لطفي فؤاد نعمان
كاتب وباحث سياسي يمني
TT

تذكروا ترمب إلى الأبد

استمع إلى المقالة

«ربما سأترشح للرئاسة»، مازحاً أجاب دونالد ترمب عن سؤال: «ماذا ستفعل لو خسرت كل ما تملك؟» في أكتوبر (تشرين الأول) 1980؟ لم يخسر كثيراً مما يملك، لكن المزاح انقلب إلى جد.

وللمرة الثانية، رقص رقصة الفوز بالرئاسة، متجاوزاً ما يكرهه وهو: الخسارة.

أتى الرئاسةَ بأسلوبٍ خاص، تحت شعار: «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى». الشعار نفسه رفعه مرشحا رئاسة قبله (ريغان وكلينتون) مقرين بتآكل العَظَمة.

يُجمِع مراقبون على أن «ترمب لا يعجب النخبة، لكنه يعجب الناخبين الأميركيين» حتى العرب الأميركيين من مسلمين ومسيحيين؛ وعبْر مستشارين وأصهار أذكياء مثل مسعد بولس (اللبناني الأصل)، نَفَذَ إلى أوساط هذه المجتمعات مرشحاً للحزب الجمهوري، بينما تهاون الحزب الديمقراطي إزاء كسب أصوات بعض الأوساط، حتى خسر الأوساط نفسها.

من أوساط المواطنين الأميركيين اليمنيين، تلقيتُ تنويهاً بتواصل ترمب معهم وارتياحاً إلى نزوله بينهم بوصفه أول مرشح رئاسي يفعل ذلك، ثم كان لقاؤه مع عمدة هامتراك أمير غالب (يمني الأصل) عقب تصريحات سابقة أثناء مهرجان انتخابي سابق ضد مهاجرين يمنيين نعتهم بالإرهابيين، في سياق هجمة شعبوية معتادة ومفهومة ضد المهاجرين غير الشرعيين... ولأن «دية الذنب الاعتذار» عند العرب، سرعان ما اعتذر ترمب عبر خطاب مسجل ومصور.

ولأنه مثل أي مرشح يستهدف كسب الأصوات بمداعبة المشاعر ومحاكاة القِيَم، قال ترمب: «أريد أن يكون الناس جميعاً سعداء... ويتعين علينا الفوز...»، حسب تعقيبه على خطاب إمام الجامع الكبير بولاية ميشيغان الشيخ بلال الزهيري (اليمني الأصل) الذي قدم مطالب للمسلمين - تتسق مع اهتمامات من يُسوِّق نفسه صمامَ أمان ومنقذاً عالمياً - منها «إنهاء حروب الشرق الأوسط خصوصاً غزة ولبنان وأوكرانيا» دون ذِكرٍ لليمن (...). أيضاً، طلبوا تمثيل المسلمين ضمن طاقم إدارة البيت الأبيض.

... الرئيس المعروف عنه مقولته الشهيرة: «أنت مطرود...»، متى راقه شخص ما يقول له فوراً: «أنت مطلوب...»!

عموماً تذكروا كل ما قيل في الانتخابات، وتيقظوا بعد الانتخابات، لِما يُتوَقَع من صفقات ويقع من... صفعات.

وتذكروا أن الرئيس السابع والأربعين (الخامس والأربعين سابقاً)، فرض تصميمه وعزمه على تنفيذ وعد العودة بشكل يتذكره الناس، طبقاً لتغريدته يوم اقتحام الكونغرس 6 يناير (كانون الثاني) 2021 احتجاجاً على هزيمته في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2020: «تذكروا هذا اليوم إلى الأبد». صارت تغريدته المحذوفة عنوان كتاب مُهم يحكي قصة «ترمب من الرئاسة إلى التمرد» (صادر عن دار النهار للنشر) للصحافي اللبناني حسين جرادي المتخصص في الشؤون الأميركية، رصد فيه وحلل بشكل دقيق ومتميز تبعات وأصداء اقتحام أنصار ترمب... وتباهي الأخير بخلو عهده السابق من الحروب، وقطف رؤوس مهددي السلم الدولي، وأنه سيقرر «العفو عن أولئك...» الأنصار حال العودة إلى الرئاسة ثانيةً كالرئيس السابق غروفر كليفلاند (الثاني والعشرين والرابع والعشرين، أواخر القرن التاسع عشر).

يعود ترمب رئيساً حاملاً قراراته المحددة سلفاً، عفواً وعقاباً، بعد فترة «مواطَنة» التزم فيها بالخضوع للقانون والمحاسبة على اليوم المشهود، وبقية الفضائح المشهورة. لا ريب أن خضوعه طهَّر صفحته، ناهيك أن سياسة من خلفوه في البيت الأبيض شجعت الحنين والرجوع إليه.

هذا الرجوع مشحون بمفاجآت متوقعة وغير متوقعة تخص تحقيق الوعود الانتخابية الكبيرة منها والصغيرة، كأن يسعى حقاً نحو إطفاء الحروب على الأرض. وهل سيكون ضريبة ذلك نشوب الحروب مجدداً على الورق والفضاء الإلكتروني بينه وبين وسائل إعلام «لا يتحمل ترمب نشرها للقصص الخاطئة والمؤذية» له، لذا يخلق قصصه الخاصة المُسَلية معها، كما تذكرون.