عن «تعويضه» وعدد ساعاته و«الشخير»... معتقدات خاطئة شائعة عن النوم

النوم الجيد يحسّن الحالة المزاجية ويقلل التوتر ويحافظ على صحة القلب (رويترز)
النوم الجيد يحسّن الحالة المزاجية ويقلل التوتر ويحافظ على صحة القلب (رويترز)
TT
20

عن «تعويضه» وعدد ساعاته و«الشخير»... معتقدات خاطئة شائعة عن النوم

النوم الجيد يحسّن الحالة المزاجية ويقلل التوتر ويحافظ على صحة القلب (رويترز)
النوم الجيد يحسّن الحالة المزاجية ويقلل التوتر ويحافظ على صحة القلب (رويترز)

أكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية على أهمية النوم لصحتنا، حيث قالت إنه بلا شك مهم لنا فمن دون قدر كافٍ منه، قد يزيد خطر إصابتنا بأمراض مثل الخرف وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري من النوع 2، ومن المرجح أن نشعر بالانفعال والقلق.

وطلبت الصحيفة من 11 خبيراً في النوم توضيح الأمور بشأن بعض الأساطير غير الحقيقية التي يسمعونها كثيراً عن النوم، وكان منها:

لا يمكنك تدريب جسدك على احتياج قسط أقل من النوم

تُعدُّ مشكلات النوم من بين الأسباب الأكثر شيوعاً التي يلجأ إليها المرضى للطبيب (بلوس)
تُعدُّ مشكلات النوم من بين الأسباب الأكثر شيوعاً التي يلجأ إليها المرضى للطبيب (بلوس)

قال الدكتور إيان كاتزنلسون، طبيب الأعصاب في مستشفى نورث وسترن ميديسين ليك فورست، إنك إذا كنت تعاني الحرمان من النوم لفترة طويلة، فقد تشعر وكأن جسدك قد تكيف في النهاية، حيث يمكنك إيجاد طرق للتعامل مع قلة النوم، مثل شرب الكافيين أو تخطي الأنشطة في وقت متأخر من الليل، لكن هذا لا يعني أنك ستتجنب في الواقع الآثار السلبية لقلة النوم، والتي يمكن أن تشمل تدهور الذاكرة وتقلبات المزاج وانخفاض الإبداع.

المزيد من النوم ليس دائماً أفضل

قال الخبراء إن النوم الرديء الجودة والقصير ليس جيداً لك، ولكن الإفراط في النوم يمكن أن يرتبط بمشاكل صحية أيضاً.

وكانت دراسة أجريت عام 2023 تضمنت بيانات مما يقرب من 500 ألف مشارك، وجدت أن البالغين الذين ينامون أكثر من تسع ساعات يومياً كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض الجهاز التنفسي بنسبة 35 في المائة.

ووجدت دراسة أجريت عام 2021 أن الأشخاص الذين ينامون لفترة طويلة معرَّضون لخطر أعلى للإصابة بمرض السكري من النوع 2 مقارنة بمن ينامون من سبع إلى ثماني ساعات في اليوم.

وقالت الدكتورة فريحة عباسي فاينبرج، التي تعمل في مجلس إدارة الأكاديمية الأميركية لطب النوم، إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان النوم المفرط يمكن أن يسبب مشاكل صحية، أو ما إذا كان النوم الطويل هو أحد أعراض مشاكل صحية أساسية.

ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يجب أن يهدف البالغون عموماً إلى الحصول على سبع إلى تسع ساعات من النوم كل ليلة.

وقالت الدكتورة جينيفر جولدشمايد، الباحثة في النوم وأستاذة مساعدة في الطب النفسي في مستشفى جامعة بنسلفانيا: «إذا شعرت بالحاجة إلى النوم لفترة أطول بشكل ملحوظ، ففكر في زيارة اختصاصي النوم، ويمكن لهؤلاء المتخصصين مساعدتك في تقييم ما إذا كنت تعاني اضطراباً مثل توقف التنفس أثناء النوم، والذي يسبب نوماً خفيفاً».

