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، مؤخرا: «هذا الاتفاق المعيب لا يوفر سوى مزيد من الدعم للقوى العسكرية والأمنية التي تدير البلاد. إننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى لسياسة تعزيز لجهودنا، وليس التراجع عنها».
يأتي هذا فيما مضت وزارة الخزانة قدمًا في فرض عقوبات على صلة ببرنامج الصواريخ البالستية الإيراني، وهي عقوبات أرجئت بسبب المفاوضات حول تبادل السجناء.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
