مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

القدية غربَ الرياض تُلقي التَّحية الأولى

استمع إلى المقالة

أمس الثلاثاء 30 ديسمبر (كانون الأول) 2025، تمَّ التَّدشينُ الكبيرُ لوجهةِ «Six Flags» الترفيهيةِ الكبرى، وهيَ القسمُ الأوَّلُ من مشاريعِ مدينةِ القدية على سفوحِ جبال (طويق) غربَ العاصمةِ السعودية الرياض.

هذا المقصدُ الرائعُ لزوار الرياض -بل المملكة كلّها- سيكونُ الأوَّلَ عالمياً الذي يحملُ تلكَ العلامةَ الشهيرةَ -التي انطلقت عام 1971- خارجَ أميركا الشمالية، فهو يضمُّ 28 لعبةً موزعة عبر 6 فضاءاتٍ مختلفة، يتميَّزُ كلُّ واحدٍ منها بطابَعِه الفريد.

أميرُ منطقةِ الرياض وحاكمُها الإداري الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أعلنَ أمس الثلاثاء أثناءَ الافتتاحِ الرسمي للوجهةِ الترفيهية أنَّ ذلك «يمثل أولى ثمار مدينة القدية».

بلغةِ الأرقام فإنَّه من المتوقَّع أن تتجاوزَ أعدادُ زوارِ المتنزَّهِ مليوني زائرٍ خلالَ 2026، بينمَا تمَّ الانتهاءُ من أكثرَ من 95 في المائة من متنزَّه أكواريبيا المائي، وسيُفتتح خلالَ العام المقبل الذي نشهد قدومَه غداً.

غيرَ أنَّ المعنى الأكبر والأكثرَ دلالة في افتتاح هذا المرفقِ من مرافق مدينةِ القدية -إحدى «أيقونات» رؤيةِ السعودية (2030)- هو أنَّ الرؤية مشروعٌ حقيقي، وليست مجردَ وعودٍ وهميَّةٍ، وأحلامٍ لا واقع لها، فهَا نحن نرَى على الأرض تجسيداً حيّاً، وتطبيقاً عمليّاً لعضوٍ حيّ من أعضاءِ جسدِ الرؤيةِ الذي هو من لحمٍ ودمٍ وعظام، وأرقامٍ يمكن التَّحقّقُ منها بلا تهويل.

رؤيةُ السعودية (2030) هي المسار الذي تمشِي عليها عجلاتُ المملكةِ نحو المستقبل، في كلّ الجوانب، وليس الجانبَ الاقتصاديَّ فقط، وحين أقول الاقتصادي فإنَّ اقتصاديات السياحة والترفيه هي من أهمّ ركائزِ الجانب الاقتصادي للرؤية، وليستِ الجانبَ الوحيدَ طبعاً، ويعني متنزّه «Six Flags» خطوةً كبيرةً في هذا الاتجاه الرائد.

لدينَا محطاتٌ أخرى مقبلة في الطريقِ من مشاريعِ الرؤية الأيقونية، مثل مشاريعِ البحر الأحمر، ومشاريعِ الرياض الأخرى، لعلَّ مشروعَ بوابة الدرعية من أقربِها لتدشينِ مراحله الأولى، وطبعاً لدينا المشروعُ الأكبرُ «نيوم» على كتفِ البحر الأحمر الشمالي.

المهمُّ أنَّ المسيرةَ مستمرة حتى لو تمَّت مراجعة أو تأجيل أو تصويب بعضِ المشاريع، أو أجزاء المشاريع للرؤية، لكنَّ عجلاتِ الرؤية تسير على مسارها المرتجَى لها.

لدينا الجوانبُ غير المادية من الرؤية في تعزيز قيمِ الانفتاح على العالمِ، مع الاعتزاز بالموروث المحلي، والكشف عن الأصول الحضارية موغلة القدم في الجزيرة العربية، وكذا ملفاتُ تمكينِ المرأة، ودعم الفنون، ومكافحة الانغلاق، ورفع إنتاجية وثقة الإنسان السعودي، وخلق بيئة جاذبة للجميع، كلُّ هذا وغيره من الأبعادِ غير المادية للرؤية هي المعوَّل عليه في تثبيت مكانةِ السعودية، ومكان السعودي في عالم الغد.