النوم الجيد يعزّز قدرة الدماغ على التحكم في استرجاع الذكريات السلبية (جامعة سيدني)
النوم الجيد يعزّز قدرة الدماغ على التحكم في استرجاع الذكريات السلبية (جامعة سيدني)

لا يمكنك تعويض ساعات النوم المفقودة خلال العطلة

قال الخبراء إن النوم لمدة 30 دقيقة أو نحو ذلك في العطلة لا يثير القلق بشكل عام، ولكن إذا كنت تنام لساعات طويلة كل عطلة، فمن المحتمل أن تكون هذه علامة على أنك لا تحصل على قسط كافٍ من الراحة خلال الأسبوع، كما قال الدكتور توماس كيلكيني، مدير معهد النوم في مستشفى جامعة نورثويل ستاتن آيلاند.

وأضاف أنه إذا كنت تنام سبع ساعات، ولكنك تحصل على ست ساعات فقط من الاثنين إلى الجمعة، على سبيل المثال، فقد فاتتك ليلة كاملة تقريباً من النوم، وهذا ما يسميه الخبراء «ديون النوم».

ومن أجل الحصول على سبع ساعات من النوم وسداد الدين بالكامل من الأسبوع، ستحتاج إلى النوم لمدة 12 ساعة في ليلة واحدة فقط، وهذا ليس ممكناً من الناحية المنطقية لمعظم الناس.

ولكن حتى لو تمكنت من القيام بذلك، يقول الخبراء إنك ربما ستقع في فخ دورة أخرى من ديون النوم لأنك ستشعر بتعب أقل في الليلة التالية، وبدلاً من ذلك، فكر في توزيع المزيد من النوم طوال الأسبوع عن طريق النوم تدريجياً في وقت مبكر.

وتنصح ريبيكا روبينز، الأستاذة المساعدة في قسم طب النوم في كلية الطب بجامعة هارفارد والمؤلفة الرئيسية لدراسة أجريت عام 2019 حول المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالنوم: «حاول الذهاب إلى الفراش مبكراً 15 دقيقة الليلة وربما 15 دقيقة أخرى في الليلة التالية»، وأضافت أنه أثناء تعديل وقت نومك، لاحظ كيف تشعر في اليوم التالي لتحديد أفضل جدول لك.

الاستيقاظ أثناء الليل ليس دائماً علامة على قلة النوم

الاستيقاظ في الساعة 3 صباحاً لاستخدام الحمام قد يكون مزعجاً، لكن الخبراء يقولون إنه ليس بالضرورة سبباً للقلق.

وقالت الدكتورة جولدشمايد إن جسمك يمر بمراحل نوم مختلفة طوال الليل، وأحياناً تتسبب التحولات في استيقاظ قصير.

أضافت: «يعتقد الكثير من الناس أنه يجب أن تضع رأسك على الوسادة، وتنام على الفور ولا تستيقظ لبقية الليل، وما أقوله عادةً هو: هذا ليس نوماً. هذه غيبوبة».

وتنصح الدكتورة مهوش ساجد، طبيبة طب النوم بجامعة ميشيغان للصحة: «إذا استغرق الأمر أكثر من 15 أو 20 دقيقة للعودة إلى النوم، فانهض من السرير؛ لأن التقلب في الفراش يمكن أن يجعلك تشعر بالإحباط ويجعل من الصعب عليك الراحة، وافعل شيئاً مريحاً بدلاً من ذلك، مثل قراءة كتاب أو التأمل».

وأضافت أنه لا يجب عليك العودة إلى السرير إلا عندما تشعر بالنعاس مرة أخرى.

قد يكون النوم صعباً في الشتاء لأن قلة التعرض لأشعة الشمس تؤثر في ساعتك البيولوجية (أ.ف.ب)
قد يكون النوم صعباً في الشتاء لأن قلة التعرض لأشعة الشمس تؤثر في ساعتك البيولوجية (أ.ف.ب)

الخمول ليس دائماً سبباً للقلق

بعد قيلولة طويلة أو نوم عميق، قد تستيقظ وأنت تشعر بالذهول والارتباك، وقد يؤدي هذا مؤقتاً إلى وضعك في مزاج سيئ، لكن بعض الخمول يمكن أن يكون طبيعياً، حيث يسميه الخبراء خمول النوم.

ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يمكن أن يستمر خمول النوم من 30 دقيقة إلى ساعتين، وإذا كنت محروماً من النوم، فقد تشعر بهذا الشعور لفترة أطول - على الرغم من أن الخبراء يقولون إن السبب غير مفهوم تماماً.

وقالت الدكتورة جولدشمايد إن مساعدات النوم وبعض الأدوية التي تجعلك متعباً، مثل المضادات والمهدئات، قد تؤدي أيضاً إلى تفاقم خمول النوم.

وأوصت الدكتورة جولدشمايد بالقيام بنزهة قصيرة في الخارج في الصباح، إذا أمكن: لأن ضوء الشمس هو إشارة طبيعية للجسم بأن الوقت قد حان للاستيقاظ، ولكن إذا لم يختفِ هذا الشعور بالخمول أو جعل حياتك اليومية أكثر صعوبة، فيجب التحدث إلى طبيب متخصص في طب النوم.

الشخير ليس دائماً غير ضار

أفاد عشرات الملايين من الأميركيين بأنهم يعانون من الشخير.

وقال الدكتور ساجد إن الشخير المتكرر والصاخب والمزعج غالباً ما يكون علامة على انقطاع النفس أثناء النوم، وهو أمر شائع يحدث عندما تسترخي أنسجة الحلق وعضلات اللسان وتسد مجرى الهواء.

ويعاني البعض من الرجال والنساء بعد انقطاع الطمث، من الشخير، والأشخاص الذين يعانون من السمنة والمدخنين والبالغين في منتصف العمر وكبار السن هم أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة.

وقال الدكتور ساجد إنه إذا وجدت نفسك «تختنق أو تلهث أو تستيقظ من الشخير أو إذا لاحظ شخص تتشارك معه السرير هذه السلوكيات، فهذه كلها أشياء تحتاج إلى تقييم من قِبل مقدم الرعاية؛ لأن هذا قد يعني وجود مشكلة صحية».


مقالات ذات صلة

هل تحتاج النساء إلى النوم أكثر من الرجال؟

صحتك هل تحتاج النساء إلى النوم أكثر من الرجال؟

هل تحتاج النساء إلى النوم أكثر من الرجال؟

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن هناك سؤالاً شائعاً في وسائل التواصل الاجتماعي يتعلق بالفارق بين نوم النساء والرجال.  

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يعاني الكثير من الأشخاص حول العالم من الأرق (رويترز)

احذر... أطعمة ومشروبات تبقيك مستيقظاً طوال الليل

يؤكد عدد من العلماء وخبراء النوم أن الأرق وغيره من اضطرابات النوم يمكن أن تكون ناتجة عن «بعض العادات الغذائية غير الصحيحة».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك سيدة مصابة بالخرف (رويترز)

نقص مستوى أحد الفيتامينات بجسمك قد يصيبك بالخرف

أكدت دراسة جديدة أن نقص مستوى فيتامين «ب12» بالجسم قد يصيب الأشخاص بالخرف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك توصل الباحثون إلى طريقة جديدة يمكن أن تتصدى لعلامات الشيخوخة المرئية مثل التجاعيد والشيب (رويترز)

​«اختراق في مكافحة الشيخوخة»... طريقة جديدة للتصدي للشيب والتجاعيد

أكد عدد من الباحثين أنه توصل إلى طريقة جديدة يمكن أن تتصدى لعلامات الشيخوخة المرئية مثل التجاعيد والشيب

«الشرق الأوسط» (برلين)
صحتك المشروبات الغازية تقصر العمر (أ.ف.ب)

كم تقتطع علبة المشروب الغازي الواحدة من عمرك؟ دراسة تجيب

وجدت دراسة جديدة أن كل علبة من المشروبات الغازية يتناولها الشخص تقتطع من عمره 12 دقيقة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

النشاط البدني يُكافح الأمراض النفسية

النشاط البدني يسهم في الحفاظ على صحتَي الجسم والعقل (جامعة وست فرجينيا)
النشاط البدني يسهم في الحفاظ على صحتَي الجسم والعقل (جامعة وست فرجينيا)
TT
20

النشاط البدني يُكافح الأمراض النفسية

النشاط البدني يسهم في الحفاظ على صحتَي الجسم والعقل (جامعة وست فرجينيا)
النشاط البدني يسهم في الحفاظ على صحتَي الجسم والعقل (جامعة وست فرجينيا)

أفادت دراسة صينية بأنّ الأشخاص، الذين يمارسون نشاطاً بدنياً معتدلاً إلى مكثّف، أقل عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، وفي مقدّمتها القلق والاكتئاب.

