> حتى عام 2014، كان مهرجان «صندانس» الذي انتهت دورته الجديدة قبل أيام قليلة، حاضراً على روزنامة المهرجانات التي أداوم عليها كل سنة. بعد ذلك العام حضرته مرتين فقط (في 2018 و2022 والفارق واضح بين ما كان عليه وما أصبح عليه).
> «صندانس» كان المهرجان الأميركي الذي كانت تؤمه السينما المستقلة والجديدة والأعمال الأولى لمخرجيها لتستنشق رحيقاً مختلفاً عن المعتاد. شركات هوليوود الكبرى كانت تواظب على حضوره بحثاً عن تلك الكنوز الصغيرة وتتنافس عليها. المهرجان كان يستفيد كثيراً من انفراده وتميّزه. كان المحطّة التي لا بدّ منها أمام كل موهبة جديدة.
> لكن بعد 2014 تحديداً، بات مشكلة اسمها «تعالوا نكبر». بعض المهرجانات تكبر وتصل إلى السقف بنجاح، وبعضها يكبر لكنه لا يصل إلى ما يريد فيبدأ عداً تنازلياً على صعيد أو آخر.
> ما حاوله «صندانس» في السنوات العشر الأخيرة هو، أن يصبح كل شيء. يكفي أن فيه برامج عدة، محلية وعالمية، و17 جائزة مختلفة عوضاً عن 7 جوائز سابقة وأحياناً 8.
> هذا نتيجة الطموح الذي يؤدي إلى التّخمة وبعد التخمة إلى فقدان التميّز والتّحول من مهرجان متخصص وناجح إلى مهرجان مهلهل يريد أن يصبح كل شيء معاً.
> هناك مثلٌ بريطاني يعبّر عن حكمة يقول: «لا تصلحه إن لم يكن مكسوراً» لكن «الإصلاح» يقع اليوم في كل ناحية بحجة التطوّر والطموح والسعي للانسجام مع المتغيرات، ومن دون نتائج أفضل من تلك السابقة.
> بيئة «صندانس» تغيّرت مقارنة بما يعرض فيه حالياً وما كان يعرض سابقاً. فكل المخرجين المستقلين ذوي الإنجازات الكبيرة عُرضت أفلامهم الأولى هناك مثل: نيكولاس باين، والأخوان كوين، وستيفن سودربيرغ، وسبايك لي، وجون سايلس وآخرين.
> الأفلام الحالية باتت مثل البيع بالجملة. غزيرة لكنها غير مميّزة ومعظمها خالٍ من الروح الاستقلالية السابقة. لم تعد هناك اكتشافات فعلية، بل منوال من العروض لا تجد في غالبيّتها ما ينمّ عن بهجة الاكتشاف السابق.