علي إبراهيم
صحافي وكاتب مصري، ونائب رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط».
TT

العقدة الكردية

تثير عملية تحرير الأسرى في العراق التي قامت بها قوات خاصة أميركية، بالتعاون مع البيشمركة الأكراد، كثيرا من التساؤلات، باعتبارها العملية الأولى التي تقوم بها الولايات المتحدة في العراق منذ قرار أوباما بالانسحاب.
وهي العملية الأولى التي تأخذ فيها الإدارة الأميركية مخاطرة خسرت فيها جنديا، خلال الاشتباك الذي حصل مع عناصر تنظيم داعش، الذي كان يحتجز هؤلاء الأسرى لإعدامهم؛ كما قالت التقارير أو البيانات التي خرجت بعد العملية العسكرية لتحرير الرهائن.
كما أنها الأولى التي تنسق فيها الولايات المتحدة على الأرض مع قوة عسكرية أخرى محلية في العراق بعد خروجها منه في عهد المالكي، وعدم الاتفاق وقتها على وجود قوة عسكرية أميركية بشكل دائم.
حدث تنسيق من قبل بين المسلحين الأكراد في سوريا، في كوباني، حينما حاصرتهم قوات «داعش» فدعمهم الطيران الأميركي بقصف مركز على مواقع المتطرفين، في حين قاتل الأكراد بشراسة، واضطر مسلحو «داعش» إلى الانسحاب تقريبا، بعدما تكبدوا خسائر جسيمة.
على عكس الأكراد، سواء في العراق أو سوريا، لم تصمد وحدات الجيش العراقي في الرمادي أمام مسلحي التنظيم المتطرف، الذين لجأوا إلى استخدام انتحاريين أو سيارات مفخخة، بينما في سوريا ما زالت الصورة غير واضحة بعد إعلان إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، مراجعة برنامج تسليح وتدريب المعارضة المعتدلة، إثر سقوط بعض منهم في يد مسلحي «داعش» وتسليم الأسلحة التي تلقوها. ثم جاء التدخل الروسي ليربك كل الحسابات التي كانت معقودة سابقا، وليظهر اتجاه أكثر برغماتية نحو التحالف مع القوى الموجودة على الأرض، ولديها إرادة قتال ضد المسلحين المتطرفين.
بالطبع يطرح الروس، النظام السوري باعتباره إحدى القوى الجدية لمحاربة المسلحين المتطرفين، وهذه إشكالية بالنسبة إلى كل القوى التي ساندت الثورة السورية، وتعتبر نظام الأسد جزءا من المشكلة وليس الحل، وتأمل أن تفرض قوى الثورة الحقيقية وجودها على الأرض، وتبعد «داعش» عن الساحة، ليعود مسلحوها إلى البلدان التي جاءوا منها.
حتى الآن لم تثبت قوة أن لديها إرادة قتال قوية سوى الأكراد، سواء كانوا في سوريا أو العراق، وهم بالطبع لديهم طموح سياسي لا يخفونه، وهو الحصول على مساندة دولية لإنشاء كيان سياسي، وهذه إحدى الإشكاليات أو العقد في إيجاد حل سياسي في سوريا، وطرد «داعش» من العراق.
هي عقدة سياسية؛ لأنها تعني الاصطدام بالأتراك والإيرانيين وبأطراف أخرى محلية، حين يأتي وقت الجلوس على طاولة التسويات السياسية، ولا يوجد حتى الآن تصور لفك هذه العقدة، التي قد تعرقل الحلول، خصوصا أن الأتراك يعتبرون أن قوى كردية، أخطر على أمنهم القومي من «داعش».