وأوضح باحثون من جامعة فودان في شنغهاي أنّ هذه النتائج تشير إلى أن النشاط البدني قد يكون أداة فعالة في الوقاية من أمراض عصبية ونفسية عدّة، وفق نتائج الدراسة التي نُشرت، الخميس، عبر موقع «يوريك أليرت» العلمي.

ويُعدّ النشاط البدني ضرورياً للحفاظ على صحتَي الجسم والعقل، إذ يُعزّز اللياقة البدنية، ويقوّي العضلات والعظام، ويُحسّن صحة القلب والأوعية الدموية. كما يساعد في تنظيم مستويات السكر بالدم، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب. وإلى جانب الفوائد الجسدية، يُسهم النشاط البدني في تحسين الحالة المزاجية، وتقليل التوتر والقلق، كما يعزّز القدرة على التركيز والإنتاجية، ويُحسّن جودة النوم.

وشملت الدراسة بيانات أكثر من 73 ألف شخص، بمتوسط عمر 56 عاماً. وارتدى المشاركون أجهزة استشعار لتتبُّع نشاطهم البدني، وقياس كمية الطاقة المستهلَكة، بالإضافة إلى الوقت الذي يقضونه في الجلوس.

وأظهرت النتائج أنّ الذين مارسوا نشاطاً بدنياً معتدلاً إلى مكثّف كانوا أقل عرضة للإصابة بـ5 أمراض نفسية وعصبية هي: القلق والاكتئاب واضطرابات النوم والخرف والسكتة الدماغية، بنسبة تتراوح بين 14 و40 في المائة، مقارنة بمَن لم يمارسوا الرياضة.

في المقابل، كلما زاد الوقت الذي يقضيه الأشخاص في الجلوس، ارتفع احتمال إصابتهم بأحد هذه الأمراض، إذ تراوحت الزيادة في المخاطر بين 5 و54 في المائة، مقارنةً بمن يجلسون لفترات أقل.

ويشمل النشاط البدني المعتدل إلى المكثّف تمارين ترفع معدل ضربات القلب وتُعزّز اللياقة، مثل المشي السريع، وركوب الدراجة، والتنظيف بالمكنسة الكهربائية. أما التمارين المكثّفة فتشمل الجري، والسباحة، ورفع الأثقال، والرياضات التنافسية مثل كرة القدم وكرة السلة.

ووفق الباحثين، فإنّ نتائج الدراسة تضيء على دور النشاط البدني والسلوكيات المستقرّة بوصفها عوامل قابلة للتعديل قد تُعزّز صحة الدماغ وتقلل معدلات الإصابة بالأمراض النفسية والعصبية. كما أشاروا إلى أهمية النشاط البدني في الوقاية من أمراض خطيرة تؤثر في صحة الدماغ والجهاز العصبي، مثل الخرف والسكتة الدماغية، إلى جانب دوره في تقليل مخاطر القلق والاكتئاب واضطرابات النوم.

وشدّد الفريق على ضرورة تقليل فترات الجلوس وتعزيز ممارسة الأنشطة البدنية المنتظمة، ليس للحفاظ على اللياقة البدنية فحسب، وإنما أيضاً لحماية صحة الدماغ والوقاية من الأمراض العصبية والنفسية.

وحضَّ صُناعَ القرار على وضع استراتيجيات صحية عامة تشجّع على ممارسة الرياضة اليومية وتقليل السلوكيات الخاملة؛ مما قد يُسهم في تحسين جودة الحياة وتقليل العبء الصحي العالمي على المدى الطويل.